أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جان كورد - زمن الدكتاتوريين المرعوبين














المزيد.....

زمن الدكتاتوريين المرعوبين


جان كورد

الحوار المتمدن-العدد: 3248 - 2011 / 1 / 16 - 20:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما يكونون في السلطة، فإنهم يلمعون كالدمى في واجهات الحوانيت الشهيرة، ولكنهم يرهبون كالفراعنة شعوبهم، فلا يتوانون عن التقتيل والتعذيب والسلب والنهب ، وتاريخ حكمهم تاريخ للفساد في الأرض، ولكن بمجرّد أن تهتز عروشهم تحت أقدامهم نتيجة زلزال شعبي، فإنهم ينقلبون إلى فئران أو جرذان، لايستطيعون الصمود في مواقعهم والدفاع عنها سويعات قلائل...
في شرقنا الأوسط أمثلة عديدة عن هؤلاء المرعوبين، منهم شاه ايران الذي كان يحلو له تسمية نفسه ب"ملك الملوك – شاهنشاه"، ولكن على الأقل فإنه خرج من البلاد غير متدّثر بثياب امرأة، وانما راح جنرالاته يقبلون يديه، ومنهم من قبّل حذاءه توديعاً له في آخر لقاء مهيب بينه وبين أعوانه... نعم، ذهب الشاه ولم يعد ثانية إلى عرشه.. وكأنهم لم يكن.
أما "حامي البوابة الشرقية للأمة العربية"، صدام حسين الذي كان يتزّين بأهم وأثمن النياشين العسكرية، ويحمل لقب "القائد العام للجيش والقوات المسلّحة، فقد ملأ الدنيا رعباً منذ أن قام بتصفية معظم رفاقه القدامى وأبعد رؤساءه وصار عوضاً عنهم حاكماً مطلقاً للعراق، يسفك الدماء ويعذّب من يشاء ويسلب الأموال كيفما يشاء، إلاّ أنه لم يقاوم محتلّي بلاده، بل هرب من قيادته العسكرية والسياسية ليخفي نفسه دون أتباع أو أولاد في مخبأ تحت الأرض بموطنه، بعيدأ عن مقر السلطان وهيئة الأركان، ولم يتجرأ حتى على استخدام سلاحه الشخصي الذي كان بحوزته يوم جرّوه من ذلك الجحر الوضيع الكريه الرائحة، ليفتشوا عن القمل والنمل بين خصلات شعره المنفوش كشعر بدوي ضاربٍ في الصحراء لم ير حلاّقاً منذ زمن طويل، وليتأكدوا بأنه لايخفي في فمه كبسولة سم زعاف ، ظناً منهم أنه سيفعل ما فعله أدولف هتلر، فإنهم فتشوا فمه الفاغر وهو في هدوء واسترخاء واستسلام، هذا الحمل الرضيع كان يحمل مسدساً ذي قبضة ذهبية أيضاً...ومع الأسف فقد كافأه "الأعراب" باعلانه شهيداً ومجاهداً وقائداً تاريخياً، وكأنه كان عظيم الروم الذي يخوض المعارك واحدة بعد الأخرى، وليس كهارب من خندق القتال، وقد يجعلونه مع الأيام في مرتبة خالد بن الوليد أو عمرو بن العاص أو عنترة بن شداد...
ومثالنا الأخير هو زين العابدين بن علي، الرئيس التونسي الهارب من نقمة وثورة شعبه الأبي، هذا الذي خدم في الجيش وقيادة الأركان، وتولى مسؤوليات عديدة في الأجهزة القمعية ووزارة الداخلية، وتسنّم مناصب عليا في الدولة، إلى أن صار رئيساً للجمهورية الخضراء، تصفّق له الملايين وتعلّق صوره في الساحات العامة، وكأنه بطل من أبطال القادسية واليرموك وحطين وميسلون... لقد تصرّف في بلاده تصرّف الحاكم المستبد الطائش، تاركاً لزوجته وأهلها وأتباعه أن يسرقوا من الشعب قوته ويهدروا دم أبنائه وبناته ويحولوا حياته إلى جحيم لايطاق، فامتلأت السجون بالوطنيين الأحرار، وامتلأت الشوارع بعملاء النظام وعيونه الذين قضوا على كل أمل في الأمن والاستقرار...وهاهو يفّر كثعلب سرق دجاجة، ليتبع امرأته التي خطفت قبله ذهب التونسيين وأموالهم وهربت لتعيش في دولة ثرية بعيداً عن متناول القضاء التونسي...
إنها الدكتاتوريات المرعوبة في كل مكان، تشبه الأفاعي في أذاها وهيبتها عندما تكون في السلطة، ولكنها تنزلق بسرعة إلى الجحور، دون مقاومة عندما تشعر بالخطر المحدّق بها...إنها تختلف في الأسماء ولكنها ترسم ذات الخطوط البيانية في سياساتها: الفساد الإداري، تجاوز القانون، الاستفراد بالسلطة، نهب الأموال بحيث تزداد البطالة، وممارسة أشنع أساليب القمع اللاإنساني واللاأخلاقي ضد المعارضين...وانتاج شريحة واسعة من المرتشين الطفيليين على الشعب الكادح...
هذه الدكتاتوريات، أياً كانت أسماؤها ومواطنها، قد تختلف في الجغرافيا والأزمنة، ولكنها تتفق في الصعود على الأكتاف عن طريق سفك الدماء واغتنام الفرص بانتهازية عجيبة أو الوصول إلى الأعلى عن طريق وراثي، كما تتشابه كلها في السقوط المهين، إمّا هرباً تحت جنح الظلام، أو اختفاءً في برقع امرأة بسيطة أو أنهم يلقون مصيراً تعيساً على أيدي الشعب في الشوارع مثلما حدث لدكتاتور رومانيا تشاوتشيسكو وزوجته، أو يقدمون إلى محاكمات بسبب جرائمهم ضد الإنسانية كما حدث لبول بوت في كمبوديا أو بينوشيت في تشيلي أو ميلوزوفيتش الصربي أو صدام حسين العراقي...
وقلة هم الذين يستفيدون من التجارب فيعيدون النظر في سلوكياتهم السياسية والقمعية ويتفادون الانهيار والنهاية المؤسفة...إذ يبدو أن معظمهم لايخاف فحسب، بل لايملك أدنى مستوىً من الفهم الصحيح للأوضاع التي يعيشونها ويظنون بأنهم باستمرارهم في طغيانهم سيقضون على الشعب المتذمّر...فتكون النتجية دائماً بعكس ما يحلم به الدكتاتوريون....
فهل في تونس اليوم عبرة لمن يعتبر من أمثال زين العابدين بن علي ومن على شاكلته؟ أم أنهم صم بكم عمي فهم لايفقهون؟
ترى من الذي جاء دوره الآن ليقذفه به الشعب من النافذة؟



