أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود حافظ - اليسار العربى فى مواجهة التحدى الإمبريالى















المزيد.....


اليسار العربى فى مواجهة التحدى الإمبريالى


محمود حافظ

الحوار المتمدن-العدد: 3237 - 2011 / 1 / 5 - 11:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أمام اليسار اليوم مواجهات عديدة فرضتها القوى الإمبريالية لشل قدرة اليسار العالمى وتشتيت هذه القدرة حتى يتقاعس هذا اليسار عن ممارسة دوره الطبيعى فى الصراع العالمى بين الإمبريالية العالمية من ناحية والطبقة العاملة والفئات الكادحة المرتبطة بها وكذا القوى الوطنية الواقعة تحت نير الإستعمار من ناحية أخرى فالطرف الأول من الصراع وهو الطرف الإمبريالى قد فرض هيمنته وسيطرته على الكون بدءا من مسيرته النهضوية فى تكوين نظامه الرأسمالى الناهض والثورى منذ القرن الخامس عشر عبر عصر النهضة وصولا إلى عصر العقل مارا بما عرف بالإصلاح الدينى حتى دشن سيطرته فى نهاية القرن الثامن عشر بالثورة الفرنسية والتى قامت بتغيير الواقع الإجتماعى بإضمحلال عصر الإقطاع وظهور العصر البرجوازى أو ظهور النظام الرأسمالى الرسمى بأفكار عصر التنوير ولما كان هذا النظام والذى بدأ بالتراكم الرأسمالى الذى نقل العمل الحرفى إلى مجال الثورة الصناعية هذه الثورة التى قامت بإنشاء الطبقة العاملة من قن الأرض وعن طريق بيع قوة عمل هذه الطبقة نمت الثورة الصناعية وظهرت منتوجاتها فى الأسواق حتى حققت فائضا تم عبوره إلى أسواق أخرى خارج الإقليم عبر منافسة حرة ثم ظهور الإحتكار وفتح الأسواق الخارجية لجلب المواد الأولية وتصريف المنتج الفائض الأمر الذى إستدعى تطورا فى النقلة الإستعمارية فبدلا من إن كانت الدول الإستعمارية هى الدول التى عبرت بتجارتها وأساطيلها البحرية كأسبانيا والبرتغال وهولندا أصبحت القوة للإنتاج الصناعى والذى فاضت سلعته وإحتاج إلى مواده الأولية هذا الأنتاج الصناعى الذى ظهر وبكثافة فى بريطانيا وفرنسا اللائى قامتا بالتوسع الإستعمارى بإحتلال بؤر العالم التى تخدم مصالحهما فى القارتين الأسيوية والإفريقية إضافة إلى إكتشاف العالم الجديد فى الأمريكتين وأستراليا ونيوزيلاندا .
وكما كان لفلاسفة عصر التنوير الفضل فى حركة التطور التاريخى والنقلة من العصر الإقطاعى إلى العصر الرأسمالى أيضا كان لهؤلاء الفلاسفة الفضل فى إكتشاف الحركة والصيرورة فبدئا من كوبرنيك وهيجل وفيورباخ وداروين وفرويد وسان سيمون وغيرهم وهم كثر ظهر كارل ماركس بنظريته فى المادية التاريخية والمادية الجدلية هذا الإكتشاف الذى أوضح الصيرورة التاريخية للعصور والحضارات القديمة حتى عصرنا هذا وما هو متوقع طبقا للمنهج العلمى فى التفكير من تطور النظام الرأسمالى إلى النظام الإشتراكى ثم إلى النظام الشيوعى وأن هذا التطور محكوم بآلية إجتماعية تحددها بنية إجتماعية .
