أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كفاح محمود كريم - مدن تغمرها القرى؟














المزيد.....

مدن تغمرها القرى؟


كفاح محمود كريم

الحوار المتمدن-العدد: 3241 - 2011 / 1 / 9 - 00:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


واحدة من اخطر ما يواجهه المجتمعات العراقية اليوم هي مشكلة هذا التراكم الكبير للقرى حول وفي مراكز المدن العراقية عموما وما ينتج من ضياع وتشويه لهوية القرى والمدن على حد سواء، فقد تحولت معظم هذه المدن الى مجتمعات قروية على شكل احياء ومجمعات تم ادغامها داخل تلك المدن مما اضاع هوية الكثير منها ومن تقاليدها وعاداتها على حساب انحسار المجتمعات القروية واحداث تفريغ كبير في البنية الريفية سواء بشكل متعمد او كناتج لسياسة خاطئة افرزتها عقود من النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية الفاسدة، وفي مقدمة ذلك الدورة الاقتصادية المعروفة بانتاجها الاسري في الارياف بدءً من انتاج البيض والحليب ومشتقاته وصولا الى المنتجات الزراعية الموسمية الى جانب الحبوب وبالذات الحنطة والشعير والرز في معظم ارياف البلاد.

ونتيجة لهذه العملية المبرمجة منها والعشوائية فقد انكمش الريف انكماشا واضحا وتحولت دورة حياته الانتاجية الى عجلة استهلاكية تسحق امامها معظم وسائل الانتاج الريفية التي اشرنا لها رغم بساطتها وبدائيتها الا انها كانت تسد فراغا كبيرا في اسواق المدن التي انقلبت فيها موازين الاستهلاك والانتاج، حيث كانت وحتى مطلع الستينات من القرن الماضي تغرق اسواق المدن بمنتجاتها الزراعية والحيوانية من الخضراوات والفاكهة والبيض والدجاج والاغنام والابقار وما تنتجه من حليب والبان واجبان، والطرف المستهلك والمشتري كان ابن المدينة في معظم الحالات حتى تغيرت المعادلة تدريجيا فاصبحت معظم قوائم المشتريات تعتمد في اساسياتها على سكان القرى سواء الذين مازالوا في مناطقهم او ممن ارتحل منهم الى المدن وغمرها باستهلاكه، ورافق كل ذلك انماطا قروية وزراعية في السلوك والعادات والتقاليد غمرت المدن واحالتها الى قرى كبيرة فقدت فيها هويتها على حساب انحسار خطير للبنية الاجتماعية والجغرافية والانتاجية للمجتمع في تكوينه القروي والزراعي او المدني على مستوى المدن، فلا القرية حافظت على هويتها المتميزة في العادات والتقاليد والانتاج ولا المدن تطورت بنهجها المدني حيث اجتاحتها القرى وبدت مغمورة تماما بأنماط استهلاكية وسلوكية هجينة مسخت هويتها وأوقفت تطورها النوعي.

لقد حاولت السلطات في مقتبل السبعينات من القرن الماضي إحداث هجرة معاكسة للقرويين الذين نزحوا الى المدن ببعض الإغراءات التي استغلتها تلك المجاميع القروية واستحوذت عليها دون ترك المدينة مما تسبب لاحقا في فشل الحملة التي تميزت بالفوقية وعدم التخطيط مما ادى الى مضاعفة الهجرة الى المدن بعد ما تم استخدام القرويين في اجهزة النظام الخاصة وخاصة بعد عام 1975م، ومنحهم إغراءات الهجرة الى المدن ومنها قطعة الارض وبدل البناء ( العقاري ) وبالذات الى المناطق التي تتميز بفسيفسائها الديني والقومي والمذهبي مثل الموصل وكركوك وديالى وتكريت وبعض من بلدات الانبار وبابل والنجف وكربلاء مما ادى لاحقا الى احداث تشويهات ديموغرافية كبيرة انتجت صراعا اجتماعيا وقوميا ومذهبيا لحد يومنا هذا.

