أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - خسرو حميد عثمان - عندما كنت عاجزا عن التمييز بين الوهم والحقيقة2














المزيد.....

عندما كنت عاجزا عن التمييز بين الوهم والحقيقة2


خسرو حميد عثمان
كاتب

(Khasrow Hamid Othman)


الحوار المتمدن-العدد: 3227 - 2010 / 12 / 26 - 16:44
المحور: سيرة ذاتية
    


إن ترددي فى السفر إلى بغداد لمقابلة (فهمي روفا) لم تكًن متعلقا بشخصه ولا بما كُتب عنه فى كتاب (المنحرفون) الذى أراد به شركائهم السابقون فى تبرئة أنفسهم من تبعات ما حدث خلال فصل رهيب ومخجل من فصول التراجيديا العراقية الذى بدأ صباح يوم 8شباط 1963 وأُُسدل الستار عنه يوم 18تشرين الأول من العام نفسه. ولكن الموضوع كان متعلقا باستنتاجات و بمفاهيم نمت وتطورت و تراكمت لدي منذ تخرجى من الجامعة قبل سبعة سنوات والتحاقى بالخدمة الألزامية وبعدها العمل فى خمسة دوائر تابعة لأربعة وزارات ذات ظروف ومهام مختلفة وكانت كل من التربية، التخطيط، الصناعة، البلديات قبل أن ألتحق بالعمل الجديد فى الأمانة العامة لأدارة البلديات والمصايف الذى لم يمضى عليه شهر أو أكثر بقليل. وخلالها لم يقتصر إختلاطى بشريحة واسعة من العراقيين ذوي خلفيات مختلفة بل وتعداها الى أجانب (خبراء) من جنسيات متعددة حسب متطلبات العمل. كان إسمى مدرجا فى قائمة الممنوعين من السفر الى أجل غير مسمى. كنت أشعر دائما، من دون أن أستسلم له، كاننى فى سجن كبير أسواره عالية وعريضة يحرسه أشباح من الداخل والخارج ولا أمل فى امكانية هدمه أو الهروب منه، لم يكُن أمامى غير التمرد داخل السور، لأشعر بوجودى كانسان له رغبات ويكافح من أجلها. كلما كنت أشعر بأن العمل فقد سمة المتعة غيرتُه ولكن كيف؟ عن طريق التمرد المحسوب العواقب، اتحمل أضراره أنا وليس غيري. لأننى كنت واعيا بأننى أعيش فى ظل واقع لا يُساير الزمن، ثقافة معكوسة خادعة براقة من جميع الجوانب، يدعون بأن الأنسان خُلق لأجل الوطن، عليه أن يتخلى عن كل شئ لأجله، حتى حياته. لم تكن كل هذه الأدعائات تخدعني للسباحة مع التيار أو تدفعني لصعود الجبال أو الأختباء فى الأهوار. كنت أعمل كالحمار أو أكثر لكى لا أكون مثله، الحمار يتلذذ كثيرا بالعمل النمطي والمكرر وينجزه باتقان من دون الحاجة الى تدخل مالكه باهاناته وقسوته ورعونته وطيشه ليضمن علفه ومكانا مضمونا ضمن الحضيرة البعيدة عن البيت. كانت متعتى فى شئ أخر، فى التعلم بدون حدود والأنجاز التى تحل محل الأمل المفقود عند الذين يحلمون كثيرا وينامون قليلا ويعرفون ماذا تعنى (كرامة الأنسان) التى لا يستحيل المحافظة عليها بالوكالة. كثيرا كنت أتأمل فى التباين بين هيكلين عملاقين، هرمي الشكل، الأول جالس على رأسه (حافته المدببة) مغمورة فى التراب والأوحال وقاعدته العريضة معلق فى السماء معرضة لكل أهوال الطبيعة والثانى جالس على قاعدته العريضة ملتصقا بالأرض ورأسه يرنو الى السماء. كنت أرى بأن أمام من يريد بناء الهرم الأول طريقة واحدة لبنائه وهو من السمنت المسلح بشبكات معقدة مصنوعة من اسياخ الحديد القاسية والغليظة فى سباق مع الزمن، وبعدها تنعدم أمامه الخيارات باستثناء الفرشات والألوان لأزالة القُبح الذى يظهر على الهيكل مع الزمن.
أما من يريد أن يبني الهرم الثانى فله عدد كبير من الخيارات والوقت والوسائل والمواد لبنائه ويزداد رونق الهرم وبهائه بمرور الزمن .
لأجل متعة التعلم والأكتشاف وإنبهارا بما يخلقه الزمن من لوحات سرياليية بمضمون ثابت وبألوان مختلفة قررت السفر الى بغداد والحضور فى الموعد الذى حدده المهندس فهمى روفا. قبل خمسة عشر عاما كنا فى موقفين مختلفين: الصياد والفريسة وقد تكون نوايانا مختلفة، بالتأكيد، هذه المرةأيضا وأثناء اللقاء بعد أيام : مهندسان يجتمعان أحدهم يريد أن يُدعم الهرم القبيح الواقف على رأسه ويريد أن يقف البيضة على حافتها الحادة كما فعل نابليون والأخر يحلم بالمساهمة مهما كان ضئيلا فى بناء هرم قاعدته مستقرة على الأرض ورأسه يرنو الى السماء.



#خسرو_حميد_عثمان (هاشتاغ)       Khasrow_Hamid_Othman#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كُلما كان الرأسُ مُعافا سيرى الورك عجبا عِجابا
- حكايات مستوحات من أرض الواقع1
- غرائب من مملكة العجائب 7
- غرائب من مملكة العجائب 6
- غرائب من مملكة العجائب5
- التضحية باللحية لأنقاذ الرأس
- الوطن لفظنى ولكن الحوار المتمدن أحتضنني
- غرائب من مملكة العجائب 4
- غرائب من -مملكة العجائب-3
- حميد عثمان - غرائب من- مملكة العجائب- 2
- حميد عثمان فى كتابات المناضل جاسم الحلوائى 5بعد التصحيح
- حميد عثمان فى كتابات المناضل جاسم الحلوائى 4
- حميد عثمان فى كتابات المناضل جاسم الحلوائى3
- حميد عثمان فى كتابات المناضل جاسم الحلوائى(2 )
- حميد عثمان فى كتابات المناضل جاسم الحلوائى
- فرمان من فرمانات خال السيد الرئيس 5
- فرمان من فرمانات خال السيد الرئيس 4
- فرمان من فرمانات خال السيد الرئيس 3
- فرمان من فرمانات خال السيد الرئيس 2
- فرمان من فرمانات خال السيد الرئيس 1


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - خسرو حميد عثمان - عندما كنت عاجزا عن التمييز بين الوهم والحقيقة2