أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر الناشف - شالوم (5) שלום















المزيد.....

شالوم (5) שלום


ثائر الناشف
كاتب وروائي

(Thaer Alsalmou Alnashef)


الحوار المتمدن-العدد: 3239 - 2011 / 1 / 7 - 16:25
المحور: الادب والفن
    


( منزل عزرا )
يجلس عزرا على الكنبة في وسط الغرفة ، ينصت باهتمام بالغ إلى راديو قديم ، بينما تجلس سارة أمام طاولة صغيرة تطالع بعض الصحف والكتب
صوت الراديو : نجح جيش الدفاع في التصدي لقوات العدو على الجبهتين الشمالية مع سوريا والجنوبية مع مصر ، هذا ولم تستطع قوات العدو التقدم على محوري هضبة الجولان وجزيرة سيناء .
( يغيّر عزرا موجة الراديو وهو بحالة من الدهشة )
صوت الراديو : إلى مواطني دولة إسرائيل ، أعلنت قوات جيش الدفاع ، اليوم السبت الموافق لتاريخ السادس من أكتوبر الذي يصادف عيد الغفران ، استعدادها للدفاع عن دولة إسرائيل ، وقد تصدت قوات جيش الدفاع للهجوم الذي شنه الجيش المصري على خطوط الجبهة الجنوبية في سيناء ، هذا وتدعو قوات جيش الدفاع مواطني دولة إسرائيل إلى أخذ الحيطة والحذر ، واستخدام الملاجئ الأرضية والكمامات الواقية في حال وصلت الحرب إلى مدن إسرائيل .
سارة ( مضطربة ) : أتتوقع أن تبلغ الحرب مدننا وقرانا ؟.
عزرا ( مذهولاً ) : لست أدري إلى أي مدى ستبلغه هذه الحرب ، إنها حرب الغفران ؟.
سارة ( مستغربة ) : كيف لا تدري ، ألم تكن عسكرياً في جيش الدفاع ، وكنت من بين الذين شاركوا في حرب الأيام الستة قبل ستة أعوام ؟.
عزرا : بلى .. كنت عسكرياً ، لكن هذا كان من الماضي ، أما الآن فلا استطيع أن أقيم خطورة هذه الحرب ، ولست مطمئناً إلى نتائجها .
سارة : قبل قليل تواترت أنباء غير مؤكدة عن تمكن المصريين من اختراق خط بارليف الحصين .
عزرا : والقوات السورية تناور بأريحية على خطوط جبهتنا الشمالية ، بعد أن اشتدت حدة الضغط على جبهتنا الجنوبية ، مَن كان يتوقع هذا التنسيق العسكري بين قيادة الجيشين المصري والسوري بعيد رحيل جمال عبد الناصر ، عندما كان الأخير حياً لم يستطع أن يوحد قيادة الجيشين ، فما الذي يحصل الآن ؟.
سارة ( تذرع الغرفة جيئة وذهاباً) : إن مسار هذه الحرب ، يختلف أشد الاختلاف عن مسار الحروب السابقة، فهذه هي الحرب الوحيدة التي لم نخوضها ، بل فرضت علينا من جانب العرب ، وموقعنا فيها ، أياً كانت نتائجها ، دفاعي بالدرجة الأولى ، أما موقع العرب ، هجومي يأخذ صيغة رد الفعل وإعادة الاعتبار رداً على حرب الأيام الستة التي تكبدوا فيها خسائر فادحة ، تلك الحرب لا يمكن محوها من ذاكرة أجيالهم على مدى الزمن ، والغريب في الأمر ، أننا لم نكن نتوقع أن يفكر العرب بالحرب كخيار نهائي ، بعد رحيل عبد الناصر ، فمن أين أتتهم هذه الروح القتالية ، ولكم تمنيت لو أن روح السلام استفاقت عندنا وعندهم بدلاً من روح الحرب ؟.
عزرا : أجل .. تقديرك لمجريات الحرب صحيح ، لكن الأكيد أن الزعماء العرب في مصر سوريا ، بادروا إلى هذه الحرب ، ليس بهدف استعادتهم لما فقدوه في حرب الأيام الستة ، بل لينقذوا ماء وجههم أمام شعوبهم الناقمة التي تجرعت مرارة الهزيمة في حرب الأيام الستة .
