أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باهي صالح - كلمة أفاضتها انتخابات مصر البرلمانيّة...!















المزيد.....

كلمة أفاضتها انتخابات مصر البرلمانيّة...!


باهي صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3216 - 2010 / 12 / 15 - 23:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


صدقا أقول أنّي شعرت بالخجل أثناء متابعتي لأحداث و إرهاصات انتخابات مصر النيابيّة لأنّي تذكّرت أنّ العالم يتفرّج علينا، و لا شكّ كما رأينا أنّ تلك الإنتخابات تترك انطباعات مخجلة و غاية في السّوء لأنّها توحي بأنّ هذا البلد العريق بتاريخه و حضارته لا يكاد يفرق كثيرا عن موزمبيق أو جيبوتي أو ساحل العاج أو أيّ دولة إفريقيّة صغيرة غارقة في عصور تخلّفها المظلمة...!

و رغم أنّ أغلب الدّول العربيّة سواء بسواء شكلا و مضمونا فيما يخصّ انتخاباتهم و طرقهم العجائبيّة في ممارستهم للدّيمقراطية الّتي بدل أن توزّع السّلطة و تفتح باب التّداول عليها، و بدل أن تفرز الأكفأ من المرشّحين و الأحزاب و الأكثر شعبيّة و طلبا من النّاس كما يحدث في كثير من دول العالم، فإنّها على العكس أي الدّيمقراطيّة العربيّة الفذّة من نوعها تؤدّي إلى اليأس و الإحباط الإجتماعي و الانسداد الكلّي لكلّ العملية السّياسيّة جذريّا و تحويل العمليّة الانتخابيّة إلى تمثيليّة بايخة مضحكة الهدف منها السّخريّة من شعوب أو بالأحرى من قطعان المنطقة و الضّحك عليهم و التّمادي في تكريس و فرض الأمر الواقع المتمثّل في إبقاء صولجان الحكم و توريثه مدى الحياة بيد حاكم وحيد و عائلته، أو بيد جماعة أو قبيلة أو مجموعة من القادة و الجنرالات...!

بيد أنّ الشّيء الّذي دعاني إلى تخصيص مصر التّاريخ و الحضارة بهذا المقال رغم أنّ معظم الدّول العربيّة كما قلت متشابهة هو أهمّية مصر، هو حجم مصر ثقافيّا و سكّانيّا و فكريّا في منطقة الشّرق الأوسط، هو أهمّيتها الأساسيّة بالنّسبة لمحدّدات التّوازنات الإستراتيجيّة و الجيوسياسيّة إقليميّا و عالميّا، و أهمّيتها بالنّسبة لقضيّة العرب الأولى و هي قضيّة فلسطين و مصير الشّعب الفلسطيني، و أهمّيتها أيضا لقضايا التّنمية و مشاريع النّهضة العربيّة المجمّدة منذ عشرات السّنين...!
ليس هناك خيار أمام الدّول العربيّة غير أن تسير في ركاب مصر و هي المحسوبة على عقيدتهم و عروبتهم، فإن تقدّمت مصر تقدّم العرب و إن تخلّفت تخلّفوا...هي دليلهم و منغّم إيقاعهم في مسيرة التقدّم أو الانحطاط بحكم حجمها و طغيانها و أهمّيتها...!

العرب متخلّفون إقتصاديّا و فكريّا و صناعيّا و في كلّ المجالات لأنّ مصر متخلّفة، و الحكّام في الدّول العربيّة يبقون في الحكم مدى الحياة و يورّثونه لأولادهم و أقاربهم لأنّ حكّام مصر يفعلون ذلك، و الحياة السّياسيّة راكدة و مستوى السّياسيين و المعارضة و المفكّرين و النّخب مثير للشّفقة، و الانتخابات الّتي تجري في تلك الدّول مجرّد ديكورات و مسرحيّات مكرّرة مملّة حدّ القرف لأنّ كلّ ذلك يحدث مثله في مصر و هكذا...!

و لن تبدأ مسيرة التّغيير الحقيقيّة إلاّ إذا قرّر الشّعب المصري فِعلها و حينها ستحذو كلّ الشّعوب العربيّة حذوه و ستجد هذه الشّعوب نفسها سائرة في ركاب مصر و منجرفة مع تيّار تحوّلاتها الجارفة شاءت أم أبت...!

