أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد القادر أنيس - قراءة في مقال ((الماركسية ُ والتنويرُ المزيفُ)) لوليد مهدي















المزيد.....

قراءة في مقال ((الماركسية ُ والتنويرُ المزيفُ)) لوليد مهدي


عبد القادر أنيس

الحوار المتمدن-العدد: 3230 - 2010 / 12 / 29 - 23:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=239765
كتب السيد وليد في مستهل مقاله المشار إليه أعلاه في الرابط: ((فالاختلاف أولاً و أخيراً هو الدافع لإنتاج تشكلات جديدة في الفكـر يؤدي تموضعها الجديد في أذهان القراء والكتاب إلى بلورة اتجاهات جديدة في العقلانية التي يحتاجها فضائنا الثقافي العربي.. الاختلاف هو " المطلوب "، أما الاتفاقُ وإن كان محموداً كعامل تشجيع للكاتب، لكنه بالمطلق يعني جمود العقل وركود الأفكار في كونٍ كبير يتمدد بسرعة تزيد على ملايين الكيلو مترات في الثانية، نحن نعيشُ في كوكب ٍ يتحرك في الفضاء تاركاً موقعه الآف الآف الأميال في برهة الزمن البسيطة ِ تلك، لهذا السبب، الطبيعة ُ لا تحب ُ الجمود... كما أنها لا تحبُ كثيراً العيش في الماضي، هي مسرعة ٌ مندفعة ٌ نحو المستقبـل.. فالاتفاق والركود المستديم يعني أن " التاريخ " يتركنـا وراء ظهره، الكونُ كلهُ يتركنا خلفه.. واختلافنـا وحده هـو الدافع الحقيقي لمواكبة التاريخ لأنه القادر على إنتاج الوليد الجديد..! انتهى.
ماعدا هذا الكلام الجميل، فكل مقال الكاتب يتنكر له ويعج بالمغالطات وأنصاف الحقائق والتهم التي لا يرفقها بأدلة بالإضافة طبعا الحط من المختلفين، وبما أن الكاتب أحالنا إلى مقاله السابق، فقد عدت إليه فوجدته فعلا يتنكر لكلامه المعسول السابق. أنقل لكم ما كتب حرفيا في حق هؤلاء المختلفين المنوط بهم المشاركة في ((بلورة اتجاهات جديدة في العقلانية التي يحتاجها فضائنا الثقافي العربي..)) حسب تعبيره. فهل من المعقول أن يوجه كلامه إلى (السيدة المحترمة وفاء سلطان وجمهورها الكبير الواسع)، حسب تعبيره، ثم يكتب في حقهم كلاما يشكك في صحتهم العقلية ثم يخونهم بكل بساطة. لنقرأ: ((إنهم سيحققون الإشباع في الرضا عن أنفسهم النابع من تحفيز مبهم في قلقٍ دفين يشير إلى نقصٍ ما لا يفهمونه، لن يشبعوا ذاتهم بالإنتحار القيمي أبداً، الذات، الجوهر الشخصي، قد يستنزفه العمل ليصل إلى حالة من الهدوء والإنسجام المتناغم مع المحيط، اما هؤلاء، الباحثين عن اقصر الطرق لتحقيق الهدف فيلجأؤون إلى قتل الذات التي لم يتعودوا استنزافها لتبقى حياتهم المقبلة مليئة بالكوابيس..ونشك ايضاً إنهم باقون محط تقديرِ واحترام اسيادهم، اولياء نعمتهم، الذين يوهمونهم بالإحترام ما دامت الحاجة إليهم موجودة، هم لا محال على موعد ِ مصير محتوم لا تقاربه آفاق غباوتهم.مزبلة التاريخ هي قدرهم، هي المسار الحتمي لافكارهم حال تحقيق الهدف الامبريالي، حالهم عندئذٍ لا يختلف عن حال " سوق الجهاد " التي حاربت الشيوعية في افغانستان)).
