أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عماد علي - دروس و عبر انتفاضة تونس الخضراء














المزيد.....

دروس و عبر انتفاضة تونس الخضراء


عماد علي

الحوار المتمدن-العدد: 3247 - 2011 / 1 / 15 - 15:03
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


لقد شهد التاريخ انتفاضات و هبات و صحوات عدة و لكل منها اسبابها و عواملها و خصوصياتها و ما لها من الدروس و العبر الكثيرة لمن يريد ان ينتفع منها و يستلهم من منجزاتها و يحاول تجاوز تكرارسلبياتها بما يفيد الشعوب و حياتهم و ظروف معيشتهم و تحقيق اهدافهم و امنياتهم .
لو القينا نظرة عابرة و سريعة على ما يجري في تونس و ما كانت عليه من الظروف العامة منذ تنحية البورقيبة و سيطرة بن علي على زمام الامور و اهتماماته و طريقة اداءه لمهامه و فرض سلطته، يتوضح لدينا جوهر القضية المطروحة و المشاكل التي برزت و كيف وصلت الحال الى نقطة منعطفة في التاريخ لهذه الدولة و تنتهي بانهاء هذه الحقبة و مشاهدة التغيير الجذري الذي فرض نفسه، و خصوصا نحن نعلم بان النظام كان موضع ترحيب الغرب رغم ما كان يمارسه من القمع و الاستبداد الداخلي على كافة فئات و شرائح الشعب التونسي ، لذا نتاكد من ان الانتفاضة داخلية بشكل مطلق و رغما عن انف العديد من القوى.
كل ما كان النظام يصر عليه هو استدامة حصر السياسة و ادارة البلاد بيد مجموعة و غلق الطريق بكل فروعها عن ممارسة الشعب لها، و نجح بشكل ملموس من ازالة اهتمامات الشعب العامة عن السياسة لحد كبير، و بقي كل ما يمس السياسة في اطار مجموعة من الحلقات و النخبة و المثقفين و بسيطرة حلقة ضيقة من المقربين، و حاول تطبيق جوانب من التوجهات الماوية و بشكلها الليبرالي الخاص ان صح التعبير.
على الرغم من التنمية الاقتصادية السريعة التي شهدتها تونس و انفتاحها على المفاهيم الجديدة ضمن دائرة رضا الغرب و تاييده، الى جانب تامين الاستقرار و الامن في هذه المدة الطويلة، الا ان الفروقات الكبيرة و الفجوات الواضحة بين ما كان يتمتع به البعض من الغنى الفاحش و الاخر من الفقر المدقع مصاحبا بالكبت و القهرو تضييق الانفاس و حصر الثروة باياد معدودة زاد النقمة و الاحتقان يوما بعد اخر. كان النظام مرحبا به من قبل الجميع في الشرق و الغرب ليس حبا به و انما كرها لما قد يكون بديلا لو مورست عليه الضغوطات من قبل اي كان و ظروف هذه المنطقة معلومة للجميع و ما يتربص بها ، و هذا ينطبق على الدول المجاورة لها ايضا لحد الان، لذا قطعت الطريق امام حركات التغيير الداخلية و سُلبت ارادتها و خاصة الاحزاب و التيارات المعارضة، و لم يدعمها اي طرف على الرغم من بروز منظمات مدنية نابعة من رحم الشعب و مهتمة بمطالبه و امنياته .
على الرغم من التنمية التي شهدتها تونس الا انها لم تكن هناك الية عادلة لتوزيع الدخل بشكل متساوي بين الجميع و احدثت فجوات واسعة بين مكونات المجتمع، لانها كانت معتمدة على الاستثمارات الخارجية المشروطة من المؤسسات المالية الدولية التي دعمتها طوال السنين المنصرمة، اضافة الى انها كانت مقابل سلب الشعب من حقوقه السياسية الفكرية و كانت تكلفتها كبيرة من الناحية السياسية الاخلاقية الفكرية و الاجتاماعية و قوضت وعي الشعب و صودرت ارادته مما جعلته فاقد الموقف و النظرة و الراي و العزيمة ، واصبح مشلولا ساكنا عديم الحركة منتظرا الفرص للانقضاض على المحاصر من جميع الجهات كما حدث.
مازاد الامور تعقيدا هو دور النخبة و سلوكها و عدم اداء ما كان ينتظر منها من الواجبات كما يجب بل اصر النظام و نجح في تحويل دورها من المقيٌم و المصحح و المسيٌر للامور الى آلات و خزائن لجمع الثروة و المال ليس الا، و هذا ما ابعدهم عن عموم الشعب و احتياجاته و اصبحوا عاملا مساعدا للتفاوت الصارخ بين فئات و شرائح المجتمع و اختلافه مستوياته من مكان لاخر. ساعد التناغم غير المباشر بين السلطة و اكثرية النخبة في الفساد و الاحتقان الاجتماعي و السياسي مما غير من صفات و سلوك المجتمع بشكل عام و حطم الفكر السوي و انحط من القيم الانسانية المختلفة. لم يكن النظام يهتم بشيء من الديموقراطية الا صورة و مظهرا منها فقط، و هذا ما خلط الامور على الجميع و اصبح نموذجا ساطعا للسمات الجيدة الايجابية من الخارج فقط و متعفنا من جميع النواحي من الداخل.
بعد كل ما حدث كان بالامكان تدارك الامر لو كان النظام يعلم ما هو عليه و ينتقد نفسه و يعيد الامور الى نصابها و لو غيٌر قواعد ادارة البلاد من احتكار السلطة و الدكتاتورية الحزبية و الشخصية و انهاء القمع و الاستبداد و البدء بخطوات جوهرية من مشاركة القوى السياسية المدنية و الثقافية جميعا و استهل الامر بتحويل النظام الى نظام ديموقراطي حقيقي .
من اهم الدروس و العبر لهذه التجربة و يجب ان يتعض منها الجميع و خاصة في هذه المنطقة، هو واجب مشاركة و اشراك الجميع في الحياة السياسية الاجتماعية الثقافية العامة بعيدا عن حصر الامور في دائرة معينة مهما كانت مساحتها، و عدم استفادة توفر التنمية ان لم تكن تاثيراتها و افلرازاتها و معطياتها الايجابية موزعة بشكل عادل على الجميع وان تكون عاملا مساعدا لرفع مستوى الدخل للجميع، و يجب ان ترافق التنمية الاصرار في تطبيق ما يوجه المجتمع نحو العدالة الاجتماعية وبمشاركة جميع فئات الشعب في كافة نواحي الحياة، و استنتجنا منها مدى اضرار التقيد بالشروط الخارجية المفروضة من المؤسسات المالية الدولية دون مراعاة ما يجري في الداخل و ما موجود عليه الشعب على الارض و ظروفه الخاصة و خصائصه، و اهم ما في الامر ان تجربة تونس بيٌنت لنا فداحة اضرار الاستثمارات الخارجية ان اعتمدت حصرا في التنمية و التطور المنشودين لاي شعب و باشكال مظهرية دون اية خطوة من الممكن ان تؤثر على جوهر حياة المجتمع اليومية، او استثمار بعيدا عن مشاركة فئات الشعب و ما يخص الطبقة الفقيرة ، و يجب عدم كسب مجموعة على حساب الاخر، و يجب ان تبقى النخبة المثقفة في جبهة عموم الشعب مهما حاولت السلطة تقيدها و حصرها في زاوية معينة، و ما تاكدنا منه ان السلام و الامان و الاستقرار لوحدهم لا يكونوا عاملا لتقدم و ترسيخ الحياة الحرة و تطور المجتمع .



