أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد نبيل الشيمي - قراءة في احداث تونس















المزيد.....

قراءة في احداث تونس


محمد نبيل الشيمي

الحوار المتمدن-العدد: 3236 - 2011 / 1 / 4 - 16:43
المحور: حقوق الانسان
    


بعد صمت وعزوف عن الحديث حول احتجاج مواطنو مدينة سيدى بوزيد على اوضاعهم الاحتماعية في احتجاجات واسعة النطاق ضد ما يعتبرونه ظروفا اقتصادية واجتماعية غير عادلة خرج الرئيس زين العابدين بن علي علي شعبه بخطاب مليئ بالمغالطات ويرى فيما يحدث استغلالا سياسياً للاحداث الاجتماعية ....ويتهم المتظاهرين بانهم قلة مارقة مأجورة تعبث بالسلام والامن الاجتماعى ... دون ان يسأل نفسه أو يراجع ضميره لماذا يقدم شاب فى مقتبل العمر على الانتحار حرقا ؟
... كنت اود ان اختيار لعنوان هذا المقال ( نكتة بايخة ) كما يقول المصريون عندما لا يستحسنون ما يذكر امامهم من نكات .... وما قاله الرئيس التونسى هو نكته بايخة بكل المعايير والمقاييس – وهى سمة مشتركة للحكام فى دول العالم المتخلف ... قبلها قال السادات على انتفاضة المصريين عام 1977 بانها انتفاضة حرامية وها هو بن على يسير على الدرب .... ومن سار على الدرب هلك !!
اعود الى الموضوع ....... لماذا خرج الشعب التونسى من شمال البلاد الى جنوبها – ومن شرفها الى غربها فى مظاهرات الاحتجاج ؟
الواقع ان التونسيين بعد صبر طويل اقتنعوا ان لا سبيل امامهم للحصول على حقوقهم المسلوبة سوى الانتفاض وعدم قبول الواقع المهين ادركوا انهم ميتون وهم احياء....وكان الشاب الجامعى محمد البوعزيزى هو شعلة الانتفاضة وقدم نفسه ضحية لمطالب الشعب المشروعة .
استقر فى نفوس التونسيين ان لا امل فى نظام مستبد وحاكم طاغية تسانده زمرة من المنتفعين وتشد من ازره دوائر غريبة بعينها ساعدته عندما كان أحد اركان نظام بورقيبة في الانقضاض على الحكم .وبدا بعد ذلك حملة اضطهد فيها معارضيه وغيب منهم الكثير ما بين النفي القسري وسراديب السجون..وهكذا........
الشعب التونسى محروم من اهم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التى اقرتها الاديان والشرائع السماوية والوضعية .... وهذا ايضا حالنا كعرب فكلنا فى الهم شرق ... فماذا عن هذه الحقوق الضائعة بفعل الاستبداد والفساد والطغيان وغياب المساءلة ؟ ببساطة شديدة الشعوب العربية تعانى من انتفاص حقها الانسانى اى انهم تفتقد ابسط المعايير التى تمكنها من العيش بكرامة ... وهى حقوق لا تشترى ولا تمنح ولا تورث .... ولكن هى فى العالم العربى عكس ذلك تماما ومن ثم فان ما يحدث يمثل كارثة بكل المعايير يجب الوقوف امامها كثيرا ... فالشعوب العربية تعانى اشد المعاناة من عدم تحقيق العدل الاجتماعى وتكافؤ الفرص والسائد فى مجتمعاتنا يجمع بين كل مفردات الظلم والقهر والاستلاب واقصاء الاخر ... ولنرصد بعضا من الشواهد التى اصبحت سمه لحياتنا فعلي الجانب الاقتصادي نجد ان هناك ارتفاعا مستمرا في ارتفاع معدلات البطالة وهى بلا شك من ابرز التحديات التى تواجها فى العالم العربى ( باستثناء بعض دول الخليج ) والبطالة فى حد ذاتها تنعكس فى صورة ارتفاع مستويات الفقر فالذين لا يجدون عملا لا يجدون ما يسدون به رمقهم ويرى الاقتصاديون ان هناك علاقة طردية بين البطالة والفقر فى اى مجتمع وكلما ارتفعت معدلات البطالة ارتفع معها عدد الفقراء – ومن المعروف ان الحق فى العمل هو احد الحقوق التى اقرها الاعلان العالمى لحقوق الانسان فى عام 1948 وهى حقوق ملزمة قانونا . وتتمثل الحقوق فى شروط توظيف عادلة ونزيهة والحماية من العمل القسري أو الاجبارى والحق فى تشكيل تقابات والانضمام اليها ... ونتساءل أين هذا الحق فى مجتمعاتنا العربية ومنها تونس والتى كانت احد اسباب الانفجار ؟ هذا الحق مهان ومهدر بعد ان ساد هذه المجتمعات مبدأ توريث الوظائف بغض النظر عن الكفاءة والخبرة ... ونرى بأم اعيننا فى مصر على سبيل المثال أبناء اساتذة الطب يصبحون اساتذة فى كليات الطب من خلال مجاملات الاساتذة لبعضهم البعض وليس بعيد عنا ما قام به أحد وكلاء طب القاهرة من محاولة لتعديل درجات نجله كى يلحقه مسلك التدريس وابناء القضاه يصبحون قضاه بالوراثة – وعندما نقرأ نعيا لاأحد القضاه نادرا ما نجد أن من ذويه احدا لا يعمل قاضيا أو وكيلا للنائب العام وغير ذلك من الهيئات القضائية ..... وهلم جرا .... وهنا يفقد الشباب الثقة فى كل شىء بداية االنفس انتهاء بالوطن ويتحول بعض منهم الى مواطنين غير اسوياء بعضهم ينخرط فى عصابات البلطجة والجريمة .... وأخرون لا يجدون سوى المنظمات الدينية والسلفية المتشددة التى تجد فيهم بذرة ارهاب ملائمة للنمو والاستعداد لممارسة الاعمال الارهابية .... ومن ثم يفقد المجتمع جزءا عزيزا من حاضره وربما كل مستقبله ناهيك عن ضياع ما اتفق على هؤلاء من اموال خلال مراحل تعليمهم .. ومن الناحية الاقتصادية فان البطالة تعد أحد اشكال الهدر للموارد البشرية وعندما يفشل المواطن فى الحصول على فرصة عمل شريف ومناسبا قد يندفع تحت ضغوط الحياة الى ما يسمى بظاهرة الاتكال على الغير ( الاباء / الاقارب ) وهو ما يثير فى داخله مشاعر الاحباط ويفقد الرغبة فى الحياة وتنمو فى داخله قيم سلبية كالغيرة والحسد والكراهية .