سارة : ولهذا كله ، لا اعتقد أن أحداً سيربح الحرب ، ستنتهي بقرار دولي كما انتهت سابقاتها ، فلا نحن نستطيع الاستمرار في الحرب إلى ما لا نهاية ، ولا النظم العربية تستطيع الاستمرار كذلك .
عزرا ( يقف ) : ليس صحيحا إننا لا نستطيع الاستمرار في الحرب إلى ما لا نهاية ، فقدراتنا العسكرية والعلمية تفوق قدرات العرب جميعاً ..
سارة ( مقاطعة ) : لكن مساحتهم أكبر من مساحة دولتنا ، وعددهم أكثر منا.. تميزنا عنهم محصور بجانب معين ، وهذا لا يعني رجحان كفة ميزان القوى لصالحنا ، فالتوازن قائم بيننا ، وما يرجحه إلينا ، الدعم السخي الذي تتلقاه دولتنا من الأصدقاء .
عزرا : لنفترض أن هذا الدعم ليس موجوداً ، فما كان حالنا اليوم ، هل ستتغير حالنا من القوة إلى الضعف ؟ كلا .. مهما يكن الدعم، فإنه لا يغير من حقيقة كوننا نصنع قوتنا وتقدمنا بإرادتنا وعزيمتنا لبلوغ أعلى مراتب التفوق ، لذلك فإن الدعم جزء مكمل لتدعيم قوتنا وتعزيزها بما تحتاجه من إمكانيات ، وليس جزءً أساسياً لبنائها .
( يدخل شالوم مرتدياً ثياب النوم وهو في سن السادسة )
شالوم ( يفرك عينيه بيده ) : أبي .. أمي .
سارة ( تضمه إلى صدرها ) : شالومي .. لما لم تكمل نومك ؟.
شالوم ( يهز برأسه ) : إنني خائف يا أمي .
عزرا ( مستغرباً ) : خائف .. ولماذا تخاف ؟.
شالوم : البارحة قال لنا أستاذ المدرسة ، إننا سنحارب العرب ونهزمهم في الحرب .
عزرا : إذن ، ما الذي يدعوك إلى الخوف ؟.
شالوم : إذا كنا سنربح الحرب ، فلماذا اقفلوا لنا المدرسة ، وطلبوا منا عدم الحضور إليها ؟.
سارة ( تقبل جبين شالوم ) : كم أنت ذكي يا شالوم ؟.
عزرا : لا تخف يا بني .. لن يمسنا أي أذى ، وستعود إلى مدرستك قريباً .
شالوم : إنني أحب المدرسة كثيراً ، ولا أستطيع إلا أن أذهب إليها كل يوم .
سارة : ولدي الحبيب ، إن السلام يكبر في قلبك كما يكبر هذا الوطن في قلوبنا جميعاً .
شالوم : أمي .. ماذا يعني السلام ؟.
سارة ( تمسك بيد شالوم ، تجلس وإياه على الكنبة ) : السلام ( تتنهد ) أوووه .. السلام يا بني هو نقيض الحرب ، السلام هو الحب والوئام والحياة ، لا الموت والدمار والحقد ، السلام هو البراءة التي تبرق في عينيك .
عزرا : السلام يا بني ، هو أنت عندما تريده ، وليس أنت عندما لا تريده ، فماذا تريد ؟.
شالوم ( يومئ برأسه ) : إنني أريده .. أريد السلام ،أين أجده ، أين هو ؟.
سارة ( تحتضن شالوم ) : شالومي الحبيب ، يا لسعادتي الغامرة وحبي الكبير ، رغم قتامة هذا اليوم الحزين .
عزرا : والآن هيا اذهب إلى سريرك .
شالوم ( يقبل سارة ومن ثم يقبل عزرا ) : حسناً .. سأنام الآن مطمئناً .
عزرا ( يهز برأسه ) : لقد ذكرني بطفولتي عندما كنت في سوريا .
سارة : أتقصد عندما كنت في مسقط رأسك .
عزرا : أجل .. أجل عندما كنت في حلب ( ساهماً بعمق ) .
سارة ( تحدق بعزرا باستغراب ) : عزرا .. عزرا .
عزرا ( مضطرباً ) : أين كنت ساهماً ؟.