#جان_كورد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنف... وثقافة الاحتجاج
- للكوردي وطن واحد أم أوطان؟
- في انتظارالسبب المباشر لضرب ايران
- الأسد وأردوغان يعجنان كثيراً ولكنهما لا يخبزان
- صوب معالجة تاريخية جادة للأوجلانية (8)
- مصير مملكة الرعب الأسدية
- الدور التركي في الشرق الأوسط (1-3) من دولة الخلافة إلى وزير ...
- الدور التركي في الشرق الأوسط (2-3) من دولة الخلافة إلى وزير ...
- لماذا السكوت عن قصف أرياف وقرى كوردستان العراق؟
- رسالة بلا رتوش ديبلوماسية إلى فخامة الرئيس السوري
- صوب معالجة تاريخية جادة للأوجلانية (4) الأوجلانية والسياسة ا ...
- صوب معالجة تاريخية جادة للأوجلانية (3) : الأوجلانية والدين
- يمكن نقد -منظومة الشعب الكردستاني وقائدها...ولكن-!
- من سيعيدنا إلى العصر الحجري؟
- كفى صمتاً...أم كفى كلاماً!
- لماذا الخوف من فيدرالية كوردية؟ (2)
- لماذا الخوف من فيدرالية كوردية؟ (1)
- المجتمع الدولي واللغز السوري
- التملّق السياسي لنظام -غير ديموقراطي- جريمة بحق الانسانية
- حتى لا تذبل الديموقراطية في القلوب


المزيد.....




- لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما ...
- الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر ...
- مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل ...
- مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين ...
- تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
- البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
- مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
- أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
- أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جان كورد - زمن الدكتاتوريين المرعوبين