يهمنا هنا أن نوضح حقيقة أصيله وهى أن كل هذا التطور من صنع الإنسان ولتحسين حالة الإنسان هذا الإنسان الذى صارع الطبيعة ليجد لنفسه مكان ثم صارع الأقوى منه وسيطر عليه برجاحة عقله لاغيا من قاموسه مقولة البقاء للأقوى ليحل محلها مقولة البقاء للأصلح ثم يكتشف هذا الإنسان أن القوة ليست فى حيوان الغابة المتدرج فى القوة والذى من تدرجه هذا منه ما يفوق الإنسان فى القوة العديد من المرات فأنهى الإنسان صراعه مع الحيوان بقوة رجاحة عقله الذى ميزه عن الحيوان ولكن ماذا يفعل الإنسان مع أخيه الإنسان عندما يختلفا فى القوة البدنية وقوة رجاحة العقل فكما إنتفت مقولة البقاء للأقوى بين الإنسان والحيوان فإنها بالضرورة بقيت بين الإنسان والآخر الإنسان ليبقى فى النهاية الصراع سرمديا .
وإذا كان النظام الإمبريالى العالمى والذى عبر من ثورته الصناعية إلى ثورته التكنولوجية إلى ثورته الحالية ثورته المعلوماتية هذا العبور فى التطور العلمى والمعلوماتى قد سايره تطورا آخر فى نظام البنية الإجتماعية فإدراك وعى فلاسفة هذا النظام ومثقفيه ضرورة السيرورة الإجتماعية لتغيير هذا النظام والرقى به إلى المرحلة الإشتراكية والتى يتحقق فيها مبدأ العدالة الإجتماعية والديموقراطية عبر الصراع الطبقى الناتج عن التناقض فى العلاقات الإنتاجية عمل فلاسفة ومثقفى الإمبريالية على تأبيد هيمنة وسيطرة الإمبريالية على الكون لإطالة عمر هيمنة النظام الرأسمالى المسيطر وقامت بإستغلال المنتوج الفكرى للتطور وإستخدمته لنفسها فعلى سبيل المثال فإن إطلاق الماركسية لمقولة ياعمال العالم إتحدوا فقد عملت الإمبريالية على تشتيت العمال ومنع إتحادهم ببث الفرقه والصراع بينهم فمن ناحية تم تغلبة بعض العمال على بقية العمال بالتفرقه فى حساب قوة عمل العامل فى المنشأة بداية ثم على مستوى القطر ثانيا ثم على مستوى الإقليم ثالثا ثم على مستوى القارة رابعا فما معنى هذا ؟ ، معناه أن كل طرف من طرفى الصراع يستخدم أدوات من شأنها التأثير السلبى على الطرف النقيض فإذا كانت الحركة العمالية قامت بتنظيم طبقتها إقتصاديا فى حركة نقابية تدافع عن مصالحها وتحافظ على مكتسباتها التاريخية من خلال الصراع الطبقى قام الطرف النقيض والذى يملك التراكم الرأسمالى لملكيته وسائل الإنتاج بمحاولة رشوة قيادات أو فئة ضعيفة من قيادات الحركة النقابية فإذا كان هذا يتم على مستوى القطر أما على مستوى الإقليم فإن النظام الرأسمالى وفى مرحلته الإمبريالية قد قام بإستنزاف وسلب الدول التى إحتلها وقام برشوة طبقته العاملة بجزء يسير من هذه الأموال ولما كان اليسارهو الحامى والأمين للطبقة العاملة وعلى مصالحها بداية من إقامة نموزجه الإشتراكى طبقا للنظرية الماركسية – اللينينية وهو نموزج دولة الإشتراكية الأولى فى الإتحاد السوفيتى والتى تأسست فى منتصف النصف الأول من القرن العشرين وفرضت على الواقع العالمى نموزج التطور التاريخى لإنشاء دولة ديكتاتورية الطبقة العاملة والتى أصبحت فى فترة وجيزة من عمر تكوين المجتمعات الحضارية بفضل طبقتها العاملة قوة دولية عالمية تتوازن مع قوة الحضارة الرأسمالية بل الأكثر من هذا إستطاعت هذه الدولة الناشئة أن تقضى على القوة الفاشية والنازية والتى هددت الحضارة الرأسمالية بفرض أحادية عنصرية عالمية نمت على هامش التطور التاريخى الحضارى الكونى وكما كان إنتصار دولة الإتحاد السوفيتى الإشتراكية على النازية العنصرية حافظا وضابطا للتطور العالمى للحضارة الإنسانية كان هذا الإنتصار مقويا وداعما لحضارة الرأسمالية العالمية فى فرض سيطرتها وهيمنتها على الكون بصفتها الطرف الأقوى فى الصراع العالمى والتاريخى بين النظام الرأسمالى العالمى والطبقة العاملة العالمية ومعها حركة التحرر الوطنى العالمية هذا الصراع الذى إنتهى لصالح النظام الرأسمالى العالمى بتفكك الإتحاد السوفيتى دولة الإشتراكية العالمية الأم بؤرة التطور والإشعاع العالمى لحركة اليسار العالمية .
إنه ونتيجة إختفاء قوة التوازن العالمى الإشتراكية فرضت الرأسمالة العالمية هيمنة عالمية أحادية على الكون وإنتقلت من المرحلة الإمبريالية إلى المرحلةالكونية أو مرحلة العولمة والتى بها فرضت نظاما عالميا متناقضا مع المنظومة التاريخية للتطور الحضارى العالمى ببنيته الإجتماعية والتى قاعدتها محركها الأساسى التناقض الإقتصادى ومحركها الرئيسى التناقض السياسى فى علاقات الإنتاج والمعروفة بالصراع الطبقى هذا النظام العالمى الجديد هو ما يعرف بنظام سياسة السوق العالمية والتى بها أبدت الرأسمالية العالمية وجودها الإجتماعى بنفيها للمجتمع الطبقى وإستبداله بمجتمع السوق أو بمعنى آخر المجتمع الإستهلاكى .
هذا المجتمع الإستهلاكى الذى دشنه قراصنة النظام الرأسمالى العالمى أصحاب الشركات العابرة للقارات بفرض الكونية الإجتماعية بأدواتها العالمية المهيمنة والمتمثلة إقتصاديا فى البنك الدولى وصندوق النقد الدولى ومنظمة التجارة العالمية والتى هى مظهر سياسة السوق العالمية والمتمثلة سياسيا فى المراكز الإقليمية الدولية لنظام العولمة بدءا من المركز الرئيسى فى الولايات المتحدة فالمركز الأوربى ثم المركز اليابانى نهاية بسيطرة هذه المراكز على المنظمة الدولية أو الأمم المتحدة بما ينبثق منها وخاصة مجلس الأمن الأممى والذىأصبح بفصله السابع وحلف الأطلنطى القوة الضاربة للنظام الرأسمالى العالمى والحامية له .
وبما أن لكل مجتمع بنيته الإجتماعية فإن مجتمع الحضارة الإنسانية التاريخى يعرف ببنيته الإجتماعية الإنتاجية وهى بنية طبقية ويعتبر اليسار العالمى هو الحارس الأمين لهذه البنية الإجتماعية ذلك لأن تطورها التاريخى يصب فى حماية الإنسانية بالحد من إستغلال الإنسان لأخيه الإنسان وأن تطور التراث الثقافى الإنسانى يحمل هذه البنية التاريخية الإنتاجية عبر الصراع الحضارى التاريخى حتى نشأة النظام الرأسمالى وتطوره الإشتراكى والذى أعلن عن وجوده التاريخى وصيرورته التاريخية حتى بعد تفكك الإتحاد السوفيتى فى بناء دولته الإشتراكية فى القارة الأمريكية الجنوبية بأمثلة البرازيل وفنزويلا والحارس الكوبى التقليدى .