هل هذا هو الحق الذي دفع الكاتب ليقول في مستهل مقاله الذي اقتبست منه الفقرة السابقة:((نارُ الكلمة ورسالتها التي تدفعني لقول الحق مهما يكن الثمن ..ونار الألم الذي استشعرته في قلوب بعض الاخوة المسيحيين والمتنصرين حديثاً في المسيحية الذين صاحوا بصوتٍ عال إن الحوار المتمدن هو فسحتهم الحرة الوحيدة للتعبير والتنفيس عن همومهم ))..!؟
بينما هو يوجه نارا حقيقية لا تقل ضراوة عن نار الإرهاب الذي يتعرض له مسيحيو شرقنا التعيس، ودون التقليل مما تتعرض شعوبنا قاطبة من استبداد وتجهيل وتفقير، فإن المسيحيين ظلوا لقرون طويلة ومازالوا يعانون من التمييز الديني والسياسي والطائفي في أوطانهم، تمييز يتناقض تمام التناقض مع الحقوق الكثيرة التي يستفيد منها المهاجرون المسلمون وغير المسلمين في الغرب. وليس من الإنصاف ولا من المعقول ولا من الإنسانية أن يسمي الكاتب كل هذا التمييز مجرد هموم لشوية مسيحيين بغرض التنفيس عن همومهم. ثم هو لا يكاد يخفي تحريضه ضدهم ودعوتهم لمغامرة الموقع. أليس هذا ما يجب أن نفهمه من ((فسحتهم الوحيدة..))؟ أليس هذا يعني للأعمى قبل البصير أنه يقول: هناك مواقع أخرى، اذهبوا إليها ودعوا لنا موقعنا "اليساري".
شخصيا ما كنت لأكتب ما أكتب لولا الحظوة التي نالتها مقالات الكاتب بين بعض اليساريين الذين كنت أظن أنهم علمانيون حقا، حتى انكشف المستور.
إن دحض كل المغالطات وكشف تهافت مواقف الكاتب سوف يتطلب مني أكثر من مقالة. لنبدأ من حيث انتهى الكلام الجميل وبدأ التهافت في هذا المقال محل قراءتي. وكنتم أتمنى مواصلة نقدي للإسلاميين ومساعيهم الظلامية، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.
كتبت السيد وليد مهدي: ((أنا علماني ماركسي، لكنني في نفس الوقت باحث متعمق في السيكولوجيا والإنثروبولوجيا، وتلاقح نظرتي المادية للتاريخ مع منهاج علوم السوسيولوجيا الحديث أكد لي، كباحث، بأن الإسلام والمسلمين لا يلامون في تشددهم الذي أمقته مثلما لا يلام القط ُ الأليف لو أصبح عدوانياً فجأة..
فلو زواه مطاردٌ في زاوية لا فرار منهـا وليس أمامه إلا أن يكشـر عن أنيابه ومخالبـه.. يكونُ أشبه بمفترسٍ "صغير".. !)) انتهى.
لماذا إذن تمقت تشدد الإسلام والمسلمين، يا سيدي؟ هل لأن هذا التشدد مبني على أوهام الدين المضرة كما تقول وفاء سلطان؟ أم هنا سبب آخر جعلك تمقته؟ وإذا كان كذلك أليست من اللائق العمل على تحريرهم من مسببات هذا التشدد الممقوت؟ من هو الأقرب إلى تحقيق مصلحتهم: أهو من يعمل على تحريرهم أم من يدافع عن بقائهم في تشددهم المدمر وأوهامهم البائسة؟ أليست هذه شتيمة كبيرة عندما تجعل الإسلام والمسلمين آلة عمياء تخبط خبط عشواء من تصب تُمِتْهُ..؟ ثم لماذا الجمع بين الإسلام والمسلمين؟ أليس لأنك تعتقد فعلا بأن تصرفات المسلمين هي من صميم الإسلام كما تقول وفاء سلطان؟ فمن يلام أكثر؟ وأخيرا هل من المعقول أن نصف ما يحدث من اغتيالات وتفجيرات وتنكيل وتحريق وتخريب وحروب أهلية ضحاياها من الأبرياء أضعاف مضاعفة مقارنة بالمتسببين في تخلفنا، هل هذا مجرد "تشدد"؟ هل تذبيح مائتي ألف في الجزائر ونظيرها في السودان والعراق مجرد تشدد مقبول ويمكن التسامح معه وتَفَهُّمُه؟ إذا كان التدخل الأمريكي قد أخرج الجن من القمقم، فما مبرر خروجه باسم الإسلام في الجزائر والسودان والصومال؟ هل توافق على هذه الطريقة الجهنمية في إدارة اختلافاتنا، بما فيها مقاومة الاستبداد؟ وحتى عند تبرير هذا التشدد الإرهابي، فما هي خلفياته التي تسوّغ لك تأييده أو على الأقل تَفَهُّمَهُ؟ ما هو المشروع (الحضاري) لهذه الحركة الإسلامية المعاصرة راعية هذا التشدد عدا معاداتها المرضية للحداثة والديمقراطية والعلمانية وكل الحريات تحت راية المطالبة بالعودة إلى إسلام فردوسي وهمي؟
ثم نقرأ لك: ((الرؤية " التاريخية " تؤكد بان الأمة الإسلامية مصيرها التحرر والتنوير وترك الماضي ودينه فيما لو تحققت شروط "بسيطة"، زوال الهيمنة الاستعمارية بشكلٍ قاطع كي يزول الوسواس الحضاري في الوعي الجمعي الإسلامي تجاه كل ما هو عصري وحضاري!)).
لماذا إذن لم يحصل هذا قبل احتكاكنا بالغرب وهيمنته الاستعمارية؟ وعلى ماذا بنيت رؤيتك "التاريخية" هذه؟ هل تؤمن بحتمية عمياء كأنها طريق سيار خال من المنعرجات والعقبات والعوائق في عالم بلا مصالح متدافعة متناحرة كما هو عالمنا؟
طيب سيدي، كيف تزول الهيمنة الاستعمارية؟ هلا قدمت لنا وصفة مفصلة عن كيفية ((زوال الهيمنة الاستعمارية بشكلٍ قاطع كي يزول الوسواس الحضاري في الوعي الجمعي الإسلامي تجاه كل ما هو عصري وحضاري!))، دون المرور بمرحلة تنوير حقيقية لشعوبنا مثلما جرى عند غيرنا من الأمم التي نراك تشكو من هيمنتنا، وكان من الواجب البحث عن أسرار التي تكمن حقا في تحررها من كل العوائق الماضوية التي كانت تعوق إطلاق كل طاقات الإبداع عند الإنسان وهي الطاقات التي لا تزال معطلة عندنا ولن تتحرر سواء بقيت الهيمنة الاستعمارية أم زالت بدليل ما آلت إليه أوضاعنا بعد الاستقلال. وقبل أكثر من قرن قدم عبد الرحمان الكواكبي نقدا مرا لشرقنا وكان يمكن أن يطلق نهضة حقيقية لولا تكالب قوى الماضي البغيض بالتحالف مع أنظمة الاستبداد مثلما يحدث اليوم عندنا. هل محكوم علينا أن يظل التاريخ يعيد نفسه إلى الأبد؟
نقرأ للكواكبي: ((الشرقي سريع التصديق، الغربي لا ينفي و لا يثبت حتى يرى ويلمس .الشرقي أكثر ما يغار على الفروج كأن شرفه كله مستودع فيها، الغربي أكثر ما يغار على حريته و استقلاله! الشرقي حريص على الدين و الرياء فيه، والغربي حريص على القوة والعز والمزيد فيها !والخلاصة أن الشرقي ابن الماضي و الخيال، والغربي ابن المستقبل والجد !!)). ومن غير المعقول أن نتهم هذا المصلح بالعمالة على غرار تهمتك لمن أسمتهم بالعلمانيين الجدد.
لقد كافحت شعوبنا وقدمت تضحيات جساما وتحررت من الهيمنة المباشرة للاستعمار الغربي، فلماذا انتكست مسيرتها؟ هل الاستعمار هو الذي نصب حكوماتنا بعد الاستقلال مباشرة؟ لو صدقنا هذا لوجب أن نقول: إن الاستعمار هو الذي دفعنا للثورة عليه والتحرر من احتلاله في لعبة عبثية لا تصدق؟ هل نظرية المؤامرة هذه كافية لتفسير كل شيء؟ هل كانت أوطاننا في أحسن حال قبل مجيء الاستعمار أم أن الاستعمار كان النتيجة الطبيعية للانحطاط الذي طال أمده في أوطاننا وسهل مهمة المستعمرين والقابلية للاستعمار على رأي المفكر الإسلامي الجزائري مالك بن نبي !؟
هذه الحقائق يتجاهلها السيد مهدي أو يجهلها ولهذا يقول: (( أجاب احد الإخوة الكتاب من " التنويريين الجدد" على هذا الإشكال والاسئلة التي سبقته مشكوراً، مجتراً كلاماً يبرر هذا بالإسلام المتشدد والتكفيري على إنه مجرد علة فاعلة في رؤوس العمائم، ولا أقول غاضاً الطرف عن الحقيقة ولكن مغمضاً عينه اليسرى التي ترى أن الإسلام يتعرض لهجوم عسكري ثقافي سياسي كما لم تشهده امةٌ قبله في التاريخ..)).
فهل يتعرض الإسلام فعلا ((لهجوم عسكري ثقافي سياسي كما لم تشهده أمةٌ قبله في التاريخ..))؟
هنا يتبنى الكاتب الماركسي العلماني، كما نعت نفسه، (ويا للهول !!) خطابا دينيا لا يختلف عما يردده الإسلاميون ورجال الدين عموما في جميع البلاد الإسلامية من أجل إحكام الإغلاق على عقول شعوبنا وجعلها تعيش رعبا وفزعا دائما من هذا الغرب الذي لا هم له سوى إلحاق الشر بنا وصرفنا عن الصراط المستقيم الذي رسمه لنا الإسلام وتفويته الجنة علينا. والنتيجة المنشودة هي رفض شعوبنا لكل ما هو غربي بما في ذلك كل المنجزات الحداثية العظيمة التي حققها هذا الغرب لصالح الإنسانية جمعاء. أما الحقيقة المرة فهي أن بلداننا مرشحة لفقد كل شبابها لو فتح لهم هذا الغرب اللعين أبواب الهجرة.
هل يستطيع الكاتب أن ينفي أن حاجاتنا من الغذاء والدواء والكساء والسلاح وكل ضروريات الحياة هي غربية في الصميم بعد أن ثبت عجزنا تماما عن إنتاج هذه الحاجات في بلداننا؟ هل يتجاهل الكاتب أن الفضائيات الإسلامية والمواقع الإسلامية وكل وسائل الإعلام الغربية بامتياز يستغلها الإسلاميون أكثر مما يستغلها العلمانيون الذين يخونهم الكاتب؟ فحتى المسبحة التي تباع في أسواق مكة في مواسم الحج والعمرة تستورد من الصين !!
أسأل الكاتب الذي يؤمن بمؤامرة الهجوم العسكري الثقافي السياسي كما لم تشهده أمةٌ قبله في التاريخ.. على الإسلام: هل استخدم (أعداء الإسلام) لو كانوا حقيقة كما ترى لا وهما كما أرى، واحدا في المائة فقط من ترساناتهم العسكرية والثقافية والسياسية للنيل من الإسلام؟ ويا ليتهم فعلوا !!! ولولا استهجاني لعقلية المؤامرة المنتشرة عندنا لقلت إن العكس هو الصحيح. لقلت بأن من مصلحة البلدان القوية أن نغرق أكثر فأكثر في هذا الأفيون الذي يبقينا عاجزين تمام العجز عن التحرر الفكري كبوابة للتحرر الاقتصادي والسياسي والعسكري..
ما يمنع هذا العدو من تصفيتنا تصفية نهائية بأسلحته الجرثومية مثلا مادمنا نؤمن بخرافة هذا الهجوم العسكري الثقافي السياسي كما لم تشهده أمةٌ قبله في التاريخ..؟ دعنا من هذا السلاح. ما يمنعه من حرماننا من الدواء لمرضانا والغذاء والتكنولوجيا التي لا نستطيع إدارة مؤسساتنا الحيوية مثل المستشفيات والمرافق العمومية الحيوية بدونها؟ هل حاصر الغرب الرأسمالي، أو على الأقل، هل حاصرت أمريكا أي بلد إسلامي مثلما حوصرت كوبا الشيوعية؟ هل أغلق الغرب مؤسساته التعليمية والبحثية في وجهنا مثلا؟ وهذا أكبر هجوم يمكن أن يشن ضدنا. فيا له من جحود! بل يا له من وهم في ادعاء دور الخصم الند لغرب لسنا أهلا له عدة وعتادا.
وأخيرا هل الغرب في حاجة إلى هؤلاء ((العلمانيين الجدد))، فيتحالف معهم لتركيع بلداننا التي هي أصلا راكعة منذ قرون للتخلف والجهل والمرض وكل الآفات؟ لماذا إذن تعتبر حوارك معهم إيجابيا ومفيدا مثلما قلت عن حق وصفاء ذهن في البداية، أو ربما عن فلتة قلم ماكرة.
أليس من المغالطة أن يقول الكاتب: ((ليس التبشيـرُ بالمسيحيـة عيباً، لكن، ترجيحهـا هي واليهودية على الإسلام ليس عقلانياً، بل هـو ينتمي إلى مناخ " الحروب الصليبية " القديم، أوربا العصور المسيحية الوسطى، ولا علاقة له بالتنوير البتة..!))
المغالطة الأولى تبدأ من هنا. أنا من المعجبين بنضال وفاء سلطان ومن المؤيدين لأطروحاتها، ومن القراء للكثير مما كتبت، ولم أقرأ يوما لها ما يؤيد هذه التهمة، إذا صح أنها تهمة. والبينة على من ادعى. قالت وفاء سلطان، وقال كامل النجار وقلت أنا مرارا وقال غيرنا إن المسيحية كنصوص ممثلة في الإنجيل تخلو بما لا يقارن مع الإسلام من حيث الدعوة إلى العنف والتكفير. وهذا صحيح تؤيده نصوص القرآن والسنة ومن المضحك محاولة إخفائه مثلما يفعل القرآنيون بل وحتى بعض الأزهريين. قالت وفاء سلطان وقلنا جميعا بأن المسيحية ممثلة في أغلب مؤسساتها الدينية قبلت بالعلمانية، ولو أنها كانت مضطرة في البداية، ورفعت يدها عن حقوق الناس في المعتقد وفي ممارسة مختلف الحريات بما فيها الإلحاد، بينما لا تزال المؤسسات الدينية الإسلامية بعيدة جدا عن ذلك مؤيدة في ذلك بحكام الاستبداد. مازالت تقف حجر عثرة ضد كل الحريات، مازالت تكفر وتبارك الإرهاب باعتباره جهادا، وتدعم حكومات الاستبداد وتلاحق الكتاب (الأزهر مثلا ولكنه ليس وحده في هذه الشهامة)، وكانت بالأمس، على بكرة أبيها، في خندق واحد مع أمريكا في محاربة الشيوعية، ولكن أيضا محاربة كل الأنظمة التي حاولت ممارسة سياسة مستقلة تجاه الغرب الرأسمالي. وهي اليوم تشن حربا مقدسة أخرى ضد الحداثة والتقدم فيتحول عدو الأمس (الماركسي) إلى حليف ضد الديمقراطية والعلمانية والحريات.
