أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رديف شاكر الداغستاني - **ربَ صدفة**(قصة قصيرة)















المزيد.....

**ربَ صدفة**(قصة قصيرة)


رديف شاكر الداغستاني

الحوار المتمدن-العدد: 3240 - 2011 / 1 / 8 - 23:27
المحور: الادب والفن
    


التقينا مصادفة ولوقت قصير في سيارتي أثناء ايصال زميل قديم لي مدرس في مدرسة متوسطة مختلطة في ناحية الراشدية . والأستاذة إيناس زميلته هي مديرة المدرسة شاهدها تروم استئجار سيارة تكسي لتوصلها الى المدرسة والتي تبعد عشرون كم عن بغداد, فأشار إليها أن تتفضل بالركوب معنا بعد أن استأذن مني . وما أن استقرت بجلستها في المقعد الخلفي من السيارة بدأت بالحديث عن الهموم اليومية ومشاكل الحياة من فقدان الأمن والطائفية وإشاعة روح التخلف وانعدام الثقافة وغياب الوعي الوطني هكذا أمور وبشكل مسرع دفعني ذلك إلى أن أبادلها الحديث او بالأحرى استفزازها بسؤال فتدخل زميلي سعد وقال بالله عليكم كافي الحديث عن السياسة (مو ملينه) بالبيت سياسة ,بالطريق سياسة برامج التلفزيون سياسة ليس لها أول ولا آخر والآن بالسيارة ؟ والله يا جماعة طلعت أرواحنا ,ردت الأستاذة إيناس : الأكل والشرب سياسة كلها سياسة تقبل لو ما تقبل ,ثم بدأت تعد له أسباب فشل السياسيين والسياسة بشكل خاص رجال اليوم (أبطال التحرير) توعز فشل ذلك لعوامل منها انعدام العامل الوطني مضافا إليه التخلف في الوعي الثقافي حتى من كان يحمل الشهادة العليا قد يكون أكثر تخلفا من غيره فيكون ضرره أكثر من الجاهل الأمي ... شدني أسلوبها ومنطقها وشكلها الجميل وتعابير وجهها حين تذكر المسميات كالفقر والجهل والثقافة لكل منها تعبير خاص بحركات وجهها .. كل ذلك ينم عن عمق فهمها لمعانات الشعب والوطن .. وافقتها على ما تقوله بكلمات موجزة ولما رأت مني ذلك الموقف المستحسن لحديثها بدأت تحدث زميلي سعد مع النظر إلي في المرآة الامامية للسيارة وتحركت لتستطيع السيطرة في النظر وبوضوح حين أصبحت خلفي تماما في جلستها وأنا أبادلها النظرات في المرآة وقد حدث تجاذب في المواقف ثم الاتفاق على المتابعة في المرة القادمة .. حين وصلنا إلى المدرسة كان الطلبة ينتظرون حضور المدير أو المعاون يحمل النتائج الغير نهائية ليتم توزيعها عليهم وهكذا غادروا السيارة بعد أن رددوا التشكر..
وأثناء عودتي إلى باب المعظم اتصل بي سعد عبر الهاتف النقال واخبري بان النتائج لم تنجز فهم يرومون العودة فورا قلت له آسف لأني على وشك الوصول إلى باب المعظم ومحاصر في زحمة الطريق ولا استطيع تلبية طلبكم : أنا آسف جدا ويبدو إن الست إيناس هي التي دفعته لمكالمتي من شروعها بسحب الهاتف منه لتكلمني قائلة:أستاذ كان بودي إكمال النقاشات معك وتبادل الآراء حولها ,هذا وراء طلبي العودة معك قلت والله أنا آسف الآن وإذا أردتم غدا سأكون بانتظاركم بذات المكان قالت معتذرة خليها على الاتصال غدا شعرت بخصوصية الموقف حين سجلت رقم هاتفي لديها .. إنها خريجة التربية قسم الرياضيات عمرها يناهز الأربعين سنة شكلها جذاب لها شخصية تفرض نفسها متزوجة ولها ثلاث أبناء يدرسون في الجامعات ولديها وسع ثقافي ناتج عن جذور ثقافية أو سياسية كذلك تلف رأسها بحجاب غير مشدد تماشيا مع الظروف التي سادت اليوم وخاصة في منطقة فلاحية مثل الراشدية . ومما زادها شوقا للتعرف أكثر حين علمت إني اعمل في الصحافة واهتم بالأدب والأدب النسائي بشكل خاص فجاء اتصالها في اليوم الثاني مبكرا لتؤكد على اللقاء أكثر من موضوع إيصالهم إلى الراشدية وأصرت على اللقاء دون نقلهم لأنه يكلفني جهد وضياع وقت إلا إني فندت كل الحجج مصرا على تأدية الواجب ومن خلال تلك التوصيلة لها ستكون لنا جولة ثقافية في الذهاب والإياب قالت: باللهجة الدارجة (هاي وين صايرة )يعني ذهابا وإيابا ,قلت :نعم نحن أهل بغداد طبعنا هذا قالت :هذا كرم كبير منك قلت لها : من يتعرف على هكذا أناس طيبين يستحقون أكثر من ذلك وممكن أن تكون المدرسة هي المكان الأكثر مناسب للحديث .وتم اللقاء فعلا لكن دون زميلي الأستاذ سعد الذي ما كنا نرغب بأن يكون معنا في هذه الرحلة على الأقل في الذهاب وما حصل فعلا إذ تخلف عن الموعد المحدد ولما كنا محكومين في وقت الطريق تحركنا بدونه ..شاهدت الارتياح الكبير على قسمات وجهها وجلست بجانبي في المقعد الأمامي ..سالت وبدون مقدمات :هل أنت متزوج؟ قلت : نعم وكم من الأولاد عندك؟ خمسة كلهم كبار .هذا السؤال فتح باب النقاش على أوسعه في الشؤون الاجتماعية والسياسية وحقوق المرأة وحقوق الإنسان .ولقد أجبتها على كل سؤال سألتني إلا قناعاتي الإيديولوجية وهذا أسلوب احتفظ به لنفسي أولا ولا ضرورة لذلك خصوصا انا لااعرفها بالقدر الكافي من تكون هي .. وهذا من باب التقية .. قالت ما رأيك بحرية المرأة ؟..نعم أنا معها مئة في المائة إلا إنها تخضع لأمور ذاتية وموضوعية مع درجة وعي وثقافة المرأة هذه المسالة الذاتية الموضوعية هو المجتمع ووعيه في الثقافة العامة سواء كان مجتمعا صغيرا أم كبيرا كعموم الشعب .. والحرية في هذه الأحوال لم تكن مطلقة ليست بالنسبة للمرأة فقط كذلك للرجل .. قالت يعني أنا الآن جالسة إلى جانبك وأبادلك الآراء وقد تكون عميقة في التعبير هل هذا ممكن ؟ ام لا قلت: نعم ولا .. نعم بشكل شخصي ولا بشكل عمومي إذا لم يكن هدفه النفع العام ولدعم قضية ما مثل قضية الدفاع عن حقوق المرأة , أما النقاش والتوغل في تفاصيل العلاقة بين الرجل والمرأة هذا غير وارد إلا في حالة حصول توافق وانسجام هدفه هو ذاته .. قالت : وان يكن هل تمانع جمع كل هذه أمور في سلة واحدة قلت : أنا كرجل والرجل يستقبل كل شيء فلنسمع ولنحكم قالت : لماذا تدان المرأة حين يعجبها رجل لأسباب كثيرة اقلها التوافق في الآراء سياسيا أو اجتماعيا وحتى فنيا وأدبيا قلت:لا ضير في ذلك إذا كان أمام الجميع أو على الأقل للمحيطين لكلا الطرفين بضمان سلامة التوجه بنظر الآخرين , قاطعتني :لماذا الآخرين الم يكن الاثنين معا تصرفان بعقلانية الم يكونا راشدين ومثقفين .. لو تظاهروا كما قلت لإرضاء الآخرين في وقت بالإمكان ممارسة ما يريدان سرا حسب آرائنا وعلاقتنا مثلا فمن يكذب على من ! لقد صدمني جوابها وسؤالها! إن ما شاع من مظاهر اجتماعية مرتبطة بموروث ديني (وهولا ديني) أساسا وموروث قبلي ووثني ما قبل الإسلام وجعلوا من الدين السياسي يخدم أغراضا بعيدة كل البعد عن خدمة المجتمع وتطوره بل يتحكمون به ليكون أكثر تخلفا .. قلت :الحقيقة لا تخفى وما تقولينه صحيحا إلا انه يحتاج إلى أسلوب معين يقي ويعطي في ذات الوقت فرصا للتلاقي والعلاقات بين الاثنين سرا وعلانية , قالت : إذن اتفقنا على المبدأ . من خلال التحاور .. وجدت إنها مسرورة جدا وارى السعادة اتسمت على وجهها الجميل وكأنها تقول لي مرحى بهذا الزميل الجديد المتميز وكأني( لكطة )لا وجود لها في محيطها مما شجعني لأغازل نفسي وانظر لها بشكل خفي ومركز .. وصلنا المدرسة كانت مجاميع من الطلبات والطلبة متجمهرين بانتظار النتائج النهائية فتجمعوا حول السيارة معتقدين إن لدى مديرتهم النتائج فأخبرتهم إنها مع المعاون جميل وسيأتي بعد قليل فتفرقوا عنا ونزلنا من السيارة سبقتني هي بالدخول وفتح باب الإدارة الخاص بها كمديرة مدرسة .. وأجلستني بإصرار بمكانها خلف المنضدة الكبيرة الأنيقة ثم ذهبت لتجلب مشروب غازي .. كانت الغرفة أنيقة جدا فيها ترتيب ديكور يبدو خاص بها مع صور فنية زيتية وهذا ما يعكس ذوقها الرفيع . حضرت تحمل بيدها قناني من البارد ووضعتها على المنضدة ..اشرب أستاذ برد قلبك أكيد هسة محترق :لماذا محترق ؟ من النقاش ! قلت :بشكل مباشر لماذا لا تقولي احترق من شدة جمالك؟ فضحكت بصوت عال وبريق عينيها يشع فرحا وقالت: أهنئك الآن تطبق ما اتفقنا عليه ببراعة قلت في نفسي هكذا يتناسق الظاهر والباطن إذن شكلت لها موقع متميز في القلب .. بدأت بتحضير النتائج التي جلبها المعاون ووزعتها على المدرسات كل حسب مسؤوليتها وشعبتها فكانت حركاتها سريعة في القيام والجلوس وهي تبتسم وتراقبني كيف أتابعها وكأنها فراشة وقعت في الحب الأول وقد يكون الجديد ..زاد إعجابي بها حين شاهدتها تخفي وجهها عندما تراني أمعن النظر إليها خجلا من الحب كأنها طفلة وليست امرأة وأم لثلاث شباب .. قالت لا تنظر إلي هكذا فانا لا أتمالك نفسي في الحركة ما دمنا اتفقنا على الصراحة وهذه الحركات ليست عادتي والمدرسات يلاحظن ذلك ..طيب كما تشائين فخرجنا وبدأت رحلتنا التي لا تنتهي إلا بالتواصل الدائم حبا للمرة الأولى في حياتها وصداقة جديدة بالنسبة لي وكل منا يتصرف حسب ظروفه في خدمة التواصل المستمر ثقافيا وأدبيا وفنيا ونفسيا لإرضاء الذات .





#رديف_شاكر_الداغستاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السنة الجديدة اي ثقافة ارهاب تفرض علينا
- المسيحيين ومسيرت السلام
- قصة قصيرة/لحظات حرجة
- جريمة ونداء
- دكتاتوريات صغيرة ارهابية تمارس ضد الصحفي سجاد سالم
- بعض ما نشر في صحيفة كفاح الشعب في عددها الاخير
- بائعة في سوق الخضار
- تصريح الناطق الرسمي للحزب الشيوعي العراقي القيادة المركزية
- بلاغ/ صادر عن الحزب الشيوعي العراقي /هيئة القيادة المركزية
- بيان صادر عن الحزب الشيوعي العراقي القيادة المركزية
- الكرد الفيلية ..ادوار نضالية مميزة
- سقطت الكثير من الدكتاتوريات واهتزت عروش
- رجالنا خانعين للاحتلال ووحوش ضد نسائهم
- خاطرة الحب المقدس
- علاوي ابو البلاوي
- الحوار المتمدن .... لليسار أم اليمين
- الى متى يستمر الضحك على الذقون
- قائمة اتحاد الشعب..والفكر الأستسلامي الأنهزامي
- الدعاة المتاجرين بعواطف الجماهير في المناسبات الدينية يثيرون ...
- مفارقات بمناسبة انتهاء فترة السجن للوطني الصحفي الزيدي


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رديف شاكر الداغستاني - **ربَ صدفة**(قصة قصيرة)