ومن هذا المنطلق أصبح على اليسار العالمى تحمل مسؤلياته التاريخية فى الصراع العالمى ضد الطرف المهيمن والمسيطر فى الحفاظ على الحدالأدنى من بنيته الإجتماعية الإنتاجية والتى تتمثل فى نفية للأحادية الإقتصادية المتمثلة فى النيوليبرالية بالتمسك بالإعتراف بالآخر والديموقراطية والتمسك بمبدأ العدالة الإجتماعية التى تحمل ميراث المجتمع الطبقى وثقافته التاريخية وعلى اليسار العالمى وجناحه العربى أن يخوض صراعه المرحلى بتبنى مبدأ العدالة الإجتماعية والديموقراطية نافضا عنه شوفونيته والتى تجنح به إلى تبنى الفكر الأصولى اليسارى ليشارك بذلك منهجيا فكر النظام الإستهلاكى فى الأحادية والأصولية .
إن هذه المسؤلية التاريخية التى تقع على عاتق اليسار العربى والعالمى فى الحفاظ والدفاع عن المجتمع الطبقى العالمى هى مسؤلية الحفاظ على الإنسانية ومسارها التاريخى التطورى والذى بنفيه تتوجه الإنسانية إلى مرحلة الفناء .
يتحدد هذا من البنية المقابلة فى الصراع والتى أرستها الرأسمالية العالمية لتأبيد هيمنتها وسيطرتها حتى لو أدى هذا إلى التدمير الحضارى للإنسانية .
هذه البنية والتى تحددت ببنية الإستهلاك وسياسة السوق وهى النافية للإنتاج والطبقية بإحلال الطائفية والإثنية محل الطبقية الإجتماعية وإن إحلال الفكر الطائفى والمذهبى والإثنى محل الفكر الطبقى الناتج عن المجتمع الإنتاجى الجامع ينتج هذا الإحلال فكر الأحادية والأصولية وأن تبنى الأفكار الأصولية والأحادية تنفى الآخر ولا تعترف به ويتحول الصراع من الصراع الطبقى المنبثق من العلاقة الإنتاجية التنموية إلى صراع طائفى إثنى ينبثق من الأفكار العنصرية الناتجة عن نفى العقلانية وإحلال الغرائزية العصبية محل العقلانية وفى هذا المجال لابد لليسار العربى والعالمى إعادة إنتاج فكر فلاسفة عصر التنوير وأهمها حقوق الإنسان كحق التعبير عن الرأى وحقوق المرأة وحق الإعتراف بالآخر .
إن بنية الإستهلاك وسياسة السوق والتى تعمل على تركز الإنتاج العالمى فى مناطق معينة نتيجة الجشع الرأسمالى الأحادى فى الإستئثار بكامل الربحية هذا الإشتئثار الذى أنتج الشركات العابرة للقارات والتى كان من ضمن أهدافها البحث عن اليد العاملة الرخيصة والذى نتج عنها الإنتقال من القطرية والإقليمية إلى الكونية تاركة ورائها فراغ قطرى فى الإنتاج نتج عنه بطالة اليد العاملة وبالتالى أصبحت الطبقة العاملة طبقة مهمشة فى المجتمعات التى نزحت عنها الشركات العابرة للقارات وفى المجتمعات التى جعلتها هذه الشركات سوقا لتصريف منتجاتها وهذه الأخيرة هى بالضرورة مجتمعات منتجة للمواد الأولية التى تساهم فى العملية الإنتاجية العالمية ومن أهم هذه المواد إنتاج خام النفط الباعث على إدارة عجلة الإنتاج العالمى .
إنه لإعتماد سياسة السوق والمجتمع الإستهلاكى لابد من فرض السيطرة على مجتمع السوق الإستهلاكى بوجود قوى إجتماعية تمرر هذه السيرورة وتعمل على كبح جماح قواها الإجتماعية بإعتماد سلطة إستبدادية كرافد من روافد البنية الأيديولوجية لسياسة السوق فالإستبداد أحد ملامح الفكر الأحادى والذى لايعترف بالآخر على أن تكون هذه السلطة الإستبدادية مسيطرة من داخل الهيمنة العالمية للرأسمالية العالمية وعلى الطرف المهيمن أن يوفر الآلية الفكرية والفعلية لحماية هذه السلطة بفكر وأدوات الدولة البوليسية والتى تحمى هذه السلطة من ثورة الجماهير الغاضبة فى مجتمعاتها والتى قد هد من قواها فقرها وعوزها .
إن هذه الآلية والتى أنتجت سلطة إستبدادية متحالفة مع الطبقة الإجتماعية الناشئة من سياسة السوق والتى تدير أعمال الرأسمالية العالمية وتشاركها أرباحها لتأبيد الهيمنة العالمية قد عملت على تفريغ المجتمع من قواه الإنتاجية بدفع هذه القوى قصرا إلى الهجرة نتيجة الفقر والعوزهذه الهجرة التى بدأت بهجرة العقول أو النخبة إلى المجتمعات أو المراكز الرأسمالية للإستفادة منها فى مسيرة التطور العلمى والتكنولوجى ثم أتبعها هجرة اليد العاملة فى البلدان النفطية والتى تجمع لديها تراكم رأسمالى مطلوب إستهلاكه .
إن من بين آلية المجتمعات الإستهلاكية هو تحول الرأسمال من رأسمال إنتاجى إلى رأسمال مالى لابد من العمل على إستهلاكه وأن توافر مسارات إستهلاك هذا الرأسمال المالى لابد من إتاحتها وأهم هذه المسارات هوالمسار العسكرى والذى تكرس نتيجة عدم الإعتراف بالآخر والعداء معه نتيجة وكما أسلفنا فى أهم هذه الروافد تكريس الفكر الطائفى والأصولية الغرائزية على المستوى الإقليمى والخوف من الآخر القطرى الشريك المنفى داخل المجتمع والمطلوب عمل الإستعدادات الدفاعية للقمع حال الثورة .
أيضا إن من أهم أوجه الإستهلاك هو الإستهلاك العقارى الغير منتج والمستهلك لما هو منتج مع توفير الإحتياجات اللازمة لهذا الإستهلاك كالحديد والأسمنت والطوب ومواد الابناء الحديث .
إن دور اليسار العربى أن يضع كافة مكونات المجتمع الإستهلاكى نصب أعينه من بداية النشاة وتطورها لحالة مجتمعنا العربى حتى يتسنى لهذا اليسار التعامل مع هذه المكونات حتى يعمل على إستعادة بنيته الإجتماعية الأصيلة للنهوض بهذا المجتمع العربى وتوجهه فى إتجاه التنمية بإعتماد الإنتاج والعدالة اإجتماعية والديموقراطية .
إن أهم هذه المكونات الأصولية السلفية هذه الأصولية التى عملت على إستثمار الوازع الدينى لتبنى عليه وقد تم إعتماد الأصولية الإسلامية منذ نشأة الحركة الوهابية من منتصف القرن الثامنةعشر فى المملكة الععربية السعودية .
فى المقابل وفى نفس القرن وعندما أشرف القرن على نهايته نشأت الأصولية اليهودية بإنشاء الحركة الصهيونية العالمية والتى جعلت من فلسطين وطنا لها ومبعثا لإشعاعاتها .
فى المقابل نشأت حركة التحرر الوطنى العربية وإعتمدت القومية العربية كتراث حضارى لها وقد نشأت من تماس الحضارة العربية مع الحضارة الغربية بواسطة مسيحى الشرق وخاصة المارونية المسيحية اللبنانية والتى بدأت بتأسيس الحزب القومى السورى ثم بعد ذلك تأسيس حزب البعث العربى الإشتراكى .
فى مصر نشأت الدولة المصرية الحديثة فى بداية القرن التاسع عشر مع عهد محمد على وكان من إنجازات هذه الدولة القضاء على الفكر الوهابى السعودى وتكوين جيش مصرى قوى لم يستمر طويلا ولكن كان من إنجازات الدولة المصرية الحديثة الإستنارة الفكرية والإعتدال الدينى ونبذ الطائفية بتعانق الهلال مع الصليب فى مواجهة الإحتلال الإنجليزى فى ثورة 1919 م بزعمة سعد زغلول الأمر الذى بنى على مقتضاه نشأة حركة وطنية مصرية لمواجهة الإحتلال الإنجليزى ومواجهة الأصولية الصهيونية فى فلسطين المحتلة ومع نشأة الفكر الناصرى القومى والذى تقاطع مع الفكرى القومى البعثى تمحورت حركة التحرر الوطنى حول الصراع العربى – الصهيونى على أرضية عربية تتبنى الأفكار التنموية الإشتراكية لتحقيق مبدأ العدالة الإجتماعية ومقاومة الفقر الناتج عن الطبقية المجتمعية وفى نفس الوقت محاربة الصهيونية العالمية .
مع تنامى الحركة الوطنية التحررية وصراعها مع الأصولية الصهيونية كان لابد وبالضرورة دخولها فى صراع آخر مع الرجعية العربية والأصولية الوهابية والتى نهضت بالإنتعاش النفطى الأمر الذى أدى فى النهاية إلى كارثة الإخفاق مع الأصولية الصهيونية فى عام 1967 م والتى تم الحشد العربى لها مع تأجيل الصراعات العربية حتى تحققت للأمة العربية إزالة الإخفاق والنصر على العنصرية الأصولية الصهيونية فى العام 1973 م .
فى هذه الحقبة كانت الإمبريالية الأمريكية الحليف الإستراتيجى للصهيونية العالمية على أبواب أزمتها المالية الكبرى والتى حشدت لها كافة المراكز الإمبريالية فى أوربا الغربية واليابان ونتيجة هذا الحشد تم الإنقلاب على النظام الرأسمالفى العالمى التقليدى وإعتماد نظام رأسمالى عالمى جديد بفضل السيطرة الإمبريالية على الكون بإتفاق منح إطلاق يد الإمبريالية الأمريكية فى طباعة أوراق النقد لتخطى أزمتها الرأسمالية هذا الإنقلاب الذى ظهرت معه الأصولية المسيحية فى أمريكا بما يعرف بالمحافظين الجدد .
لقد تبنى هنرى كسنجر اليهودى الصهيونى الأمريكى العمل على تنامى أصولية المحافظين الجدد ورسم السياسة الأصولية العالمية بإنشاء أصولية مصرية – ساداتية بعد حرب 1973 م على أنقاض الفكر الناصرى المصرى القومى وعلى دعم الأصولية الوهابية التى دعمت الأصولية المصرية بالمال النفطى وإنجاز إتفاقية كامب ديفيد بالصلح مع الكيان الصهيونى ومع تنامى الأصوليات السلفية العربية فى ثالوث السعودية ومصر والأردن ومع ربط هذه الأصوليات عن طريق مصر والأردن بالأصولية الصهيونية نتيجة إتفاقيات المزلة والعار كان لابد وبالضرورة أيضا القضاء على إنجازات حركة التحرر العربى فى العهد الناصرى والتخلص من المكونات الإقتصادية التنموية المصرية بنظام الخصخصة وإدخال مصر التنموية والقوة العربية الأكبر فى سياسة السوق والإستهلاك وفتح الطريق أمام المال النفطى والذى عمل بدوره على تنمية الأصولية المصرية ودعمها ماليا خاصة عندما أطلق كسينجر صيحته حى على الجهاد لمحاربة العدو السوفيتى الكافر فى أفغانستان وإنطلقت خيرة شباب مصر لتلبية الجهاد فى أفغانستان تحت عباءة الأصولية السلفية وبتنحى التنمية فى مصر نتيجة سياسة السوق ببيع القطاع العام هاجرت النخبة المصرية إلى بلاد العم سام كما هاجرت اليد العاملة المصرية إلى دول الخليج النفطية وعمل هنرى كسينجر مهندس السياسة الأصولية والسوقية على تهجير مسيحى لبنان وفلسطين إلى الغرب الأوربى والأمريكى وفى هذا الخضم قام الكيان الصهيونى بإحتلال لبان وقامت أمريكا بالتمهيد لإحتلال العراق حتى إحتلتها فى العام 2003 م بعد إحتلالها لأفغانستان بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 م والتى دشنت الأصولية العالمية مع الأصولية الأمريكية للمحافظين الجدد .
