أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - جهاد علاونه - الانسان مثل الساعة















المزيد.....

الانسان مثل الساعة


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3222 - 2010 / 12 / 21 - 20:39
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


بعض الخبراء اليوم يقولون بأن تقديم الساعة 60 دقيقة وتأخيرها 60 دقيقة في كل سنة له مخاطر كبيرة على ساعة الإنسان البيولوجية بحيث أنها تعمل على اضطرابات في الدماغ وفي القلب بسبب إجبار الإنسان في التكيّف معها مما يؤثر على الصحة النفسية ولم أسمع محاضرة دينية في حياتي تتحدث عن استثمار الوقت أو عن (إدارة الوقت) ذلك أن الدين الإسلامي نشأ في بيئة صحراوية غير منتجه والإنسان لا يعمل لذلك لم يكن لأولئك البدو جهود استثمارية لاستثمار الوقت وإدارته ويقول المفكر الساخر العربي الكبير الصادق النيهوم (الإنسان مثل الساعة إما أن يكون منتظما وإما أن يذهب إلى محل تصليح) وتذكرت هذه العبارة اليوم حين جلست مع طبيب القلب الذي أجرى لأمي عملية القسطرة حيث زرع لها شبكة في الشريان الرئيسي المغلق وقال لي الطبيب (الآن ستنتظم دقات القلب) وقلت بيني وبين نفسي: سبحان الخالق يجب على الإنسان أن يكون قلبه منتظما وأن يدق بانتظام مثل ساعة الحائط من أجل أن يمارس حياة طبيعية,والقلب الذي لا يدق بانتظام يجب أن نعيد إليه نظامه وحيويته مثل الساعة وتذكرت مقولة النيهوم بأن الإنسان يجب أن يكون مثل الساعة, وسرحت بأفكاري بعيدا وأنا أنظر إلى بعض الناس الذين لا يعرفون قيمة الوقت وقيمة النظام في حياة الإنسان المعاصر فالإنسان المعاصر اليوم يجب أن يكون مُنتظما جدا في كل شيء ويجب أن يتابع الحياة بانتظام دقيق وأن يتأخر بساعته ساعة إذا تأخر الناس وأن يتقدم بساعته ساعة إذا تقدم الناس, وقارنت بين الإنسان العصري وبين الإنسان غير العصري الذي لم يكن يعرف للوقت قيمة فالرجل العصري هذه الأيام دائم النظر في ساعته فيخشى على نفسه من الخسارة المالية الكبيرة إذا تأخر قليلاً وقرأت مرة عن رجل أعمال تأخر قليلا في إحدى المطارات وأراد 10 دقائق ليلتحق بموعدٍ مهم جدا وما كان منه إلا أن اشترى المطار بالكامل أو بأنه اشترى الطائرة نفسها وذلك لكي يتحكم بمواعيد الإقلاع , إن الإنسان المعاصر فعلا مثل الساعة تخلخله أحيانا بيدك عامدا متعمدا إذا أصابه اضطراب وكأنه ساعة تضربها بيدك لكي تمشي بانتظام أو مثل التلفزيون حين كانت تختفي الصورة من على شاشته فكنا نضربه بأيدينا من أجل أن تعود إليه الصورة بانتظام, وكثيرا ما أشاهد بعض الناس المتأخرين عن موعد عملهم وهم قلقون ويريدون تركيب أجنحة ليطيروا بها محلقين بسرعة لكي لا يخسروا من قيمة الوقت شيئا, وقبل عصر التلفونات المحمولة كنا نتسابق على فيما بيننا من يحمل الساعة الأكثر دقة أنا أم أنت أم فلان من الناس, إن الإنسان العصري بحق مثل الساعة وإن نظام حياتنا اليوم محسوب بالسرعة وبالدقة في المواعيد فيجب على الإنسان أن يكون إنسانا منتظما.

