أحداث مخيم العيون،أفاضت كأس علاقات المغرب مع جاريه.. الجزائر واسبانيا

ماءالعينين سيدي بويه

الحوار المتمدن-العدد: 3231 - 2010 / 12 / 30 - 22:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة العيون،لا يمكن وصفها إلا بالمأساوية.وقد تكون المنغطف الأسوأ في تاريخ مرحلة السلم لقضية الصحراء الغربية.والذي سوف ينفتح على سيناريوهات ،أسوؤها عودة القتال المسلح بين البوليساريو والمغرب.فأحداث 8نونبر هي الفتيل الذي سيقلب مسار القظية رأسا على عقب،أولا من جهة تسيير المغرب للمنطقة وثانيا من جهة توغل الجبهة الصحراوية في المدن الصحراوية،والتي سبق لمسوؤل في قيادة البوليساريو أن توعد بنقل الحرب الى مدن الحواضر الصحراوية خاصة بعد فشل المفاوضات غير المباشرة مع المغرب.

إن أحداث مخيم "كديم إزيك" المأساوية، التي تعد الأخطر منذ وقف إطلاق النار بين الطرفين أواخر الثمانينات ودخول الأمم المتحدة كوسيط على الخط. فسقوط قتلى بشكل واضح ومصور في صفوف الأمن المغربي،ثم تفكيك المخيم بتلك الطريقة التي هج فيها المعتصمين حتى إمتلأت المسافة بين المخيم ومدينة العيون، وإدعاء سقوط قتلى وجرحى داخل صفوف الصحراويين المعتصمين ما زال غامضا. فبين شهود عيان للأحداث يؤكدون سقوط قتلى وجرحى وبين مفندين لذلك؟ طبعا في إنتظار تشكيل لجنة تقصي حقائق تدفعع بها الأمم المتحدة.

و إلى ذاك الحين ،فالملاحظ أن المغرب فتح عليه أربعة جبهات للصراع ،بدءا من الجبهة الداخلية والمتمثلة في الصحراويين الوطنيين ،إلى الجبهة الخارجية المتمثلة في البوليساريو والجزائر وإسبانيا.وبرز ذلك جليا في معالجته لقضايا المنطقة،بل ويمكن القول أن الدولة أخطأت في تقديرها لقوة خصومها في الجبهة الخارجية،لذلك فهي في صراع إعلامي مع قناة(أنتينا3) وصحيفة (الباييس) ودبلوماسية وسياسية مع حزب(الحزب الشعبي الإسباني).بسبب مخيم احداث "كديم ازيك" الذي اصبح ظاهرة عالمية.

المغرب والصحراويين:

إن منطق التاريخ،إنطلاقا من الرقعة الجغرافية مرورا بعلاقات الدم والمصاهرة، تقضي بأن الشعب القاطن في الصحراء تربطه بالمغرب علاقة واضحة،ولكن من منطق السياسة والعلاقات الدولية ،فالصحراويين شعب تحت وقف التنفيذ نتيجة الإحتلال الإسباني ،وما المغرب وفق إتفاقية مدريد 1975إلا دولة متكفلة بهذا الشعب.ومنذ ذاك الحين والصحراء تتحول إلى مدن ومناطق سيادة تابعة إداريا وجغرافيا للعاصمة الرباط.رغم ان الهاجس السياسي كان حائلا عويصا دون تقدم الربوع الصحراوية ،وإستغلال ثرواتها بشكل جزئي ولذلك فإن مجهودات الدولة وميزانياتها تجاه تنمية تلك الأقاليم ورغم حجمها بقيت محتشمة(على عكس ماهو شائع في مخيال سكان المغرب ان الدولة تخسرا مليارا في اليوم على المنطقة ،وان سبب تخلف المناطق الأخرى هو الصحراء وأيضا فسكانها ا
لأصليون هم بماثة غنى الوافدين من الخليج...)هذا من ناحية

أما من ناحية أخرى،فغن عدم إستدراك الدولة لأخطائها،خاصة في جانب المقاربة الأمنية لتي يتم التعامل بها في المنطقة زاد الطينة بلةفتعمدها إستعمال العنف ضد الصحراويين(خاصة انفصاليي الداخل) ومقاربة الشك والإتهام (في حق الوحدويين).رغم معرفتها الكاملة بسيكولوجية هؤلاء منذ إنتفاضات1972و1973وأثناء فترة الحرب 1979و1980 إقتحام مدينة طاطا من طرف البوليساريو...إلى احداث العيون الأولى1999 ثم السمارة 2005،وأخيرا احداث "كديم ازيك"2010كل هذه الأحداث مازالت لم تضمدها مخيلة الإنسان الصحراوي(رغم اعتراض الدكتور حماه الله ولد السالم على صفة صحراويين).فعلى الدولة تغيير منطق العنف والرصد المني للمنطقة،ومحاولة بناء تنمية حقيقية هناك

كما لايفوتنا إستدراك إشارة هامة حول أحداث المخيم المذكور،وهي أن ردة الفعل هذه المرة خرجت عن طبيعة ردة فعل سابقاتها من الإحتجاجات،حيث تميزت بالفوضى المنظمة فداخل الرعب الذي بثته القوات المغربية اثناء تفكيك المخيم بموجب القانون وتسرب أنباء مغرضة إلى اهالي العيون عن حدوث مجزرة،قامت عناصر ومن الصعب القول انها خارجية بإستهداف عناصر المن(وليس المغاربة من المناطق غير الصحراوية) وحرق مؤسسات الدولة،بمعنى استهداف رموز السيادة للدولة.

فهل فعلا تم غختراق المخابرات المغربية في مدينة العيون أثناء مدة الأعتصام الجماعي،من قبل كومندس مدرب وإستغلالهم لأحداث العنف المتوقع ضد المعتصمين في الخيام.وبالتالي خطأ آخر قاتل سقطت في تلابيبه الدولة ولم تستطع فك القراءة المقصودة من وراء تصعيد العنف في المنطقة.ولكن كيف لنا تصديق ذلك؟هذا يعني ان منطقة الصحراء التي تجند لها الدولة المغربية كل قدراتها الأمنية قد تم إختراقها.ما يجعلها قابلة للإنفجار والإختراق،بل وستكون عاملا مساعدا للجبهة في حال إندلاع الحرب مجددا،وذلك ما سبق أن وعدت به على إثر فشل تفاوضها غير المباشر مع المغرب ردا على تمسك المغرب بحل الحكم الذاتي.

المغرب والجزائر وإسبانيا:

القادم من الأيام ينبئ بوصول العلاقات المغربية الإسبانية إلى محك فاصل وأخير.ولكن إزدواجية الخطاب في هذه العلاقات وتشابكها يعقد الرؤية الواضحة لها.فمباشرة بعد الأحداث الدامية لمخيم العيون قام وزير الداخلية المغربي بزيارتي نظيره الإسباني وتاكيد الشراكة بين الدولتين.رغم مشاركة ناشطين وصحف واعلام اسباني في توريط المغرب وصورته دوليا.فرغم الحرب التي شنتها تلك الأطراف وإعتبار أن ما حدث في العيون مجزرة ضد الإنسانية،كان جواب المغرب على ذلك مسيرة مليونية حاشدة في الدار البيضاء،وليس في العيون (هناك الجواب الحقيقي)خاصة بعد دخول الحزب الشعبي على الخط وضغطه على برلمانه بل والإتحاد الأوروبي قصد التنديد بما حدث،وإصدار قرار توصية سترفع مباشرة للأمم المتحدة قصد بعث لجنة تحقيق الى العيون،وهذا أكيد تمهيد لما يرفضه المغرب وهو إضافة آلية مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية إلى بعثة المينورسو.

في هذه الأثناء وفي أوج فشل الديبلوماسية المغربية في حربها ضد حزب اسباني،يزور مدينة العيون وفد من المستثمرين الإسبان ويلتقى الوفد المغربي بوزيرة الخارجية على هامش قمة في أمريكا الاتينية.أليس هذا إرتباك؟ ثم بعدها مباشرة يعقد البرلمان المغربي جلسة للتنديد وشجب قرار البرلمان والحكومة الإسبانية بخصوص مخيم اكديم ازيك.وخلاصة لكلام رؤساء الفرق البرلمانية رفض التدخل الإسباني في الشان الداخلي المغربي ،وتذكيرها بأنها مستعمرة ولا زالت للثغور المغربية(جزر الخالدات) ومدينتي سبتة ومليلية،وذلك ردا على وصفها للمغرب بالمستعمر للصحراء وشعبها.فكيف ان إسبانيا جارة وشريك؟إذن فالصراع مع من ،هل مع أحزابها وصحافتها أم مع شبح دولة اسبانيا؟؟أليست صحافتها وحزبها الشعبي من ضغط على حكومته وافتحاد الأوروبي الذي المغرب ليس إلا شريكا متقدما له؟؟إذن ليس للمغرب من رد فعل سوى الإنسحاب من هذه الصفة.

أما فيما يخص الجزائر الشقيقة،فليس من الصواب كما نقرأ يوميا في الصحافة المكتوبة ونشاهد في الإعلام المرئي الإساءة لها وبشكل يتجاوز احيانا اخلاقيات الديبلوماسية فلم نعد نفرق بين نظامها وتاريخ علاقاتها بالمغرب ولو ان هذه الجملة الغامضة تخفي ما فضحته أحداث المخيم الأخيرة،إن علاقة المغرب بالجزائر هي علاقة أشقاء اعداء.فشائعة تورط عنصر مخابرات جزائري في الأحداث الأخيرة ،وإتهام آلاف العائدئن(المفارقة أنهم كان يقال عائدئن من جحيم المخيمات والآن يقال...)من مخيمات تندوف أنهم مدربين متورطين في عمليات القتل البشعة لرجال الأمن المغربي.كلها معطيات تلقي بطيفها على تلبد سماء العلاقات بين البلدين

.وهذا ليس غريبا،إذ يمكننا رصد بعض المعطيات وسياسات الشد الوالجذب بين المغرب والبوليساريو(الجزائر)،فلنتذكر ان المعركة بين الجانبين تحولت من معركة فرض المقترحات السلمية على المبعوث الأممي ،إلى معركة المقارعة الحجج والحيل السياسية،فإذا كان المغرب يرى في مقترح الحكم الذاتي الحل الذي
أفحم البوليساريو والجزائر،فهاذين الأخيرين يرون في معطى حقوق الإنسان(اللاجئين) الحجة التي يمكن أن تحرج المغرب (خاصة كما سبق ان اشرنا انه ملف حساس في المنطقة)أمام المنتظم الدولي،ومنه النجاح في إفلات المنطقة من قبضة المغرب أمنيا بعد ان تكون بعثة الأمم المتحدة هي الرقيب .حينها سيتنقل مؤيدي الجبهة،امينتو حيدر والتامك و...أو ما يسمى انفصاليي الداخل بكل حرية.

وأيضا شهدت المعركة بين المغرب والبوليساريو/الجزائر،منحا جديد يقوم على توريط الخصم دوليا،تجلى ذلك بوضوح في تحريك الجبهة الصحراوية لقضية ولد التامك وسبعة أفراد معه،إذ بعد زيارة قاموا بها الى مخيمات تندوف ولقاء عناصر عسكرية جزائرية وبعد عودتهم إلى المغرب تمت محاكمتهم، محاكمة عسكرية،لم تتم الى الآن،كما تم تحريك ملف أمينتو حيدر التي أقامت قضية منعها وطرها من المغرب،من إثارة الرأي العام الإسباني والأوروبي وحتى الأممي،ما عجل بعودتها الى مدينة العيون.هاذين المعطيين ليسا عاديين ولا يمكن تجاوزهما هكذا...؟لأنهما أضيفا الى رصيد البوليساريو وزادا من دعمها.

رد المغرب،بعد إنقضاء أشهر قليلةعلى هذه المعركة غير المباشرة،هو المطالبة بإحصاء سكان مخيمات تندوفوالإكتفاء بالقول ان هناك إنتهاكات صارخة لحقوق الإنسان مرجعها هو رواية الأسرى من الجنود المغاربة الذين يتذكرون فظاعتها.ثم إحراز مكسب تمثل في كسب تصريح مؤيد لمقترح الكحم الذاتي من قبل قيادي في البوليساريو_ولو ان الغموض يشوب صفقة دخوله الى المغرب بالرغم من كونه مفتش شرطة، وهي النقطة الأسوأ في انتهاك حقوق الإنسان كما أشار الى ذلك قيادي عسكري سبقه عائدا الى المغرب_.

كل هذه المناوشات أفضت الى تصعيد العنف في الصحراء الغربية،أو لنقل أنها خطوة قصدت الجبهة الصحراوية من ورائها توريط المغرب في ملف حقوق الإنسان لآلآف الصحراويين وليس فقط قيادي واحد(مصطفى سلمى ولد مولود) لأن الدعاية الإعلامية والسياسية التي إنتهزتها البوليساريو وحلفاؤوها اسبانيا والجزائر، ورطت المغرب في اتهامات الإبادة الجماعية لشعب الصحراء.وتلفيقات خاصة صور اطفال غزة التي رفعتها وبكت عليها بمكر ناشطة صحراوية(اتهمها الإعلام المغربي برنامج حوار بتزعم شبكة دعارة في وهران؟؟؟)عرضتها قنوات وصحف اسبانيا ودولية.

ورغم مرور جلسة الأمم المتحدة بسلام والمنعقدة اساسا على اثر احداث العيون،بوصفها للأحداث بالعنيفة وعدم إصدار قرار يمس بسيادة المغرب ،إلا أن استمرار الحزب الشعبي الإسباني في الظغط اوروبيا واسبانيا نتج عنه نجاحه في ادانة المغرب مقبل الإتحاد الأوروبي ومن دولته.

وما بين سطور هذه الأحداث تمت تصريح غريب لوزير خارجية البوليساريو يطالب فيه برفع حماية المغرب عن الصحراء الغربية وعودة الحماية الإسبانية طعنا في اتفاقية مدريد الثلاثية لعام1975 بين المغرب واسبانيا وموريتانيا.وهذا ما لايمكن أن يقبله أي صحراوي سواء إنفصالي أو وحدوي.

#ماءالعينين_سيدي_بويه (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات