|
منهجية الثيوقراطية العراقية الحاكمة
عبد علي عوض
الحوار المتمدن-العدد: 3220 - 2010 / 12 / 19 - 06:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إنَّ تجارب الأنظمة الفاشية والنازية ، أصبحت مدارس غنية لكل حزب أو تيار أو حركة سياسية أوتكتّل سياسي ، تطمح في الإستيلاء على السلطة وبسط نفوذها على أجهزة الدولة وإدارتها لها من خلال مفاهيم معتقداتها الضيقة ، حتى لو كانت تلك المفاهيم تؤدي بالمجتمع الى الدمار والهلاك . عندما إعتلت تلك التظيمات السياسية القمعية ناصية الحكم ، كانت أولى إجراءاتها هي السيطرة على الأقلام الحرة الوطنية المنادية بالحرية والعدالة الإجتماعية ، ومَن يعارض منها ، يكون مصيرة أما الإعتقال أو التصفية الجسدية ( غيلةً ) ، والخطوات بالتتابع هي الهجوم بحملات إعلامية تسقيطية ملفقة مِن قِبل إعلام السلطة ، مِن أجل إسقاطها جماهيرياً ، تعقبها مباشرةً حملة إعتقالات للقوى اليسارية خاصةً والديمقراطية عامةً . هذا ما سلكته العسكرتارية الفرانكوية في اسپانيا عندما قمعت كل مَن نادى بالحرية ورفع شعاراتها ، ونفذت حكم الإعدام بالشاعر الشيوعي الشاب ( لوركا ) ، الذي كان سلاحه الوحيد هي قصائده الشعرية ، وذات الحال مع الفاشية الإيطالية الموسولينية ، عندما طاردت الحزب الشيوعي الإيطالي والوطنيين الأحرار ، وعانوا ما عانوا من الملاحقات والإعتقالات ، ونفس الصورة تتكرر في المانيا النازية ، عندما صنع هتلر آلة إعلامية عملاقة بقيادة ( غوبلز ) ، ثمَّ تلاها بمطاردة الوطنيين الألمان وإعتقال سكرتير الحزب الشيوعي الألماني ( تيلمان ) ، ونعلم جميعاً ماذا حلَّ بألمانيا وأورپا جرّاء سياسات تلك الأنظمة الإستبدادية الشمولية الدموية الهيجيمونية ( نزعة الزعامة والسيطرة ) . لقد كان ينظر طاغية البعث الفاشي الى تلك التجارب المريرة بمثابة دستور ، يلتزم به ويطبِّق مفرداته في إدارة حكمه ، مضيفاً اليها إبتكاراته في أساليب القمع والتعذيب ، بحيث أصبح الشعب العراقي منقسم الى أربع شرائح :- شريحة هامت في المنافي ، وثانية قابعة في السجون ، وثالثة مدفونة تحت الأرض في المقابر الجماعية ، ورابعة تتحرك فوق الأرض كالأشباح فاقدة الشعور، إدراكها لايتعدى التفكير في الحصول على رغيف الخبز . إنَّ المجسّات الأولى لسلوك ونهج الأحزاب الدينية الحاكمة ، تؤكد أن تلك الأحزاب عازمة على السير في ذات الطريق لإحكام قبضتها على السلطة بغلاف ديمقراطي مزيّف ، واليكم بعض المؤشرات التي تثبت ذلك : 1- قرارات مجالس محافظات بغداد وبابل والبصرة والهجمة الممنهجة ضد إتحاد الأدباء والكتّاب العراقيين ، المصحوبة بشَن حملة إعلامية مسعورة وموتورة ، الغرض من تلك الحملة هو المساس بسمعة تلك المؤسسة العريقة ، التي تمثل وجدان وضمير وعطاء الثقافة العراقية والشعب الحي المعطاء ، أبطال تلك الحملة عناصر رضعت حليب مدرسة الإعلام البعث الفاشي الصدامي ، وبالأمس كانت مجرد كلاب تنبح دفاعاً عن الصنم . كل هذه الأمور حدثت بعلم ودراية رئيس الوزراء ، والذين قاموا بها هم من أعضاء حزبه ، فماذا يعني سكوته ! . 2- القى رئيس الوزراء السيد المالكي كلمة بمناسبة عاشوراء ، ضمّنها الحديث عن الديمقراطية وبنائها ، لكن جاءت كلمات لاحقة مغايرة لكل مفاهيم الديمقراطية ، إذ ذكَرَ وبالنص ( تباع كتب الإلحاد والخلاعة بحرية .... نحن نريد أن نبني مجتمعاً إسلامياً !!!! ) سؤالي هو هل أنّ هذا التصريح يعبِّر عن موقف تكتيكي أم توفيقي ؟ الأيام القادمة ستكشف ذلك . 3- إصرار الصدريين على تولّي منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الأمنية ! . كل الدلائل تؤكد على أنهم عازمون على شَن حملتهم ، رد على صولة الفرسان ، والويل لكل مَن يحتج ويعترض ، يعني سيل الدماء سيعود لامحال ، بسبب تنازلات خفية ، لم يُعلَن عنها ، قدمها السيد المالكي لهم مقابل دعمهم له وبقائه في رئاسة الوزراء – هذا ما أجمعت عليه مصادرعديدة . فالمرحلة القادمة هي مرحلة الصدريين ! . 