أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - بهاءالله موعود كل الأمم















المزيد.....


بهاءالله موعود كل الأمم


راندا شوقى الحمامصى

الحوار المتمدن-العدد: 3217 - 2010 / 12 / 16 - 18:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ظهر حضرة بهاء الله حينما كانت مملكة ايران غارقة في بحار الظلمة والجهل تائهة في بيداء التعصب الاعمى .
كانت ايران قد وصلت الى درجة من الانحطاط أسف لها جميع السائحين الاجانب لان هذه المملكة كانت في القرون الاولى في اوج العظمة والمدنية والآن وقعت في وهدة السقوط والاضمحلال وانهدم بنيانها:ووصل اهلها الى احط دركات الهمجية:ففي هذا الوقت ظهر حضرة بهاء الله وكان والده من الوزراء لا من العلماء: ومن المسلم به لدى جميع اهالي ايران انه لم يتلق العلم في مدرسة ما وما عاشر العلماء والفضلاء وقضى ايام حياته الاولى في بحبوحة الرفاهية والنعيم وكان مؤانسوه ومجالسوه من ابناء اعاظم ايران من اهل المعارف بمجرد ان اظهر الباب امره قال حضرة بهاء الله(ان هذا الشخص الجليل سيد الابرار يجب على الجميع ان يتبعوه ويؤمنوا به) وقام على نصرته يقيم الادلة والبراهين القاطعة على احقيته- ومع ان علماء الملة اجبروا الدولة العلية الايرانية على قمعه وصده وافتى جميع العلماء بالقتل والنهب والايذاء والاضطهاد والمقاومة له ولتابعيه:وقاموا في جميع انحاء المملكة بالقتل وبالاحراق والنهب وحتى ايذاء النساء والاطفال- ومع هذا فان حضرة بهاء الله قام بكل استقامة وثبات على اعلاء كلمة حضرة الباب ولم يتوار ساعة واحدة بل ظل ظاهرا مشهودا مشهورا بين الاعداء مشتغلا بأقامة الادلة والبراهين معروفا باعلاء كلمة الله متحملا الصدمات الشديدة المتوالية عرضة للاستشهاد في كل لحظة:ثم وقع تحت السلاسل وزج في اعماق السجن ونهبت وسلبت امواله الوفيرة الموروثة:ونفى في مملكة الى اخرى مرات اربع:واخيرا استقر في السجن الاعظم بعكا:ورغم كل هذا ظل النداء مرتفعا وصيت امر الله مشتهرا:وظهر بفضل وعلم وكمالات حيرت اهل ايران بحيث ان كل من تشرف بالمثول بين يديه من اهل العلم والعرفان محبا كان او مبغضا في طهران او بغداد او القسطنطينية اوالرومللي(ادرنه) او عكا وسأل سؤالا سمع جوابا شافيا كافيا واقر الكل واعترفوا بان هذا الشخص الفريد في الكمالات وحيد في الآفاق: وكثيرا ما ضم مجلسه المبارك ببغداد نفرا من علماء الاسلام واليهود والنصارى واهل العلم والمعرفة من الاوربيين ومع اختلاف مشاربهم كان كل يسأل سؤالا فيسمع جوابا كافيا مقنعا حتى ان علماء ايران الذين بمدينة كربلاء ونجف انتخبوا شخصا عالما أنابوه عنهم:وكان ذلك الشخص يسمى الملا حسن عمو تشرف باللقاء المبارك وسأل بعض الاسئلة من قبل العلماء وسمع الجواب:ثم قال(ان العلماء مقرون ومعترفون بعلمكم وفضلكم ومسلم لدى الجميع ان ليس لكم مثيل ولا نظير في العلم والعرفان: ومن