أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - داود تلحمي - كيف حلّلت التقارير الأميركية السرّية قادة كوبا وفنزويلا















المزيد.....

كيف حلّلت التقارير الأميركية السرّية قادة كوبا وفنزويلا


داود تلحمي

الحوار المتمدن-العدد: 3239 - 2011 / 1 / 7 - 08:22
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


تلقي التقارير الدبلوماسية الأميركية الداخلية التي كشفها موقع "ويكيليكس" الإلكتروني إضاءات مهمة على نظرة وتحليلات الأوساط الأميركية الرسمية المعنية بالسياسة الدولية، وبالتالي تعطي للقراء والمحللين والمؤرخين مادة غنية، كان من المفترض نظرياً أن تبقى طي الكتمان لأعوام عديدة أخرى. وإن كان من الضروري، بالطبع، قراءة هذه الوثائق بنظرة نقدية تأخذ بعين الإعتبار الجانب "الأيديولوجي" في هذه الكتابات وحسابات السياسات الكونية الأميركية.
وبما أن القارة الأميركية اللاتينية تشهد منذ أواخر القرن الماضي وأوائل القرن الجديد قدراً ملموساً من الإفلات من الطوق الأميركي، الذي استمرت سطوته عليها زهاء القرنين من الزمن، فمن الطبيعي أن ينظر أصحاب القرار في واشنطن وممثلوهم في القارة الى الرموز الأبرز لعملية "الإفلات" هذه نظرة اهتمام خاصة، سلبية طبعاً من حيث المضمون، ولكن ذات طابع تحليلي يسعى لتوضيح الصورة، في سياق المراسلات الداخلية التي يفترض أنها ليست للإطلاع الواسع.
في هذه القارة الأميركية اللاتينية، المتصلة جغرافياً بالعملاق الأميركي الشمالي، الذي كان يسعى دوماً الى الهيمنة عليها منذ مطلع القرن التاسع عشر حين بدأ مسلسل إعلانات الإستقلال لبلدان هذه القارة عن كل من إسبانيا والبرتغال، برز قبل زهاء نصف القرن من الزمن تحدٍ مقلق للنفوذ الأميركي، تمثّل في الحركة الثورية المنتصرة في جزيرة كوبا، بقيادة فيديل كاسترو، الذي دخل ورفاقه عاصمتها هافانا في اليوم الأول من العام 1959 مطيحين بالنظام الإستبدادي التابع القائم آنذاك، ومحوّلين البلد خلال سنوات قليلة الى ما يشبه القلعة اليسارية الحصينة. وهي قلعة بقيت صامدةً طوال أكثر من نصف قرن، وأصبحت عصية على الكسر، بالرغم من محاولات الإجتياح (خليج الخنازير 1961،...) والمساعي المتكررة لاغتيال فيديل كاسترو نفسه، وبالرغم من الإغتيال الفعلي اللاحق للقائد الكاريزمي الآخر للثورة الكوبية، الأرجنتيني المولد إرنستو غيفارا، الذي غادر كوبا في أواسط الستينيات ليدعم ويخوض معارك تحرير في بلدان أخرى، وبالرغم من التهديدات المتلاحقة (أزمة الصواريخ النووية السوفييتية في كوبا مع الولايات المتحدة في العام 1962،...)، والحصار الإقتصادي المتواصل المفروض على كوبا منذ أوائل الستينيات، وعمليات الدعاية المضادة الواسعة ومحاولات التخريب الداخلي المستمرة عبر دعم واشنطن للمعارضة الكوبية المهاجرة المتمركزة في جنوب الولايات المتحدة ولوسائل إعلامها وبثها الإذاعي والتلفزيوني الموجه لكوبا القريبة من سواحل هذا الجنوب.
طوال هذه الحقبة التاريخية، تمكّنت الولايات المتحدة، عبر تدخلات عسكرية أو أمنية مباشرة أو من خلال دعم الإنقلابات العسكرية والقوى اليمينية المحلية، من الإطاحة بأنظمة وحكومات وقيادات يسارية واستقلالية عدة في القارة اللاتينية. فبعد الإطاحة الفعلية بالرئيس اليساري هاكوبو أربينس في غواتيمالا عام 1954 قبل انتصار الثورة الكوبية بسنوات قليلة، تمت الإطاحة بالرئيس اليساري في البرازيل عام 1964، وتم اجتياح جمهورية الدومينيكان والإطاحة بالنظام التقدمي فيها في العام 1965، والإطاحة عام 1973 برئيس تشيلي اليساري المنتخب ديمقراطياً، وتم اجتياح جزيرة غرينادا والإطاحة بنظامها اليساري عام 1983، ودعم التخريب الواسع الموجه من المخابرات المركزية الأميركية على حدود نيكاراغوا ضد النظام اليساري الذي أقيم هناك في العام 1979 الى أن تم استنزافه والإطاحة به في العام 1990.
ولكن كوبا، التي تلقت ضربة قوية بانقطاع المدد والعلاقات الإقتصادية مع الإتحاد السوفييتي وبلدان أوروبا الشرقية بعد انهيار التجارب الإشتراكية هناك في السنوات 1989-1991، تمكنت من امتصاص هذه الضربة الكبيرة أيضاً وتجاوز "المرحلة الإستثنائية"، حين كاد شعبها أن يصل الى حافة الجوع. وبقيت هافانا واقفة في "ممر الماراثون" الى أن بدأت قوى اليسار الجديدة تسقط قلاع اليمين في القارة اللاتينية الجنوبية منذ أواخر القرن العشرين، بدءً بوصول رمز مقلق جديد آخر الى السلطة في بلد أكبر وأغنى من كوبا، هو فنزويلا المنتجة والمصدرة للنفط. ورمز "الأذى" الجديد، وفق التعبير الوارد في إحدى البرقيات الداخلية الأميركية، ليس سوى الرئيس اليساري المنتخب لهذا البلد، أوغو تشافيس.
وكما جرى مع فيديل كاسترو ورفاقه بعد اتضاح خياراتهم الإستقلالية واليسارية في مطلع الستينيات الماضية، حين عملت وسائل الدعاية الرسمية والإعلام اليميني الأميركي على تصوير القادة الكوبيين الجدد وكأنهم شلة من "المجانين" المتهورين والمستعدين حتى الى إشعال حرب عالمية نووية، وهو ما روّج له حتى عدد غير قليل من أفلام هوليوود التي تناولت، مثلاً، أزمة الصواريخ السوفييتية الشهيرة في كوبا في العام 1962، سعى الأميركيون في السنوات الأخيرة الى إظهار أوغو تشافيس بأنه مشروع ديكتاتور متسلط غريب الأطوار ومصاب بمس من جنون الكراهية للولايات المتحدة ومصمم على التحريض والعمل الملموس ضدها في عموم القارة، وخارجها أيضاً، عبر تحالفات مع بلدان في مناطق جغرافية أخرى لا تكنّ واشنطن لها الود وتعتبرها في خانة خصومها أو حتى ضمن "محور الشر" الشهير الذي صنّفه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الإبن.
ولنترك الكلام لتقارير الرسميين الأميركيين التي تم الكشف عنها مؤخراً.

