أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جهاد علاونه - في العام الماضي














المزيد.....

في العام الماضي


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3234 - 2011 / 1 / 2 - 23:26
المحور: سيرة ذاتية
    


حين تطرق الذكريات قلبي..وحين تلمسُ الألحان مهجتي وحين أشعرُ بأن كل شيءٍ قد سكن وبأن روحي قد سكنتْ أعودُ لألملم جراحاتي وعذاباتي التي تعرضتُ لها طوال العام الماضي فتنسكبُ المياهُ من مُهجتي على خدودي وأشعرُ أنني في نهاية هذا العام بحاجة إلى أن أبدأ عاما جديدا تنساني فيه الذكريات المؤلمة حين تشتدُ الأيامُ العصيبة على قلبِ رجل مثلي لا يعرفُ إلا طعم الألم ..عندها يا أسيادي أتكئ على جنبي اليمين واضعا يدي على رأسي وأنا أتذكر الأيام التي عشتها والتي لم تظهر بها ولا في أي لحظة شمسُ الحرية فأعتصرُ كبدي ومرارتي وأتذكرُ أنني جئتُ إلى هذا العالم فقط لأكون محاربا مثل (الساموراي) متخذا من أدواته الزراعية أدوات حرب قتالية وأنا أتخذُ من أدواتي المهنية أدوات حرب دفاعية ضد كل ما أسمه حيتان وديناصورات فأحارب ُطواحين الهواء والماء والنار وحين أضع رأسي في نهاية هذا العام على وسادتي أتذكرُ أنني أُقامُ جيشا وإمبراطورية لوحدي.

كانت المعركة في العام الماضي قوية بين رجلٍ عارياً من الثياب وبين السيوف والأسواط والرماح والسكاكين وكانت المعركة بين الجنود المدججين بشتى أنواع الأسلحة وبين رجلٍ لا يقدر حتى على حمل عصا خشبية, وكان سلاحي سيفاً خشبيا وكان أحيانا بلاستيكيا مصنوعا من الحِبر ومن البلاستيك وكان قلما لونه أزرق وحبره جاف, وكانت كل الجنود تملك أكثر الأسلحة فتكا وقتلا وتعذيباً,وكان تحت الرمش وتحت الجفن عينٌ لا تهدأ ولا تنام وكان تحت الصدر قلبٌ يدق بانتظام ومتعبٌ من الحمل الكبير وكان تحت شعر الرأس عقلٌ مُتعبٌ هو الآخر من كثرة التفكير وكانت عيون ُ أعداء تنام ولا تسهر ولا تملكٌ قلبا متعبا ولا مخاً مُتعبا من كثرة التفكير إلا أنا كان تحت قميصي وثيابي رجلٌ يلهث ويركض بسرعة ولا يكاد يأكلُ الخبزة أو يلتقطكُ بأنفاسه ..كانت المعركة من كل الجوانب تغطيها قسوة من يقدر على صناعة الأنظمة والقوانين ..وكانت المعركة بين من يملك كل شيء وبين من لا يملك ولا أي شيء سوى أنه حر اعتاد على الحرية وانضم إلى جيش العدو ضدي من بداية المعركة الانتهازيون واللصوص وكلهم من أبناء جيراني ومن أقربائي الأعزاء على قلبي خصوصا أولئك الذين أقاتل من أجلهم وأولئك الذين أكتب عنهم وعن جوعهم وعن عطشهم وعن حرمانهم وهكذا انتهى العام القديم وجاء بمحله عامٌ جديد بفصول جديدة من الحزن ومن الألم ومن الذكريات الموجعة والتي سنتذكرها في العام الذي يليه, تركني ذاك العام من دون حتى أن يعطيني فرصة للتعبير عن رأيي أو عن نفسي ولم أفصح عن شخصيتي لكل الذين أحبوني ولم تتبارك لا عيني ولا فمي ولا أذني برؤية من أحب أنه أراهم وأسمع أصواتهم, هكذا وكان العام الذي رحل بغيضا يبغضني مثل العام الذي قبله لم أقذي ليلة العيد ولا في أي مدينة أو نادي كان رأس السنة بالنسبة لرجل مثلي مهشمٌ وكانت العيون تحملقُ بي وكلها نزعة وحقد واحتراق وكانت الأيادي تمتدُ نحوي تريد خنقي بكل ما لها من قوة وكانت السكاكين تتجه نحوي والنار تخرج من فوهات البنادق باتجاهي كان الإعصار يعصرني وكانت الأرض تتزلزلُ من تحت أقدامي وهكذا انقضى العام ورحل وأنا أنتظر منه ساعة أو دقيقة أرى فيها نفسي مع من أحب من الناس.

صمدتُ طويلا في وجه العام الذي مضى وقاتلتُ ارتفاع الحرارة وارتفاع الأسعار كنتُ أضع يدي على اللحمة عند اللحامين وأنا أغني (حلوه يا بلدي) وكنتُ أشاهد البندورة وهي ترتفع وتطير في الأعالي محلقةً بجناحين وأنا أنظر إليها وأقول (بلادي..بلادي بلادي لكِ حبي وفؤادي) وكنت أشاهد لعب الأطفال وهي تمرُ بجانبي وأقول :( شباب قوموا إلعبوا والموتِ ما عنه والعمر شبه القُمر ما ينشبع مِنه) وكنت ُ أشاهد المحروقات وهي تحترق بعيدا عني كنتُ هناكَ وكنتُ هنا وكنتُ فارسا مغوارا أقاتل حكر السلع وكنت أقاوم بالجوع وكنت أشتم الروائح الجميلة ولا أذوقُ منها شيئا وكنت أتذوق غصبا وكرها كل الروائح الكريهة, كان الجو غائما وكانت المعركة في ذلك العام قوية جدا وغير متكافئة كنتُ فيها أقاتل الحيتان والدينصورات وكنتُ أيضا ً أقاتل الشمس التي تحاربني والريح التي تلاكمني, وكنت أقاتل النهار محاولا أن أجعله قصيرا حين تطبخُ أشعةُ الشمس رأسي, وكنت في فصل الشتاء أحاول أن أجعل الليل الذي يلسعني بالبرد كلسعات النحل أن يتراجع للخلف قليلاً كنتُ أموت ُ وكنتُ أحيا على صدر امرأة في اليوم الواحد أكثر من 100 مرة وفي كل مرة كنتُ أصحو على الحلم بالعام الجديد.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واو القسم
- ملاحقة المهنيين
- الحق على مين؟
- الإنسان البليد
- الأم هي أول مدرسة
- هلوسات
- أصوات مزعجة
- كل عام والعالم بخير
- من يمثل الفكر الإسلامي!
- الانسان مثل الساعة
- روح الفنان
- مفاهيم مقلوبه
- سقوط أمي
- اقرأ تفرح جرّب تحزن
- مواطن أمريكي
- انحلال الشعور(1)
- الفصام السخيف
- وجوه جديدة وأصناف جديدة
- التجار يحكمون المدينة
- أزياء الحراميه


المزيد.....




- نتنياهو يأذن لمديري الموساد والشاباك بالعودة إلى مفاوضات الد ...
- رئيس وزراء بولندا يكشف عن -جدال مثير- أشعله نظيره الإسباني ف ...
- دراسة رسمية تكشف أهم المجالات التي ينتشر فيها الفساد بالمغرب ...
- تشابي ألونسو يستعد لإعلان قرار حاسم بشأن مستقبله مع نادي ليف ...
- الجيش الروسي يكشف تفاصيل دقيقة عن ضربات قوية وجهها للقوات ال ...
- مصر.. إعادة افتتاح أشهر وأقدم مساجد البلاد بعد شهرين من إغلا ...
- قائد القوات الأوكرانية: تحولنا إلى وضع الدفاع وهدفنا وقف خسا ...
- مقتل شخص وإصابة اثنين إثر سقوط مسيّرة أوكرانية على مبنى سكني ...
- استطلاع يظهر تحولا ملحوظا في الرأي العام الأمريكي بحرب غزة
- معتمر -عملاق- في الحرم المكي يثير تفاعلا كبيرا على السوشيال ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جهاد علاونه - في العام الماضي