أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - -الانهيار القومي- في -محطَّته السودانية-!















المزيد.....

-الانهيار القومي- في -محطَّته السودانية-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3227 - 2010 / 12 / 26 - 15:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ناقوس الخطر (الذي يتهدَّد الوجود القومي العربي) يدق من جديد؛ لكن هذه المرَّة من السودان الذي بات أمْراً مسلَّما به، وفي حُكْم المؤكَّد، أنْ ينفصل جنوبه عنه، بعد، ومن خلال، الاستفتاء الوشيك لشعب الجنوب، وأنْ يؤسِّس هذا الشعب لنفسه، وبمعونة قوى دولية وإقليمية، دولة قومية مستقلة، قد يصعب عليها، وعلى "الدولة العربية في شمال السودان"، أنْ تعيشا في أمن وسلام، فثمة خشية، لها أسبابها الواقعية، من أن يكون هذا الاستفتاء، مع نتائجه، محطَّة انتقال من الحرب الأهلية إلى حرب بين الدولتين.

إنَّنا ونحن نقف والألم يعتصر قلوبنا على أطلال الوجود القومي العربي، الذي كان أقرب إلى الوجدان منه إلى الوجود الفعلي الواقعي، لا نقف، ويجب ألاَّ نقف، ضدَّ حق شعب جنوب السودان في تقرير مصيره، وبحرية تامة؛ وهذا الحق إنَّما يعني، من حيث المبدأ والأساس، الحق في الانفصال، وفي تأسيس دولة قومية خاصة به.

ولن ينتقص من هذا الحق، الذي تستمسك به، وبممارسته، على ما يبدو، أو على ما تنطق به حقائق الواقع، غالبية سكَّان الجنوب، إنْ لم تكن غالبتهم العظمى، آراء ووجهات نظر من قبيل أنَّ تلك الجماعة البشرية لا تشبه إلاَّ قليلاً الجماعة القومية، أو أنَّ مصالح لقوى دولية وإقليمية (تناصب العرب والمسلمين العداء) هي التي غذَّت ونمَّت الميل إلى الانفصال لدى سكَّان الجنوب، وجعلت انفصالهم أمْراً ممكناً من الوجهة الواقعية والفعلية، وحتمياً، أو أنَّ هذا الانفصال يجب فهمه وادارجه في سياق ما تبذله القوى نفسها من جهود لإحداث مزيدٍ من التمزُّق في الجسد القومي العربي، ولتحويل العرب إلى أُمَّة لا تملك من الوزن أو الثقل إلاَّ ما يجعلها كريشةٍ في مهبِّ كل ريح.

الصدمة، أي صدمة انفصال جنوب السودان، قوية، وقوية جدَّاً؛ وينبغي لأثرها فينا، نحن العرب، أن يكون بالقوَّة نفسها، فلا نتأثَّر إيجاباً، وإنَّما سلباً، بخطاب العزاء الذي سمعنا ونسمع، فإنَّ جُرْح هذا الانفصال لا يُداوى، ويجب ألاَّ نقبل، أو نتقبل، مداواته، بأقوال من قبيل إنَّ هذا الانفصال سيتمخَّض (بحسب مقولة "رُبَّ ضارةٍ نافعة") بسودان "جديد"، خالص العروبة، لا يخالط دمه العربي دماً آخر، ولا شريعة فيه غير الشريعة الإسلامية مَصْدَراً للتشريع.

لن ننكر على شعب الجنوب حقه في تقرير المصير، أي حقه في الانفصال، وفي أن يؤسِّس دولة قومية خاصة به؛ لكننا، في الوقت نفسه، لن نبرِّأ ساحة نظام الحكم العربي، فهو المتَّهَم في المقام الأوَّل بكل ما يحلُّ بنا من كوارث ونكبات قومية؛ أمَّا القوى الخارجية من دولية وإقليمية، والتي سيَّرت الأزمة المزمنة في العلاقة بين شطري السودان بما تشتهي سفينة مصالحها، فما كان لتأثيرها أن يكون بهذا الوزن والأهمية لو لم تكن العلاقة بين الحاكم والمحكوم في دولنا العربية تقوم على تصفير الوزن السياسي لشعوبنا ومجتمعاتنا، وللأُمَّة بأسرها.