كاسترو "المدير البارع للأزمات"، وتشافيس "التكتيكي الماهر، ولكن المندفع"

يقول ممثل واشنطن الأول في مكتب المصالح الأميركية في العاصمة الكوبية في رسالة تتناول تحليل الوضع بعد الإعلان عن مرض فيديل كاسترو في أواسط العام 2006، واحتمال غيابه عن الساحة السياسية وربما عن الحياة أيضاً: "في حال حصل هناك صراع داخلي عنيف في كوبا، نعتقد أنه من الممكن أن يفكر تشافيس في التدخل عسكرياً لدعم العناصر الموالية للنظام" اليساري. ذلك ان "تشافيس سيسعى على الأرجح لمحاولة إرتداء المعطف"، ليكون، وفق كلمات فيديل كاسترو نفسه، "خليفتي في مواصلة تقدم الثورة الإجتماعية"، كما جاء في الرسالة المشار اليها، والتي حاولت أيضاً أن تبرز نقاط الضعف لدى تشافيس مقارنة بـ"المعلم"، أي فيديل. وسنعود إلى هذه المقارنة بين الزعيمين بعد قليل.
في رسالة أخرى من مسؤول مكتب المصالح الأميركية الجديد في هافانا في مطلع العام 2009، وهو تسلم مهامه في العام 2008، جاء أنه من غير المتوقع أن يقود غياب فيديل كاسترو الى حالة اضطراب داخلي في الأمد المباشر في كوبا ولا حتى الى اندفاع متزايد لهجرة الكوبيين نحو الولايات المتحدة. والصحيفة الأميركية الشمالية التي تناولت هذه الرسالة الجديدة لفتت الإنتباه الى اللغة المختلفة بين الممثلَين الأميركيَين المتعاقبَين على مكتب هافانا: فالأول (واسمه مايكل بالمري) كان يُظهر، وفق الصحيفة، مشاعر شديدة السلبية تجاه القادة الكوبيين ويتوقع اضطرابات في حال رحيل فيديل كاسترو، في حين كان الثاني، أي المندوب الأميركي الجديد في كوبا جوناثان فرّار، أكثر توازناً وأقل انجرافاً بهذا الإتجاه، حسب الصحيفة. طبعاً، بين التاريخين، أي بين 2006 و2009، وبمعزل عن اختلاف المشاعر الشخصية للمندوبَين الأميركيَين، حصلت تطورات مهمة: حيث تبين أن فيديل كاسترو تجاوز حالة المرض الشديد ولم يرحل، خلافاً للتخمينات الأولى، لا بل استعاد درجة معقولة من العافية سمحت له حتى بالظهور مؤخراً في الشارع والمشاركة في اجتماعات عامة في كوبا. كما تبين أن نقل السلطة الى قيادات أخرى غيره تم بشكل سلس في هافانا. وبغض النظر عن الإختلاف في شخصيتي فيديل وشقيقه راؤول الذي خلفه في الرئاسة، بعد أن كان في السابق ومنذ انتصار الثورة في كوبا الرجل الثاني في النظام، وفي الحزب الحاكم، ووزير الدفاع المسؤول المباشر عن بناء القوات المسلحة والإشراف عليها، فالشارع الكوبي لم يبدِ قلقاً حين انتقلت السلطة والقيادة اليومية من فيديل الى راؤول وعدد آخر من القادة الذين اختيروا لإدارة البلد بعد مرض فيديل. وأكثر من ذلك، أبدى المواطنون ارتياحاً في الأشهر القليلة الماضية لعودة فيديل للظهور علناً وهو في حالة صحية جيدة، بحيث كان يُستقبل أحياناً بالتصفيق عندما يظهر فجأة في مناسبة ما أمام المواطنين. ويقرّ المندوب الأميركي أن فيديل شخصياً ما زال يحظى "بقدر ملموس من الإعجاب" من قبل المواطنين في كوبا، وفق إحدى التقارير الرسمية.
أما أوغو تشافِيس، فهو، في الرسائل الأميركية، "ليست لديه قدرة الإضاءة الذهنية ولا الإشعاع الخارجي ليكرر مسيرة صعود كاسترو الى التميز على المستوى العالمي"، وفق رسالة من العام 2006. وغياب فيديل كاسترو سيكون له، بالتالي، انعكاس سلبي على تشافيس، حيث انه، أي كاسترو، هو "من بين قلة يمكن أن يعارضوا تشافيس في الرأي أو يعطوه أنباء لا يريد أن يسمعها"، نظراً لكون تشافيس، وفق الرسالة، "محاطاً بأناس أمعيين، ولا يتقبل بسهولة أنباء غير سارة أو انتقادات". وهكذا، فإن "غياب كاسترو، الذي ينظر اليه تشافيس باحترام وشعور بالبنوة، يمكن أن يجعل سلوك تشافيس، المتقلب أساساً، حتى أقل قابلية للتوقع، ويجعله أكثر راديكالية". وإذ تقرّ الرسالة بأن "أوغو تشافيس هو تكتيكي ماهر، يقدّر باستمرار الوضع السياسي الداخلي أفضل وأسرع من المعارضة، ويقوم بالتحرك لحشر خصومه الديمقراطيين في الزاوية" (وتعبير "الديمقراطيين" هو طبعاً تعبير أيديولوجي هنا)، ترى بأن تشافيس أقل كفاءة في "التعامل مع الأزمات".
ومن هنا المشكلة في حال غياب فيديل، الذي كان مصدر إلهام وتوجيه رئيسي للزعيم الفنزويلي في التعامل مع محاولة إزاحته عن السلطة في العام 2002 (والمقصود، طبعاً، العملية الإنقلابية التي أطاحت بتشافيس لمدة يومين، استطاع خلالهما استعادة زمام الأمور بدعم من أنصاره في الشارع والجيش، وبمساعدة فيديل كاسترو، كما تقول الرسالة). ودور كاسترو هذا كان معروفاً في حينه، حيث كانت ابنة تشافيس الواسطة بينه وبين أنصار والدها "المحتجز" لدى الإنقلابيين. وتشير الرسالة إياها كذلك الى دور كاسترو في التعاطي مع استفتاء سحب الثقة الذي دبرته المعارضة الفنزويلية وخاضه تشافيس في العام 2004، حيث ساعده كاسترو في التعامل معه وفي كسب معركة الإستفتاء بأغلبية كبيرة. وجدير بالإشارة أن حق المواطنين في فنزويلا في طرح الثقة بأي مسؤول منتخب، بمن في ذلك رئيس الدولة، بعد مضي نصف ولايته، هو حق ثبّته الدستور الجديد الذي عمل تشافيس نفسه على إقراره في بدايات حكمه.
وهنا، يقرّ كاتب الرسالة بأن فيديل كاسترو، من خلال الأزمات المتعددة التي واجهها، من أزمة الصواريخ في مطلع الستينيات وصولاً الى الأزمة الإقتصادية الطاحنة التي عاشتها كوبا بعد انهيار الإتحاد السوفييتي في مطلع التسعينيات، وما بينهما، "برهن على أنه يتعامل مع الأزمات بشكل فائق الكفاءة". وإذا أضفنا الى هذه الشهادة تلك التي أبديت في الماضي حول إدارة كاسترو لدور القوات الكوبية في دعم النظام اليساري في أنغولا وفي مواجهة تدخل قوات نظام جنوب إفريقيا العنصري هناك خلال السبعينيات والثمانينيات الماضية، والتي قال فيها بعض المحللين الرسميين الأميركيين بأنها أظهرت قدرات كاسترو كمخطط استراتيجي بارع، تبدو هذه الشهادات اعترافاً أميركياً جلياً بطاقات القائد الكوبي التاريخي. وهي اعترافات لم تكن معلنة دائماً، حيث قيل الكثير، كما ذكرنا، عن تهور كاسترو وغيفارا ابان التعامل مع أزمة الصواريخ النووية السوفييتية مع الولايات المتحدة في العام 1962. كما كانت صورة كاسترو في الإعلام الأميركي في تلك الآونة، وفي مراحل لاحقة، أقرب الى صورة "الشرير" في أفلام الكاوبوي الأميركية، كما أوردنا. وهي صورة شبيهة بالصورة التي يحاول الإعلام الأميركي الرئيسي حالياً ترويجها عن رئيس فنزويلا أوغو تشافيس، الذي ما زال، لسوء حظ خصومه، يتمتع بكامل صحته ونشاطه، وبالتالي بكامل قدراته على التصدي للسياسات الأميركية في القارة اللاتينية.
