أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد القوني - إنفصالات الروح (2)















المزيد.....

إنفصالات الروح (2)


ماجد القوني

الحوار المتمدن-العدد: 3235 - 2011 / 1 / 3 - 17:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مسلسل إنفصالات الروح (2)
الإنفصال وأثره الإجتماعي
خمس قصص لإحتمالات البقاء أوالرحيل جنوباً
* هل ينصف الشمال (ميري) وغيرها من الوحدويين.. أم ستطلب حق اللجوء إلى دولة مجاورة؟
* الطفلة سلوى: " أدعو كل يوم من أجل أن تعود صديقاتي استيلا، ليزا وسوزان" ..
* العشرات من الأسر تسكن العراء.. في انتظار الهجرة جنوباً..
* معلم: يجب أن لا تكون السياسات خصماً على تماسك المجتمع السوداني..
* عمر: أنا و(جوزي) سنتخلى عن أوطاننا من أجل أن نبقى معاً..
* مواطنة: السودان سيظل موحداً بتواصله الاجتماعي.. حتى لو فصله الساسة..
رصد وتصوير: ماجد القوني
في خطابه بمناسبة توقيع إتفاقية السلام الشامل قال الدكتور جون قرنق دي مبيور : عندما وقعنا اتفاقية الترتيبات الأمنية عام 2003، قلت أننا قد توصلنا إلى حل المشكلة الأكثر صعوبة عندما اتفقنا على أن يكون لنا جيشان في بلد واحد.. وقد ظننت أننا قد وصلنا إلى القمة الأعلى في الجبل، ولكنني اكتشفت لاحقاً أن هناك سلسلة جبال أخرى ينبغي علينا أيضاً أن نتسلقها. واليوم مع اتفاقية السلام الشامل يُمكنني أن أصرّح بكل ثقة أننا قد تسلقنا الجبل الأخير. ولكن للأسف هناك أنواع مُختلفة من الجبال..
ليست قضية الوحدة بكل أزماتها المحتملة إجتماعياً وإقتصادياً وسياسياً..هي التي تؤرق مضاجع الشعب السوداني، بل تلك التي ترتبط بالانفصال الذي بات يراه الشعب السوداني مثل شجر يسير، بكل هواجسه واحتملاته الموغلة في السواد.. والتي تبدو كنذير شؤم لمهددات أنفصالات قادمة أشد قساوة من الحدود الجغرافيا والسياسة والاقتصادية.. وتمتد بعيداً لتلامس العلاقات الاجتماعية والعاطفية...
(نيفاشا) التي أوقفت نزيف الدماء السودانية، واوقفت أشرس الحروب التي شهدتها القارة الأفريقية.. وهي ذاتها التي أوجدت حق تقرير المصير للشعب الجنوبي –جغرافيا- وليس الشعب السوداني الذي أوجدته الظروف الديموغرافية في تلك الجهة، وساهمت السياسات العرجاء في تأخره تنموياً وتعليمياً واقتصاديا وصحياً وسياسياً. (الاتفاقية) عالجت الخلافات ووزعت الأدوار السياسية، وقسمت الثروة، ومنحت الجنوبيين - تجاوزاً- حق تقرير مصيرهم. لكنها - الاتفاقية- لم تعطي (محمد وزوجته سيسيليا) و (ميري وجارتها فاطمة) و ( د/ دينق ومرضاه) و(شول وتلاميذه) الفرصة للتقرير بشأن علاقاتهم العاطفية والانسانية والاجتماعية، حيث يبدو أن الدموع التي ستُزرف أوان الانفصال أكثر مرتان من تلك التى استنزفتها الحرب، وعلى ما أعتقد هي سلسلة الجبال التي وصفها الراحل د.جون قرنق ديمبيور قبل أن يمضي ويترك مشروعه أو حقيقة حلمه بتأسيس السودان الجديد.
القصة الأولى:
المصير المجهول:
العشرات من الأسر في العراء، يسكنون الشارع في المنطقة الواقعة بين (حي البركة) والمنصورة بالحاج يوسف، تمهيداً لنقلهم إلى جنوب السودان في رحلة العودة التي قُدر لها أن تكون طوعية. تركوا منازلهم ولم يعد من الممكن العودة إليها بعد أن قام بعضهم ببيعها وآخرين كانوا مستأجرين.. يستجيرون من حرارة الشمس بظلال يصنعونها من أثاثهم في إنتظار أن تحملهم السيارات جنوباً.. لكنها لم تأت حتى الآن، أكثر من 15 يوماً في انتظارها.. تُرى كيف تبدو الأوضاع هنا..
أوضحت ميري أنهم في هذا المكان لأكثر من 15 يوماً، ولا ندري ما هو مصيرنا؟ لا نستطيع العودة إلى منازلنا التي كنا فيها، ولم نبلغ الجنوب حتى الآن. أخرجنا أولادنا من المدرسة، وفاتهم الكثير.. ولن يستطيعوا اللحاق بالمدارس في الجنوب. أنا لا أرفض الاستفتاء أو النتيجة التي سيفضي إليها، ولكننا نرفض التشريد، كان يجب ترتيب أوضاع المواطنين بداية قبل الشروع في إجراءات الاستفتاء. وأعتقد إننا لن نستطيع الوصول في الوقت المناسب، وربما سيأتي الكريسماس ويجدنا هنا في هذا الشارع..
القصة الثانية:
احباطات الذات
من المُستغرب أن يختفي فجأة من إحدى المدارس 124 تلميذ وتلميذة، لكن عند الوقوف على هوية التلاميذ نكتشف أنهم من جنوب السودان، وأنهم ذهبوا إلى هناك وتركوا المدرسة تنتحب إدارة وتلاميذاً، وقد يكون هذا مبرراً كافياً لكي تزول هذه الدهشة. مدير المدرسة محمد الفاتح قال لـ(الجريدة): على مدار الاسبوع كانت إدارة المدرسة تكتشف تغيب خمسة أو ستة من التلاميذ، البعض منهم طالبوا بنقلهم إلى مدارس أخرى، وحررنا لهم بموجب ذلك شهادة من المدرسة. لا يمكن أن تتخيل كيف تقبّل التلاميذ رحيل أخوانهم الجنوبيين، المدرسة هذه الأيام تمر بحالة من الأحباط، نحن مع حق تقرير المصير للأخوة في جنوبنا، لكن يجب أن لا يكون ذلك خصماً على تماسك المجتمع السوداني، الحكومات ستمضي يوماً لكن هذا الشعب وهذا التواصل سيبقى إلى أن يرث الله الارض. كنا نتمنى أن تُدار الأمور بحكمة، لأن المواطن السوداني هو الذي سيدفع الثمن في الشمال والجنوب. وأضاف: تساؤلات التلاميذ كانت كثيرة عن أصدقاؤهم حتى اضطررنا لتوضيح ذلك في الطابور الصباحي، وتعريفهم بالأستفتاء، والذي يمكن أن ينتج عنه.
الطفلة (سلوى) تلميذة بالمدرسة تربطها علاقات وجدانية بصديقاتها ( استيلا، ليزا، سوزان) إمتدت إلى أسرهم، سألتها (الجريدة) عما يحدث فأجابت وهي تغالب دموعها: لم اكن اتخيّل يوماً أن أبتعد عن صديقاتي، كنا نقضي النهار معاً في المدرسة وأحياناً نذهب مع إحداهن لمنزلها حتى درس العصر، كنا "نتونس" عن مستقبلنا وأكدنا على أن علاقتنا ستستمر حتى الجامعة.. وأضافت نحنا كل يوم بندعو في الطابور ربنا أنو يرجع لينا "صاحباتنا"..

