أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد أبو شرخ - صخب هاديء مع يعقوب إبراهامي















المزيد.....


صخب هاديء مع يعقوب إبراهامي


خالد أبو شرخ

الحوار المتمدن-العدد: 3247 - 2011 / 1 / 15 - 04:06
المحور: القضية الفلسطينية
    


أجد نفسي مضطراً وآسفاً تأجيل طرح المبحث الثاني, من الدراسة التي أقوم بنشرها, على موقع الحوار المتمدن, والتي تتناول الحركة الصهيونية ونشأتها أيدولوجيتها وممارساتها, وأخطارها على شعوب المنطقة, فيبدو أن الكاتب الصهيوني " يعقوب إبراهامي " مصراً على إثارة الصخب من حين لآخر, فقد حرمني صخبه الأخير من إستكمال المبحث, كما حرمني من كتابة شيء للتعبير عما يدور في خلدنا, ويتأجج في قلوبنا, بعد الإنتصار الجماهيري الكبير, التي حققته جماهير تونس الأبية بخلع ديكتاتوراً عربياً بإرادة شعبية, فلأول مرة في تاريخنا العربي المعاصر, يسقط ديكتاتورعربي بفعل إنتفاضه جماهيريه, وتفرز الجماهير القيادات التي تثق بها, لا أن تأتيها أشباه رجال على ظهر الدبابات الأمريكية, إنتصار تونس صنعته جماهيرها من الألف حتى الياء, صنعته إرادة الحياة عند الشاب البوعزيزي, فارتقى لها, معبداً دروب النصر لشعبه, مضيئاً طرق الحرية لشعوبنا. البوعزيزي ذلك الكوكب الدري الذي يطل على عواصمنا, ومدننا, وبلداتنا, وقرانا, مبشراً بزوال عصر الإنقلابات المصطنعه, والمخطط لها في أجهزة الإستخبارات الأجنبية, فلا إنقلابات عسكرية بعد اليوم, ولا حكمٌ لمدى الحياة, ولاتوريث, من الآن فصاعداً لا قرار إلا قرار الجماهير, ولا إرادة إلا إرادتها, ولا حكم إلا حكمها, ولا صوت يعلو على صوتها.


يعقوب إبراهامي أنت مدينٌ لي بإعتذار, فقد أفسدت عليَ غبطتي بعروسنا تونس, وأعقتني عن إنهاء مبحثي, فهل هذا قدر العربي مع كل صهيوني؟
كما أنك مدين باعتذار لأحد القراء, وهو قاريء رزين ومثقف, ونقاشاته موضوعية وتكون في صلب الموضوع, وتعكس درجة كبيرة من الوعي والثقافة , فقد تهكمت عليه, وهو وليس كأنصارك الذين لا يعرفون سوى لغة الطعن والهجوم, على أي كاتب يختلف معك, دون ان يناقشوا أفكار الكاتب, ولا أريد أن أستفيض بوصف مناصريك, وإبداء الملاحظات عليهم, والطريقة التي تتواصلون بها مع بعضكم البعض, سواء بالرسائل المثلجة من السويد, أو بتوزيع الأدوار أثناء التعليقات, أو بالدعاية لبعضكم البعض في مقالاتكم, ومن الواضح إنكم تعملون كفريق واحد متواصل, والعلاقة بينكم ليست علاقة كاتب بقاريء, ولا كاتب بكاتب, كما أن التلميح بالتهديد الغير مباشر من أحد أنصارك, بأنه يعرف مكان إقامتي بغزة, وبالتالي بإمكانة إيذائي, فهذا لم يهز شعرة بي.
كما أنك مدين باعتذار لكافة القراء, على التعابير والكلمات التي تستخدمها لوصف من تختلف معهم, والتي سأقدمها الآن للقاريء ( الحماقة, الافلاس السياسي, النفاق, إفتراء, سلوك لاأخلاقي, الوطنية ملجأ الأنذال .... الخ), هذه ليست لغة نقاش يا يعقوب إبراهامي, فهنالك ذوق عام وأداب عامة يجب أن تتحلى بها.

أستطيع أن أُجِمل مقالك الاخير بالنقاط التالية :
• مواصلة الهجوم على اليسار الفلسطيني بشخص الرفيق "بسام الصالحي" وعلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي بشخص الرفيق "محمد نفاع".
• محاولة الدفاع عن ما يُسمى اليسار الصهيوني, المظلوم من الماركسيين العرب عامة والفلسطينين خاصة.
• الدفاع عن الحركة الصهيونية وفكرها وأيدولوجيتها, ومحاولة تبرئتها من نكبة فلسطين, وتقسيم السودان

ولن أتطرق للمواضيع الفرعية الأخرى التي تشعبت بها, فهي ليست إلا قشور, أردت بها إطالة مقالتك, وإرباك القاريء وإستقطابه. وتحريضه على خالد ابو شرخ .

" بسام الصالحي" الامين العام لحزب الشعب الفلسطيني وأحد رموز اليسار الفلسطيني, وحسب وجهة نظرك ( لم يستطع، او لم يرد، او لم يجرأ، ان يأتي برؤية جديدة وظل ، في كل ما يتعلق بالصراع الأسرائيلي-العربي وب"القضية الفلسطينية"، سجين "ثوابته" الفكرية والسياسية القديمة، مع بعض "التعديلات" الطفيفة هنا وهناك. سأحاول ان اثبت ان "التلعثم" في عرض افكار جديدة افضل من "عدم التلعثم" في ترديد افكار قديمة لم تصمد امام وقائع الحياة )
ما هي الرؤية الجديدة التي تريدها؟ ... برنامج حزب الشعب الفلسطيني واضح وصريح وهو برنامج الإجماع الوطني الفلسطيني ( تقرير المصير وإقامة الدولة الوطنية المستقلة بعاصمتها القدس وعودة اللاجئين ) وهذا البرنامج يحظى بقبول عام في العالم, وتؤيده قرارات الشرعية الدولية ( قرارات الأمم المتحدة ), فهل هذه القرارات هي سجن لثوابت فكرية وسياسية؟ ... حزب الشعب لا يوجه خطابا قومياً, ولا يطالب بالحق التاريخي والمطلق للشعب الفلطسيني , بل يطالب بالحق النسبي والقانوني والممكن, فأي رؤية جديدة تريدها غير ذلك؟ ... اليسار الفلسطيني عامةً ليس باليسار الراديكالي, وليس باليسار القومي, بل يسارا واقعياً, وديناميكياً, وينطلق في بناء مواقفه من الواقع الموضوعي الذي أمامه, فلا منطلقاته قومية تُطالب بكامل فلسطين الإنتدابية, ولا منطلقاته عرقية تحمل العداء لليهود, وناضل اليسار الفلسطيني من أجل برنامجٍ واقعي لشعبه, يقوم على أساس دولتين لشعبين, وجعل قرارات الشرعية الدولية هي الحكم بيننا وبين إسرائيل, فأي واقعية تريد أكثر من ذلك؟ ... وقد حمل على كاهله, تقديم القوى الاسرائيلية المناصرة لقضيتنا لشعبنا, وللشعوب العربية, وللقوى السياسية العربية, ودفع الشيوعيون ثمناً باهظاً بسبب موقفهم من قوى السلام في إسرائيل, وتعرف جيداً كم مرة أُتهموا بالخيانه بسبب هذا الموقف, وكانت أحد أسباب منعهم من التمثيل في اللجنه التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية سنواتٍ عدة, وتعرف جيداً الحفاوة التي كان يُستقبل بها ناشطي السلام الإسرائيلين في الأراضي المحتله, والعلاقات بين المنظمات الغير حكومية التي ينشط بها اليساريون الفلسطينيون والمنظمات الحقوقية الإسرائيلية, لم نكن أبدأ منغلقين عنكم, فما الذي تريدون أن يقدمه اليسار الفلسطيني أكثر؟ ... ماذا قدم اليسار الصهيوني لليسار الفلسطيني ؟ .... وسأتطرق لهذه النقطه لاحقاً .