#عماد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثروة و دورها في عرقلة اقرار حق تقرير المصير او ترسيخه
- ترسيخ ثقافة المواطنة في منطقتنا و المعضلات امامها
- تزامن الاستفتاء لجنوب السودان مع قصف تركيا لكوردستان
- ايهما الاَولى السلام ام العدالة
- الحرية بين مدقة السلطة و سندان خطباء الجوامع في كوردستان
- الازدواجية المقيتة في تعامل امريكا مع القضايا العالمية
- هل تكميم الصحافة لمصلحة العملية السياسية في كوردستان
- الاولويات اليسارية في ظل سيطرة الايديولوجية الراسمالية على ا ...
- الديموقراطية و ضمان تكافؤ الفرص امام الجميع
- ماوراء عدم اسناد منصب سيادي للمراة في العراق
- هل يمكن تطبيق الديموقراطية الحقيقية دون اية انتخابات عامة ؟
- هل المجتمع العراقي يتحفظ عن التجديد حقا؟
- يجب ان لا يخضع حق تقرير المصير للمزايدات الحزبية
- الديموقراطية في كوردستان بين ثقافة المجتمع و دور النخبة
- الفضائية كخطوة اولى لترتيب بيت اليساريين بكافة مشاربهم
- هل يضطر المالكي لتشكيل حكومة الاغلبية
- الكورد بين مصالحة التاريخ و مخاصمته
- مَن تختاره الكتل ليكون وزيرا في الحكومة العراقية
- الديموقراطية و ما تجلى من دور الاحزاب في انتخابات معلمي كورد ...
- دلالات النقاط المشتركة بين هوية الفيلية و الشبك


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عماد علي - دروس و عبر انتفاضة تونس الخضراء