أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طارق حجي - خواطر لندنية















المزيد.....

خواطر لندنية


طارق حجي
(Tarek Heggy)


الحوار المتمدن-العدد: 3236 - 2011 / 1 / 4 - 18:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الدانة الأولي : جريمة رأس السنة التى وقعت بكنيسة القديسين بمدينة الإسكندرية منذ أقل من أسبوع هى أحد أبشع الجرائم التى إرتكبتها يد الإرهاب فى مصر المعاصرة منذ شهدنا أول جريمة قتل بإسم (ولإرضاء) الرب فى 1948... ورغم جدية ما يقال عن "الخارج" ، فإن مناخ إقتراف مثل هذه الجرائم فى حق شركاءنا فى الوطن هو "مناخ داخلي" بإمتياز . فالتعليم المتخلف الذى يلف غير المسلم بشارة الكفر ، ليس عاملا خارجيا . والمؤسسات الدينية التى تبذر كل دقيقة بذور الرفض للآخر وإدانه بالكفر وتحديد موقعه فى جهنم من الآن ، ليست عاملا خارجيا . وصخب الطقوس الصارخة فى كل مكان على تراب مصر ليس عاملا خارجيا . والإعلام الديني منبت الصلة بالعصر وقبول الآخر والتعددية وقيم العيش المشترك ، ليس عاملا خارجيا . وعدم وجود الأقباط بالعديد من المؤسسات والجهات ليس عاملا خارجيا . ووجود نظام تعليمي يمثل خمس (20%) المؤسسات التعليمية المصرية لا يدخله الأقباط (المواطنون ودافعوا الضرائب) ، ليس عاملا خارجيا . ان جريمة ليلة رأس السنة (منذ أيام) هى علامة فارقة بين مرحلتين من تطور أداء الأصولية فى مصر . وفى إعتقادي انه ما لم تتوفر فى مصر نظم تؤسس العلاقة بين المصريين وبلدهم على أساس المواطنة ، وبدون دولة مدنية صرف ، وبدون حلول جذرية لمشكلات ومعاناة الأقباط فى مصر ، فإن مصر ليست فى نهاية مرحلة سيئة بقدر كونها فى بداية مرحلة أسوأ . لقد كتبت خلال السنوات العشر الأخيرة أكثر من عشر مقالات تسلط الضوء على معاناة الأقباط فى مصر (معظم هذه المقالات نشرها "الحوار المتمدن") ونحذر من تطور معاناتهم لمحن أشد خطورة ، كما كتبت منذ سنة مقالا باكيا عن جريمة قتل الأقباط أثناء مغادرتهم لكنيستهم بمدينة نجع حمادي بصعيد مصر ليلة 6/7 يناير 2010 . وكنت أظن يومها أن جريمة نجع حمادي قد سببت لي ذروة الحزن والألم على جرح بفؤاد مصر . ولكن حزنى والمي ووجعي ليلة 31 ديسمبر 2010 / 1 يناير 2011 كان أكبر وافدح وأوجع

الدانة الثانية : عام 1990 إتصل بي تلفونيا الأستاذ / منير عساف ، مدير مكتب الأستاذ محمد حسنين هيكل ، وأوصلني بالأستاذ الذى كنت أحادثه لأول مرة . قال لي الأستاذ بتواضع (لا علاقة له بالتواضع) : متى ستشرح لي قصة الصراع على البترول فى التاريخ الحديث للشرق الأوسط ؟!؟ ... بعد يومين كنت أدلف لمكتبه على الضفة الغربية لنيل القاهرة وفى يدي كتاب ضخم بالإنجليزية عن الموضوع الذى سنتحدث عنه . من بعيد سمعت الأستاذ يرحب بي وهو يقول : هل هذا كتاب "فلان" الأستاذ بهارفارد ؟ ... أية طبعة هو ؟ ... كان محقا ، وكنت مبهورا بالأستاذ الذى لا يغيب عنه كتاب . أسعدني أنني أتيت له بطبعة أحدث وبها الكثير من الإضافات . وخلال السنوات العشرين منذ هذا اللقاء الأول ، إلتقيت بالأستاذ مرات عديدة ، فى مكتبه على نيل القاهرة وبمزرعته بمنطقة المنصورية (شمال غرب القاهرة) وببيته بالساحل الشمالي لمصر وفى لندن ، كما شرفت بزياراته لي ببيتي بمصر الجديدة أكثر من مرة (بل انه فى مرة منها جاء قبل موعد الدعوة بأسبوع !! ) . وغني عن الذكر أنه لا يوجد شيء كتبه الأستاذ بالعربية أو بالإنجليزية إلا وطالعته بروية . ورغم أن هناك إختلاف جذري بين رؤية الأستاذ ورؤيتي لعالم ما بعد الحرب الباردة ، فإن إعجابي وإكباري له هما بلا حدود . ولا أظنني أبالغ إذ أقول أننا لو دمجنا أكبر مائة صحفيين عرب خلال القرن الأخير فى قامة واحدة ، فإن تلك القامة لن تصل لربع قامة الأستاذ هيكل . ولا أظن أن مناخا عربيا غير مصر يمكنه إفراز مثل هذه السبيكة . فى اللقاء الأول (الذى طلبه الأستاذ لأشرح له قصة الصراع على البترول والقوة فى الشرق الأوسط) ما أن بدأت الحديث مستهلا بخلفية تاريخية تعود لأواخر القرن التاسع عشر حتى فاجأني الأستاذ بقوله : هل صدقت أنني أردت أن نلتق من أجل هذا الموضوع ؟ ... قلت : ولم إذن !؟ ففاجأني بسؤال لم يحن وقت ذكره . أظهر لي هذا السؤال الأعماق الإستثنائية لهذا الرجل الفريد من نوعه . ذات مرة ، دعاني الأستاذ للغداء معه فى لندن (مع زوجتينا) . أثناء الغداء سالته عن خلفية مجيء "فلان" للحكم . فروي لي ما لم أشاهده مكتوبا قط ! عندما توفت والدتي (يناير 2008) جاءتني رسالة شخصية منه عن معرفته بالفارق بين موت الأم وأي موت آخر ، كانت نصا أدبيا عبقريا مفعم بالروعة والصدق والحرارة . وعندما يتطاول عليه "أولاد" لا تصل قاماتهم لكعبه ، أضحد من مهازل واقعنا . أقول كل هذا ، وأنا أكرر أن المسافة بين رؤية الأستاذ لعالم ما بعد الحرب الباردة ورؤيتي أنا لهذا العالم هى أوسع من المحيط الهادي . ولكن يبقي الأستاذ معلما من أكبر معالم مصر المعاصرة

الدانة الثالثة : لم تصر الإمبراطوية الرومانية القوة العظمي الكبري فى زمانها بالإنتخاب ! او بسبب شعبيتها وحب البشر لها ! فقد كان خصومها يلقون للأسود ليأكلوهم أمام الحكام الرومان والشعب الروماني . ولم تصر الإمبراطورية البريطانية القوة العظمي فى زمانها بالإنتخاب ! او بسبب شعبيتها وحب البشر لها ! فقد كانت مدافعها تدك حصون ومدن خصومها حتى تسويها بالأرض . وبالمثل ، فان الولايات المتحدة الأمريكية لم تصبح القوة العظمي فى زماننا بالإنتخاب ! او بسبب شعبيتها وحب البشر لها . وبينما يصر أصحاب العقول التى تكونت وفق معطيات حقبة الحرب الباردة على التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية بنهج يسمونه "نهج المقاومة" (وهو فى الحقيقة نجه صراع ومواجهة وحرب بسلاح وبدون سلاح) ، فإن الذين يفهمون مكونات القوة العظمي وآليات صيرورتها هكذا (قوة عظمي كبري ووحيدة فوق الكرة الأرضية) يعتقدون ان نهج المواجهة مآله أن يصير أعضاؤه مثل كوبا وروسيا البيضاء وكوريا الشمالية (وفى الطريق : إيران وسوريا) . أما النهج الناجع والفعال فهو خلطة ما بين النهج الأوروبي والنهج الصيني والنهج الياباني ، وهو نهج يتصارع بأدوات اللعبة ، بينما يحاول أعضاء نادي المقاومة ان يخوضوا الصراع بأدوات حقبة الحرب الباردة

الدانة الرابعة : ما تفعله الصين (التى يحكمها حزب شيوعي) دليل ساطع على موروث حضاري مذهل من الحكمة والواقعية وبعد النظر . فعوضا عن الإنشغال بجدل (عقيم فى الأغلب) حول جدوي التحول لإقتصاد السوق ، فإنها توقف "الجدل" وتفتح المجال أمام "العمل" . فبدلا من إهدار الطاقات فى الجدل (وهو ما يدمنه البعض ! ) ، فإن الصين سمحت بتجربة متحررة كلية من ضوابط الإشتراكية فى مساحة صغيرة بشرق الصين . فلما تجلت ملامح النجاح (الباهر) للتجربة القائمة على آليات الإقتصاد الحر ، سمح "الحزب الشيوعي" بتوسعة المجال الجفرافي للتجربة ، حتى أصبح "شرق الصين" كله هو مجال التجربة . ومع ذلك ، فإن الحكمة الصينية لم تسمح بوجود (ناهيك عن إتساع) جدل حول التناقض القائم بين إسم الحزب الحاكم ( أي الحزب الشيوعي الصيني ) وبين طبيعة الحركة الإقتصادية التى تعمل كخلية نحل جبارة بشرق الصين ، والتى (وحدها) ما جعل معدل النمو الإقتصادي السنوي للصين (برمتها) يتصدر كل معدلات النمو الإقتصادي فى العالم بأسره ، كما أن هذه الحركة الإقتصادية (فى شرق الصين) هى (وحدها) ما جعل الصين مؤخرا تتبوأ موقع ثاني أكبر إقتصاد فى العالم بعد إقتصاد الولايات المتحدة ، ومتجاوزة بذلك (لأول مرة ) الإقتصاد الياباني . منذ عشرين سنة ، كنت أحاضر (ضمن برامج الماجيستير فى إدارة الأعمال) عن "إدارة الجودة" . وكنت حريصا على أن أسلط الضوء على شخصية أمريكية ذائعة الصيت وأعني شخصية البروفيسور ديمنج (ديمنغ) الذى يشار اليه كثيرا كأب لعلم إدارة الجودة فى القرن العشرين والذى كثيرا ما ردد أن المكونات الثقافية لليابانيين (ولو عاش لليوم لتحدث عن المكونات الثقافية للصينيين) هى التى سمحت بتطبيقات أكثر نجاعة لتقنيات علوم الإدارة الحديثة بوجه عام ولآليات علم إدارة الجودة بوجه خاص

لندن : 3 يناير/كانون الثاني 2011



#طارق_حجي (هاشتاغ)       Tarek_Heggy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خواطر وشذرات
- دانات - بمناسبة تحرر الشيطان من أغلاله الرمضانية !
- حجر الأساس للإصلاح في المجتمعات العربية.
- د.طارق حجي في حوار مفتوح مع القراء والقارئات حول العلمانية و ...
- سجون العقل العربي - النص الكامل
- موجز الكلمة التى سيلقيها طارق حجي بجامعة الزيتونة بتونس يوم ...
- عن كتاب فذ : الإختلاف فى الثقافة العربية - دراسة جندرية للبر ...
- أدبيات تحقير الاسلام : الى اين ؟
- ثقافتنا: ... بين الوهم والواقع (كتاب أصدرته -دار أخبار اليوم ...
- اختلال الميزان فى مقال الامير سلمان !
- ثلاث معضلات متداخلات
- ياسمين يحي ومقالها البديع عن الوهابية
- مقدمة مقال حديث مطول (غير منشور) عن أزمة الهوية فى مصر
- دانات منتخبات (مقالات قصيرة جدا) .
- لا تقدم بدون -حقوق كاملة للمرأة- ...
- الآثار : بين العلماء والتجار !
- لماذا نحن عاجزين عن ركوب قطار الحداثة ؟
- التحدي الاكبر للمجتمعات العربية : التعليم
- مفتي السعودية : المدّعون أن الكسوف والخسوف ظواهر كونية مخالف ...
- دانات لندنية ... (2)


المزيد.....




- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طارق حجي - خواطر لندنية