وقد ينتهى الامر به بالاصابة بالامراض النفسية كالاغتراب وانفصام الشخصية.وكراهية الحياة.. وهذا ما حدث فى تونس تحديدا وان كان محمد البوعزيزى قد رأى ان الخروج من الدنيا اهون بكثير من البقاء فيها ذليلا محتاجا فان غيره من الشباب سيكون هدفا سهلا لعصابات الجريمة ... ومصدرا للتوتر الاجتماعى ويكون له دور فاعل فى زيادة حالة الاحتقان وتأزم العلاقة بين السلطة والشعب .... قد تقدم الحكومات على مواجهة حركات الاحتجاج باجراءات انتقامية أو تحفظية بما يعمق فى بؤرة الخلاف وزيادة الاحتقان وزعزعة الثقة بين الشعوب وأجهزة السلطة ... وهى بكل المقاييس لها نتائجها المدمرة على الاقتصادات القومية حيث تتعطل المؤسسات والمصالح وكافة الانشطة الاقتصادية وتهرب الاستعمارات وتزيد الحكومات من مخصصات أجهزة القمع لمواجهة المحتجين .
ثم ان من ضمن الحقوق التى تظمها الاعلان العالمى لحقوق الانسان الحصول على اعلى مستوى يمكن بلوغه ااصحة البدنية والعقلية بما فى ذلك الحق فى التمتع بظروف معيشية صحية والحق فى الحصول على خدمات صحية ملائمة ومقبولة .......ونتساءل هنا هل المواطن العربى يتمتع بهذا الحق ؟.... ازعم ان هذا لا يحدث فى عالمنا العربى .... اصبح العلاج المجانى شىء تتناقله الاساطير ...... واصبح يسيطر على سوق العلاج كغيره من النشاطات الاقتصادية مجموعة من رجال الاعمال الذين حولوا مهنة الطب الى تجارة تقوم على مبدأ الربح ...... اليس هذا داعيا للاحنجاج والخروج على الانظمة ؟ اصبح العلاج قصرا على ابناء الطبقات الغنية وابناء كبار رجال الدولة وذويهم – اما الفقراء فليبحثوا عن قبور تأويهم . ثم نأتى الى الحقوق الاخرى ومنها الحق فى الحصول على مأوى ملائم وضمان تملكه والحماية من الاجلاء القسري والحق فى الحصول على مأوى صالح للسكن بتكاليف محتمله فى موقع مناسب وملائم ثقافيا .... هل تحقق هذا الحق ؟..... لم تعد الدولة فى العالم العربى معنية ببناء مساكن للفقراء ومحدودى الدخل ....... ويتم التصرف فى املاك الدولة التى هى جق اصل للشعوب لعدد محدود من رجالات الاعمال باسعار مضحكة لبناء الفيلات والمنتجعات فى الوقت الذى يزيد فيه سكان القبور من الاحياء بأكثر من الذين تحتضن القبور رفاتهم ..... اما حق الحصول على الغذاء الملائم والتحرر من الجوع والحق فى الحصول على ذلك فى كل الاوقات .... فحدث ولا حرج – الحكومات رفعت ايديها عن دورها فى توفير الطعام وتركت الامور كلها لزمرة من المضاربين فى اقوات الشعوب والذين يحتكرون ويفرضون ماشاءوا من اسعار وليس ببعيد عنا الانفلات الحاد فى اسعار الغذاء فى العالم العربى ....... والعلاقة الطردية بين ذلك وبين امراض سوء التغذية وغيرها من امراض تهدد بل وتعصف بصحة المواطنين ولعل الاحصاءات التي تصدرها منظمة الصحة العالمية تشير الي الاوضاع الصحية السيئة في العالم العربي هذه مجرد رؤية عن أوضاع المواطن العربى ... وعن حقوق شعوبة المسلوبة ومن هنا تخرج الاهات والانفعالات والاحتجاجات ومقاومة الحكومات المستبدة التى عزلت نفسها عن شعوبها وتتمسك بتلاعيب الحكم رغما عن ارادة هذه الشعوب.
ثم من المسئول عن كل ما يحدث فى تونس والذى قد يمتد الى دول عربية اخرى ?
المسئول هو النظام الذى انتهك حقوق المواطن التونسى ولم يعر لمطالبة التفاتا ... ان ما يحدث فى تونس هو نتيجة منطقية لممارسات نظام مستبد .... ... والذين يزينون للرئيس بن على ووضعوا بينه وبين شعبه سدا عاليا ... وصموا اذنيه عن صرخات الجوعى والمحرومين - واعموا عينيه عن قراءة مطالبهم هم الذين يشعلون النيران... فهل يقرأ بن على ومن على شاكلته من الحكام العرب ان بداية التغيير شرارة – ان اهمال مطالب الشعوب حتما سيؤدى الى الانفجار ... ان ترديد عبارة فئة مأجورة – فئة مدفوعة من الخارج او فئة مارقة هى عبارات عفى عنها الزمن ... ومجرد ذكرها لا يعدو عن كونه نكتة سخيفة – وعلى الرئيس بن على ان يحرر رقبته من ايدى اللذين يصورون له تونس بأنها الدولة الاكثر استقرارا وان ذلك ما هو الا مكياج يخفى الوجه القبيح لنظام قمعى فقد بهذه الاحتجاجات الواسعة مشروعية بقائه – وبالبت حكامنا يدركون ان رياح التغيير سوف تقصف بكل مستبد جالس على مقعده بغير ارادة شعبه – ناكرا حقوقه وتطلعاته المشروعة .



#محمد_نبيل_الشيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دا سيلفا ... في مصاف االعظماء
- لماذا تخلف العرب؟
- اسرائيل ومياه النيل
- الاكراد وحق تقرير المصير
- جنوب السودان ..جذور المشكلة ..وتداعيات الانفصال
- القوة المتغطرسه .. والمصداقيه المفقودة
- نظرية المؤامرة ومحنة الفكر العربى
- ويكيليكس عربية
- خطاب ديني يغدق تخلفاً
- النخبة في العالم العربي دراسة وصفية نقدية
- نعم للدين .... لا للدولة الدينية
- مفيش فايدة
- هل يكفي الفصل بين السلطات في العالم العربي ؟
- العنف السياسي في العالم العربي...دواعية وتداعياته
- تطور الحياة السياسية في مصر منذ نشأة الدولة الحديثة
- المعارضة السياسية في العالم العربي تأصيل وتقييم
- ماذا بعد رشوة مرسيدس ؟
- الشركات المتعددة الجنسيةوالدول النامية منافع ...... ومآخذ
- الدولة بين الحياد والتدخل
- تعافى اليسار


المزيد.....




- ترجيحات بتأجيل التصويت على عضوية فلسطين في الأمم المتحدة
- السلطات الفرنسية تطرد مئات المهاجرين من العاصمة باريس قبل 10 ...
- حملة مداهمات واعتقالات في رام الله ونابلس والخليل وبيت لحم
- عباس يرفض طلبا أمريكيا لتأجيل التصويت على عضوية فلسطين في ال ...
- زاخاروفا تدين ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بلسانه
- 2.8 مليار دولار لمساعدة غزة والضفة.. وجهود الإغاثة مستمرة
- حملة مداهمات واعتقالات في رام الله ونابلس والخليل وبيت لحم ( ...
- أكسيوس: عباس رفض دعوات لتأجيل التصويت على عضوية فلسطين بالأم ...
- اليونيسف: استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب ...
- اعتقال عدد من موظفي غوغل بسبب الاحتجاج ضد كيان الاحتلال


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد نبيل الشيمي - قراءة في احداث تونس