قلت و أنا أتابع سير مسرحيّة الانتخابات المضحكة و المقزّزة في آن واحد في مصر..و لسان حال المسرحيّة يصرخ "الكلاب تنبح و القافلة تسير"...أتابع يأس و قلّة حيلة الشّعب المصري المغلوب على أمره بمعارضته و أحزابه و مفكّريه و نخبه و كلّ أطيافه أمام تجبّر و تعنّت و لا مبالاة النّظام و أزلامه بطريقة استفزازيّة قلّ مثيلها، و كأنّ مصر مزرعة مملوكة لآل مبارك و عائلته و الشّعب فيها مجرّد قطيع متهالك من الدّوابّ و الماشية بينهم مجموعة من الكلاب النّابحة الّتي لا تضرّ داخل زريبة القوانين و الأحكام العرفيّة و أجهزة الأمن و المخابرات المكلوبة و المسعورة...!

الملايين من الشّعب المصري حانقون و غاضبون و متململون و يائسون و منفعلون و النّظام المصري لا يأبه و لا تطرف له عين...راكب على قلوبهم و على أرواحهم و هم كارهون...ماض في سياسة الاستعباد و الاضطهاد و التّوريث إلى ما لا نهاية غير آبه لأحد..!

تعود أسباب بوادر أكبر انتكاسة فكريّة و ثقافيّة ونهضويّة وحضاريّة في رأيي للشّعب المصري إلى عشريّة الأربعينات تاريخ بدأ اكتشافات النّفط في بعض دول الخليج خاصّة السّعوديّة، لكن لم تتبلور ملامح تلك الانتكاسة و لم تبدأ مسيرة الاندحار و الانحدار المتسارعة في كلّ المجالات إلاّ عندما بدأت أموال الذّهب الأسود تهطل بلا حساب و بلا توقّف على آل سعود...!

أوصلت ثروة البترودولار الفكر الوهّابي الظّلامي إلى أرض الفراعنه...أوصلت إلى هذه الأرض الفرعونيّة هوس الشّعوذة و التّداوي بالرّقى و ببول الإبل...أوصلت لهم فتوى رضاعة الكبير و الإعجازات الزّغلوليّة المضحكة كانشقاق القمر و غمس الذّبابة و الفوائد الصحّية و السّحرية للحبّة السّوداء...و هكذا صنعت و أدلجت أموال النّفط جماعة الإخوان و موّلت خاصّة منذ عشريّة السّبعينات صحوة الغباء و الهمج و التخلّف و سوء الأخلاق و بغض الآخر، حتّى تحوّلت مصر أمّ الدّنيا إلى مسخرة عالميّة بامتياز في كلّ مجالات و مظاهر الحياة، ليس في الانتخابات البرلمانيّة و الرّئاسيّة فحسب، بل في كلّ أحوال الشّعب المصري الإقتصاديّة و السّياسيّة و الثّقافيّة و تحوّلت هذه الدّولة العريقة و العظيمة بتاريخها إلى مهزلة في الأخلاق و الفكر و في الإعلام و حتّى في مظاهر اللّبس و أصبحنا لا نتحرّج من مقارنتها بدولة إفريقيّة صغيرة لا زال سكّانها يعيشون في العصر الحجري مثل مالي أو النّيجر أو موزمبيق...!

من أهمّ الأسباب في رأيي الّتي عرقلت مسيرة التّنمية البشريّة و المادّية في مصر هي الصّحوة الإسلاميّة الّتي لم تتحمّل مبدأ فصل الدّين عن السّياسة، بالإضافة إلى ما أحدثته تلك الصّحوة من آثار تخريبيّة في عقليّة و شخصيّة الإنسان المصري عموما جعلته يهبط بأدائه في الإبداع و الإنتاج إلى أدنى مستوياته و لا يهزّ هذا الإنسان تخلّف أو فساد بقدر ما يهزّه و يهيّجه خبر عن فتاة مُنعت من ارتداء الحجاب في بلد ما أو مئذنة جامع لم يُسمح بإعلائها في بلد آخر...!