4- طالبت إحدى عضوات مجلس النواب الجديد ، من اللواتي جيءَ بهُنَّ ( بالگوترَه ) ، بوجوب تخلّي طلبة الجامعات العراقية عن الزي الموحد ، وإرتدائهم الملابس السوداء بمناسبة عاشوراء ! .. لا أدري هل أنّ الزي الموحد هو بدعة أم تبطُّر... وعلى مقياس هذه المتخلفة ، يجب أن تتخلّى القوات المسلحة العراقية عن اللون الخاكي وتلبس الأسود ، حتى تصبح شبيهة بالحرس الثوري الإيراني !! ... ما هذا التطرف الأعمى ، مبروك علينا بهكذا عقليات متخلفة في البرلمان الجديد . 5- نشرَ أحد الأصدقاء مقالاً رفيعاً وناضجاً ، مبيناً فيه رأيه حول فلسفة مفهوم حرية الفرد ، مِن دون ذِكرالأسماء أو الإساءة الى جهة محددة ، لكن بعد فترة فوجيءَ بتهديد صريح ، وصله من بعض أعضاء مجلس محافظة بغداد ، ينذره – إنْ كرَّر نشر مثل هكذا مقال ، فسيندرج إسمه في قائمة إجتثاث البعث !!!!! ... هكذا تفهم إحزاب الدين السياسي الديمقراطية . إنَّ نبتة الديمقراطية لن تنمو ، ما لم تتحر وزارات التربية والتعليم العالي والثقافة والسياحة والآثار من هيمنة الأحزاب الدينية و العرقية ، لأنَّ تلك الوزارات هي المعنية ببناء الإنسان وتطوير ذهنيته في طريق الإبداع الحضاري . لقد إتّفقت جميع الأطراف على تشكيل الحكومة القادمة ، لكن هذا لايعني أن الحكومة القادمة ستكون قوية في أدائها وتحرص على تطبيق القانون على الجميع ، إذ ستشوبها التجاذبات وتمرير الصفقات ، سيما ونحن نعلم أنّ مجلس الوزراء شَكَّل لجنة من أجل إعفاء مزوري الشهادات الدراسية ( يا للعدل والنزاهة ) ، وهؤلاء المزورون باقون في السلطتين التشريعية والتنفيذية . المستقبل القريب سيكشف كل ما هو مستور .
#عبد_علي_عوض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثقافة العراقية تنتظر القادم الأسوأ . المجالس الأدبية ... ح
...
-
مجلس النواب والإجراءات الإنضباطية الجديدة
-
الإتفاقيات التجارية والعملة النقدية وتأثيرها على الإقتصاد ال
...
-
أنتم مَن فتح الأبواب لهم ... فلماذا تحتجّون على عودتهم !
-
مؤشرات إنذا وإستفسار
-
هل تجاوزَتْ منظمات المجتمع المدني الخطوط الحمراء !
-
الحوار المتمدن - مِنبر لاغنى عنه
-
مَنْ الضحية القادمة ما بعد البصرة وبابل !؟
-
الفية التنمية والعراق والفساد
-
مكتسبات الشعب العراقي النفطية والتحركات المشبوهة
-
جدلية العلاقة بين أحزاب السلطة والطغمة المالية - عدو التنمية
...
-
الذهنية الأبوية الإستبدادية وذريعة التكنوقراط
-
إزالة الأصفار ورفع القدرة الشرائية للدينار العراقي
-
العذر أقبح من الفعل . نهج المرحلة هو السمسرة وشرعنة الفساد
-
شتّانَ بين 14 تموز 1958 و 14 تموز ما بعد 2003
-
ما يجب ولا يجب في الخطة الخمسية للتنمية . ملكية الشعب العراق
...
-
أين وما هو موقف ودور المجلس الأعلى للثقافة مما يجري ؟
-
مؤتمر الدول العشرين وكوابح التنمية الاقتصادية العالمية
-
إبن آدم هدِّدَه بالموت يرضه بالصخونة
-
أنتم المشكلة يا أهل الجنوب
المزيد.....
-
-بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل
...
-
-هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض
...
-
ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
-
بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال
...
-
مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
-
بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا
...
-
ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا
...
-
بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها
...
-
حسن البنا مفتيًا
-
وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|