أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبد الرحيم - فيلما -ابن بابل- و-المنطقة الخضراء-:رسالة مؤدلجة وابتزاز عاطفي وتبرير لجريمة الغزو















المزيد.....

فيلما -ابن بابل- و-المنطقة الخضراء-:رسالة مؤدلجة وابتزاز عاطفي وتبرير لجريمة الغزو


محمود عبد الرحيم

الحوار المتمدن-العدد: 3225 - 2010 / 12 / 24 - 19:18
المحور: الادب والفن
    


فيلما"ابن بابل" و"المنطقة الخضراء":
رسالة مؤدلجة وابتزاز عاطفي وتبرير لجريمة الغزو
*محمود عبد الرحيم:
ثمة ما يربط فيلم المخرج العراقي محمد الدراجي"ابن بابل" بفيلم المخرج الأمريكي بول جرينجراس "المنطقة الخضراء"، يتجاوز مسألة اختيار العراق كمسرح للأحداث الدرامية، إلى الرسالة التى تتشابه في الحالتين، وتركز بشكل رئيس على إدانة النظام العراقي السابق، وتحميله المسئولية عن كل المآسي التى كان ولا يزال العراقيون يعانون منها، الأمر الذي يصب في الأخير في خانة تبرير جريمة الغزو الأمريكي للعراق، بإعتباره حقق ما كان يصبو إليه العراقيون، من التخلص من صدام ونظام حزب البعث، الذي جثم على صدورهم سنوات طويلة، ونالهم منه صنوف العذاب والإيلام، فضلا عن توريط البلاد في حروب كان وقودها شباب قضى منهم من قضى، واختفى منهم من اختفى، أو بقى معاقا يعتصره الألم النفسي، فيما عانى الاطفال ذل اليتم والتشرد، وتلحفت النساء بالسواد والحسرة، وسط مصير غامض، وغد لا يدري أحد ماذا يخبئ له، حسبما تروج آلة الدعاية الأمريكية ورجال أمريكا في العراق حتى اللحظة، وعلى نحو يبدو كقنبلة دخان للتغطية على أكثر الجرائم بشاعة في التاريخ، وهي غزو شعب وتدمير بلده ومقدراته بشكل ممنهج، وانتهاك أبسط حقوقه الآدمية بشكل يفوق ما فعله النظام السابق، إن سلمنا بالاتهامات الموجهة له.
وفي الفيلمين حرصا المخرج على تغليف هذه الرسالة المؤدلجة ذات الطابع الدعائي، باطار عاطفي للاستحواذ على مشاعر المشاهد وضمان التأثير الوجداني فيه، واختيار توقيت الأيام الأولى للغزو للتهرب من المقارنة بين واقع الحال قبل وبعد الغزو، رغم أنه تم انتاج الفيلمين بعد سنوات طويلة من هذه الجريمة، وبعد أن تكشفت كثير من الحقائق، ووصول العراقيين أنفسهم إلى قناعة أنهم يعايشون الوضع الأسوأ، بل وتحسر بعضهم على أيام صدام، خاصة بعد تفجر الصراعات المذهبية والعرقية الدموية، وإن كان الفيلم العراقي قد أفرط في اللعب على الأوتار العاطفية عبر المؤثرات الصوتية خاصة الموسيقى ذات الطابع الجنائزي والمواويل الحزينة، إلى جانب توظيف الاضاءة للحصول على الايحاء النفسي بالحزن والفقد، بالاكثار من المشاهد الليلية، ومشاهد الغروب، إلى جانب لحظات الصمت المترافقة مع اللقطات الطويلة التى تستعرض حالة الخواء في الصحراء الممتدة أو الخراب الذي حل بالمدن، علاوة على الإطالة في لقطات مواكب التوابيت، وعملية البحث عن جثث المفقودين، وحالة النحيب الذي تقوم بها النساء حسرة وألما على ذويهم، والذي كان يحرص غالبا على استخدام لقطة"الكلوز آب" بدلالتها المعروفة، على نحو يحمل سمت الإبتزاز العاطفي للمشاهد.
واختيار المخرج، الذي بدا مغازلا المهرجانات الدولية، أن يكون بطلاه طفل وسيدة عجوز تموت أثناء رحلة البحث عن أبنها المختفي منذ الحرب العراقية الايرانية، يؤكد هذا المنحى، الذي زاد عليه بجعل هذه السيدة كردية، ولم تتمكن من البحث عن ابنها إلا بعد سقوط النظام العراقي، ليستدعي من خلال هذه الاشارة العرقية، التهم التى تلاحق صدام من ضرب المناطق الكردية بالغازات السامة، وما يعرف ب" حملة الانفال"، وحديث القمع العربي للاكراد و عمليات الإبادة واضطهاد الأقليات
الأكثر من هذا هو وضع شاب (عربي) كان مجندا في السابق في المناطق الكردية، في طريق السيدة الكردية، لإبراز تهمة التمييز العرقي، وأن العرب أخطاؤوا في حق الأكراد المسالمين واضطهدوهم ، وعليهم أن يشعروا بالذنب ويطلبوا الصفح، وسط حالة اجتزاء من السياق التاريخي، واغفال النزعة الانفصالية لدى الأكراد وتحالفاتهم المشبوهة التى قادت إلى احتلال العراق، وقبلها استقطاع كردستان بمساعدة واشنطن ودعم إسرائيلي، وجعلها مناطق خاصة ذات نفوذ كردي خالص، ولا تخضع للسلطة المركزية في بغداد منذ حرب العراق الثانية.
ويبدو تآلف الطفل العراقي (الكردي) مع المجند (العربي) السابق، كما لو كانت هذه هي صورة العراق الجديد المتسامح والمتآلف، وهي بالطبع عكس الحقيقة، وجعل الطفل يمسك طول الوقت بناي والده، كما لو كان هذا هو ميراث التحرر، والعزف هو صوت الحرية الذي انطلق مع الغزو، والذي يريد الرجل (العربي) الأكبر سنا أن يتعلمه من هذا الطفل (الكردي)، في رسالة رمزية، تشير إلى دور الأكراد في التغيير الذي يصح أن نصفه بالمؤامرة على تدمير العراق وغزوه تحت شعار"العراق الجديد الديمقراطي".
وقد اختار المخرج أن يكمل ابتزازه العاطفي ورسالته المؤدلجة إلى النهاية بإنهاء فيلمه بلوحة سوداء مكتوب عليها أرقام ضحايا النظام العراقي، وهي النغمة التى يتم العزف عليها كثيرا في إطار تشويه صورة النظام السابق، وتبرير إزاحته تحت دعاوى"الديمقراطية وحقوق الإنسان"، بعد أن أتضح كذب الخطر العراقي وحجة امتلاكه لأسلحة كيماوية محرمة دوليا.
وهو المعنى الذي انطلق منه الفيلم الأمريكي، وعالجه بشكل مباشر ينحو نحو الواقعية وليس الرمزية، كما هو الحال في الفيلم العراقي ، من خلال رحلة بحث عن مواقع أسلحة الدمار الشامل، ومحاولة اعتقال قيادي بارز بحزب البعث يمتلك تلك الأسرار، غير أن أحد الضباط المكلفين بهذه المهمة يكتشف أن مسألة الأسلحة لم تكن سوى كذبة، ويقرر كشف الحقيقة للرأى العام بإرسال رسائل اليكترونية للقيادات الامريكية في واشنطن ولكل وسائل الاعلام.
غير أن الرسالة الأهم وغير المباشرة المقصود تمريرها عبر هذا الفيلم تبرز بقوة في مشهدي تبرير مواطن عراقي تعاونه مع قوات الاحتلال، بالقول بإنه "من أجل مستقبلي ومساعدة بلدي"، و"إن ساقي المقطوعة في إيران"، التى قصد منهاإابداء الرغبة في الثأر، لأنه هو وأمثاله دفعوا ثمنا باهظا في حروب صدام مع جيرانه.
ثم قيامه في نهاية الفيلم بقتل القيادي في حزب البعث بنفسه، وحين نربط بين جملته الدالة وقيامه بفعل القتل، نصل إلى المغزى المراد إيصاله من وراء هذا الفيلم "أنه وإن كان الأمريكان قد كذبوا في مسألة أسلحة الدمار الشامل، فإن التخلص من صدام ونظامه كانت حاجة عراقية ملحة تبررها ممارسته القمعية وتهديده للأمن الأقليمي، وأن التدخل الأمريكي كان بمثابة العصا التى كان يفتقدها العراقيون لضرب هذا النظام "الديكتاتوري".
وقد بدا المخرج حريصا على جعل هذه الرسالة بين السطور، وسط اللجوء إلى القالب الأمريكي المحبب لدى جماهير المشاهدين" الأكشن" المصحوب بإيقاع سريع وتقنيات تصوير متطورة، وتقديم صورة الأمريكي "البطل المثالي" المتمثل في الضابط ميلر الذي يبدو حكيما وعقلانيا وشجاعا، ويسعى لكشف الحقيقة، مهما كلفه ذلك من مخاطر.
إلى جانب، المشاهد التى يبدو فيها الأمريكان وأجهزتهم الاستخباراتية والعسكرية في حالة صراع، في إشارة إلى أن غزو العراق وما استتبعه من قرارات كارثية كحل الجيش العراقي وتفكيك المؤسسات وإحداث الفوضي المدمرة بهذا البلد العربي الكبير، لم يكن محل توافق، ومجموعة صغيرة فقط من صناع القرار الأمريكي الانتهازيين هي التى تتحمل هذا الذنب، وليس الجميع الذي كان من بينهم أصوات عاقلة تعالت بالرفض والتحذير.
وكأنه يريد أن يحيلنا إلى خطاب الرئيس الأمريكي أوباما في بداية حكمه، وتبرأه من ميراث بوش، وعفا الله عما سلف.
ولكي يوحي المخرج للمشاهد بالموضوعية، وعدم التحيز، لجأ إلى الإتيان بمشاهد اقتحام منازل وترويع اطفال ونساء أو تعذيب للعراقيين، وإن كان لجأ إلى تبريرها بملاحقة كوادر حزب البعث أو انتزاع اعترافات تساعد في انجاز مهمتهم، بالإضافة إلى مشهد للعراقيين يتظاهرون احتجاجا على نقص الحاجات الأساسية ومنها المياه والكهرباء، فيما الأمريكان داخل المنطقة الخضراء يجلسون في قصور النظام السابق، ويلهون بجوار حمام السباحة ، وبجوارهم ما لذ وطاب.
*كاتب صحفي وناقد مصري
Email:[email protected]



