أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم آل مسافر - الرموز _ قصة قصيرة















المزيد.....

الرموز _ قصة قصيرة


نعيم آل مسافر

الحوار المتمدن-العدد: 3233 - 2011 / 1 / 1 - 21:39
المحور: الادب والفن
    



تصلني في منتصف الليل .. عندما يبدأ مؤشر النعاس بالتصاعد .. شيئا ً فشيا ً .. بسبب متاعب الحياة طول النهار .. طلبا ً للمعيشة التي أصبح طلبها أشبه بسباق كبير , يجري فيه الغني والفقير على حد سواء .. أحيانا تأتي قبل اوبعد ذلك بقليل .. حيث أكون متفرغا ً لها تماما ً, إلا من السكائر والهموم .. تكون عادة غير مفهومه ولا تعني شيئا ولكنها تعني الكثير...إنها تختلف عما يكتب من شعر اونثر أو طلاسم ... يعجز الشعراء والفلاسفة والدجالون - على حد سواء- عن فهمها أو فك رموزها .. البسيطة الصعبة في آن واحد .. لا يفهمها إلا من مر بمثلها .. جعلتني أؤمن آن قدرة الكتابة على التوصيل لاتاتي من خلال القيمة الأدبيه والعلمية التي فيها .. بل من خلال صدق وأمانة كاتبها .. وحاجته لكتابتها .. مهما كانت تلك الحاجة ..وان العلا قه بين هذه المفاهيم الثلاثة والقدرة على التوصيل علاقة طرديه ...
انتظرها بوله شديد لعلي أنام .. وعندما تصلني لا أنام .. أحيانا تصل فارغة من أي شيء .. لكن فيها الشيء الكثير .. ابلغ مما لو أتت وفيها تلك الرموز .. الغير مفهومه .. والمفهومة في آن واحد .. طريقة بديعة جديدة للتفاهم .. حتى إنها أبدع من طريقة تفاهم جدتي مع جليساتها .. حيث كن يتحدثن في موضوع ما .. في أثناء ذلك تطلق إحدى المتحدثات عبارة مبهمة .. تدل على إنها في موضوع آخر تماما .. والعجيب إنهن يفهمنها ويجبنها بعبارات مشابهه .. وأنا الوحيد الذي لا يفهم شيئا من هذا الحديث .. الذي يبدو انه شيق .. وأكتفي بالجلوس تحت عباءتها (كالأطرش في الزفة).. والنظر في عيونهن الخافتة .. كنار مطفأة في موقد .. ووجوههن المجعدة ... كورقه نقدية بيد طفل صغير..
قد يتكلم الصمت أحيانا وقد يكون أبلغ من الكلام ... ولكن أن يعني الفراغ كل هذه المعاني .. فهذا ما لم اعرفه من قبل .. اعرف من يرسلها جيدا... واعرف أن ما يضعه فيها , يضعه بشكل عشوائي ولكن بمنتهى الصدق والأمانة .. ما يشغلني ليس ما في تلك الرسائل من رموز وحروف .. تشغلني عشوائيتها .. هل هي الصدفة؟ أم ماذا؟ .. وإن كانت الصدفة .. لماذا جاءت بهذا الشكل ؟..ولم تأتي بشكل آخر .. أحيانا تأتي جججججج آو ددددددد ... لماذا لم تأتي قققققق آو طططط .. فعشوائيته في كتابتها يمكن أن تجعلها بهذا الشكل وبنفس الدرجة من الاحتمالات .. لماذا تأتي فارغة في بعض الليالي؟ .. لا احتار في فهمها وفي ماتعنيه بل في شكلها .. أحزنتني وأبكتني كثيرا.. أفرحتني وأضحكتني كثيرا .. بنفس المستوى من التفاعل الإنساني .. هذا الكائن الصغير ببساطته وعدم قدرته على الاتصال بالموبايل أو الكتابة بشكل صحيح .. بعشوائيته في انتقاء مايصلني منه ... غير الكثير من قناعاتي .. ليس في استعادته من خلال إرجاع أمه للبيت فقط .. بل في نظرتي لكل ما اكتبه وأقرئه ..عجز الأصدقاء والأقارب عن إقناعي ... وباءت جميع محاولاتهم بالفشل .. وعجزت مشاعري الفياضة التي تقودني في كثير من الأحيان , عن ذلك أيضا ً.. لآني لا اتخذ قرارا بسهوله .. ولا أتراجع عنه بسهوله .. ولكنه ببساطه شديدة فعل ذلك ..منذ ثلاث ليالي لم يصلني منه حرف ولا فراغ .. ما أجمله من فراغ مملوء!!! ما احمله من لا مفهوم مفهوم !!! يبدو أني خيبت ظنه .. اوانه منع من ذلك .. ويحي ماذا يدور بداخله وما يقول عني الآن؟ .. وآ حيائي منه .. أحيانا يكبر الصغار من يكبرهم ويعلمون من يعلمهم .. ولكن أن يعلمني كل هذا ويكبرني كل هذه المسافات الضوئية من السنين!!!! هذا ما لم يخطر على بالي يوما من الأيام.
