أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شذى احمد - وظيفة بعنوان كلب















المزيد.....

وظيفة بعنوان كلب


شذى احمد

الحوار المتمدن-العدد: 3237 - 2011 / 1 / 5 - 16:15
المحور: الادب والفن
    


وظيفة بعنوان كلب

قصة



يقول المفكر الاسلامي / غالب حسن الشابندر ....
في إيران (الاسلام!) وفي مدينة مشهد بالذات تأسست جمعية باسم (كلاب الإمام الرضا)، وهذه الجمعية لا تضم كلابا حقا، بل بشر بكامل آدميتهم، يعرضون أنفسهم للناس بانهم بمثابة كلاب الامام علي بن موسى الرضا، الامام الثامن في عقيدة الشيعة الامامية، وهناك (كلاب الزهراء) و (كلام الإمام الحسن) وهكذا، وبالتالي، فإن القضية دخلت مرحلة الجنون الطقوسي.







تركت الأحداث المريرة الناس في العراق متشرذمين. لا يتقاسمون هما مشتركا.أو سرا من الأسرار. الكل يخاف الكل. والشك هو الطابع الأغلب. فرقوا بينهم حتى ضمنوا سيادتهم على البلد. مدن يلونها الفقر والدمار. الجائعون يتوزعون في كل مكان. يكتظون بالمناسبات الدينية التي ازدادت وازدهرت ، وفرخت لتصبح طقوسا شبه يومية.
التقاه في المقهى منهكا. خائر القوى. لم يقوى على الصمت رغم تخوفه من رده بادره: ما بك . هل أنت مريض. سلامتك. رفع الثاني رأسه تطلع به كمن يبثه خبر كارثة رد عليه: أكثر من مريض. أنا ميت.
ـ سلامتك سلامتك يا رجل. ماذا حصل
ـ أخي..أخي الصغير . الذي اختفى من البيت منذ شهرين ظنناه قد قتل أو خطف. كان للوالدة أمل بان يكون مخطوف. مسجون فنستدل عليه لكن .. يا ريت لو مات.
ـ ما به . هل أصابه مكروه لا سامح الله؟. بفضول صادق سأله
ـ لقد صار مسخ .. صار مسخ
تطلع إليه بدهشة كبيرة تحثه على التفسير.
.....

امضيا أكثر من ساعة معا . سرد له القصة مصحوبة بالزفرات والدموع الحرى، كيف نزل البلاء عليه وعلى العائلة. فأقترح عليه الذهاب لإنقاذه.
ـ هل من فائدة .. هل يمكن إعادة الماء المسكوب
ـ لما هذا التشاؤم لا شيء في الدنيا لا يمكن إصلاحه.
ـ مثل هذه الكسور يتعذر إصلاحها.
ـ أنت تقول ذلك دون تقديم حل أو حتى محاولة إيجاده.

أمام باب عتيق استأذنا بالدخول. كان المكان مزدحما بفتيان بأعمار مختلفة. يتوشحون السواد . ويفترشون أرضية غرفة واسعة. وضع في صدرها كرسي خشبي قديم بقوائم بدت متآكلة في الأجزاء التي ظلت عارية من القماش الأخضر الذي غطى الكرسي بالكامل.
تأملا الوجوه الخاملة المسلوبة الحياة إلا من عيون تتطلع ببلادة لما حولها. وفي إحدى الزوايا لمح أخاه. ناداه لكن الأخ لم يستجيب. فاتجه إليه وهو يشق طريقه بصعوبة بين جموع الحاضرين. سحبه بقوة من رداءه إلى الخارج. كان الحاضرون يفسحون المجال لمرورهم دون مقاومة أو كلمة اعتراض كما لو كان يسحب شاة مبتعدا بها.
في فسحة الدار هز أخاه بقوة صارخا: أيها اللعين . التافه ماذا فعلت بنفسك . كلب تريد أن تصير كلبا ..
فرد عليه بصوت مأخوذ بما يفعل ـ بل أنا كلب .. كلب الأئمة الأطهار. كلب أصحاب الكرامات ..كلب الأمام الشريف.
ـ أي أمام يريدك كلبا. أي إمام
ـ إنهم الأئمة الذين فضلهم الله على العالمين. الأئمة الأخيار. الأئمة الذين سنحرسهم ونحميهم ونتجول في رحابهم في الآخرة ، وهم يتنزهون في رياض الجنة.
ـ أيها التعيس . هل يرضى الله أن يتحول احد من عبادة إلى كلب ينبح من اجل عبد أخر.
ـ الأئمة ليسوا ككل العباد. إنهم المعصومون. المبجلون . المختارون . الأنقياء . الأتقياء. الشرفاء. من اجلهم خلق الله الأرض ومن عليها.
ـ لتصيروا كلابا لهم.
ـ لنتشرف بحراستهم. لنذوق من اجلهم ذل الأرض وننعم برفقتهم بالسماء.
بدا كمن يخاطب مخلوقات في عالم لا يراه سواه. عيناه متجمدتان. وجمله صبت كالفولاذ في صهاريج مستعرة لا تجرؤ يد على مسها والتفكير في نقلها من مكان لأخر.أما أخوه المسكين فلقد انتابته رعشة وانهمرت الدموع من عينيه واحتقن وجهه. أراد قول شيء ما فخرجت كلماته مقطعة.. و .. ك... كي... ا... ا... ثم اختفى صوته. جمع ياقة ثوب أخيه بيده اليسرى وراح يلكمه بيده اليمنى وهو يغمغم بكلمات غير مفهومة وينوح باكياً. تسمرت أقدام الصديق المرافق لم تقويان على حمله كان المشهد مؤلماً. قاسياً. لا يمكنك إنقاذ اقرب الناس إليك . وداءه عصي عن الشفاء. يمزقك العجز وتخونك المحبة.
ظل يضربه. والثاني بين يديه يتلقى الضربات باستسلام عجيب. حتى إذا ما كلت يداه رماه بعيدا. واستدار إلى صديقه : ستموت أمي إن رأته.. ليته يموت ولا يعود إليها.. ستموت قهراً. ثم التفت إليه من جديد : إياك والعودة للبيت . سأضع طلقة في رأسك لو رأيتك تنبح أمام بابنا.
خرجا بعدما هال الصديق ما رآه . خيبة أخرى تضاف إلى كم خيباته وبيت أخر يهدم من بيوت مدينته الجميلة.وشاب أخر يغتاله الضياع.
أمسك قلمه حاول أن يستجمع قوته وقدرته على الكتابة. كان قلبه ينوح يجهش ببكاء مر. انتظره . مرت الساعات ثقيلة. حاول إغماض عينيه لكن الأحداث التي جرت كانت اقرب إليهما مما كانت عليه في ذلك البيت. ففتحهما فزعا. ليس لي سوى الكتابة. لن ينقذني من وجعي سواها. .. حث نفسه ..سأكتب عن الكلاب. اعد نفسه . أثناء ترتيب أفكاره تذكر آخرين ارتضوا لأنفسهم أدوارا لا تقل دونية وذلا من هؤلاء الفتيان المغرر بهم. كلاب من أنواع متعددة ولمهام مختلفة. أقربهم ذلك الذي ينبح بالقرب من نافذته التي يطل بها على الآخرين كل مرة. ينبح نباحا ادميا بكلمات معدودة تنحصر بذكر أسماء معروفة. يهز كبرياء ذكراها ويدنسها مثلما تفعل كلاب الأئمة في الذاكرة الجماعية.اسماء مثل العنبري. ابن حاسد... ويعرج إلى اسم من هنا وأخر من هناك . باركر .. ساركر.. شمليون.. سلمون.. اسماء عاشت عالمها، وحياتها ومضت تاركة بصمتها في زمنها. لكنه اختار تدنيسها بنباحه، وعجزه عن الآيتان بجديد له ولغيره. لا يطفئ بنباحه حتى نار حقده على الآخرين. تذكر صفعات صديقه لأخيه المستكلب. لكن للمفارقة لم يشعر إزاء من ينبح قرب شباكه إلا بالشفقة. الشفقة التي يستحقها كلب شريد طريد. لا يملك إلا أن يعوي. كان تهديد صديقه لأخيه الكلب القتل إن شاهده بالقرب من بابه. أما هو فلا يقوى على قتل احد .. القتل يحتاج إلى قسوة وجلد لا يملكه لكن على النقيض أحس بعطف خاص إزاءه . وشعر به خطيه ..

ملاحظة: الخطيه .. في العراقية الدارجة ترادف المسكين . أو الشخص الذي يستحق الشفقة. وقد قالها الشاعر الكبير بدر شاكر السياب ذات مرة في عبارته الشهيرة... الموت أهون من خطيه.



شــــــذى
[email protected]



#شذى_احمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلنا بالموت سواسية
- ليلة رأس السنة
- المجد للحب
- بين رجل و أخر الفضائية قيد الإنشاء
- فضائية يسارية علمانية
- جعفر صديق اوباما
- شوية عليه وشويه عليك
- رضعوا وما خلوه يرضع
- خسارة الفوز
- صناعة الروائع
- قراءة في فكر القراء الخصب
- مخلفات حرب
- مرارة العسل الهندي
- همس
- النساء أنواع
- الرجال أنواع...
- زواج سردشت و تشلسي
- الأسرار الخفية لعدم تشكيل الحكومة العراقية
- نعم للزوجة لا للمرأة
- أقبية الموت السرية


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شذى احمد - وظيفة بعنوان كلب