#محمود_عبد_الرحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القضية الفلسطينية بين أعداء السلام وأعداء أنفسهم
- عثرات واستعراض واختراق اسرائيلي في مهرجان القاهرة السينمائي
- حين يدافع الآخر عن قضايانا ونقف ضدها؟!
- قريب منك:حين نفقد البصيرة ونستردها بالحب
- -عندما نرحل-:صراع الهوية الملطخ بالدم
- عباس والتلاعب بالاستحقاقات الوطنية
- -مرحبا-:حلم المهاجر الغارق في البحر الأوروبي
- رؤية الحقيقة بدون النظارة الأمريكية
- -هيروشيما- توثيق سينمائي للجريمة وتحاشي للمجرم
- السلطة بين المراوغة والشاميرية
- ابناء بينوشيه:المناضلون ودفع الثمن مرتين
- قمة سرت التهريجية واهدار المصالح العربية
- حين يكون للاستغلال ورثة وللنضال حصاد
- الورقة الايرانية والورقة الامريكية والرهان العربي
- عفوا عمرو موسى.. الموقف الرصين لا يقتضي شراء الوهم
- دراما رمضان المصرية :تلميع وتنميط وتشويه
- مسلسلات رمضان المصرية:استنساخ يكشف عن افلاس درامي
- عقد من السينما التسجيلية والقصيرة المصرية:حركة في ذات المكان
- المؤامرة على قوى المقاومة وجدارة نصر الله
- طلاق بائن بين إسرائيل والفلسطينيين و-محلل عربي-


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبد الرحيم - فيلما -ابن بابل- و-المنطقة الخضراء-:رسالة مؤدلجة وابتزاز عاطفي وتبرير لجريمة الغزو