الليلة أكملت علبة السكائر الثانية منتظرا, ولم يصلني منه شيء.. لا بد انه الآن يغط في نوم عميق .. أعمق من انتظاري له... ولا ادري هل سيرحمني بجرعة مهدئه - ولو بسيطة - من أفيونه العجيب .. الذي أجبرني على الإدمان عليه .. أين عنه الفنانون التشكيليون؟ .. ليروا هذه اللوحات الجميلة .. فهم يسهرون الليالي في اقتناص موضوع .. لرسم لوحه .. ينفقون الوقت والمال لذلك .. وهو يغط في نوم عميق .. ويمكن آن يستيقظ في أي لحظه ويفعلها .. ولا يحتاج إلا للحظه واحده ليفعلها .. كما يبل فراشه أثناء النوم .. بشكل لا إرادي .. لقد ابتكر مدرسة جديدة للفن التشكيلي .. يمكن أن اسميها المدرسة العشوائية , أو مدرسة الفراغ ... ولم يحتج في ذلك لجدع إذنه , أو الموت جوعا.. أين عنه الشعراء... يسهرون ويسهرون من اجل قافية واحدة .. وهو ينام (ملئ جفونه عن شواردها).. بل يبتكر نوعا جديدا من الشعر بقصائد تتماشى وصدقه , وبراءته .. بعيدا ً عما يكتبون .. ما عنده أعذبه أصدقه .. فهو من النوع الذي لا يتبعه الغاوون..
في أيام الصبا , عندما كان والدي يتأخر في جبهات القتال .. وأرى الدموع في عيني أمي .. كنت أقول لها لماذا: لا تذهبين لرجل النهر؟ لكي تساليه عن الوالد.. بدلا من البكاء..لأنها كانت كلما ألمت بها الملمات تكتب تعويذه على شكل رسالة وترميها في النهر.. حيث تعتقد أنها ستصل لمن تظنه منقذا للبسطاء والحيارى .. وكنت أظن أن في النهر رجلا ً تصله هذه الرسائل .. كنت بدوري اكتب لوالدي رسائل .. وأخبئها في خزانة ملابسي وكتبي المدرسية .. لأنه عندما يعود وأعطيها له _ ليقرئها _ يبتسم ويضمني إلى صدره ويؤكد أنها كانت تصله أولا ً بأول .. وكنت أتعجب من ذلك وأسأل نفسي_ كثيرا_ واسأله أيضا .. كيف وصلت لجبهات القتال البعيده على الحدود؟ .. وهي في الخزانة وأراها في كل يوم .. وبعد سنين اكتشفت أن رسائلي غير مفهومه لأنها مليئة بالأخطاء الإملائية .. الآن عرفت كيف كانت تصل رسائل أمي لرجل النهر وكيف تصل رسائلي لجبهات القتال...
في هذه الليله نادينه كثيرا ً, حد التوسل .. واعتقد انه سمعني .. فمن له هذه القدره على التوصيل لابد أن تكون له نفس القدره على الاستلام .. لكنه لم يرسل أي شيء .. يبدو انه وصل لمرحلة , اقتنع فيها بإيصال ماكان يريد إيصاله إلي.. أصبحت الكرة في ملعبي.. انه يسيرني من بعيد .. بغير رموت كنترول.. ليس عجبا , فهو مبتكر كبير..
غدا سأسامحها .. أقدم أي تنازلات من أجل عودتها للبيت .. يقع جزء من الخلاف على مسؤوليتي , لو راجعت نفسي أكثر.. لست مثاليا ً- كأي زوج آخر- في تجاوز حماقات النساء..وأخطائهن الصغيرة.. هذا العملاق الصغير .. الكبير في آن واحد .. قزم جميع خلافاتنا .. لم يعد باستطاعتي تحمل تفاهتي أمامه .. لن اجعله يضطر مرة ثانيه لأن يخاطبني بهذه الطريقة.. بالطبع سأفتقد تلك القصائد واللوحات البديعة ..لا يهم.. فجميل أن نسمع البلبل مغردا في القفص .. لكن الأجمل من ذلك أن نطلق سراحه ليعود لمكانه الصحيح.. ولا يهم أن نسمع آو لانسمع منه شيئا...غدا سأطلقه من قفص الموبايل .. ولدي ((محمد)) أغلى من البلبل بكثير ..



#نعيم_آل_مسافر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قال الشاعر ح3
- جرار القطار
- رحلة في متاهة الضوء
- قال الشاعر ح2
- قال الشاعر ح1
- رحيم الغالبي كما عرفته
- اذا الديمقراطية وئدت
- ليس بعيدا عن هنا
- الأختلاف والخلاف
- النقد والتجريح
- قصة قصيرة


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم آل مسافر - الرموز _ قصة قصيرة