ذلك أن تشافيس، أو "التشافِسية"، وفق التعبير الوارد في رسالة أميركية أخرى، تشكّل "تهديداً جدياً للديمقراطية ليس فقط في فنزويلا وإنما في عموم المنطقة، وهي تسعى بشكل مباشر لمنافسة نفوذ الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية"، وفق رسالة من سفارة الولايات المتحدة في فنزويلا الى واشنطن في أواسط العام 2009. وأضافت الرسالة ذاتها: "ان تشافيس، من خلال التركيز بشكل شبه كامل على الأكثر من 70 بالمئة من الفنزويليين الفقراء، حافظ على غالبية انتخابية موثوقة (باستثناء التصويت على استفتاء التعديلات الدستورية في العام 2007 حين امتنع العديد من أنصار تشافيس عن التصويت)". ومعروف أن تشافيس خسر في هذا الإستفتاء، ولكنه عاد وطرح في تصويت لاحق في الشهر الثاني من العام 2009 مسألة إزالة أية قيود على إمكانية تجديد الترشيح في الإنتخابات لأي موقع مسؤولية في البلد، سواء الرئاسة أو عضوية المجلس النيابي أو رئاسة الولايات، وتمكن في هذه المرة من الحصول على الأغلبية. وملفت للإنتباه هنا أيضاً كيف يعتبر كاتب الرسالة الأميركي أن تشافيس، الذي يعتمد على دعم الـ 70 بالمئة من الفقراء في بلده، "يهدد الديمقراطية"، والمقصود طبعاً ديمقراطية الـ 30 بالمئة الآخرين، أو غير الفقراء، على غرار "ديمقراطية الأثرياء" الممارسة في الولايات المتحدة نفسها، والتي سبق وتناولناها في مقالة سابقة!
وهكذا، تعترف التقارير الداخلية الأميركية بعدة أمور مهمة: الأول أن تشافيس نصير الفقراء في فنزويلا، وهم أغلبية السكان. وهو أمر كان معروفاً على أية حال. والثاني أن تشافيس احترم آليات التصويت والإقتراع ونتائجها باستمرار، وبالتالي من غير الصحيح وصفه بالـ"لاديمقراطي"، كما تفعل ماكينة الدعاية الأميركية. والثالث ان تشافيس منافس جدي لنفوذ الولايات المتحدة في القارة اللاتينية، وبالتالي مصدر قلق للسياسة الأميركية هناك، التي كانت تستعد لتنفس الصعداء في حال رحيل فيديل كاسترو بعد نصف قرن من المواجهة، غير الناجحة، معه ومع نظامه.
ويضيف تقرير السفارة الأميركية ذاته بأن "المعارضة قاطعت بغباء انتخابات الجمعية الوطنية في العام 2005"، وأن "المعارضة الداخلية لتشافيس ضعيفة ومفككة". وهنا أيضاً اعتراف آخر بأن تشافيس يحترم الآليات القانونية والدستورية، وأن المشكلة الفعلية هي لدى المعارضة (التي تتعاطف معها الولايات المتحدة، وتدعمها طبعاً، بغض النظر عن "غبائها" و"ضعفها")، غير القادرة على منافسة تشافيس في كسب ولاء أكثرية كافية من المواطنين في فنزويلا، لا بل غير القادرة على توحيد صفوفها والقيام بانقلاب ناجح، وعلى مجاراة قدرة تشافيس على التعامل السريع مع المستجدات. وهكذا، تظهر حملات الدعاية الإعلامية الأميركية التي تسعى الى تصوير تشافيس بأنه مشروع ديكتاتور ومستبد معادٍ للديمقراطية بأنها، في واقع الحال، عملية خداع وغسل دماغ مقصودة ، وإن كانت قليلة النجاح على الأرض، أي في فنزويلا نفسها، باعتراف التقارير الداخلية الأميركية، والنجاحات الإنتخابية المتواصلة للرئيس الفنزويلي منذ أكثر من اثني عشر عاماً.
وبما ان هذه الشهادات تأتي من مسؤولين أميركيين لا يتعاطفون إطلاقاً (ونستخدم هنا تعبيراً مخففاً) مع الخيارات السياسية لقادة كوبا وفنزويلا، وتحديداً لفيديل كاسترو وأوغو تشافيس، فإنها تكتسب أهمية إضافية، وتساعد في تفسير مسلسل النجاحات التي يحققها اليسار في أميركا اللاتينية خلال العقد ونيّف المنصرم. طبعاً، تناولت الرسائل الدبلوماسية الأميركية شخصيات أخرى في البلدين المذكورين وفي بلدان أخرى من أميركا اللاتينية. لكننا اكتفينا بإلقاء الضوء على النظرة تجاه شخصيتين نرى أنهما من بين الأبرز والأكثر تأثيراً في الحراك اليساري الذي جرى في السنوات الماضية وما زال يجري في القارة اللاتينية، وهو الحراك المفتوح على تطورات هامة لاحقة.



#داود_تلحمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- داود تلحمي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الإستعصاء ...
- أبراهام سرفاتي: قامة عالية، وطنية وأممية، في تاريخ منطقتنا
- -عولمة- كارل ماركس... وعولمة رونالد ريغن
- عندما وقف اليهودي الوحيد في الحكومة البريطانية ضد -وعد بلفور ...
- ثورة أكتوبر 1917 والتجربة السوفييتية في مسار التاريخ البشري
- امتحانان إنتخابيان مهمان لتيّارَي اليسار في أميركا اللاتينية
- إشتراكية القرن الحادي والعشرين: إستخلاص الدروس... وإحلال ديم ...
- عندما اضطر كارل ماركس أن يقول... بأنه ليس ماركسياً!!
- أزمات البلدان الأوروبية ومأزق أحزاب -يسار الوسط-
- بعد 35 عاماً على النصر التاريخي... فييتنام تحث خطى التنمية و ...
- وحدة اليسار مهمة... لكن تمايز مشروعه هو الأهم
- خيارات الشعب الفلسطيني في ظل انسداد آفاق -الحلول القريبة-
- العقد الثاني من القرن: الأزمة الإقتصادية الرأسمالية مستمرة.. ...
- يسار أميركا اللاتينية في عقده الثاني...التيار الجذري هو الذي ...
- اليسار الياباني مرشّح لتأثير أكبر على سياسات البلد
- هل تفتح الأزمة الإقتصادية العالمية آفاقاً جديدة أمام اليسار؟
- اليسار الأوروبي: هل من مؤشرات للخروج من المرحلة الرمادية؟
- لماذا تراجع اليسار في انتخابات الهند الأخيرة؟
- على خلفية خطوات فنزويلا وبوليفيا التضامنية ابان محنة غزة... ...
- من ستالينغراد، عام 1943، الى معارك جورجيا 2008... تطورات الق ...


المزيد.....




- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - داود تلحمي - كيف حلّلت التقارير الأميركية السرّية قادة كوبا وفنزويلا