الثابت انكم لم تدرسوا ولم تتعلموا ولكن العلماء يقولون نحن لا نعترف ولا نقتنع باحقيته بسبب علمه وفضله لهذا نرجو ان تظهر لنا معجزة واحدة لكي يقتنعوا وتطمئن قلوبهم فقال حضرة بهاء الله ولو انهم ليسوا بمحقين في ذلك اذ للحق ان يمتحن الخلق لا لهؤلاء ان يمتحنوا الحق ومع ذلك فان الطلب مقبول أما امر الله فليس مسرحاً للشعوذة والألاعيب يمثل عليه كل ساعة دور ويطلب كل يوم مطلب لان بهذا يكون امر الله ملعبة صبيانية ولكن للعلماء ان يجتمعوا ويتفقوا على طلب معجزة واحدة ثم يكتبوا ان بظهور هذه المعجزة لا يبقى لدينا شك او شبهة وكلنا نقر ونعترف باحقية هذا الامر ويختمون تلك الورقة وائت بها وليكن هذا ميزاناً حتى اذا ظهرت المعجزة لا يبقى لهم شبهة وان عجزنا ثبت بطلاننا فقام ذلك الشخص العالم وقبَّلَ ركبتي حضرة بهاء الله مع انه لم يكن مؤمناً ثم ذهب وجمع حضرات العلماء وبلّغهم الرسالة فتشاوروا ثم قالوا ان هذا لساحر وربما اتى بسحر فلا يبقى لنا ما نقول وبذا لم يجرءوا ان يتقدموا بمطلب جديد.
ولكن ذلك الرسول اذاع الخبر في كثير من المحافل والمجالس وسافر من كربلاء إلى كرمنشاه وطهران ناشرا تفاصيل الحادثة بين الجميع مبيناً خوف العلماء وعدم اقدامهم.
والمقصود من هذا البيان هو ان جميع المعترضين في الشرق انما كانوا معترفين بعظمة حضرة بهاء الله وجلاله وعلمه- ومع عداوتهم لحضرته كانوا يعبرون عنه ببهاء الله الشهير.
والخلاصة ان هذا النير الاعظم اشرق بغتة من افق ايران حينما كان اهل تلك البلاد سواء في ذلك العلماء والوزراء والشعب قائمين جميعاً على مقاومته بأشد العداء معلنين انه يريد ان يمحو الدين والشريعة ويهدم الملة والسلطنة(كما قال اليهود في حق المسيح) ولكن بهاء الله قاوم الكل فريدا وحيدا ولم يعتره اي فتور مطلقا وقالوا في النهاية ان ايران لن تذوق طعم الراحة والهناءة مادام هذا الشخص فيها فيجب اخراجه حتى تهدأ البلاد ثم ضايقوه ليطلب الاذن بالخروج ظانين ان بهذه الوسيلة ينطفئ سراج امره المبارك ولكن النتيجة كانت عكسية اذ ارتفع الامر وازداد اشتعالا فبعد ان كان قاصرا على ايران انتشر بهذه الوسيلة بسائر البلدان ثم قالوا ان العراق العربي قريب من ايران فيجب ارساله الى بلاد بعيدة لهذا سعت الحكومة الايرانية حتى ارسل حضرته من العراق الى القسطنطينية غير انهم لاحظوا بعدئذ ايضا انه لم يحدث فتور قط فقالوا ان القسطنطينية نقطة يمر بها اقوام وملل مختلفة وبها كثير من الايرانيين- ولذلك سعوا حتى نفي حضرة بهاء الله الى الرومللي(ادرنه) الا ان امره ارتفع اكثر من قبل وزاد انتشارا واشتعالا وفي النهاية قال الايرانيون ان هذه البقاع كلها لن تضعف من سلطانه ولن توهن من نفوذه فيجب ان يرسل الى مكان مهين يلحقه فيه الاذى والتعب ويبتلي اهله ومريدوه باشد البلاء فاختاروا سجن عكا منفى القتلة والعصاة والسارقين وقطاع الطريق وحشروهم فعلا في زمرة هذه