في بداية الفقرة السابقة طرحت سؤالاً ما هي الرؤية الجديدة التي تريدها ؟ .... سأريحك من الإجابة وأُجيب أنا, إن الرؤية الجديدة التي تطلبها, هي موقف جديد من حق العودة, فهل موقفنا من حق العودة غير قانوني؟ ... هل هو موقف لاإنساني؟ ... هل يتعارض مع الشرعية الدولية؟ ... إن مطالبتنا من حق العودة تنبع من قرارات الشرعية الدولية, هذه القرارات التي استندت عليها الحركة الصهيونية عند إعلان دولتكم, وأعتقد إنك تذكر أن قبول إسرائيل كعضو في الأمم المتحدة لم يتم إلا بعد تعهدها بالإلتزام بتنفيذ قرار الجمعية العمومية رقم (194) القاضي بعودة اللاجئين إلى ديارهم التي شُردوا منها في حرب عام 1948, وتعهدت إسرائيل بتنفيذ القرار, وحتى اللحظة لم تنفذ تعهدها, وترفض تنفيذه, الرؤية الجديدة التي تطالبها أن تكون العودة, إلى أراضي الدولة الفلسطينية, وليس إلى مدنهم وقراهم التي شُردوا منها كما ينص القرار الأممي, وهنا مكمن الخطورة في ما تطلبه, أنك تطالب الشعب الفلسطيني أن يتخلى عن قرارات الشرعية الدولية طواعية, فقرار العودة هو قرار أممي, يُنصف الشعب الفلسطيني, ودعوتك هذه تريد بها تجريد شعبنا مما ينصفه, للاستفراد به, وهذه هي لب السياسة الأمريكية والإسرائيلية, الإستفراد بالشعب الفلسطيني, والنأي عن ما يُنصف هذا الشعب, وما يمكن أن يكون سلاحأً بيده, لفرض الحل الذي يتناسب مع إسرائيل, وقد لاحظنا هذا في مسيرة المماطلة التي تطلقون عليها المسيرة السلمية.
هل تعتقد أن اليسار الفلسطيني يمكن أن يقع في هذه المصيدة يا إبراهامي؟ ... لماذ تهابون الشرعية الدولية؟ .... تقول لكم روايتكم ولنا روايتنا, وبغض النظر إن كانت روايتكم صحيحة أم لا, سنتعامل مع كلا الروايتين على إنهما صحيحتين ومتناقضتين, أفليس من العقلانية إذن أن نذهب للإحتكام إلى طرفٍ ثالث؟ وهل هناك أفضل من الأمم المتحدة كحكم؟ ... أم أن هذا طرح قومي؟ وشوفوني؟ ولاعقالني؟ ولا يتسم بالجراة؟ ولا يُعصرن المباديء؟
الرؤية الجديدة التي تطلبها, غير واردة في حساباتنا, ولن نتخلى عن أي قرار من قرارات الامم المتحدة, فهي بالنسبة لنا, تُمثل حقنا النسبي, وتتعارض مع جميع الحلول القومية والمتطرفة, سواء من جانبكم أو من جانبنا, فليمتلك اليسار الصهيوني الجرأة والمصداقية, لنقف سويةً ضد اليمين الإسرائيلي, والشوفونية العربية, والأصولية الدينية في كلا الطرفين, لنصل إلى المصالحة التاريخية الكبرى, التي تستند للحق النسبي وليس الحق المطلق, والنسبية هي قرارات الشرعية الدولية,