فإذا امتدحنا إنسانا في مواعيده هذه الأيام فإننا على الفور نشبهه بأفضل أنواع الساعات السويسرية دقة ومتانة, فنقول (فلان من الناس مثل ساعة السيكو) و(فلانه من الناس مثل ساعة (الأورينت) لا تُقدم دقيقة ولا تؤخر دقيقة) وفلان من الناس منتظم جدا بمواعيده وكأنه (ساعة بق بن) وإذا أراد أي شخص أن يمتدح نفسه فإنه فورا يشبه نفسه ونظام حياته بنظام الساعة التي لا تؤخر ولا تقدم, والناس اليوم يسخرون من غير المنتظم في مواعيده بقولهم (أنت مثل الساعة الخربانه) أو (شو بيك ساعتك خربانه..ومواعيدك تعبانه) والوقت مهم ومحسوب بالدقائق وبالثواني وأيام زمان لم يكن للوقت قيمة بل كانت القيمة في القوة فقط لا غير.

إن الإنسان العصري اليوم هو :الإنسان المُكون من مكونين, فأولا يجب أن يتكون الإنسان من السرعة وأن يكون مخلوقا من السرعة نفسها كما كانت الشائعات القديمة تقول عنه بأنه مخلوق من طين, فاليوم يجب أن تنتشر الشائعات الجديدة عن الإنسان بأنه مخلوق من السرعة في كل شيء,سرعةٌ في الأكل وسرعةٌ في الشرب والنوم والصحو لكي لا يتأخر عن مواعيده فيجب أن يصحو بسرعة وأن يذهب لعمله بسرعة وأن ينتج بسرعة وأن يفكر بحل مشاكله العصرية بسرعة شريطة أن ينتظم في كل ذلك وأن يتخذ لنفسه نظاما لا يستطيع فيه التأخير عن موعد الطائرة أو القيطار أو الحافلة,ويجب أن يذهب الطالب إلى الجامعة بسرعة لكي يصل إلى موعد المحاضرة بدقة وكثيرون من أساتذة الجامعات اليوم لا يسمحون للطالب بأن يدخل المحاضرة متأخرا ولا حتى بدقيقة واحدة, يجب على الإنسان أن يحترم هذا الشعور والذي تسعى الدول والحكومات في العالم إلى تعزيزه فينا بحيث تحفر المترو أنفاق والجسور كلها من أجل أن يلتحق العمال بأعمالهم بسرعة وبدون أي تأخير, ويجب على الإنسان أن يضبط مواعيده بدقة لأن للناس مشاغل أخرى وأمور أخرى ومواعيد وارتباطات أخرى ولأن للناس أعمالاً أخرى متعددة وزبائن كثيرون جدا بحيث لا يستطيع مثلا التاجر أو حتى صاحب محل للبيع بأن يعطيك وقتك ووقت غيرك من الناس مثل الطبيب الذي لا يستطيع أن يعطيك من وقت الآخرين فوقت الناس اليوم ليس من الذهب فحسب وإنما يكلفهم أضاعته مخالفات قانونية فالذي يتخلف عن موعد عمله يتعرض للعقوبات المنصوص عليها في القانون, إن الحياة اليوم تعتمد على السرعة وعلى الدقة في كل شيء.
لقد كان الإنسان يسعى ليكون هو الأقوى في كل شيء في العضلات وفي السلاح, أما اليوم فإن الإنسان يسعى لأن يكون هو الأسرع والمنتظم في كل شيء وفي كل المجالات لأن الأسرع يأكل الأبطئ كما كان الأكبر يأكل الأصغر.