النفوس ولكن القدرة الالهية ظهرت والكلمة علت وعظمة بهاء الله تجلت ففي سجن كهذا وذلة كهذه نقل حضرته ايران من حالة الى حالة وقهر جميع الاعداد واثبت للكل عدم قدرتهم على مقاومة هذا الامر وسرت تعاليمه المقدسة في جميع الافاق وثبت امره وعلى الاجمال فقد قام الاعداء بنهاية البغضاء في جميع الولايات الايرانية فأوثقوا وضربوا وقتلوا واحرقوا وهدموا بنيان الف عائلة وتشبثوا بكل وسيلة في القلع والقمع ليطفئوا نور امره ومع هذا فقد علا امره وهو في سجن القتلة وقطاع الطرق والسارقين ونشر تعاليمه ونبه كثيرا من النفوس التي كانت في اشد البغضاء فامنوا واصبحو موقنين وقام بعمل استيقظت له نفس حكومة ايران وندمت على ما وقع منها بواسطة علماء السوء، ولما وصل الجمال المبارك (حضرة بهاء الله) الى هذا السجن في الارض المقدسة تنبه العقلاء الى البشارات التي اخبر الله بها على لسان الانبياء من قبل منذ الفي او ثلاثة الاف سنة وثبت ظهورها ووفى الله بوعده لانه اوحى الى بعض الانبياء وبشر الارض بان رب الجنود سيظهر فيك ووفيت جميع هذه الوعود ولولا تعرض الاعداء ووقوع هذا النفي والابعاد لما تصور العقل بان الجمال المبارك يهاجر الى ايران ويرفع الخيام في هذه الارض المقدسة وكان مقصد الاعداء من ذلك ان يكون هذا السجن سبب محو الامر المبارك وافنائه بالكلية والحال ان السجن المبارك صار سببا لاعظم تأييد وعلة للنشر والترويج وواسطة وصول النداء الالهي الى الشرق والغرب وسطوع اشعة شمس الحقيقة في جميع الافاق. سبحان الله مع انه كان مسجونا لكن سرادقه كان مرتفعا على جبل الكرمل ويحف حركاته كل عظمة وجلال حتى ان كل من تشرف بحضرته غريبا كان ام من المعارف كان يقول ان هذا امير وليس اسير.
وبمجرد وروده السجن حرر خطابا لنابليون وارسل بواسطة سفير فرنسا ، ومضمونه ان تسأل عن جرمنا الذي صار سببا لهذا الحبس والسجن فلم يجب نابليون، وبعده صدر توقيع ثان وذلك التوقيع مندرج في سورة الهيكل ومختصر الخطاب هو: يانابليون حيث انك لم تجب ولم تصغ للنداء فعما قريب تذهب سلطنتك ادراج الرياح ويحل بك الخراب وارسل ذلك التوقيع بالبريد بواسطة قيصر كتفاكو(القيصر كتفاكو كان ابن قنصل فرنسا وكان للجمال المبارك جل ذكره الاعظم رابطة ومعرفة به) وباطلاع جميع المهاجرين ارسلت صورة هذا الخطاب الى جميع اطراف ايران لان كتاب الهيكل(رسائله إلى الملوك والرؤساء) كان قد نشر في جميع انحاء ايران في تلك الايام وهذا الخطاب من جملة ما درج في كتاب الهيكل وكان ذلك سنة 1869 ميلادية ولما انتشرت سورة الهيكل في جميع جهات ايران وهندستان وقع في ايدي جميع الاحباب والكل كان ينتظر نتائج هذا الخطاب ولم يمض زمن قليل حتى جاءت سنة 1870 ميلادية واشتعلت نار الحرب بين المانيا وفرنسا ومع انه لم يخطر ببال احد غلبة الالمان ابدا فقد غلب نابليون وهزم شر هزيمة ووقع اسيرا في يد الاعداء وتبدلت عزته بالذلة الكبرى.