لقد تضاعفت هجرة القرويين وسكان الأرياف عموما بشكل كبير منذ سقوط النظام السابق وانهيار مؤسسات الدولة اثر عملية الاحتلال التي تعرضت لها البلاد في آذار 2003م، حيث نزحت عشرات الآلاف من الأسر والأفراد الى اطراف المدن وسكنت مقرات ومعسكرات وكثير من دوائر النظام السابق وخاصة في بغداد العاصمة والمدن المقدسة في كربلاء والنجف وسامراء والكاظمية وفي مدن الشمال العراقي التي تعرضت لتغييرات ديموغرافية طيلة ما يقرب من نصف قرن تسببت في ترحيل مئات الآلاف من السكان الأصليين وإبدالهم بآخرين من قرى ومدن وبلدات من الجنوب والوسط، أو إخراجهم من مراكز المدن وإبعادهم الى مجمعات قسرية خارجها كما حصل في الموصل وسنجار وزمار والشيخان ودهوك وكركوك وديالى وتكريت واطرافهم.

وبعد السقوط وانتهاء عصر الدكتاتورية عاد عشرات الآلاف من أولئك المواطنين الذين تم تهجيرهم عنوة من مدنهم وقراهم الى حيث كانوا يسكنون في قراهم ومدنهم، فلم يجدوا بيوتا او حقولا الا وقد سكنها ناس آخرين، فقد استوطن مواطنون آخرون تم استقدامهم من مناطق أخرى ليحتلوا مكانهم في واحدة من أبشع عمليات القلع الاجتماعي البغيض لكلا الطرفين بغرض التغيير الديموغرافي والإغراء للطرف الآخر، مما جعلهم يقيمون في مقرات ومباني حكومية ومعسكرات للجيش، مما أدى الى نشوء كثير من الإشكاليات والصراعات بين السكان الأصليين القادمين والمستوطنين الذين يعرفون بأصحاب العشرة آلاف دولار!؟.

لقد تمت السيطرة النسبية على اندلاع صراعات اجتماعية او عرقية في تلك المناطق التي تسمى بالمناطق المتنازع عليها وهي ذات اغلبية كردية في معظمها، لحد هذا اليوم من خلال مجموعة من المواد القانونية والدستورية التي تضمنتها اخيرا المادة 140 من الدستور العراقي الدائم والتي تتكفل في حل كافة الاشكاليات ومنازعات الملكية سواء بين المواطنين انفسهم او بينهم وبين الدولة الاتحادية.

واذا كانت عملية اعادة القرويين وسكان الأرياف الذين سكنوا المدن طيلة الأربعين سنة الماضية حتى سقوط النظام عملية صعبة ومعقدة على الأقل مع الجيل الثاني الذي ولد ونشأ وترعرع في المدينة، فان التفكير بإعادة او التشجيع على الهجرة المعاكسة الى الأرياف اختيارا وليس عنوة لا تأتي من خلال قرارات فوقية ورغبات مجردة أو قسرية، بل تحتاج الى جهد وطني كبير للارتقاء بالريف العراقي وخاصة القرية وما تحتاجه لتثبيت السكان فيها والعمل على استقطاب الآخرين المهاجرين في المدن واطرافها الى مجمعات سكنية حديثة على شكل قرى متحضرة في ذات الأمكنة او قربها، لا تختلف عن المدينة في خدماتها الأساسية من ماء وكهرباء ومدارس وطرق معبدة، مع إيجاد فرص عمل من خلال دورة الإنتاج الريفي والزراعي، خاصة وان امكانيات البلاد الحالية تساعد على انجاز نقلات نوعية في حياة الفرد والمجتع وهي لا تحتاج الا الى تخطيط علمي وارادة وطنية خالصة ونزاهة وبياض في القلب واليد!؟



#كفاح_محمود_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من اجل مستقبل مشرق... لنتحاور*
- الاعلام العربي وحق تقرير المصير؟
- الاقليات في العراق وصراع الوجود
- كاتدرائية النجاة والاسئلة الموجعة؟
- الحواسم وبازار المناصب؟
- مبادرة البارزاني والعهد الجديد
- بين كلاله واربيل يجتمع العراق
- ما أحوجنا لحجارة المتنبي؟
- برلمان أم مجلس لتنابلة السلطان!؟
- حكومة عراقية.. أم ممثلية لدول الجوار؟
- إرجعوا من نصف الطريق!؟
- اسئلة مشروعة؟
- الطارئون
- لماذا سبع عجاف يا عراق؟
- الثرثرة وحبل المشنقة؟
- اقليم كُردستان وتشكيل الحكومة العراقية
- كل شيئ من أجل المناصب؟
- البعث والسنوات العجاف
- بقالة ودكاكين منظمات المجتمع المدني؟
- الاعلام الاسود


المزيد.....




- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كفاح محمود كريم - مدن تغمرها القرى؟