اليوم 24 ديسمبر عيد ميلاد ليبيا !؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة
(Salim Ragi)

الحوار المتمدن-العدد: 3225 - 2010 / 12 / 24 - 16:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

مع أن نظام العقيد القذافي في ليبيا حاول عبر وسائل التعليم ووسائل الدعاية والإعلام تزييف وعي الليبيين وتزوير التاريخ والإيحاء أن ميلاد "ليبيا" كان قد تم فقط مع قدومه إلى السلطة على ظهر دبابة - في الظلام والناس نيام - في الفاتح من سبتمبر من عام 1969 إلا أن حقائق التاريخ تنتصر على محاولة الطغاة دسها في التراب ومحوها من ذاكرة الوطن والأمة !.. لهذا ففي كل عام .. وفي اليوم الرابع والعشرين من شهر "ديسمبر" تحتفل القوى الوطنية وكثير من الليبيين بذكرى إستقلال ليبيا .. وإستقلال ليبيا يعني في الحقيقة – وبإختصار - يوم عيد ميلاد ليبيا!.. ميلاد ليبيا كدولة واحدة وميلاد ليبيا كأمة وطنية متحدة .. فقبل ذلك اليوم كادت الأمور تسير في إتجاه مغاير للإتحاد والوحدة!.. ولولا فضل الله وعزيمة الأباء المؤسسين للدولة الليبية الذين إلتفوا حول السيد "إدريس السنوسي" – رحمه الله – وجعلوه رمزا ً وقائدا ً لكل الليبيين لما ولدت دولة "ليبيا" ولحلت محلها دويلتان منفصلتان أحدهما تسمى "الجمهورية الطرابلسية" في غرب ليبيا الحالية والأخرى تسمى "الإمارة السنوسية" أو "إمارة برقة" في شرق ليبيا الحالية!.. ولكن الله سلم ومنَّ فكانت دولة الإتحاد الليبي (الولايات المتحدة الليبية)(طرابلس وبرقة وفزان) تحت إسم (ليبيا) و(المملكة الليبية المتحدة) التي تم الإتفاق عليها بين الليبيين في ديسمبر 1950 ثم الإعلان عنها في 24 ديسمبر عام 1951 وهو يوم إستقلال ليبيا ويوم ميلادها وإنضمامها للمجتمع الدولي والأمم المتحدة كدولة عضو وأمة وطنية ذات سيادة.

وذكرى الإستقلال في حسي الوطني كما أنها ترتبط بذكريات الجهاد وكفاح الأجداد لأنها كانت ثمرة لذاك الجهاد فإنها ترتبط – في الوقت نفسه – بذكرى الإتحاد! .. هل تعرفون كيف تم ومتى تم الإتحاد؟ .. إتحاد شعوب الولايات الليبية الثلاث (طرابلس وبرقة وفزان) في دولة متحدة – هي الدولة الليبية - ومن ثم ميلاد (أمة وطنية سياسية جديدة) واحده وموحدة هي (الأمة الليبية) ؟ .. هذه (الأمة) التي تم التلاعب اليوم بهويتها الوطنية وتشويهها وإضعافها من قبل نظام العقيد القذافي خلال الأربعة عقود الماضية بدعوى وشعارات (إيديولوجية وسياسية) مختلقة معادية للحس الوطني الليبي الأصيل ولا تسمن ولا تغني من جوع تارة ً بإسم قومية عروبية عرقية متطرفة ثم بإسم الأممية وحكم الجماهير (!!) وتارة ً بإسم الأفرقة وتارة باسم الفضاءات الإقليمية وتارة بإسم الفوطمة وحكم الأشراف .. وهلمجرا ً!!؟؟ .