وكذلك ارسلت الالواح الى سائر الملوك ومن جملتها ارسل توقيع لجلالة ناصر الدين شاه وفي هذا التوقيع يتفضل حضرته بقوله( احضرني واحضر جميع العلماء واطلب الحجة والبرهان حتى يتبين الحق من الباطل) فأرسل جلالة ناصر الدين شاه التوقيع المبارك الى العلماء وكلفهم ان يبدوا رأيهم فيما عرض عليهم غير انهم لم يجرءوا على ذلك فطلب من سبعة اشخاص من مشاهير العلماء ان يجيبوا على هذا التوقيع ولكن بعد مدة اعادوا التوقيع المبارك قائلين ان هذا الشخص معارض للدين وعدو للشاه (ملك) فتكدر جلالته كثيرا قائلا ان هذه المسألة مسألة الحجة والبرهان وقضية الحق والباطل فما علاقتها بالعداء للحكومة؟ فياللاسف كم نحن راعينا هؤلاء العلماء واحترمناهم وهم عاجزون عن جواب هذا الخطاب وقصارى القول ان كل ما رقم في الواح الملوك قد تحقق جميعه وان تتتبع الوقائع التاريخية من سنة 1870 ميلادية تجد انها منطبقة ومحققة لما جاء في الواح الملوك ولم يبق منها الا القليل ولا بد من ان يتحقق فيما بعد0وكذلك كانت الطوائف الخارجة والملل الغير مؤمنة تنسب الى الجمال المبارك امورا عظيمة وبعضهم كان يعتقد بولاية حضرته حتى ان بعضا منهم كتبوا رسائل ومن جملتهم كتب السيد الداودي من علماء اهل السنة ببغداد رسالة مختصرة ضمنها خوارق العادات الصادرة من الجمال المبارك في احوال متعددة0 يوجد الى الان في جميع جهات الشرق اشخاص غير مؤمنين بمظهرية الجمال المبارك ولكنهم يعتقدون بولايته ويروون عنه المعجزات.
وخلاصة القول فانه ما تشرفت نفس بساحته المقدسة سواءا كانت موافقة ام مخالفة الا واقرت واعترفت بعظمة حضرته وغاية ما هنالك ان (المخالف) وان كان لا يؤمن الا انه يرجع شاهدا بعظمته.
وبمجرد التشرف بساحة الاقدس كانت ملاقاة الجمال المبارك تؤثر فيهم تأثيرا بدرجة ان كثيرا منهم ما كان يقدر ان ينبس ببنت شفة وكثيرا ما وقع من نفوس مملوءة بالعداء من الاعداء انها صممت وقررت في نفسها بأنني اذا ضمني مجلس الحضور اقول كذا واجادل واحاجج بكذا ولكنها عندما كانت تصل الى ساحة الاقدس تتملكها الدهشة والحيرة ولا تجد لنفسها بدا من الصمت والسكوت.
ما قرأ الجمال المبارك لسان العرب ولم يكن له معلم ولا مدرس ولم يدخل مكتبا ولكن بلاغة بيانه المبارك وفصاحته باللسان العربي في الالواح العربية حيرت عقول فصحاء العرب وبلغاءهم والكل مقر ومعترف بانه لا مثيل له ولا نظير ولو دققنا النظر في نصوص التوارة لم نجد اي مظهر من المظاهر الالهية خيُر الاقوام المنكرة في طلب اية معجزة ووافقهم على اي ميزان يقرونه وفي توقيع جلالة الشاه قال بوضوح اجمع العلماء واطلبني لتثبت الحجة والبرهان.
ان الجمال المبارك وقف كالجبل مقابل الاعداء مدة خمسين سنة وكلهم يطلبون افناءه ومحوه ويهاجمونه جميعا قاصدين الف مرة صلبه واعدامه وكان في نهاية الخطر طول هذه المدة.
وان جميع العقلاء من الداخل والخارج المطلعين على حقائق الاحوال متفقون على ان ايران التي وصلت الى هذه الدرجة من الهمجية والخراب الى الان يتوقف رقيها وتمدنها وعمرانها على ترويج مبادئ هذا الشخص العظيم وتعميم تعاليمه.
ان حضرة المسيح في زمانه المبارك ربى في الحقيقة احد عشر نفرا وكان بطرس اعظم هؤلاء الاشخاص ولما وقع الامتحان انكر المسيح ثلاث مرات ومع هذا فانظر كيف نفذ امر حضرة المسيح بعدئذ في اركان العالم. وقد ربى حضرة الجمال المبارك الى الان آلافا من النفوس واصلوا تحت السيوف نعرة يابهاء الابهى الى الاوج الاعلى ولمعت وجوههم لمعان الذهب بنار الامتحان فلاحظوا كيف يكون امره فيما بعد.