إن التحالف الأصولى السلفى بين المحافظين الجدد والأصولية الصهيونية والأصولية السلفية العربية ذات المسحة الوهابية والتى سيطرت على مناحى الحياة السعودية والمصرية والأردنية والسنية اللبنانية المتحالفة مع الأصولية المسيحية فى لبنان قد تم كشف الغطاء عنه بإطلاق صيحة السيدة كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية لحكومة المحافظين الجدد أثناء الحرب على لبنان فى العام 2006 م عندما قالت أن مايحدث فى لبان ما هو إلا مخاض ولادة لشرق أوسط جديد هذا الشرق الأوسط الجديد هو شرق أوسط أصولى طائفى مذهبى إثنى يحقق إعادة رسم الخريطة العربية طبقا لمبادئ سياتسة السوق الإستهلاكية والتى تعمل على تأسيس المجتمعات العربية بناءا على الطائفة والمذهب والإثنية العرقية فهل يتحمل اليسار العربى مسؤلياته التاريخية للحفاظ على البنية الإقتصادية التنموية وعلى الحفاظ على المجتمع الطبقى فى مواجهة المجتمع الطائفى ؟
إنها مسؤلية اليسار فى مواجهة الإمبريالية العالمية .



#محمود_حافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسار العربى ومأزق الحرية الإنسانية
- اللحظة الحاسمة .... الحتمية التاريخية لخيار الأمة
- يوم الحرية .. روح الحرية ........حول تداعيات القراصنة والمجز ...
- القراصنة ..... مجزرة إسرائيلية فى عرض البحر
- يحكى أن ........ فى الإستراتيجية والتاريخ
- الأول من مايو ( آيار )
- سفيرة فوق العادة
- نظرية المؤامرة ... وإستهدافها للشعب المصرى والعربى
- نهب مصر
- من يعادى من ...... فى الصراع
- فى يومك أعلى هامتك
- إستراتيجيةكسب القلوب والعقول ....... حال المرأة
- ملف الثروة السمكية فى مصر __ حكاية بلد إسمها كفر الشيخ -3 مي ...
- ملف الثروة السمكية فى مصر __ حكاية بلد إسمها كفر الشيخ =2
- ملف الثروة السمكية فى مصر __ حكاية بلد إسمها كفر الشيخ -1
- ممارسات العولمة
- مصر .. والفتنة الطائفية
- اليسار العربى .. تفكك أم إعادة تشكل
- المرأة .. والبترودولار .. إلى نادين
- هنيئا لنا بالحوار


المزيد.....




- -الأغنية شقّت قميصي-.. تفاعل حول حادث في ملابس كاتي بيري أثن ...
- شاهد كيف بدت بحيرة سياحية في المكسيك بعد موجة جفاف شديدة
- آخر تطورات العمليات في غزة.. الجيش الإسرائيلي وصحفي CNN يكشف ...
- مصرع 5 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور القناة من فرنسا إلى بريطا ...
- هذا نفاق.. الصين ترد على الانتقادات الأمريكية بشأن العلاقات ...
- باستخدام المسيرات.. إصابة 9 أوكرانيين بهجوم روسي على مدينة أ ...
- توقيف مساعد لنائب من -حزب البديل- بشبهة التجسس للصين
- ميدفيدتشوك: أوكرانيا تخضع لحكم فئة من المهووسين الجشعين وذوي ...
- زاخاروفا: لم يحصلوا حتى على الخرز..عصابة كييف لا تمثل أوكران ...
- توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود حافظ - اليسار العربى فى مواجهة التحدى الإمبريالى