أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - خسرو حميد عثمان - عندما كنت عاجزا عن التمييز بين الوهم والحقيقة3














المزيد.....

عندما كنت عاجزا عن التمييز بين الوهم والحقيقة3


خسرو حميد عثمان
كاتب

(Khasrow Hamid Othman)


الحوار المتمدن-العدد: 3238 - 2011 / 1 / 6 - 17:53
المحور: سيرة ذاتية
    


كانت المسافة بين مدينة أربيل، حيث كنت أسكن، وبغداد، التى كنت متوجها اليها لمقابلة فهمي روفا، حوالى 360 كيلومترا. إخترت لهذه السفرة الوسيلة التجارية الأسرع وكانت سيارة أجرة تسع لخمسة ركاب إضافة الى السائق، تستغرق الرحلة من ثلاث ساعات ونصف الى أربعة ساعات تعتمد على مزاج السائق فى بلد يُحاسب الأنسان، عسيرا، على إطلاق العنان للسانه ولا يُحاسب السائق على رعونته، كل شئ مسخر، بتعسف بالغ، لأمن المستأثرين بالحكم وقليلا لحماية حياة الأنسان البسيط. ضيق المكان فى السيارة لم يكن مساعدا للجلوس باسترخاء أو النوم إذا لم يكُن الراكب مرهقا كما وإن وضعية الشوارع لم تكن مساعدة ليستغل الراكب وقته بقرائة جريدة أو كتاب، هذا هو الحال فى بلد يفتقرالى شبكة لائقة للمواصلات العامة ولكنه متخوم بالدبابات الثقيلة والطائرات الحربية المتطورة والفيالق العسكرية والأمنية جنبا الى جنب مع جيوش من العاطلين المقنعين ومكشوفى الوجه فى أحياء مهمشة . لم أكن بحاجة الى شئ يُسلينى أثناء هذه الجلسة غير المريحة التى تستغرق ساعات طويلة لأن الطريقة التى أُُستدعيتُ بها كانت كافية لأشغال فكرى لأبحث عن السبب الحقيقى لاستدعائى بهذه الطريقة المبهمة من بين عدد من الأحتمالات. بهذه الطريقة كانت دوائر الأمن يستدعون شخصا للحضور فى موعد معين ومكان معين دون أن يوضحوا له أسباب الأستدعاء، لأنهاكه من الداخل. جربت دائرة أمن أربيل معى هذه الطريقة مرارا، قبل ثلاث سنوات، ولم أكن أحضر، كانت حججى بسيطة ومكررة : نسيت. كنت أنسى فعلا، لأننى لم أجد طريقة نافعة لمواجهة الحرب النفسية إلا بتجاوزها وعدم الأكتراث لها نهائيا وتعويد النفس على النسيان كلما تطلب الأمر. كنت واثقا بأنهم يريدون تسخيرى كوسيلة ضغط على والدى لكى يركن الى السكوت وهم ينقلون أفواجا بعد أفواج الى المنفى، بعكس ما كنت مصمما عليه بدون تردد، أن أكون سندا وعضيدا لهذا الأنسان الوحيد المتعفف الذى كان يمتلك جرأة متجذرة فى أعماقة وغيرة على أبناء بلده وصبرا تفوق قدرتى على التخيل وتثير إعجابى فى كل الأحوال. كان والدى ،هذا الرجل المريض والمثقل بالمعانات، يقصف يوميا بسيل من صواريخه الورقية، على شكل رسائل بريدية مسجلة، كل من كان له شأن فى الدولة العراقية، من رئيس الجمهورية نازلا الى بعض رؤساء الدوائر المحلية فى أربيل من دون ملل، لم تكن هذه الصواريخ محشوة بالديناميت بل بأخطر منها وأعمق تأثيرا فى حسابات المهوسون بالحكم : الكلمة الحرة والشعر النابع من الوجدان والكاريكاتير، نعم كانت المتفجرات أشعارا وكتابات إستهزائية وصوركاريكاتيرية معبرة بجرأة وذكاء وبخط بالغ فى الجمال تجاه قبح بغيض ومستنكر، يمكننى، شخصيا، اختصارفحواها بعدة كلمات بسيطة: ماذا تفعلون أيها الأغبياء!!
بعد أن نفذ صبر دائرة الأمن، التى لم تكن تُخيفنى مطلقا، كيف يرتعش قلب من يسكن مع مثل هذا الرجل تحت سقف واحد، حصرنى ضابط أمن بمعية عدد من الأفراد فى غرفة التدقيق فى بلدية أربيل حيث كانت لى علاقة متميزة مع المدققين الموجودين فيها وكانا كل من العم يونس ونيازى طاهر، وجه الضابط أسئلته لى بحضور الموجودين فى الغرفة:
ضابط الأمن : هل بُلغت بالحضور أمامنا مرارا ولم تحضر؟
الجواب: فعلا.
ضابط الأمن: وهل تمتنع عن الحضور؟
الجواب: نعم
ضابط الأمن: السبب؟
الجواب: اننى موظف فى الدولة العراقية ومن حقى عدم الأمتثال للأوامر التى لا تستند الى نص قانونى من أية جهة كانت، من صلاحية حاكم التحقيق استدعائى والتحقيق معى حول أية تهمة تُوجه لى، واننى مقتنع بأننى لم اقترف ذنبا تُخالف القانون.
ضابط الأمن: ولكننا مصرون على إحضارك أمامنا، قالها مهددا.
الجواب: لربما بخطفى عنوة، قلتها مازحا.
الى هذه الدرجة تنحدر العلاقة بين الأنسان الوطنى المعتز باستقلاليته وانسانيته وحميميته ونزاهته وبين السلطة الوليدة من تربع حزب سياسى، بالمكر والحيلة، على كتف الدولة ويقزمها ويضغط على عنقها . ولكننى كنت مقتنعا بأن الغاية مختلفه هذه المرة رغم أسلوب الأستدعاء المبهم الذى يعتمد على طريقة التفكيرنفسها. وأخيرا استقر رأى بأن الموضوع يتعلق بصناعة الطابوق لربما بمعمل الطابوق العائد لوزارة الصناعة فى قرية قوريتان بالتحديد. لقد اكتسبت الخبرة والمهارة فى صناعة الطابوق أثناء عملى فى معمل طابوق البلدية أربعة سنوات، وقد يكونوا فى حاجة الى هذه الخبرة التى لم تتراكم بيُسر وسهولة.



#خسرو_حميد_عثمان (هاشتاغ)       Khasrow_Hamid_Othman#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما كنت عاجزا عن التمييز بين الوهم والحقيقة2
- كُلما كان الرأسُ مُعافا سيرى الورك عجبا عِجابا
- حكايات مستوحات من أرض الواقع1
- غرائب من مملكة العجائب 7
- غرائب من مملكة العجائب 6
- غرائب من مملكة العجائب5
- التضحية باللحية لأنقاذ الرأس
- الوطن لفظنى ولكن الحوار المتمدن أحتضنني
- غرائب من مملكة العجائب 4
- غرائب من -مملكة العجائب-3
- حميد عثمان - غرائب من- مملكة العجائب- 2
- حميد عثمان فى كتابات المناضل جاسم الحلوائى 5بعد التصحيح
- حميد عثمان فى كتابات المناضل جاسم الحلوائى 4
- حميد عثمان فى كتابات المناضل جاسم الحلوائى3
- حميد عثمان فى كتابات المناضل جاسم الحلوائى(2 )
- حميد عثمان فى كتابات المناضل جاسم الحلوائى
- فرمان من فرمانات خال السيد الرئيس 5
- فرمان من فرمانات خال السيد الرئيس 4
- فرمان من فرمانات خال السيد الرئيس 3
- فرمان من فرمانات خال السيد الرئيس 2


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - خسرو حميد عثمان - عندما كنت عاجزا عن التمييز بين الوهم والحقيقة3