فكم من نفوس آمنت وأيقنت بمجرد التشرف باللقاء وما احتاجت بعدئذ الى اي برهان حتى أن الذين كانوا في نهاية البغض والانكار أقروا بعظمة حضرة بهاء الله بمجرد الملاقاة قائلين" ان هذا الشخص جليل ولكنه مع الآسف يدعي مثل هذا الادعاء وكل مايقوله مقبول عدا هذا" أما وقد غاب ذلك النور الحقيقي صار الكل في حاجة الى الاستدلال والبرهان ولذا كنا تحدثنا بالبراهين العقلية وها نحن نقدم برهانا عقليا آخر، وهو وحده كاف لأهل الانصاف ولا يستطيع أحد إنكاره ذلك ان حضرة بهاء الله رفع امره وهو في السجن الاعظم(سجن عكاء) وبهر نوره العالم وذاع صيته ووصل نداؤه الاعظم الى الشرق والغرب ومثل هذا لم يحدث في قطر ما حتى الآن. أليس هذا بكاف لو كان هناك انصاف غير انه توجد نفوس لوسمعت جميع البراهين لما انصفت.فمثلا ان الدول والملل بكامل قوتها لم تقدر على مقاومته بل قام بتنفيذ ما أراد وهو فريد وحيد مسجون مظلوم.
اني لا اذكر معجزات حضرة بهاء الله فلربما يقول السامع بانها رواية والرواية تحتمل الصدق والكذب فمثلا في الانجيل روايات عن معجزات السيد المسيح ذكرها الحواريون دون سواهم ولكن اليهود ينكرونها ولو اردت ان احصي خوارق العادات التي ظهرت من حضرة بهاء الله فهي كثيرة وهذا مسلم به في الشرق حتى عند بعض غير البهائيين ولكن هذه الروايات ليست حجة ولا برهانا قاطعا يقبله الجميع ولربما يقول السامع ان هذا غير حقيقي اذ تروى جميع الطوائف ايضا معجزات أئمتها وقادتها فمثلا ان امة البراهمة تنسب معجزات لبراهما فأنى لنا ان ندرك صدق هذه وبطلان تلك واذا كانت هذه رواية فتلك ايضا رواية وان كانت هذه متواترة فتلك ايضا متواترة ولهذا فالروايات ليست بالبرهان القاطع .نعم قد تكون برهانا لمن حضر وشاهدها ومع ذلك فربما داخله الريب في انها ليست بمعجزة بل سحرا اذ يروى عن بعض السحرة ايضا انهم قاموا بأمور عجيبة.
وخلاصة القول ان حضرة بهاء الله اظهر امورا عدة خارقة للعادة ولكننا لا نرويها لانها ليست حجة او برهانا.
ان اكثر المعجزات المروية عن الانبياء لها معان تخالف الظاهر فمثلا جاء في الانجيل عن شهادة حضرة المسيح ان الظلمة احاطت وزلزلت الارض وانشق حجاب الهيكل وقام الاموات من القبور فلو اخذت هذه على ظاهرها لكانت واقعة عظيمة ولوجب تسجيلها في التاريخ ولكانت سببا في اضطراب القلوب ولا اقل من ان الجند كانوا ينزلون حضرة المسيح من على الصليب او يهربون مع ان هذه الوقائع لم يرد ذكرها في تاريخ ما اذا ليس المقصود ظاهر العبارة بل لابد لها من معنى وليس مقصدنا الانكار بل المراد ان هذه الروايات ليست براهين قاطعة ولكن لها معان اخرى.وهذا هو المقصود لذا نرجع اليوم الى البيانات والاستدلالات النقلية من الكتب المقدسة وما ذكر حتى الان انما كان من قبيل الدلائل العقلية وبما اننا في مقام التحري عن الحقيقة والبحث عن الواقع وهذا مقام يتلهف فيه الظمآن المحترق لماء الحياة وبه تصل الحيتان المضطربة إلى البحر والمريض إلى الطبيب الحقيقي ويفوز بالشفاء الالهي وتهتدي القافلة الضالة إلى طريق الحق وتصل السفينة التائهة الحائرة إلى ساحل النجاة. لذا يجب على الطالب ان يتصف بصفات عدة فأولا يجب ان يكون منصفاً ومنقطعاً عما سوى الله وان يتوجه بكل قلبه إلى الافق الاعلى ويتخلص من اسر النفس والهوى لان هذا يحول دون الوصول وفضلا عن هذا يجب عليه ان يتحمل كل بلاء وان يكون في نهاية التنزية والتقديس وان يغض الطرف عن حب جميع ملل العالم او بغضها لان حبه لجهة ربما يحول دون تحقيقه حالة جهة اخرى وكذلك بغضه لجهة معينة ربما يمنعه من معرفة حقيقتها وهذا مقام الطلب فيجب على الطالب ان يتصف بهذه الاخلاق والصفات وإلا فلن يهتدي إلى شمس الحقيقة.