عزرا ( يتنفس بعمق ) : آوووه ، لقد طافت بي الذاكرة إلى أيام الصبا ، تذكرت سهول حلب .. سهول بلدتي تادف ، لقد تذكرت مروجها وزهورها ، أنهارها السبع ، اشتقت إلى طعم رمانها وزيتونها ، إلى شمسها الدافئة ، وكنيسها الحجري العتيق.
سارة : في كل مرة أقرأ فيها عن تاريخ اليهود في الشرق ، يفوتني سؤالك عن بلدك تادف ، فقد قرأت أن عزرا الكاتب ومن كان معه من الأجداد ، حطوا رحالهم فيها عندما كانوا عائدين من بلاد فارس إلى الأرض المقدسة .
عزرا : أجل ، هذه القصة لا يعرفها إلا مَن قرأ عنها وتقصى أخبارها .
سارة : ولماذا حطوا في تادف دون سواها من المدن ؟ إن في الأمر سر عميق لا يعرفه إلا مَن عاش في تلك الفترة .
عزرا : السر الوحيد ، أن أجدادنا عندما كانوا عائدين في رحلة السبي من بلاد فارس إلى الأرض المقدسة ، حدث أن تشفع لهم عزرا لدى قورش ملك الفرس ، فلم يجدوا في رحلة سبيهم المريرة ، بلداً أجمل من تادف ، فحطوا رحالهم فيها ، لوفرة مائها ورقة هوائها وطيب أهلها ، وعندما طاب لهم المقام فيها ، احتاروا في أمر ما فقدوه من كتب وأسفار دثرت معالمها في الغزو البابلي والفارسي ، فما كان من عزرا الكاتب ، إلا أن جلس على ضفاف نهر الذهب تحت شجرة رمان وارفة الظلال ، وشرع في نسخ التوراة على جلد الغزال ، والتي حفظها عن ظهر قلب.
سارة ( مندهشة ) : حقاً إنه لأمر عظيم .
عزرا : ومنذ ذلك التاريخ وحتى تاريخ قيام دولة إسرائيل ، واليهود في دمشق وحلب يحجون أفواجاً إلى كنيس عزرا في تادف من كل عام .
سارة : والآن ما الذي تغير ، هل بقي الكنيس على حاله ؟.
عزرا ( آسفاً بحزن ) : الآن ( صمت قصير ) لم يعد ثمة يهود في المشرق كله ، لقد أصبحوا أثراً بعد عين ، تشتتوا كما في كل مرة ، منهم من جاء إلى هنا عن قناعة ورغبة ، ومنهم من جاء مرغماً بعد أن تقطعت به الأسباب ، وآخرون هاجروا إلى ما وراء البحار والمحيطات في عالم يسوده الآمان والسلام .
سارة ( بأسى ) : السلام .. لماذا يسود السلام في تلك البلاد البعيدة ، ولا يسود في بلادنا ؟ ( مطأطئة رأسها بحزن ) لا بد أن يسود ، أجل لا بد أن يسود .
(يربت عزرا على كتفها .. يعضد ذراعها الأيسر بكفه ، ومن ثم يغادران المسرح )
* * *
إظلام



#ثائر_الناشف (هاشتاغ)       Thaer_Alsalmou_Alnashef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شالوم (4) שלום
- شالوم (3) שלום
- شالوم (2) שלום
- طل الملوحي .. فجر الثورة والحرية
- شالوم (1) שלום
- العقل المادي واللا مادي في الإسلام
- تمرد العقل عن سياق الوحي
- العقلانية واليقينية في النص القرآني
- العقل الإسلامي كمعطى ثابت
- تجريد العقل (الفطري) الإسلامي
- العقل وتحكيم القضايا الإلهية
- حدود التصورات العقلية في الإسلام
- العقل ( كجوهر ) إسلامي
- إسلام بلا عقل !
- عقل بلا إسلام !
- طل الملوحي و أكاذيب النظام السوري
- اليوم العالمي للشاعرة طل الملوحي المغيبة في المعتقلات الأسدي ...
- طل الملوحي .. الألم والأمل
- كلنا طل الملوحي
- ماهية العقل الإسلامي


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر الناشف - شالوم (5) שלום