فهل قولنا هذا يعني أننا لابد أن نكون مسيحيين أو مسلمين تمسحوا رغم أننا نقول إننا لا دينيون. قالها كامل النجار وقالتها وفاء سلطان وقالها البابلي وغيره. فماذا تريد من أدلة أخرى؟
ومع ذلك يصر الكاتب على المغالطة الثانية فيصدق تهما اخترعها هو من لا شيء، عندما يقول: ((هذا هو الإطار " العقلاني " العام الذي يدعيه تنوير السيدة وفاء والسيد كامل وبقية من المهرولين المشدودين تحت وطأة الضغوط الاجتماعية والنوازع السيكولوجية التي وضحناها في المقال السابق.
هي دعوة يمكنُ ببساطة ٍ إيجازهـا بالآتـي:
• اتركوا قيود الإسلام ِ وكونوا أحراراً عقلانيين لا دينيين، فإن لم تقدروا فالمسيحية ُ أولى..
• إن كان ولا بد من دين ٍ فكونـوا مسيحييـن..
• الإسـلام دينٌ وحشي ٌ همجي ٌ بربري بدويٌ كمحمـد.. اتركـوه..
• المسيحية ُ هي "أكثرُ" ديانة مسالمة موائمة للعصرنة قابلة للتعايش مع العلمانيـة..
ليكلمني متعقلٌ قارئ لعموم نتاج السيدة وفاء والسيد كامل من كتاب الحوار المتمدن حول الموضوع، أليست هي دعوة تـُخيـّر عقول القراء بين اللادين والمسيحية؟)) انتهى
أنا أزعم أنني معني بدعوة الكاتب ولهذا أكتب ما أكتب هنا، وأزعم أنني متعقلٌ قارئ لعموم نتاج السيدة وفاء والسيد كامل، ولكني لم أقرأ لهما أبدا ما يؤكد مغالطة وليد مهدي بأن ما يكتبانه هو ((دعوة تـُخيـّر عقول القراء بين اللادين والمسيحية؟)). الكاتب وعدنا بالإتيان بالدليل في مقالات لاحقة، بينما كان من العدل أن يأتي بالتهمة ثم يأتي بعدها بالنقد قبل أن تبرد التهمة وتترسب في أذهان القراء على أنها حقيقة.
يتبع



#عبد_القادر_أنيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في مقال -الحزب الديمقراطي الاشتراكي الإسلامي هو الحل- ...
- قراءة في مانيفستو المسلم المعاصر لجمال البنا (تابع)
- قراءة في -مانيفستو المسلم المعاصر- لجمال البنا.
- هل تصح المقارنة بين الشريعة الإسلامية وتجارب البشر؟
- هل طبقت الشريعة الإسلامية في حياة المسلمين ماضيا وحاضرا؟
- حول صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان
- حوار الطرشان بين الفيلسوف ورجل الدين
- تطبيق الشريعة يعني مزيدا من الاستبداد والتخلف؟
- مفاضلة بين أخلاق العلمانية وأخلاق الإسلام
- حوار مع القرضاوي 16: العلمانية والعبادة
- حوار مع القرضاوي15: العلمانية والعقدية (تتمة)
- حوار مع القرضاوي 15: العلمانية والعقيدة
- حوار مع القرضاوي 14: العلمانية والإسلام: هل الرفض متبادل؟
- حوار مع القرضاوي 13: العلمانية مبدأ مستورد !
- حوار مع القرضاوي 12: هل العلمانية مضادة ومناقضة لمصلحة الوطن ...
- حوار مع القرضاوي 11: هل العلمانية ضد إرادة الشعب؟
- الطاهر وطار 2
- الطاهر وطار: الوجه الآخر
- رد على مقالة الدكتور طارق حجي
- هل العلمانية ضد الدستور؟ حوار مع القرضاي 10


المزيد.....




- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد القادر أنيس - قراءة في مقال ((الماركسية ُ والتنويرُ المزيفُ)) لوليد مهدي