ولنرجع إلى ما نحن بصدده فان جميع ملل العالم تنتظر ظهورين يأتيان في وقت واحد وكلهم موعود بذلك فاليهود موعودون في التوارة بالمسيح ورب الجنود والمسيحيون موعودون في الانجيل برجوع المسيح وايليا والمسلمون موعودون في شريعتهم بالمهدي والمسيح كذلك الزردشتيون وغيرهم مما لو فصلناه لاقتضى التطويل. والقصد ان الكل موعودون بظهورين يجيئان متتاليين واشير في تلك الكتب المقدسة إلى أن في هذين الظهورين يتبدل العالم بعالم آخر ويتجدد عالم الوجود ويبدو الامكان في ثوب جديد ويحيط به العدل والحق وتزول العداوة والبغضاء وتذهب من بين الطوائف والقبائل والملل اسباب التفرقة والاختلاف ويحصل بينهم ما يؤدي إلى الوحدة والائتلاف والاتفاق فيتنبه الغافلون ويبصر العميان ويسمع الصم وينطق البكم ويشفى المرضى ويحيا الاموات ويتبدل الحرب بالصلح وتنقلب العداوة بالمحبة ولا يبقى بينهم سبب للنزاع والجدال أبدا وينال البشر السعادة الحقيقية فيكون الملك مرآة الملكوت والناسوت سرير اللاهوت وتصبح الملل جميعا ملة واحدة وتنمحي وتفنى جميع الاوهام الجنسية والوطنية والشخصية واللغوية والسياسية ويفوز الكل بالحياة الابدية في ظل رب الجنود.
والآن يلزم الاستدلال من الكتب المقدسة على وقوع هذين الظهورين والاستشهاد من اقوال الانبياء فلذا نريد الان أن نستدل من الكتب المقدسة في اثبات هذين الظهورين.
والخلاصة انه ورد في سفر دانيال ان المدة ما بين تجديد عمارة بيت المقدس إلى يوم شهادة حضرة المسيح هي سبعون اسبوعا اذ بشهادة حضرته ينتهي القربان ويخرب المذبح وفي ذلك اخبار بظهور حضرة المسيح وبداية تاريخ السبعين اسبوعا المذكورة هي تجديد بيت المقدس وتعميره وفي هذا الخصوص صدر اربعة فرمانات من ثلاثة ملوك اولها من كورش صدر في سنة536 قبل الميلاد وهذا مذكور في الاصحاح الاول من كتاب عزرا، والفرمان الثاني من داريوس الفارسي صدر في سنة519 قبل الميلاد وهذا وارد في الاصحاح السادس من كتاب عزرا وأما الفرمان الثالث فمن ارتحشستا في السنة السابعة من حكمه( اي في سنة 457 قبل الميلاد ) وهذا مذكور في الاصحاح السابع من كتاب عزرا والرابع من ارتحشستا صدر في سنة444 قبل الميلاد وهذا مذكور في الاصحاح الثاني من كتاب نحميا.