مرةً أخرى نجد موقفك الحاد من الرفيق " محمد نفاع " ولم تجد ما تهاجمه به إلا موقفه من الصهيونية وموقفه من تقسيم السودان, سأترك موضوع الصهيونية للفقرة التالية, أما بالنسبة لتقسيم السودان, فقد ثارت ثائرتك لأن نفاع ذكر الدور الإسرائيلي والصهيوني في التآمر على وحدة السودان, فحسب وجهة نظرك, يجب عليه أن يحمل البشير وحده مسؤولية ما يحدث هناك, وأن إسرائيل بريئة تماماً بما يحدث, ولكن قبل مناقشة الدور الإسرائيلي سنستذكر مقولة لبن غوريون
(نحن شعب صغير‏,‏ وإمكانياتنا ومواردنا محدودة‏,‏ ولا بد من العمل على علاج هذه الثغرة في تعاملنا مع أعدائنا من الدول العربية‏,‏ من خلال معرفة وتشخيص نقاط الضعف لديها‏،‏ خاصة العلاقات القائمة بين الجماعات العرقية والأقليات الطائفية‏,‏ بحيث نسهم في تعظيمها‏,‏ لتتحول في النهاية إلى معضلات يصعب حلها أو احتوائها)‏.‏
هذه هي سياسة إسرائيل تجاه الدول العربية, وتسميتها في إسرائيل ( شد الاطراف) ونراها واضحة في العراق وفي السودان, ولنا تجربة مريرة في لبنان مع حزب الكتائب, الذي طرح نفسه ممثلا عن الطائفة المارونية, ولا مشكلة عرقية ولا طائفية في البلدان العربية إلا ونلاحظ الأصابع الإسرائيلية بكل وضوح, اما عن دورها في السودان, فإن الاتصالات الإسرائيلية مع الجنوبيين بدأت من القنصلية الإسرائيلية في أديس أبابا، بحيث لعبت شركاتها كواجهة استخدمت لتلك الاتصالات، ووقع الاختيار على الدينكا أقوى قبائل المنطقة لتكون الباب الذي تتسلل منه إسرائيل إلى الجنوب، وتتغلغل في شرايينه، حيث مرت العلاقات الإسرائيلية الجنوبية بعدة مراحل أهمها:
1- تقديم المساعدات الإنسانية كالأدوية والمواد الغذائية والأطباء والدعم الإغاثي.
2- استثمار التباين القبلي بين الجنوبيين أنفسهم، وتعميق هوة الصراع مع الشماليين.
3- تدفق صفقات الأسلحة الإسرائيلية على جنوب السودان، واتساع نطاق تدريب المليشيات الجنوبية في أوغندا وإثيوبيا وكينيا.
4- استئناف دعم التمرد المسلح، وتزويد الحركات الانفصالية الجنوبية بأسلحة متقدمة، وتدريب العشرات من طياريها على قيادة مقاتلات خفيفة للهجوم على المراكز الحكومية في الجنوب، وتوفير صور عن مواقع القوات الحكومية التقطتها أقمارها الصناعية.
5- إيفاد بعض الخبراء الإسرائيليين لوضع الخطط والقتال إلى جانب الانفصاليين، ومشاركة بعضهم في العمليات التي أدت إلى احتلال بعض مدن الجنوب السوداني.
6- فتح مكاتب تمثيل للجنوبيين في تل أبيب، وتوثيق العلاقات التجارية والاقتصادية معهم.
7- تنظيم رحلات جوية إثيوبية منتظمة تربط "جوبا" في السودان بكل من أديس أبابا وتل أبيب.
8- استقبال إسرائيل لخمسة آلاف عنصر لتدريبهم عسكرياً، للتعامل مع مرحلة ما بعد الانفصال
9- إقامة جسر جوي لنقل السلاح من إسرائيل إلى أفريقيا الوسطى، ومنها تحمل براً إلى جوباً
ولم تخف الحركة الشعبية في جنوب السودان علاقتها مع اسرائيل فقد اعترفت بذلك, وأعلنت أن طيارين من عناصرها يتدربون تحت إشراف إسرائيلي، في إطار الإستراتيجية التي تتبناها تل أبيب بدعم التوجه الانفصالي لها,
الملاحظة الأكثر أهمية في ما سبق، أن جملة من قام بهذه الاتصالات والتدريب من طرف إسرائيل هم رجال الموساد والاستخبارات العسكرية، بمعنى أن الدعم السياسي الذي حصل عليه الجنوبيون كان بالأساس إستخبارياً أمنياً، وهي حقيقة لا بد من معرفتها لإدراك المرامي الإسرائيلية من تحقيق الانفصال.
كما اعلن مندوب الحركة في واشنطن, وجاهر بضرورة وحتمية العلاقة مع إسرائيل, وتحدث عن خططٍ مع إسرائيل, يجري إعدادها لفترة ما بعد الإنفصال, بحجة أن إسرائيل عدو الفلسطينين وليس الجنوبيين, والجميع يعرف ما تجنيه إسرائيل من هذا الإنفصال, فدولة حليفة لها في جنوب السودان, أول ما تُستهدف بها مصر , حيث تتحكم بمياه النيل, شريان الحياة المصرية, وقد اتضح فعلاً أن ليبرمان (وهو أول مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى يزور أفريقيا منذ نحو عشرين عاماً) توصل إلى عقد اتفاق مع حكومة كينيا وأثيوبيا وأوغندا, على مشروعات ذات صلة بإدارة المياه, وتُستهدف الخرطوم ضمن معركة البحر الأحمر, حيث ترى إسرائيل به ومنذ إغلاق مضائق ثيران أبان حرب الإستنزاف, وإغلاق باب المندب أبان حرب إكتوبر, على أنه بحيرة عربية, وتهديد إستراتيجي لها, ولن تكون تلك الدويلة إلا رأس جسر لها لاختراقات جديدة في إفريقيا.
فأين أخطأ الرفيق "محمد نفاع" حين أدان الموقف الإسرائيلي تجاه السودان, فهو لم ينطلق من نظرية المؤامرة, فلم يبرئ النظام السوداني, ولم يتساوق مع المخططات الصهيونية والامريكية, وينفي أي دور لإسرائيل الصهيونية بما يحدث في السودان, لقد كان صريحاً وواضحاً, بتحميل الطرفين المسؤولية, ولكن يبدو أنك ترى الصراحة والوضوح جمود عقائدي, وعدم عصرنه للمباديء, وان الوطنية ملجأ للأنذال.
اما بالنسبة لعتبك بأن نفاع لا يطالب بمحاكمة البشير, فأين مطالبتك بمحاكمة جزاري محرقة غزة الاخيرة, وما قبلها من العشرات والعشرات من المجازر, بحق شعبنا الفلسطيني وشعوبنا العربية, التي يغرق بدمائها أبناء جلدتك, يا من تبكون على ضحايا دارفور وأيديكم تقطر من دماء شعوبنا, هل تقبل ان يجلس بيريز جزار قانا إلى جوار البشير جزار دارفور, في قفص إتهامٍ واحد كمجرمي حرب؟

