أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد ابو حطب - الحداد والشيطان/قصة قصيرة














المزيد.....

الحداد والشيطان/قصة قصيرة


عماد ابو حطب

الحوار المتمدن-العدد: 3220 - 2010 / 12 / 19 - 13:15
المحور: الادب والفن
    


الحداد والشيطان/قصة قصيرة


كنت طفلا كثير الخيال،أحلم فأصدق أحلامي،وفي يوم اصطحبني أبي الى محل الحداد،لعلي أتعلم شيئا يفيدني في حياتي اللاحقة،وشدد على معلمي كثيرا بأن يقسى علي حتي أتشرب المصلحة وأصبح حدادا يشار له بالبنان.ولم ينس قبل أن يتركني في دكان الحداد أن يقهقه قائلا :"ما تنسى الك اللحم والنا العظم".

معلمي كان قصير القامة ممتلئ الجسد،صاحب اكبر كرش في المدينة ،وطبعا لابد أن أذكر أن كفيه كانتا كالمخباط سميكتين وكبيرتين كانتا كافيتين لطرح جملا بالارض،لهذا كنت اتحاشى اغضابه خوفا من طيارة مفاجئة من يده قد تودي بحياتي الى الابد.كان سريع الغضب ،يتطاير الشرر من عينيه لاتفه الاسباب،وان غضب فعلى الدنيا السلام،عتدئذ وكما يقولون لا" يطس امامه" ويهجم على خصمه غير منتبه ا ن كان يحمل في يده مطرقة أو منفاخا او حدوة، وليس أمام الخصم الا الفرار أواعلان الشهادتين.

لكن والحق يقال انه كان طيب القلب،و"القطة تأكل عشاه" ،فكلمة حلوة صغيرة كافية لأن تأخذ ما تريد منه.هذه الطيبة سرعان ما تختفي ساعة العمل،فهو هنا انسان اخر،لا يعرف حتى امه.لهذا كنت اركز معه في كل ما يفعله لا حبا في هذه الصنعة المتعبة المليئة بالشحار والعرق والتعب لكن خوفا من بطشه او غضبه.وهكذا تعلمت الصنعة سريعا وأتقنتها بوقت خيالى لم يصدقه معلمي او والدي الذي ما انفك كل يوم يعيرني بان لا فائدة مني وكثيرا ما كان يتحدى والدتي بالقول: "تفي بلحيتي ان كان فلح هالهامل".

أمرا واحدا كان يعيب عملي،أنني كنت دائم السرحان والتخيل،وهو امر مخيف في صنعة تعتمد على الحديد والنار.وعواقبها وخيمة .ولحسن حظي أن معلمي لم يلحظ هذا الامر علي والا كانت نهايتي على يديه.وحينما تيقن انني قد بت ضليعا في الصنعة أصبح يتركني في المحددة ويغيب.

في ذلك اليوم،حدث أمر غريب،كان بمثابة كابوس لف المدينة،لقد شاع فيها أن الشيطان يجول ليلا في الطرقات،ومن يلقاه يمسه فيصبح عبدا له.وما أن انتشر النبأ حتى خوت الطرقات مع اسدال الليل لاول ستائره ،ولم تعد تلقى العشاق أو بائعي الورود ،اختفى بائعو الماء والحناطير وحتى السكاري كأنهم تابوا الى الله ولم يعودوا سكارى.حتى الكلاب الشاردة والقطط المتجمعة في حاويات القمامة اختفت برمشة عين...أصبح الليل كئيبا،لا انس فيه ولكن شيطانا يطرق أبوابه ويجول في الطرقات.حرص معلمي وشدد على أن أقفل المحددة قبل المغيب،وما أن أكمل كلامه حتى هرول سريعا وكأنه" فص ملح ذاب ".بدأت في جمع المطارق والسندان والمنافيخ لتخزينها في مكانها المعهود ،وبينما أنا منهمك في جمع ما تناثر من حولي فاذ بشخص يقفز أمامي وينتصب شامخا،كانت ملامحه غريبة لا بل مخيفة،عينيه كقطعتي جمر متقدتين،وجهه مدبب ومجدور أو محروق،شعره كث مغبر،تفوح منه رائحة الرماد كأنه ولد في محرقة،جلبابه رث مسود يجره على الارض ويغطي كامل جسده.

ما أن رأيته حتى دب الرعب بأوصالي لكني حاولت أن أتماسك أمامه،لعله درويشا جاء يطلب حسنة،أو مشردا أضاع الطريق...أو .....اقترب الرجل مني وبصوت أشبه بفحيح الافاعي قال:"لقد أتعبتني طرقات المدينة وأصبح حذائي باليا،الا تستطيع أن تحدي لي قدماي؟". استغربت طلبه،فأنا لم اسمع عن انسان قام بحدي قدميه من قبل،ايمكن أن يكون مجنونا ولا يفقه أن الحدي للبهائم لا للبشر.ولما بينت له الامر،امتعض وصرخ بي: "نفذ ما أمرتك به ولا تجادلني فأنا في عجلة من أمري" .ومد لي قدمه اليمنى وما أن شاهدتها حتى كدت أن أقع على الارض من الرعب،لقد كان الرجل يملك أظلافا مشقوقة،ياللهول انه الشيطان بلحمه وشحمه،لقد باغتني اللعين وأتاني على حين غرة وهاهو يسد الباب ولا طريق للفرار أو الاختباء.لم يكن أمامي الا التفكير واستخدام عقلي من أجل حسن التدبير.ابتسمت له وقلت: "لا يمكنني حدي قدميك الا ان علقتك وقيدتك الى الحائط حتى لا تتحرك من الالم واستطيع تثبيت الحدوات في مكانها الصحيح"،وافق الشيطان على ما طلبت مشترطا سرعة العمل ودقة الانجاز.

ما أن علقت الشيطان اللعين حتى سمته العذاب الاليم وباتت حاله تصعب حتى على الكافر أو اللئيم.تعالت صرخاته وملئت ارجاء المدينة،فنزل الخلق من بيوتهم مستطلعين وحينما شاهدوا الشيطان الرجيم معلقا خروا لرب العالمين ساجدين وشاكرين نعمته عليهم بالامساك بالشيطان الرجيم ؛وأقبلوا علي مهنئين وطلبوا مني قتله .أوضحت للعامة أن الشيطان لا يمكن لانسي قتله وهذا الامر بيد الله وحده ،لكني سأأخذ عليه عهدا لا بد أن يقطعه على نفسه ان اراد الخلاص المبين.اقتربت من الشيطان وهمست في اذنه : "لن افك قيدك الا ان اعطيتني عهدا أن لا تدخل منزلا علق على بابه حدوة من صنعي،وان فعلت فستربطك حدواتك وتعلقك بالسقف من جديد ولن تنجو من عقاب الخلق الثائرين" .وافق الشيطان المسكين وسلم بشروطي.وما أن أعلنت أنني سأفكه بشرط أن لا يقرب من بيت علق على بابه حدوة مصنوعة من يدي،حتى تدافع الجمع هاربين.فككت الشيطان واطلقت سراحه،وما أن غاب حتى تدافع الناس بباب المحددة لاصنع لهم تميمة الخلاص من الشيطان اللئيم.

لا ادر حتى الان اهو حلم ام ان الشيطان جائني أم ان القوم ظنوا أن حدوتي تميمة حظ تقيهم غدر الشيطان المسكين.



#عماد_ابو_حطب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقهى
- خطباء 2)
- خطباء 1)
- عصفور...
- يوميات حجر منفي
- الميت السعيد/قصة قصيرة
- مات الشهيد
- طفولة
- 1-00-0-1-00-00-0-00-0-1-00/اقصوصة
- عزرا يولد من رحم جوليات الفلسطيني/قصة ام هلوسات
- النعش الطائر/قصة قصيرة
- مومس
- بهلوان
- البدلة العجيبة/اقصوصة
- لا محل لك من الاعراب/قصة قصيرة
- بلا عنوان/يترك العنوان لكم/اقصوصة
- جنازة/اقصوصة
- ذهب ولهب
- زُلْزِلَتِ الأرْضُ
- لم يكن يعلم


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد ابو حطب - الحداد والشيطان/قصة قصيرة