|
البنطلون الذي وصل للخيمة
شوقية عروق منصور
الحوار المتمدن-العدد: 3221 - 2010 / 12 / 20 - 18:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حين كانت تصرخ وتحاول الاختباء ، كانوا يضحكون ويقهقون عليها ، يعتبرون ضربها رجولة وحماية للأخلاق الحميدة التي تريد ان تتسرب من أرجل البنطلون ، لم تجد المرأة أي رجل يوقف الجلد الدامي ، ولم تجد من يعترض ويحاول الاستنكار ، لكن من نعم الهواتف الخليوية انها تحولت الى كاميرات تسجل المواقف الهاربة من اللحظات المخبئة ، او اللحظات التي تكون في قمة تفاصيلها مذهلة ، لكن اصحابها يحاولون كسر ذهولها على عتبة الخوف من انتشارها . لم نعرف اسم الشابة السودانية التي كانت تجلد بحرارة الكرباج الذي يريد ان يصيغ " النقاء والفضيلة " في مجتمع يعاني من الفوضى والفقر والنزاع والانقسام ، لكن رأينا وجه الشرطي الذي كان يجلدها ، وهو يتمتع بالجلد وأصوات الصراخ والتوسل ، وقد انضم إليه شرطي آخر حتى تكتمل مهمة تلقين دروس الأخلاق للفتيات اللواتي يخرجن عن عادات وتقاليد المجتمع السوداني . من حق كل مجتمع ان تكون له خصوصياته ، لكن عندما يتحول البنطلون الى جريمة العصر ، تصبح حياة المرأة شاشة يجب ان يحدق فيها الآخرون حتى يروا خطوط العذاب الذي قد ينالونه إذا تمردوا على الخصوصية . تلك المرأة (أذنبت) حين ارتدت البنطلون ، نالت عقوبة الجلد المبرح ، ولم يرحمها الناس الذين كانوا يتمتعون بمشاهد الجلد بفرح وانبساط، لان جلد المرأة من جلد الشيطان الذي يعبث في المجتمع . سابقاً ظهرت قصة الصحفية (لبنى احمد الحسين) ، التي أدانتها محكمة سودانية بتهمة (ارتداء زي فاضح ) بنطلون تحت العباءة ، لكنها أثارت قرار الإدانه على الملأ عبر الفضائيات وقررت ان تذهب الى ساحة المحكمة وتتلقى الجلد ، وقد قامت بدعوة الجمعيات النسائية وجمعيات حقوق الانسان ، وعلى خجل تنازلت المحكمة عن الجلد خوفاً من تداعي هذا الحكم على الرأي العام العالمي . فجأة رجعت قصة البنطلون الى ساحات مسح العار في السودان، ورجعت المرأة التي تجرأت وارتدته الى إطار الصورة المخزية، التي تجعل من قطعة قماش هماً وطنياً ، في الوقت الذي يتعرض الوطن الى جوع وتقسيم وهجرة وهروب الى إسرائيل . بينما كان يعرض شريط الجلد على الفضائيات ويوزع على (اليوتيوب ) وبين رافض لعملية الجلد ومؤيد لها ، القت السلطات المصرية في صحراء سيناءعلى مجموعة من السودانيين في طريقهم الى اسرائيل للبحث عن عمل - هروب الى اسرائيل لا يهم ، ولا احد يجلد السلطات السودانية على صمتها المزري على هذا الهرب ..! وقد رأينا ، ولا نزال نرى الكثير من العمال السودانيين في شوارع تل ابيب وحيفا وغيرها من المدن الإسرائيلية ، وأيضاً ينتشرون في القرى والمدن العربية ، انهم ينتظرون على الأرصفة اصحاب الأعمال والمقاولين، حتى اصبحوا يحاشرون العمال الفلسطينين الذين يهربون من الحواجز عبر طرق خطرة للعمل وتوفير لقمة العيش . . ان البنطلون يثير حفيظة النظام السوداني ويد النظام ، الشرطة تريد قطع دابر البنطلون الاستعماري الذي يغتال كرامة الوطن !!! .فإاذا كان البنطلون يشعل الحذر ويخيف الذين يحرصون على نقاء الأمة، فان الخيمة تشعل في الرأس السؤال ، هل يوجد زعيم عربي يتنازل عن قصره من اجل فقراء ومشردي شعبه ؟ (هوجو شافيز) رئيس فنزويلا ، تنازل عن قصره الرئاسي من اجل الذين دمرت بيوتهم في الفيضانات التي اجتاحت البلاد مؤخراً، موقف وطني من زعيم يحترم الآم شعبه ، شعر ان واجبه حمايتهم من البرد والمطر ، فقدم بكل طيبة الإنسان الرفيع قصره ،هذه قصة من قصص التاريخ الملىء بالقادة الذين نصفهم قيادة ونصفهم الآخر انسانية . (شافيز) سكن في الخيمة التي اهداها له الرئيس الليبي معمر القذافي – الشهير بحبه للخيام ، وقد اثبتت وثائق ويكيليكس ان القذافي يعاني من الخوف من الأماكن العالية ، لذلك نستطيع تفسير حبه لنصب الخيام – . في احدى اللقاءات مع الشاعر احمد فؤاد نجم سألوه عن بيت حسني مبارك ضحك وقال ( هو حد يعرف حسني مبارك بينام فين ؟؟؟) واذا قسنا هذه الرد على باقي الرؤساء العرب نؤكد انه لايوجد مواطن يعرف اين رئيسه ينام ! وهناك رؤساء يغيبون عن الوطن والمواطن لايعرف بغيابهم ! شافيز يوسع قصره لاحتواء شعبه ، ونحن نضيق الوطن حتى يتحول الى فتحة في بنطلون قد تكون فقط للتبول .
#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دخان الحرائق ودخان الحاخامات
-
افتح يا ويكيليكس
-
حدث في مطار القاهرة وليس في مطار بن غوريون
-
العنوسة والطلاق والنساء المسترجلات
-
عندما يبكي الرجال في غزة
-
ما اتعس الوطن حين نصبح اشجارا للقطع
-
وانا مالي يا بوي وانا مالي
-
اليوم الكئيب الذي يفلت من السنوات الاربعين
-
بكم تباع كيلو الأنوثة ؟؟
-
بعد الموائد العامرة مشاعر متضاربة
-
ارزة وزيتونة في حبة قطايف
-
قانون الجرافات فوق المواطن
-
الثعلب على موائد رمضان
-
-بيل غيتس- امام موائد الرحمن
-
باب الحارة يؤدي الى الكازينو
-
الموت في اسرائيل
-
في زمن الشعير نلجأ الى الحمير
-
باب توبة العملاء من البلاستيك
-
شعوب رهينة لمزاج الحكام
-
احسد شاليط
المزيد.....
-
اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب بنيويورك
-
وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
-
مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم
...
-
البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ
...
-
كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري
...
-
بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض
...
-
السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم
...
-
وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
-
مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس
...
-
-حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|