|
أردوغان والوحدة
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 3218 - 2010 / 12 / 17 - 05:47
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أعجبني كلامه هذا اليوم في يوم عاشوراء ، كما أعجبني فيه هذه المرة الصدق والصراحة والشفافية ، عبرت عنها نوايا طيبة تُريد أن تخرج من عباءة التاريخ ومن كيد الفرق وتناحرهم في الفعل وفي رد الفعل . أقول : إن الكلام مجرد الكلام من رجل مسؤول في قضية حساسة وشائكة هو نوع من التحدي للذات ولعناصر الفتنة وقوى الظلام وهم كثير ، كما إن الكلام في موضوعات من هذا الحجم ومن هذه الفئة ، تحتاج إلى قدر من الكياسة والحلم والجرأة والمبادرة ، حتى وإن قيل كان للكلام أهداف سياسية !!!! ، لكننا نحن في يوم عاشوراء نعتبر ذلك الكلام وثيقة وعهد في وجه دعاة الفرقة والطائفية والتنابذ ، ونجده صيغة عمل يمكن ان تكمل مابدأه الرجال المخلصين عن الوحدة وعن مشروعها في الحياة . خاصةً ، ونحن أبناء العراق أشد ميلاً لتكون الوحدة عنصراً فاعلاً في حياتنا ، بعد أن طحننا التنافر والتنابذ والدعاوى الباطلة عن الأحقيات المزيفة ، فالوحدة وإن كانت شعاراً تعبوياً يميل إليه الساسة في العادة ، وهم يخوضون معارك البقاء في السلطة والحكم ، لكنه شعاراً بالنسبة لنا حلو المذاق ، نؤيده ونقدم له الدعم ، ونبثه وننشر خصايصه الجميلة والواعدة . لأننا نعتبر الوحدة إن تحركت ستزيح من طريقها هذا العفن الطائفي وهذه المذهبية المسخة ، والوحدة يجب حين تنطلق أن تخرج من عباءة التأطير الإيديولوجي ، لتحاكي الإنسان وضميره وتحاكي تطلعاته ، وحلمه في أن يعيش لكي يبني وينتج ويعمر ، وهي بهذا الوصف ستتجلى فيها صورة الإنسان من غير زوائد أو إضافات .
ونقرأ بين ثنايا كلام أردوغان اليوم رسالة وجهها وهو يتعمد ذلك لبعض المتحجرين من رجال دين نعرفهم ويعرفهم هو إيضاً ، يبثون الفرقة ويدعمون التطرف والإرهاب تحت مظلات ومسميات كُثر ، كما إنهم يصنعون التباعد ويُثيرون الشغب ، والمثير إن البعض من هذا البعض يرى في هذا الخلاف التاريخي ، حياته وحياة من ينتمي إليه من فكر قذر مسخ ، ناسين أو متناسين تلك الدعوة العريضة التي أطلقها الله ليجنب الناس هذا التخريب وهذا العدوان ، من خلال فكر الإعتصام ونموذجه حين يتجلى في وحدة الدين ووحدة الإنسان .
أردوغان اليوم أطلق هتافاً ضد الأنا الذاتي وضد الإنغلاق وضد التحجر ، في سابقة لم نعهدها من رجل دولة خرج من الدبلوماسية والتعميم في القول ليسمي الأشياء بمسمياتها ، من هنا أحييه وأحيي من يمده بهذه الروح ، وليتعلم منه رجال ديننا وبعض الفضائيات المزيفة التي تتندر للخلاف وترصده وكأنها تفتح مغاليق الجنان ، كما إنها دعوة للمثقفين أن يعيشوا الفكر من كل الزاويا والأبعاد وليس من زاوية واحدة ورؤية واحدة ، كان أردوغان ذكياً حين أختار الزمان وأختار المكان ، ليقول كلمته فيبرئ نفسه ومن معه من فوضى التحجر وفتاوى الضلال ، وينتقد الطريقة الملعونة في تصنيف الناس في العبادة وفي المعاملة وفي العلاقة مع الله ، والناس حسب ما أدري أحرار فيما يعبدون ، وفيما يؤمنون ، ولايجوز بحال مصادرة هذا الحق ، تحت بند ذلك الشعار - أنا خير منه - ، كما لايجوز تكرار ذلك القول المسخ عن إختلاف أمة الإسلام إلى بضع وسبعين فرقة ، كما هو دعوة لتنقية التاريخ من زيف الحقد والتآمر السياسي لعهود الظلام ، هو دعوة لتنقية الفقه من النعوت والصفات التي يتفنن بها البعض وهو يلصقها بغيره ، هي إذن دعوة لنكون أحراراً مستقلي الفكر والإرادة ، هي دعوة ليكون - الدين لله والوطن للجميع - ، وهي دعوة تقول - أكره ماشئت وحب ماشئت - ، ولكن لاتصادر حقوق الأخرين والغير ، ولاتلغي وجودهم ولاتصنفهم ولا تميزهم ، هي دعوة يجب ان يتلقفها الساسة في العراق ، ليخرجوا من دائرة الأنا وحب الذات ، كما إنها رسالة خير ، إن أخذناها في سياقها هكذا مجردة من غير أحكام مسبقة وظنون غير دقيقة ، وأملي كل أملي ان نُبادل هذا الكلام بكلام مثله ، إذ لابأس من المُبادلة بالمثل قولاً بقول ، وكلاماً بكلام ، وفعلاً بفعل ، لكي نحرك قوى الخير ونطرد من حولنا كل عناصر الشر ...
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخمر بين الحلال والحرام والإباحة
-
العام الهجري الجديد
-
الليبرالية الديمقراطية في مواجهة الطائفية والعنصرية
-
القرآن والمرأة
-
الليبرالية طريقنا للنجاة
-
حاجتنا لتشكيل نظام الأقاليم العراقية الثلاث
-
ماذا بعد تقرير ويلتكس
-
العراق بين خيارين
-
الليبرالية الديمقراطية من أجل الحياة
-
الإسراء والمعراج بين الوهم والحقيقة
-
مأزق الديمقراطية في العراق 2
-
معالم في الطريق إلى الليبرالية الديمقراطية
-
ماذا تريد تركيا ؟
-
مابين الليبرالية والرأسمالية من تفاوت
-
الليبرالية في الفكر النبوي
-
شركاء يتقاسمون الخراب
-
كيف نفهم الليبرالية ؟
-
قول على قول
-
الليبرالية والحكومة القوية
-
واحد آيار عيد العمال العالمي
المزيد.....
-
مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي
...
-
مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة
...
-
بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري
...
-
أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل
...
-
-تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف
...
-
سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته
...
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
-
المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس
...
-
الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف
...
-
الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|