انسحقت مصر تحت عجلات و جنازير دبّابة البترودولار الجبّارة...كلّ ما يجري لمصر اليوم بدأ فقط منذ بضعة عقود، صحيح أنّ الدّيانة الرّسميّة للمصرين هي الإسلام منذ الفتح الإسلامي المبارك للصّحابي عمرو بن العاص سنة 641 ميلاديّة، و بغضّ النّظر عن الجدل القائم عن سلبيات و إيجابيّات غزوة بني يعرب لأرض حضارة الأهرامات، و بغضّ النّظر أيضا عمّا جرّه الفتح الإسلامي على بلاد الفراعنة وما فعله مدّ الدّيانة المحمّديّة في قوانين و تشريعات و اقتصاد وأخلاق و حتّى ذكاء المصريين...فإنّه ممّا لا شكّ فيه أنّ وصول العرب إلى مصر و إعادة تشكيل و قولبة ثقافة و فكر شعوبها بقالب ديني و لغوي جديد أتى به الغزاة جاهزا و مشبعا بالحماسة من أهل العربان من سكّان اليمن و شبه الجزيرة العربيّة و ركّبوه دون إذن من أحد على هُويّة كان المصريّون لا يُعرفون إلاّ بها، و على تاريخ أمجاد كانوا في الآنام يُذكرون بها... جاء عمرو بن العاص وجنوده يحملون معهم ثقافة و عادات و أفكار أرض الرّمال، و جاؤوا يستقوون بلواء الدّين و واجب الدّعوة... وما إن نصرهم اللّه و فتحها لهم و احتلّوا و استوطنوا و استقرّوا حتّى باشروا حملة ممنهجة للتّطهير الفكري و الثّقافي و العَقدي أبرزها طمس و محو كلّ ما وجد عليه سكّان مصر آباءهم و عرفوه و ورثوه منهم، في الوقت نفسه كرّسوا و رسّخوا مبادىء و تعاليم دين جديد بكلّ أساليب التّرغيب والإكراه حتّى أبلغوا رسالتهم و واجب دعوتهم درجة التّقادم و التراكم و حتّى أنسوا أهل الدّيار أصلهم و تاريخهم و العناصر المميّزة لهويّتهم و ثقافتهم و أمجادهم القديمة...!

لا شكّ أنّ تاريخ مصر كان سيأخذ منحى و مسارا مختلفا لو لم يصل إليها عمرو بن العاص و يفتحها و يُدخلها راغبة أو مُكرهة حظيرة العروبة و الإسلام...و ربّما كانت مصر و الدّول العربيّة على حدّ سواء..ربّما كانوا سيكونون أفضل حالا و مآلا لو بقيت مصر فرعونيّة و غير محسوبة على بني يعرب و المسلمين...؟!



#باهي_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يخاف المسلمون من حملات التّنصير...؟!
- تفنى الأجيال و لكن بعض الأديان تبقى في مواكبة الأزمان...!
- هل الإسلام دين عنف أم سلام...؟!
- صديق أدّى العمرة فعاد بدماغ مغسولة...؟!
- عرس على نهج النبيّ والصّحابة...؟!
- الإسلام هو أحد أهمّ أسباب تخلّف المجتمعات الإسلاميّة...! (ال ...
- الإسلام هو أحد أهمّ أسباب تخلّف المجتمعات الإسلاميّة...! (ال ...
- هل يمكن أن نرسم أكثر من خطّين مستقيمين بين نقطتين...؟!
- الإسلام هو أحد أهمّ أسباب تخلّف المجتمعات الإسلاميّة...! (ال ...
- الإسلام هو أحد أهمّ أسباب تخلّف المجتمعات الإسلاميّة...! (ال ...
- الإسلام هو أحد أهمّ أسباب تخلّف المجتمعات الإسلاميّة...! (ال ...
- الإسلام هو أحد أهمّ أسباب تخلّف المجتمعات الإسلاميّة...! (ال ...
- الإسلام هو أحد أهمّ أسباب تخلّف المجتمعات الإسلاميّة...! (ال ...
- بيت مسعود ( قصّة قصيرة)
- الإنسان و الأديان...!
- قيمة الانضباط في مجتمعاتنا...!
- الجزائريّون و المصريّون في مسرح الدّيكة...!
- وافق الحاكم المحكوم...!
- الخمار و اللّحية قضيّتا الجزائريين الأساسيّتين...!
- العصفور الحزين


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باهي صالح - كلمة أفاضتها انتخابات مصر البرلمانيّة...!