والإنسان العصري هذا اليوم يجب أن يتخلى عن مبدأ القوة العضلية وأن يتجه إلى قوة السرعة وأن يحافظ على هذا النظام بدقة بالغة وشدتها فإما أن يكون هذا الإنسان العصري سريعا على الخط السريع فيتنافس مع من هم أسرع منه وإما يكون بطيئا فيسبب الأذى لنفسه وللآخرين, فالسرعة هنا لا تتسبب بالحوادث بل هي المنقذ للإنسان من الجوع, فنحن نعيش في عصر السرعة وفي عصر يقاس كل شيء فيه إلى السرعة, فإذا ذهبت لشراء كمبيوتر فعليك أن تشتري الأسرع وإذا ذهبت لشراء سيارة فعليك اقتناء الأسرع وإذا أرادت إحدى الشركات إنشاء شركة ملاحة جوية أو بحرية أو سكة حديدية فإنها دائما ما تسعى لتقديم الأسرع لزبائنها ولمنافسيها فالأسرع اليوم هو الأقوى وهو الأجمل, سرعة + دقة, فيجب على شركات الملاحة أن تكون منتظمة في مواعيد الحضور ففي تمام الساعة 11:5 سيحضر القيطار , معنى هذا أنه سيتوقف في محطته التالية في تمام الساعة المُعلن عنها , والطبيب يفتح باب عيادته الخاصة في تمام الساعة المعلن عنها وإلا فإنه سيفقد زبائنه وسيتركونه لأن لديهم بعد ذلك مواعيد أخرى , ولكل الناس أشغالها وأعمالها, بعكس العصر القديم الذي لم يكن فيه الانسان منتظما بمواعيده وذلك بسبب البطالة وكثرتها فتأخير ساعة أو ساعتين قبل 100 سنة أو 200 سنة لم يكن أمرا مهماً, فإذا مثلا تأخر تاجر قبل 500 سنة عن موعد اتمام صفقته التجارية بيوم أو يومين أو إذا كان التأخير ثلاثة أيام فلن يكون أمرا مهما أما اليوم فإن التأخير محسوب بالساعات وبالدقائق وهنالك عقوبات على المتأخرين في تسليم العطاءات إذا تأخر موعد التسليم النهائي وهنالك غرامات مالية, لذلك تسعى الشركات اليوم لتكون منتظمة في كل شيء مثل الإنسان العري الذي يمشي كما تمشي الساعة فإذا توقف فهذا معناه أن يذهب إلى محل تصليح, بل إلى أفضل محلات التصليح.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روح الفنان
- مفاهيم مقلوبه
- سقوط أمي
- اقرأ تفرح جرّب تحزن
- مواطن أمريكي
- انحلال الشعور(1)
- الفصام السخيف
- وجوه جديدة وأصناف جديدة
- التجار يحكمون المدينة
- أزياء الحراميه
- أسعار تشجيعية
- المرأة العربية لاجئة سياسية
- يسافرون للعلاج!
- الطلاق بالثلاث
- في الجلجثة
- عرق الجبين
- براءة الأطفال
- الهجوم وسيلة للدفاع
- رسالة إلى الشعب الأمريكي
- تشابه أسماء


المزيد.....




- وزير المالية القطري يجتمع مع نائب وزير الخزانة الأمريكية
- هل تكسب روسيا الحرب الاقتصادية؟
- سيلوانوف: فكرة مصادرة الأصول الروسية تقوض النظام النقدي والم ...
- يونايتد إيرلاينز تلغي رحلات لتل أبيب حتى 2 مايو لدواع أمنية ...
- أسهم أوروبا تقلص خسائرها مع انحسار التوتر في الشرق الأوسط
- اللجنة التوجيهية لصندوق النقد تقر بخطر الصراعات على الاقتصاد ...
- الأناضول: استثمارات كبيرة بالسعودية بسبب النفط وتسهيلات الإق ...
- ارتفاع كبير في أسعار النفط والذهب عقب الهجوم على إيران
- صحيفة: إسرائيل جمعت أكثر من 3 مليارات دولار منذ بداية الحرب ...
- ماذا تتضمن المساعدات الأميركية الجديدة لإسرائيل وأوكرانيا؟


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - جهاد علاونه - الانسان مثل الساعة