القصة الثالثة:
رحلة البحث عن الانصاف
(ميري) تسكن في أحد الأحياء الطرفية، حيث الواقع يبدو أكثر تلاصقاً وحميمية، مما جعل لها مساحة للتحرك وسط الأحياء السكنية ومراكز التسجيل للتبشير بخيار الوحدة، يدفعها في ذلك حسها الوطني، وحرصها على علاقاتها الأجتماعية التي تربطها بجاراتها الشماليات في هذا الحي الذي لا يمتلك سوى هذا الترابط وبعض من الكبرياء والعزة وعشق هذا الوطن..
تحكي (ميري) قصتها قائلة: في أحد الأيام اثناء التسجيل، كنت في مركز التسجيل، امارس دوراً يجب أن يقوم به الكثيرون من أجل هذا الوطن، وليس من أجل المصالح، كنت أدعو الناس للتسجيل، ولم اكن أدعوهم مباشرة للتصويت بعد ذلك للوحدة، فهو خيار يخصهم وحدهم، لكن البعض لم يعجبه ذلك، ولم يكن يرغبوا في أن يقوم الجنوبيون بالتسجيل أساساً في الشمال. نتيجة لذلك قاموا بمهاجمة وتدمير منزلي وضربي كما تعرضت للكثير من المضايقات والتهديد، وأنه لن يتم قبولي في دولة الجنوب في حالة الانفصال الذي حتماً سيقع، وفي نفس الوقت لن يقبل الشمال بوجودي. وكنت أقول لهم أن السودان سيظل واحداً حتى لو فصله السياسيون.
إنتهت قصة (ميري) التي لم ينصفها حسها الوطني وخوفها على مصير هذا الوطن، ولم ينصفها بني جلدتها ومصادرة حقها في الاختيار والتبشير به. إذا كان الخيار هو الانفصال.. تُرى هل ينصف الشمال (ميري) وغيرها من الجنوبيين في الشمال.. أم سيطلبون حق اللجوء إلى دولة مجاورة؟
القصة الرابعة:
رحلة البحث عن الإنسان.. ليس الوطن
من هنا أيضا ومن ذات الهامش إختار الطبيب ( بيتر) أن يمارس مهنة الطب من هنا حيث يعالج المواطنون أوجاعهم بقليل من الصبر وبعض البكاءات. ربما لأنهم لا يملكون ما يدفعون به أجرة السيارة لأقرب مستشفى حكومي. قيمة الكشف لم تكن أكثر من خمسة جنيهات، كانت عيادته قِبلة لكل الباحثين عن الإستشفاء، لذا لابد أن تختار توقيتاً مبكراً لتسجيل أسمك وإلا قضيت الليل تزحف في صفوف الانتظار حتى تقابل الطبيب. الآن يحزم أمتعته أولاً من أجل ممارسة حقه في الاستفتاء القادم. وثانياً: من أجل الإنصياع لرغبة (نيفاشا) على حد تعبيره. لكن قبل أن يمضي قال (للجريدة): سنقوم بتنفيذ رغبة قياداتنا السياسية، ولا سبيل للأعتراض، حتى وإن تعارض ذلك مع المنطق، لم أفكر يوماً في الانتماءات الجهوية بقدر ما كان إنتمائي لهذا السودان الذي يجري تقسيمه الآن. أتعامل مع المرضى من منطلق آلامهم وأوجاعهم وليس جهاتهم وقبائلهم، وكان هذا هو هدفي من إختيار هذه المهنة. كان يجب التفكير في حل يجنب المواطن الجنوبي في الشمال، والشمالي في الجنوب مشقة ما يحدث. لأنه ليس كل الشعب الجنوبي مؤيد للانفصال، وسيكون لما يحدث آثار خطيرة على المجتمع السوداني في الشمال والجنوب. ويجب الاهتمام بالانسان وليس الوطن، لأن عند هلاك الانسان لا داعي لوجود الوطن.
القصة الخامسة:
أوطان بديلة
الكثير من الصراعات خاضها (عمر) من أجل اقناع أسرة ( جوزفينا) الجنوبية بالموافقة على خطوبته منها، وفي ذات الوقت إقناع أسرته الشمالية، ووصلت الخلافات لدرجة الإعتداء والمبيت في أقسام الشرطة، والتهديد بالقتل. لم يستسلم (عمر) و(جوزفينا) وواصلا مساعيهما التي تكللت أخيراً بموافقة الاسرتين بعد تدخل (الأجاويد).. بدأ الاثنان في ترتيب حياتهما المقبلة، وإستبشرا خيراً بتوقيع اتفاقية السلام الشامل، حيث اعتقدا أنها ربما ستقرب الاسرتين أكثر، وستشيع جواً من المحبة والسلام، وفعلاً كانت الاسرتين في استقبال الراحل د/ جون قرنق في الساحة الخضراء..
فجأة بدأت أجواء الشريكين تتلبد بغيوم الخلافات، وانعكس ذلك على علاقة (عمر) و(جوزفينا).. لتقرر أسرة الأخيرة الرحيل إلى جوبا وحسم خيارهم إلى جانب الانفصال.. ومضت الاسرة..
(عمر) تحدث قائلاً: أنا حتى الآن لا أصدق ما يحدث أمامي، ولم اتخيل يوماً ان تمضي (جوزي) من أمامي، ظللنا منذ فترة الجامعة في الترتيب لحياتنا مستقبلاً، اجتزنا الكثير من المصاعب، لكن لا أدري كيف ستكون العقبة المقبلة. عموماً كل أملي في الله بأن تجري الأمور كما نتمنى. وإذا حدث -لاقدر الله- الانفصال سأبحث عن طريقة لنبتعد أنا و(جوزي) عن الشمال والجنوب، لكن لن نتخلى عن بعض.



#ماجد_القوني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسلسل إنفصالات الروح (1)
- جعفر إبراهيم عبدالله..النقابي السوداني..
- حوار مع المغني السوداني سيف عثمان
- الانقاذ.. ومأزق السياسة السودانية
- سيناريوهات الوحدة والانفصال
- حقل زنجبيل إلى -سامية-


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد القوني - إنفصالات الروح (2)