اما مقصد حضرة دانيال فهو الفرمان الثالث الذي صدر في سنة457 قبل الميلاد والسبعون اسبوعا عبارة عن 490 يوما وصريح الكتاب المقدس ان كل يوم سنة واحدة حيث يقول في التوارة ان يوم الرب سنة واحدة اذا فالاربعمائة والتسعون يوما عبارة عن 490 سنة والفرمان الثالث الصادر من ارتحشستا كان قبل ولادة حضرة المسيح ب457سنة وكان عمر حضرته وقت الشهادة33سنة وبضم33على 457 يكون المجموع 490 سنة وهي التي اخبر بها دانيال عن ظهور حضرة المسيح.
وأما الاية الخامسة والعشرون من الاصحاح التاسع من دانيال فهي تخالف ذلك اذ انها تبين سبعة اسابيع و62 أسبوعا ولذا احتار الكثيرون عند المطابقة قالوا كيف انه ذكر سبعين اسبوعا وفي مقام و62اسبوعا وبعة اسابيع في مقام اخر وفي هذا كل التباين والحقيقة هي ان دانيال يتفضل ويذكر تاريخين اولهما يبتدئ من وقت صدور امر ارتحشستا لعزرا ببناء اورشليم وهذا هو السبعون اسبوعا التي تنتهي بصعود المسيح وبشهادة حضرته انتهت الذبيحة والقربان وثانيهما في الاية السادسة والعشرين من بعد تمام تعمير بيت المقدس الى صعود المسيح ومدته 62 أسبوعا وطالت مدة العمارة سبعة اسابيع وهي عبارة عن تسعة واربعين سنة وبضم السبعة اسابيع على الاثنين والستين اسبوعا يكون المجموع69 أسبوعا وفي الاسبوع السبعين صعد حضرة المسيح وبهذا يتم سبعون اسبوعا وعلى هذا فليس ثمة خلاف.
اما وقد ثبت ظهور حضرة المسيح باخبار دانيال فلنشرع في اثبات ظهور حضرة بهاء الله وحضرة الباب ولقد ذكرنا حتى الان الادلة العقلية فلنبين اذا النقلية منها ففي الاية الثالثة عشر من الاصحاح الثامن من سفر دانيال يقول(فسمعت قدوسا يتكلم يسأل قدوسا اخر الى متى الرؤيا من جهة المحرقة الدائمة ومعصية الخراب لبذل القدس والجند مدوسون فقال لي الى الفين وثلثمائة صباح ومساء فيتبرأ القدس) الى ان يقول(ان هذه الرؤيا لوقت المنتهى) يعني الى متى تستمر هذه المصيبة وهذا الخراب والاحتقار اي متى يكون صبح الظهور ثم قال الى2300 ليال وايام وفي ذلك الوقت يصفو المقام المقدس.
فالمقصود من هذا انه يعين2300 سنة وكل يوم عبارة عن سنة بنص التوراة. اذا فمن تاريخ صدور فرمان ارتحشستا بتجديد بناء بيت المقدس الى يوم ولادة حضرة المسيح هو 456سنة ومن يوم ولادة حضرة المسيح الى ظهور حضرة الباب1844 سنة وبضم 456 الى 1844 يكون المجموع2300 سنة يعني حصل تأويل رؤيا دانيال في سنة1844 ميلادية وهي سنة ظهور حضرة الباب كما نص عليه في سفر دانيال فانظر باي صراحة عينت سنة الظهور ولا يمكن ان تكون اخبار الظهور اصرح ولا اوضح من هذا ويتفضل حضرة المسيح في الاية الثالثة من الاصحاح الرابع والعشرين من انجيل متى مصرحا بان المقصود من اخبار دانيال هذه هو زمان الظهور وتلك الاية هي(وفيما هو جالس على جبل الزيتون تقدم اليه التلاميذ على انفراد قائلين قل لنا متى يكون هذا وما هي علامة مجيئك وانقضاء الدهر) ومن جملة بيانات حضرة المسيح التي اجابهم بها قوله( فمتى نظرتم رجسة الخراب التي قال عنها دانيال النبي قائمة في المكان المقدس ليفهم