أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - الإنسان البليد














المزيد.....

الإنسان البليد


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3230 - 2010 / 12 / 29 - 21:06
المحور: كتابات ساخرة
    


قال لي مُدرب قيادة سيارات ذات يوم بأن الرياضيين هم أقل الناس استيعابا للقيادة فهم أكثر فئة من الناس أشعر معهم بالتعب , وقال معللاً ذلك بأن الإنسان كلما كبر كلما أصبح استيعابه أقل وفهمه أقل وإدراكه أقل وصمتَ قليلا ثم عدل مقولته وقال: ربما بسبب تعبهم وإرهاقهم في التمارين يفقدون قدرتهم على التركيز, ثم صمت وقال: كل الكبار في السن تركيزهم قليل واستيعابهم قليل.

الإنسان حيوان مُفتَرسْ وذكي وهو صغير وكلما تقدم به العُمر كلما أظهر مزيدا من عدم التركيز وكلما تقدم به السن كلما كان أقل جمالاً وأكثر وحشية وقسوة وبلادة وتشترك معظم الحكومات العربية مع هذا الرجل الذي يطرد أبناءه من بيته كلما أحس مثلاً أن أحد أبناءه كبر وأصبح رجلا وله رأيه في الحياة فهذا الرجل يعتقدُ بأن كل ولد من أولادي إذا كبر يصبح حمارا مطيعا بالضرب فقط وقال لي أحد أبناء هذا الرجل بأن والده طرده من البيت وهو في سن ال 16 عاما وكذلك كل إخوانه الأربعة بحيث كان يحبهم وهم صغار حُباً جَما ويدللهم وحين يكبرون ويصبحون في سن ال16-17 يقوم بطردهم من المنزل ولم يكن يرغب باستقبالهم إلا عندما يعلنون أنهم ما زالوا تحت الوصاية وأضاف قائلاً: كل أخواني عادوا وأعلنوا الطاعة إلا أنا بقيت مصرا على رأيي ومطرودا وتزوجت وكونت نفسي وبعدها عدتُ إليه لأحتضنه أنا .

ربما أن ذلك الأب مثل الحكومات العربية أدرك بفطرته أن الإنسان كلما كبر كلما أصبح متمردا,وكلما كبر الإنسان كلما أصبح وجهه أقل جمالاً وبراءة تماما كما تدرك الحكومات العربية بأن المواطن العربي كلما أصبح مثقفا كلما أصبح مستقلاً متمردا على مؤسسة الحكم التقليدية, فأينما توجد ثقافة يوجد معها التمرد لذلك معظم الأبناء المثقفين يخرجون عن سيطرة آبائهم وأمهاتهم من بداية سن البلوغ فالإنسان وهو بسن الطفولة من الممكن تربيته وصقله وعجنه, وكذلك الشعب وهو في طور الطفولة أو وهو عقله عقل طفولي تبقى فرصة السيطرة عليه أفضل , ولكن بعد مرحلة الطفولة يصبح الإنسان مثل كومة من الحجارة أو يتحجر عقله ويصبح كائن بليد مثل الحيوان الذي لا يمشي إلا بالضرب وبالنخش في ظهره وكثيرا ما أسمع الرجال يقولون (ابني خلص فلت من إيدي) وبعض الآباء يقولون (أولادنا زي البهايم ما بمشوش غير بكلمة ح..ح....حِه..حيه) , تماما كالحكومات العربية التي تعذب وتعتقل وتضرب بالمثقفين لكي يسيروا كما تريد هي أن يسيروا ,وكأنك تقول لأبنك عندما يكبر (يلله امشي…يلله اشتغل..يلله روح), وكثيرا ما كنت أسمع أمي عن غير قصدٍ منها وهي تقول (ول والله وانتوا ازغار كنتوا أفهم وأحسن من هيك),وكافة الآباء والأمهات ينظرون إلى المستقبل من أجل أن يكبر أبناءهم معتقدين أن قيادتهم وهم كبار أسهل منها وهم صغار,علماً أن الإنسان هو المخلوق الذي كلما كبر كلما صارت قيادته أصعب وتعليمه أصعب وتسييسه أصعب, ونحنُ صغار تكون قلوبنا أنظف وصفحتنا لونها أبيض وكلما كبرنا كلما أسودت صفحتنا وقلوبنا امتلأت بالوساخة وأثبتت الدراسات والمشاهدات والملاحظات بأن الإنسان كلما كان طفلا كلما كان أولا وجهه أجمل وعيناه أكثر بريقا وروحه شفافة, ويقول علماء التربية بأن الطفل حتى سن ال8 سنوات يستطيع أن يتقن ثلاث لغاتٍ وبعد هذا السن تصبح فرص التعلم لديه قليلة ونادرة,والإنسان كلما كبر كلما أصبح عنيدا أو أنه يتصف بالعناد وطبعه بالخشونة, ويزداد الإنسان قسوة على الطبيعة والبيئة المحيطة به كلما ازداد علماً ومعرفة فينشر قاذوراته في الأنهار ويلوث السماء بأعمدة الدخان.

والإنسان هو المخلوق الوحيد المثقف وهو المخلوق الذي كلما ازداد ثقافة وعلماً ومعرفة كلما صار توجيهه أصعب وترويضه أصعب وتنظيمه سياسيا أو أيديولوجيا أصعب تماما مثل عامة الشعب الذين يشكلون خطرا على الأنظمة العربية كلما أصبح المواطن أكثر ثقافة.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأم هي أول مدرسة
- هلوسات
- أصوات مزعجة
- كل عام والعالم بخير
- من يمثل الفكر الإسلامي!
- الانسان مثل الساعة
- روح الفنان
- مفاهيم مقلوبه
- سقوط أمي
- اقرأ تفرح جرّب تحزن
- مواطن أمريكي
- انحلال الشعور(1)
- الفصام السخيف
- وجوه جديدة وأصناف جديدة
- التجار يحكمون المدينة
- أزياء الحراميه
- أسعار تشجيعية
- المرأة العربية لاجئة سياسية
- يسافرون للعلاج!
- الطلاق بالثلاث


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - الإنسان البليد