لقد أقيم للأُمَّة الواحدة (أي للعرب الذين كان ينبغي لهم أن يكونوا، أو أن يصبحوا، أُمَّة واحدة) أكثر من عشرين دولة، يَحْكُم فيها جميعاً نظام الحكم نفسه لجهة معاداته (الباطنية والفعلية في المقام الأوَّل) للحقوق والمصالح والقضايا القومية العربية، وللحقوق الديمقراطية (الحقيقية) للمحكومين.

وها نحن نرى الآن العاقبة الحتمية، أو بعضاً من العواقب الحتمية، لهذا الخلل (القومي والديمقراطي) الكبير في أساس العلاقة بين الحاكم والمحكوم، فما أنجزه سايكس وبيكو، وأشباههما، من تمزيق "أُفقي" للعرب، يُعَزَّز ويُوطَّد على أيدي أنظمة الحكم العربية (التي هي الواحد إذ تعدَّد) من خلال ممارستها الحكم بما يهيِّئ لمرحلة من التمزيق "العمودي"، وكأنَّ غياب "الاندماج القومي" هو ما يُفسِّر، مع غياب الحياة الديمقراطية، هذا الحضور لقوى وأسباب التمزُّق "العمودي"، أي التمزُّق الداخلي لكل دولة.

لو كان لدينا من الحكومات، ومن المصالح الحكومية، ما يسمح بالاندماج، وبمزيدٍ من الاندماج، القومي العربي، وما يسمح، في الوقت نفسه، بالتأسيس لعلاقة ديمقراطية بين الحاكم والمحكوم، لتضاءلت كثيراً الميول الانفصالية لدى "الآخر" عندنا، أي لدى الجماعات القومية غير العربية التي نتشارك وإيَّاها الوطن.

إنَّ أنظمة الحكم العربية تشترك جميعاً في كونها ممعنة في انفصالها عن شعوبها ومجتمعاتها؛ تُغلِّب مصلحتها في البقاء (بما لا يبقي على مقوِّمات وجودنا) على ما عداها؛ لا تَعْرِف من طريقة في الحكم إلاَّ ما يجعل الحاكم على هيئة مسمار يُخْلَع خَلْعاً، لا على هيئة برغي يُفَكَّ من مكانه بمفك الديمقراطية وتداول السلطة، التي يرفض اقتسامها، أو اقتسام الفعلي والحقيقي منها، مع شعبه؛ فكيف له أن يقتسمها مع "أشقَّائه" في أكثر من عشرين دولة؟!

وهذا "الانفصال" هو المنبع الأهم لانفصال جنوب السودان، ولكل انفصال حدث، أو يحدث، في الدول السودانية العربية جميعاً.

حتى العداء للعدو القومي الأوَّل للعرب، وهو إسرائيل، شرع يتحوَّل، مع اشتداد حاجة أنظمة الحكم العربية إلى درء مخاطر تبدُّل المناخ الإستراتيجي العالمي عنها، إلى عداء (بعضه ظاهر، وبعضه مستتر) للضحية نفسها، أي للشعب الفلسطيني، وقضيته وحقوقه القومية، فالقضية الفلسطينية التي كانت قضية العرب الأولى أصبحت نزاعاً صغيراً تافهاً يخصُّ طرفين فحسب هما إسرائيل والفلسطينيين، ولا حلَّ له إلاَّ من طريق مفاوضات (أبدية) بين ذئب هو المفاوض الإسرائيلي، وحَمَلٍ هو المفاوض الفلسطيني، وكأنَّ شعارهم (غير المُعْلَن) هو "إذا لم تستطع ضرب إسرائيل، أو احتمال ضربها لك، فانْضَمَّ إليها في ضرب الضحية الضعيفة"!

في العراق، بدأت "التجربة".. تجربة جَعْل العرب، على كثرتهم العددية، وعلى سعة عالمهم، كمثل "أقلية قومية"، من الوجهة السياسية، أو من الوجهة السياسية ـ الإستراتيجية، فـ "الأمَّة العربية"، التي لا يقول بها الآن، وبجدواها وضرورتها، إلاَّ كل طوباويٍ حالِمٍ، على ما يقوله لنا الواقع بحقائقه المرَّة، يمكن أن "تُخْتَصَر"، في مكانتها السياسية ـ الإستراتيجية، بـ "تضخيم" كل عصبية دونية تافهة، فالعربي يجب أن يستبدَّ به الشعور بأنَّه مسلم أوَّلاً، أو مسيحي أوَّلاً؛ والعربي المسلم يجب أن يستبدَّ به الشعور بأنَّه سني أوَّلاً، أو شيعي أوَّلاً؛ والعربي المسلم السني يجب أن يستبدَّ به الشعور بأنَّه مُنْتَمٍ أكثر إلى ما هو دون "العربي المسلم السني"؛ فإذا تجزِّأت "الأمَّة العربية"، المجزَّأة في أكثر من عشرين "دولة"، بقوى "العصبية دون القومية" على اختلافها، وإذا ما توفَّرنا، وتوفَّر أعداؤنا معنا، على تجزئة، والإمعان في تجزئة، أجزاء وشظايا "الأمَّة"، أصبح العرب، من الوجهة السياسية ـ الإستراتيجية، "أقلية قومية"، يستأسد عليها حتى الفئران!

ولقد انتهت تلك "التجربة" في العراق إلى ظهور عراقيٍّ يكتشف ويعي وجوده "الحقيقي" في سنيَّته، أو في شيعيَّته، أو في عصبية ثالثة لا تقل سوءاً، فتناحَر "عرب العراق" حتى شحنوا بتناحرهم "الدول القومية" المجاورة بمزيدٍ من أسباب الحياة والقوَّة، وكأنَّ النجوم والكواكب القومية في الجوار لن يسطع نورها إلاَّ بغروب شمس العرب.

"إنَّهم عرب".. هذه الجُمْلة نسمعها دائماً منهم، وكأن لا وجود للعرب إلاَّ في الخطاب السياسي والإعلامي للأعداء، أو الخصوم، القوميين للعرب، فإسرائيل تسمي الفلسطينيين من مواطنيها "عرب إسرائيل"؛ لأنَّ "الشعب الفلسطيني" لا وجود، ولا حقوق قومية، له في "أرض إسرائيل"، فهو جاء إليها غازياً من "أرض العرب"، وينبغي له أن يعود إلى "موطنه الأصلي"، إلاَّ إذا شمله "الشعب اليهودي" بشيء من "رحمته الإنسانية"، مبقياً، بالتالي، على جزء منه في جزء من "أرض إسرائيل"، ليؤسِّس فيه دولةً له لا يستحقها!

إسرائيل هي العدو اللدود للعرب إذا ما حاولوا الاتِّحاد القومي؛ ومع ذلك تريد لهم أن يتَّحدوا جميعاً في الاعتراف بها على أنَّها "دولة الشعب اليهودي" فحسب، والتي يحق لها أن تعيش في أمن وسلام، وأن تتمتَّع بعلاقة طبيعية مع كل الدول العربية. إنَّها، أي إسرائيل، تُقِرُّ بالوجود القومي للعرب ما أفادها هذا الإقرار في إقرار الدول العربية جميعاً بحقِّها في الوجود الذي يقوم على نفي الوجود القومي للشعب الفلسطيني، وعلى نفي حقِّه القومي والتاريخي في فلسطين.

من هذا العدو القومي الأوَّل نسمع تلك "الجُمْلة" التي يستطيب سماعها شعورنا القومي؛ ونسمعها، أيضاً، من جماعات قومية وعرقية تنمو فيها الميول والنزعات الانفصالية، فـ "العرب" موجودون ليس في العراق فحسب، وإنَّما في السودان، وفي الجزائر؛ وقد نسمع، عمَّا قريب، أنَّهم موجودون في بعضٍ من دول مجلس التعاون الخليجي، فكلَّما ظهر لنا خصم سمعنا بجملة "إنَّهم عرب"!

وبهذه "المأساة" تقترن "المهزلة"، فجملة "نحن عرب" لا نسمعها في الدول العربية التي لا يعيش فيها "خصوم قوميين"، أي في غالبية الدول العربية، أو حيث يتركَّز وجود "الأمَّة العربية"، ففي معقل الوجود القومي العربي، الذي تتقاسمه أكثرية الدول العربية، نسمع فحسب جُمَلاً من قبيل "أنا مصري"، "أنا سوري"، "أنا سعودي"، "أنا أردني".

حتى في "أحكامنا الأخلاقية" اعتدنا تمجيد "الجزء" وتحقير "الكل"؛ ولقد تمكَّنت منَّا، شعوراً وعقلاً وثقافةً ولساناً..، كل عصبية حقيرة تافهة، فشرعنا نَنْسِب إليها كل مأثرة وفضيلة، ونَنْسِب إلى "العروبة"، في الوقت نفسه، كل مثلبة ورذيلة، فلماذا؟

أسْألُ طالباً التفسير والتعليل، ومن غير أن أضَع علامة تعجُّب بعد علامة الاستفهام.

إنَّني أميل إلى قياس "الوجود القومي" للبشر بـ "مقياس كاوتسكي" وليس بـ "مقياس ستالين"، فالقومية إنَّما هي كل جماعة "يشعر" أفرادها، كلهم أو معظمهم، بالانتماء القومي، ولو افتقروا إلى "البنية التحتية الاقتصادية" للوجود القومي، فهذه البنية، وعلى أهميتها، التي غالى فيها ستالين، لا تَخْلِق، وإنَّما تنمِّي، الشعور بالانتماء القومي.

في مناخ "النصر"، بمعانيه المختلفة، ينمو ويزدهر الشعور بالانتماء القومي؛ أمَّا في مناخ "الهزيمة"، بمعانيها المختلفة، فيضمر ويضمحل.

"الناصرية" بزعيمها، وبفنانيها، وفي مقدَّمهم أم كلثوم، كانت، حتى الخامس من حزيران 1967، المناخ الذي فيه نما وازدهر شعور الغالبية العظمى من العرب (في الدول العربية جميعاً) بالانتماء إلى أمَّة واحدة، ينبغي لها أن تتغلَّب على قوى التجزئة فيها، وفي خارجها، وأن تتَّحِد في دولة قومية واحدة، فعبارة "أنا عربي" كانت في ذلك "الزمن الأندلسي" قويةً وحيوية في معناها وتأثيرها.

ولَمَّا وقعت "الهزيمة الحزيرانية التاريخية" شرع "المد" القومي يتحوَّل إلى "جَزْرٍ"؛ ومن الحجارة المتأتية من هدم الشعور بالانتماء القومي شرعنا نبتني منازل لنا في عالم "أنا لست عربياً"، فتقزَّمت "الأمَّة" وتعملقت "الدول" بما تمثِّله من نزعاتٍ وميولٍ، اخترعوا لها "أطلساً" هو "أطلس سايكس ـ بيكو"، وأشباهه.

كلَّما أحرز العرب نصراً، بمعانيه المختلفة، نما الشعور بالانتماء القومي؛ وكلَّما هزموا اضمحل هذا الشعور، ونما من اضمحلاله الشعور بالانتماء إلى ما لا يستحق الانتماء، أي إلى "هوية" لا يَعْظُم الشعور بالانتماء إليها إلاَّ لدى المهزومين، الذين يتوفَّرون عندئذٍ على تحويل مأساتهم إلى مهزلة من خلال اختراع عُمْق حضاري وتاريخي لـ "الشظية" التي يعيشون فيها، وكأنَّهم لا يزوِّرون النقود إلاَّ ليقيموا الدليل على وجود، ووجوب وجود، النقد الحقيقي!

والآن، أُنْظُرْ بعين لا تغشاها الأوهام إلى "أطلس " العالم العربي، فترى أنَّ بعضاً من دولنا العربية ما عادت، من الوجهة الديمغرافية، ومع تعاظُم "العولمة" مع مخاطرها، عربياً، بدول "عربية"، وأنَّ الدول "العربية"، من الوجهة الديمغرافية، ما عادت بـ "العربية" من حيث قوَّة الشعور بالانتماء القومي، فـ "الجزء"، الذي هو في المنطق أصغر من "الكل"، هو الآن، وفي كل دولة عربية، أقوى من الكل.

وأحسب أنني لا أغالي إذا قُلْت إنَّ إسرائيل تستمدُّ 90 في المئة من قوَّتها من هذا المد في "العصبية دون القومية"، بصورها المختلفة، وكأنَّها تحتل بجنودها جزءاً صغيراً من أرض العرب، وبـ "العصبية دون القومية"، التي تستبد بنا، سائر أرض العرب!