القارئ) واحال الجواب الى الاصحاح الثامن من كتاب دانيال قائلا كل من يقرأ ذلك الاصحاح يجد ذلك الزمان- فانظروا كيف ان ظهور حضرة الباب مطابق لصريح التوراة حيث عين هذا التاريخ بالسنة القمرية من بعثة وهجرة محمد صلى الله عليه وسلم وذلك لان الشريعة المحمدية تأخذ بالتاريخ القمري وما يختص باحكام وعبادات تلك الشريعة معمول به على حساب السنة القمرية ففي الاية السادسة من الاصحاح الثاني عشر من كتاب دانيال يقول(وقال للرجل اللابس الكتان الذي من فوق مياه النهر الى متى انتهاء هذه العجائب فسمعت الرجل اللابس الكتان الذي من فوق مياه النهر اذ رفع يمناه ويسراه نحو السموات وحلف بالحي الابدي انه الى زمان وزمانين ونصف زمان فاذا تم تفريق ايدي الشعب المقدس تتم كل هذه وحيث اننا ذكرنا معنى اليوم من قبل فلا حاجة الى تفصيله ولكن نقول بالاختصار ان كل يوم من ايام الرب عبارة عن سنة واحدة وكل سنة اثنا عشر شهرا اذا فثلاث سنوات ونصف هي اثنان واربعون شهرا وهذه عبارة عن 1260 يوما وكنص الكتاب المقدس كل يوم عبارة عن سنة وفي سنة 1260 من الهجرة المحمدية(التاريخ الاسلامي) ظهر حضرة الباب المبشر بحضرة بهاء الله ثم يقول بعد ذلك في الاية الحادية عشرة(ومن وقت ازالة المحرقة الدائمة واقامة رجسة المخرب1290 يوما طوبى لمن ينتظر ويبلغ الى الالف والثلثمائة والخمسة والثلاثين يوما فبداية هذا التاريخ القمري هو يوم اعلان نبوة محمد صلى الله عليه وسلم في اقليم الحجاز باسره وكان ذلك بعد البعثة بثلاث سنين لان تلك النبوة كانت مستورة في البداية وما علم بها احد سوى خديجة وابن نوفل وبعد ثلاث سنوات اعلنت نبوته واعلن حضرة بهاء الله ظهوره بعد سنة1290 (ان سنة 1290 من اعلان نبوة السيد الرسول مطابقة لسنة 1280 هجرية وفي هذه السنة حينما انتقل حضرة بهاء الله من بغداد الى القسطنطينية واقام اثنى عشر يوما بحديقة الرضوان الواقعة في خارج المدينة اعلن امره لخاصة اصحابه.)



#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضرورة الدين الجديد
- الوعد بمجيء الدين الجديد(2-2)
- الوعد بمجيء الدين الجديد(1-2)
- أمة وسطا-2-عدالة الله
- أمة وسطا-1
- تجدد الدين بعد موته الروحاني 2-2. كيف يستعمل القرآن الكريم ك ...
- تجدد الدين بعد موته الروحاني 1-2
- الوعد بمجيء الرسول الجديد -الجزء الثاني
- تابع المقال السابق-الجزاء والعقاب المقدّر لأولئك الذين يقبلو ...
- الوعد بمجيء الرسول الجديد الموعود - 1
- منعطفُ التّحوُّلِ أمامَ كافّةِ الأممِ: نداءٌ موجَّهٌ إلى قاد ...
- ( محكمة الأديان )
- تَقَدُّمُ البشرية نحوَ حضرة بهاءُالله- 3
- تَقَدُّمُ البشرية نحوَ حضرة بهاءُالله- 2
- تَقَدُّمُ البشرية نحوَ حضرة بهاءُالله-1
- خطوات نحو الصلح الأعظم
- نغماتُ الرّوح
- الكمالات الروحانية-(1)
- في تفسيرالبسملة- بسم الله الرحمن الرحيم-(2)
- تفسير البسملة -تفسير بسم الله الرحمن الرحيم-(1)


المزيد.....




- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - بهاءالله موعود كل الأمم