أما تحاملك على نفاع بسبب وصفه أن "الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية" هم أسباب نكبة الشعب الفلطسيني, فلا أرى به أي مبرر, الإنتداب غادر فلسطين بعد أن أنشأ دولة يهودية كاملة, أما الصهيونية فقد كانت مطامعها كل فلسطين, وإن كان دفيد بن غوريون قد أعلن موافقته على قرار التقسيم, ولكن على أرض الواقع إستولى على أراضي الدولة العربية, قرار التقسيم أعطى اليهود 54% من أرض فلسطين, فاستولت الصهيونية على 78% من أراضيها, الدولة اليهودية كان ما يقارب نصف سكانها عرب, الحركة الصهيونية قامت بواحدة من أبشع عمليات التطهير العرقي, فأين إلتزام بن غريون بقرار التقسيم, وسنتطرق بمقالات قادمة خاصة عن الخداع والإرهاب الصهيوني أثناء نكبة فلسطين.


أما بالنسبة لليسار الصهيوني, فماذا قدم للشعب الفلسطيني؟ ... ولليسار الفلسطيني؟ فحكومة حزب العمل وحركة ميرتس وبعد توقيع إعلان المباديء ( اعلان أوسلو) جهدت على إفراغ الإعلان من مضمونه, وفرض التفسير الإسرائيلي له, حتى توصلوا مع الجانب الفلسطيني إلى إتفاق القاهرة ( وهنا أخطأ الجانب الفلسطيني بالموافقه عليه) هذا الإتفاق الذي وصفته شلوميت ألوني زعيمة حركة ميرتس حينذاك بفخر ( لو كانت الشروط التي على الجانب الفلسطيني موجودة علينا عام 1948 لما قامت دولة إسرائيل) , لقد افتخرت إحدى رموز اليسار الصهيوني, بانهم نجحوا بفرض شروطاً باسم السلام تُعيق إقامة دولة فلسطينية, وقد عمل رابين جاهدا على عرقلة الإتفاقيات مع الجانب الفلسطيني, ووضع العراقيل أمام تطور سلطته إلى دولة, فقد إستمرت في عهده السياسة الإستيطانية, وفُرض حصار إقتصادي على مناطق السلطة, وعطل عمل اللجنة الرباعية المعنية بقضية نازحي 1967م, ورفض إطلاق سراح الأسرى الفلسطينين, وحال دون إشراف السلطة على القطاعات الحيوية, وتجنب خوض المواجهه مع اليمين والمستوطنين, ومن بعده بيريس علق المفاوضات مع سوريا, وشن عدوانا على لبنان, في فترة الإنتخابات البرلمانية, وهو يعرف أن قرع طبول الحرب, ستؤدي إلى فوز من يقرع الطبول بشدة أكثر, أي اليمين, وهكذا يمكن ان تتخلص إسرائيل من كل إلتزاماتها, دون ان يتحمل اليسار الصهيوني المسؤولية, وعندما عاد اليسار إلى السلطة عام 1999م, بزعامة باراك واصطف خلفه اليسار الصهيوني كله, ذهب إلى كامب ديفيد بلاءاته الأربعة المشهورة ( لا لحق العودة, لا لحدود الرابع من حزيران, لا لتفكيك كل المستوطنات, لا للانسحاب الكامل من القدس الشرقية) , ماذا أعطى زعيم اليسار الصهيوني للفلسطينين؟... سوى دويلة هزيلة غير قادرة على الاستمرار أو الحياة, وجرد الفلسطينين من أغلب حقوقهم, وأدار ظهره للشرعية الدولية, وماذا كان موقف باقي فصائل وشخصيات يسارك المزعوم؟ وماذا وصف منظريهم موقف باراك وموقف عرفات؟
فقد رأى الروائي عاموس عوز في باراك (الزعيم الأكثر شجاعة الذي عرفته إسرائيل)، بينما اختار عرفات (أن يحافظ على صورة صلاح الدين الحديث الذي ينطلق لتحرير فلسطين بدلاً من أن يكون صانعاً للسلام، وذلك ربما بسبب تخوّفه من أن لا يعود سوى رئيس دولة صغيرة من دول العالم الثالث، يدير مشكلات عادية كالبطالة والسكن والمخدرات والمنافسة مع الإسلاميين، وليس زعيماً لحركة تحرر وطني يطير من قمة إلى قمة، ويُستقبل مرة في البيت الأبيض وأخرى في الإليزيه). وعليه، لم يعد عرفات، في نظر أنصار هذا اليسار الصهيوني، شريكاً، بل أصبح - كما وصفه شلومو بن عامي (يمثّل خطراً استراتيجياً، ويهدد السلام في الشرق الأوسط والعالم)، وأضاف (بأن تنازل عرفات لإسرائيل في أوسلو كان تنازلاً شكلياً، إذ هو لا يعترف في الواقع، من ناحية أخلاقية ومبدئية، بحق إسرائيل في الوجود) , ولم يشعر المنتمون إلى هذا اليسار المزعوم بالحاجة إلى مراجعة مواقفهم حتى بعد أن صار يُنشر، منذ صيف العام 2001، الكثير من التفاصيل عن المفاوضات التي جرت في كامب ديفيد وطابا، بل ذهب الأمر ببعضهم إلى حد إعلان التراجع والتوبة على صفحات الجرائد، والعودة إلى صفوف الإجماع القومي, وبدا أن قضية حق العودة التي طرحها الجانب الفلسطيني في المفاوضات كانت من أكثر القضايا إثارة لحفيظة هذا اليسار المزعوم، إذ كتب عضو الكنيست عن حركة ميرتس، ران كوهين، مقالة ربط فيها بين تأييده إقامة دولة فلسطينية وبين تنازل الفلسطينيين عن حق العودة، بينما رأى زئيف شطرنهل أن طرح الجانب الفلسطيني لحق العودة هو المسؤول الأول عن الأزمة التي صار يواجهها معسكر السلام، وكتب (ليست الانتفاضة هي التي شلّت اليسار، وإنما مطالبة الفلسطينيين بحق العودة) .
هذا بالنسبة لموقف اليسار من القضية الفلسطينية , أما من ناحية إجتماعية فهذا اليسار, كان شريكاً كاملا لليمين منذ ثمانينات القرن الماضي, في سياسة الإنفتاح الإقتصادي, وفي سيرورات الليبرالية الجديدة, والعولمة, وتراجع الدولة عن وظائفها في الحقل الإجتماعي, وتعميم قيم الفردية والتنافس والاستهلاك داخل المجتمع, وعلى الصعيد الديمغرافي, أيضاً كان شريكاً في عمليات إستقطاب المهاجرين الأثيوبين والروس, والتي غيرت من التركيبة الديمغرافية في إسرائيل, إذ أضعفت المكانة الإشكنازية الغربية العلمانية , ركيزة اليسار, وإبراز قوى إثنية يمينة ودينية وإجتماعية من السفارديم, والمهاجرون الروس, والمتدينون الأرثذوكس, والمستوطنون.
ماذا بقي من قيم اليسار عند يسارك المزعوم؟.. حتى نُطلق عليه لقب يسار؟ .. ونبجله ونسمع نصائحه ونقدمه لشعبنا؟


أما بالنسبة للصهيونية, وقد جعلت فقرتها آخر الفقرات, وحتى لا أُطيل على القاريء, فأستشهد بما كتبته, فالبعودة للفقرات السابقة نلاحظ أن الصهيونية لم تتغير, وما زالت سياساتها كما هي, منذ أن دخلت منطقتنا, تكتب يا أبراهامي (يتساءل السيد خالد ابو شرخ (الذي لا "يعصرن" المبادئ) ولا يخطر على باله قط ان تقييماً فكرياً، أو موقفاً سياسياً، نتخذه اليوم، في النصف الأول من القرن الحادي والعشرين، تجاه حركة أو ظاهرة اجتماعية، لا يعني بالضرورة ان من تبنوا تقييماً فكرياً مخالفاً، أو اتخذوا موقفاً سياسياً مغايراً، تجاه نفس الحركة او الظاهرة ، قبل قرن او نصف قرن، في ظروف تاريخية واجتماعية واقتصادية مختلفة تماماً عما هي عليه اليوم، كانوا مخطئين. هذا طبعاً لا يستطيع ان يفهمه من لا "يعصرن" المبادئ.ٍ)
كيف نعصرن المباديء, والصهيونية لم تعصرن مبادئها, فكما أوضحت أعلاه, أن الصهيونية لم تعطِ الشعب الفلطسيني شيء, ولم تتغير سياستها تجاه الدول والشعوب العربية, والسودان والعراق خير دليل, لم تتراجع قيد نملة عن أي فكرة من أفكارها, فما كُتب عنها قبل قرن ما زال صالحاً لوصفها الان, إن أردتنا أن نعصرن مبادئنا, فبادروا أنتم بعصرنة مبادؤكم, عندما تتغير الصهيونية ( وأشك في ذلك) نترك ما كتب عنها قبل مائة عام, الفكر الوحيد الذي لم يتغير منذ نشؤه حتى اللحظة, هو فكركم الصهيوني.
ولن أُطيل في موضوع الصهيونية فسآتي عليه تفصيلاً في الدراسة المتسلسله التي أنشرها, لنرى ماذا عصرنت الصهيونية من مبادئها.

أما المتوفيان سايكس وبيكو والمتوفي بلفور, فلن نترحم عليهم, ولن ننسى ما فعلوه بمنطقتنا, وبوطننا على الأخص, فنحن مازلنا نحصد نتائج إتفاقياتهم ووعودهم, وما زالت سياسة تقسيم أوطاننا مستمرة, فهم الحاضرون الغائبون, فلا خطأ أن يستذكرهم قادتنا, ويحذروا أجيالنا من ما تعده حركتك العنصرية تجاه منطقتنا,

أما إنشقاق ميكونيس - سنيه في أواسط الستينيات من القرن الماضي, فلا أتوقع النزاهة منك, لسبب تعترف به أنت, أنك كنت طرفاً, بالتالي ستعرض وجهة نظر أحد الأطراف, ولن تكون محايدأ, على كل حال انا بانتظار ما ستقدمه بخصوص هذه المسالة

تحياتي للجميع



#خالد_أبو_شرخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصهيونية (1)..نشوء المسألة اليهودية
- من الذي تغير؟,, نحن أم الصهيونية؟
- مرة أخرى مع مُنظر اليسار الصهيوني
- يعقوب ابراهامي واليسار الصهيوني
- الفضائية الحلم ... الفضائية الطموح
- هل للقدس مكانة في العهد القديم
- الإنتفاضة الفلسطينية وإجابات الماضي على تساؤلات الحاضر
- العهد القديم..ممنوع لمن هم دون ال18عاما..
- التوراة وفلسطين والدولة اليهودية(5) إكمال الحبكة
- التوراة وفلسطين والدولة اليهودية (4) الرب يطلق الوعد
- التوراة وفلسطين والدولة اليهودية (3) التمهيد للوعد
- التوراة وفلسطين والدولة اليهودية (ج2) لماذا فلسطين تحددا
- التوراة وفلسطين والدولة اليهودية


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد أبو شرخ - صخب هاديء مع يعقوب إبراهامي