كل الحدود بين الدول العربية إنَّما هي حدودهم.. حدود مصالحهم، بتصالحها وتنازعها؛ وينبغي لنا ألاَّ نحاول تخطِّي هذا "الخط الأحمر الدولي" الكامن في تلك الحدود، فويل لنا إذا ما فكَّرْنا، مثلاً، في أن نبتني على جانبي الحدود مدناً ومناطق قومية حرَّة، يمكنها أن تنمو نموَّاً خلوياً حتى تبلغ منتهى هذا النمو وهو قيام الاتحاد القومي العربي، فـ "المناطق الحرَّة" التي نعرف إنَّما هي التي تُفْقِرنا اقتصادياً وتغنيهم.

إنَّنا في دولٍ ليس لها من مصلحة تَحْمِلنا على التفكير في بناء مدينة صناعية كبيرة في هذه المنطقة الحدودية أو تلك، يحقُّ لأيِّ عربي أن يعيش فيها، ويعمل، وأن يَنْعُم بالحرية المدنية والسياسية، فيصبح لدينا، بالتالي، ما يشبه "الأجنَّة" للاتحاد القومي العربي.

وكيف لنا أن نفكِّر في هذا ونحن دولٌ تفهم مصالحها الأمنية على أنَّها مرادف العداء لكل حياة حزبية سياسية قومية البُعْد، فالحزب السياسي المتفرِّع، أو الممتد، قومياً، هو المحظور والمذموم والملعون؛ أمَّا نقيضه، في هذا المعنى، فهو "الأصيل" و"الحقيقي"، و"الشرعي"، ولو خضع سياسياً لمصادر التمويل الأجنبي، بمسمياتها المختلفة!

إنَّ الأمم الميتة، المنقرضة، هي في زماننا وعصرنا، الأمم التي كلَّما نمت ديمغرافياً اضمحلت في المعنى السياسي ـ الإستراتيجي لوجودها، وكأنَّها أكثرية عددية ـ أقلية سياسية، كما المرأة في مجتمعنا. إنَّها من الوجهة العددية نصف المجتمع؛ ولكنها "أقلية" من الوجهة الحقوقية والسياسية والحضارية..

ولقد حان للعرب أن يفهموا وجودهم القومي على أنَّه مكمن مصالحهم الكبرى والحقيقية، وأن يتِّخذوا منه، ومنه فحسب، "زورق نجاة"، و"آلة للسفر عبر الزمن"، ينتقلون فيها من الماضي، الذي هو كل حاضرهم، إلى المستقبل؛ لكنهم لن يصبحوا أهلاً لهذا الخيار التاريخي، أو للعمل بمقتضى هذه الضرورة التاريخية، إذا لم يتَّخذوا من الديمقراطية، بمعناها العالمي، روحاً ينفخون منها في جسدهم القومي، فالقومية العربية، المفعمة بالروح الديمقراطية، وبروح العداء لإسرائيل، والمتصالحة المتآخية مع الجماعات القومية التي نتقاسم معها مكان العيش، كالأكراد، والتي تَنْبُذ ضيق الأفق القومي، وتتسلَّح بسعة الأفق الحضاري والإنساني، هي وحدها ما نحتاج إليه كاحتياجنا إلى الهواء والماء!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يتوقَّف الزمن؟
- هذا الخلل التفاوضي الكبير!
- هل ماتت الفلسفة حقَّاً؟
- تدخُّل الإعلام في الشأن الداخلي لدولنا!
- خطوة إلى الأمام وعشرة إلى الوراء!
- إشكاليات في المعرفة الكونية
- الخيارات الستَّة البديلة!
- حلٌّ من طريق -تجميد- خيار المفاوضات!
- العالم على شفير -حرب عملات-!
- مصر تضيف -العلمانية- إلى -الديمقراطية- في انتخاباتها البرلما ...
- أُمَّة تَنْتَحِر بسلاح التعصُّب!
- شرط نتنياهو ولا -صفقة أوباما-!
- مجلس نيابي يمثِّل 470 ألف مواطن!
- كيف نفهم -سرعة الضوء-؟
- لم أرَ انتخابات تشبه التعيين أكثر منها!
- ما بين وزير الداخلية الأردني والفيلسوف هيجل!
- بلفور إذ تعدَّد!
- أخلاق انتخابية وانتخابات أخلاقية!
- كيف تُشْرِك الشعب في الانتخابات وتقصيه عن -البرلمان-؟!
- الانتخابات الأردنية..التحريض على المقاطعة!


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - -الانهيار القومي- في -محطَّته السودانية-!