الإتحاد الليبي لم يكن حتميا ً؟

إن إتحاد الليبيين في دولة واحدة متحدة إسمها (ليبيا) ثم إعلان إستقلالها عام 1951 لم يكنا أمرين محتومين أو سهلا المنال؟؟؟ ... لا والله!.. وكذلك لم يكن الأمر وليد الصدفة أو منة وعطية من المستعمر! .. بل كان يشبه - إلى حد بعيد - إفتكاك (طفل وليد رضيع) من بين أنياب ومخالب ذئب ضخم جائع لو كنتم تعلمون!.. فلولا ذاك الإتحاد - إتحاد القلوب والعقول والكلمات والرايات - الذي سبق يوم إعلان الإستقلال بعدة سنوات - لربما سارت الأمور - لا سامح الله - في إتجاه آخر مكروه!..أي إتجاه ميلاد ثلاثة دويلات أو دولتين على غرار ممالك وإمارات الخليج على هذه البقعة الشاسعة التي نطلق عليها اليوم إسم (ليبيا)! .. بل وبالرجوع إلى التاريخ فإننا نلاحظ وعقب إنسحاب الأتراك من ليبيا وبدء الغزو الإيطالي فإن سكان غرب ليبيا كانوا يومها بصدد لم شملهم لإقامة (جمهورية طرابلسية)(1918) تضم (الشعب الطرابلسي) أو (الأمة الطرابلسية؟) في هذه الدولة التي تمتد حدودها شرقاً من (برقه؟) – أي شرق ليبيا اليوم - إلى الديار التونسية غرباً حسب نص إعلان الجمهوريه !؟ .. وفي المقابل فإن سكان شرق ليبيا كانوا يعلنون عن إمارتهم السنوسية أو إمارة برقة التي تضم الشعب البرقاوي أو (الأمة البرقاوية؟) في هذه الإمارة التي تمتد شرقاً حتى حدود الديار المصرية وغرباً حتى حدود (الجمهورية الطرابلسية) أو (القطر الطرابلسي) حسب إعلان إستقلال برقه1949!! .. وكان بعض (الفزازنة) سكان جنوب ليبيا – تحت زعامة عائلة "سيف النصر" العريقة يتطلع يومها أيضاً إلى إقامة دولتهم وإمارتهم المستقلة الخاصة بهم (إمارة فزان)!.
فالذي يطلع على تاريخ ليبيا الحديث ويغوص في مساربه الشائكة سيدرك بأنه قبل قيام (الدولة الليبية) عام 1951 سيتفاجأ - ربما - بأن الأمور لم تكن (محتومة) بأن تسير في إتجاه (الإتحاد والوحدة) ولا (الإستقلال) بل ربما كانت ستسير في إتجاهات مغايرة كما كانت تريد وتخطط بعض الأطراف الدوليه والمحليه؟!.

ولولا فضل الله ثم إصرار الليبيين لتحقيق وحدتهم وإستقلال دولتهم وإلتفافهم حول السيد "إدريس السنوسي" لكانت الخارطة السياسية اليوم مغايرة تماماً للمشهد الحالي! .. من يدري!؟.. ولكن الله سلم ومنَ علينا بالوحدة والإستقلال وكفى المؤمنين بهذا الإتحاد شر التشرذم والقتال وحقق المنال - ببركة دماء الشهداء وجهاد الأبطال وبجهود وإجتهادات الرجال – فكان هذا اليوم التاريخي المفصلي الكريم يوم الإستقلال في 24 ديسمبر 1951 .. هذا اليوم التاريخي المجيد الذي يعني لي ولكل وطني ليبي حر ميلاد دولة ليبيا الحديثة بل وميلاد "الأمة الليبية" كأمة وطنية تضم الليبيين وكعضو في منظمة "الأمم المتحدة"!.
فعيد ميلاد سعيد لليبيا في ذكرى إستقلالها و"العقبال" لنيل الإستقلال الثاني الداخلي بالتحرر من هذا الحكم الشمولي المتجسد في نظام العقيد القذافي وبالتالي إقامة نظام وطني ديموقراطي دستوري تعددي يسع كل الليبيين ويحقق لليبيين الأمن والحرية والرخاء والتقدم.

#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)       Salim_Ragi#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات