أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مرتضى عبد الرحيم الحصيني - هل نفي الشيطان من الغرب ليعيش في الشرق















المزيد.....

هل نفي الشيطان من الغرب ليعيش في الشرق


مرتضى عبد الرحيم الحصيني

الحوار المتمدن-العدد: 3216 - 2010 / 12 / 15 - 13:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يثار بين الحين و الأخر الجدل حول الأخلاق على المستوى الشعبي وبعيدا عن فلسفة الأخلاق ونظرياتها وربطها بالأيدلوجيات المعقدة وتعقد مقارنات بين الأخلاق السلوكية في الغرب ونظيرتها في الشرق والإسلامي منه خصوصا وتنتهي في اغلب الأحيان إلى الإذعان بأن الممارسات الأخلاقية والتزام الإنسان الغربي بالمبادئ الأخلاقية العادية واليومية أكثر منه في بلداننا الإسلامية بشكل خاص وربما في الشرق والعالم النامي بشكل عام وبغض النظر عن مدى صحة النتائج التي يبنى عليها النقاش في هذه الحالة فأنها تكشف عن حالة انبهار ضمني بالغرب وبحضارته التي امتدت لتشمل النفس الإنسانية وبشكل عفوي يعلق المواطن العربي أو المسلم أو حتى الشرقي وبحسرة من أن الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان الغربي ما هي إلا أخلاق أنتجت في الشرق ولكنها لا تستهلك إلا في الغرب ولطالما سمعنا بعبارة تنسب لعدة شخصيات إسلامية منها على ما اذكر للشيخ الدكتور احمد الوائلي من انه وجد في الغرب مسلمين دون إسلام أما في الشرق فأنه وجد إسلام ولكن من غير مسلمين وذلك للتعليق على سر التزام الإنسان الغربي العادي" الكافر" بالأخلاق فيما نرى أن الأخلاق قد هجرت بصورة أو أخرى في الشرق ورغم وجود علامات استفهام حقيقية حول هذا الاستنتاج المبتسر فأنه يدعم في اغلب الأحيان بشواهد واقعية لا تقبل الجدل سنكتفي بنقل بضع شواهد منها يتعلق قسم منها بالتقنين و الأخر بممارسات شعبية لا علاقة لها بالقانون والتشريع
في بلجيكا البلد الذي أعيش فيه منذ سنوات طويلة تنقل الأرقام الرسمية من أن 60 بالمائة من نزلاء السجون في المملكة من الأجانب فيما لا تتجاوز نسبة الأجانب من السكان ال 10 بالمائة !
تعتبر مناطق تجمع المهاجرين في بلجيكا وبلدن أوروبا الغربية بؤراً للجريمة بشتى أنواعها تبدأ من عدم وضع باعة المحلات من أصول أجنبية (مسلمين وعرب في غالبيتهم الساحقة)الأسعار على بضاعتهم ومرورا بحالات النصب و أحيانا السلب عن طرق شهر السلاح في عز النهار للمواطنين ونهاية بعمليات السطو المسلح والقتل
أعلنت بلديات بروكسل ذات الأغلبية للمهاجرين عن تخليها عن نظام فصل القمامة لعدم تعاون المواطنين وعدم احترامهم للبيئة والقانون العام
تعتبر مناطق تكاثر المهاجرين في جميع المدن البلجيكية مناطق غير آمنة للنزهة والتجول وذلك على المستوى الشعبي دون أي تزويق إعلامي أو سياسي باعتبار أن المهاجرين سراق وقاطعي طريق وهي حقيقة نلمسها نحن كمهاجرين ولا نجرئ على نفيها حتى وان بطريقة الدفاع عن النفس .
قاعدة متعارف عليها لدى الجميع حذار من العمل مع الأجنبي والمسلم منه خاصة لأنه لابد أن يغشك سواء في ساعات العمل أو في الأجر! حتى وان كنت منهم .
وتضيق المقالة بنقل شواهد يومية عن مدى الأزمة الأخلاقية التي يعاني منها المهاجرون في الغرب وتتلخص عملية تبرير هذه الأرقام والشواهد من خلال ربط هذه الأزمة الأخلاقية من قبل المنافحين عن المهاجرين وحقوقهم المستلبة بأزمة قانونية واضطهاد رسمي من قبل الدولة والمواطنين أو من خلال البحث عن جذور لهذه الأزمة الأخلاقية في الثقافات التي أتى منها المهاجرون من قبيل إن عمليات السطو وحتى المسلح منها هي ردود فعل "طبيعية " لعملية التهميش التي يتعرض لها المهاجر في الدول المضيفة أو أن جرائم القتل يعود قسم كبير منها إلى عمليات غسل العار التي تعتبر احد مكونات الميثلوجيا الشعبية لعدد من الشعوب الشرقية والعربية وكلها تأتي في إطار المبررات التي لن تغير من واقع الحال شئ خاصة إذا قارنا انتشار هذه الظواهر في البلدان الأصلية التي لا يتعرض فيها المواطن هناك إلى أي اضطهاد أو تهميش من قبل القانون الأعذار التي تساق كمبرر لانتشار الجريمة في المجتمعات المهاجرة دون أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع مستوى التزام المواطن بالمبادئ الأخلاقية التي يؤمن بها مسبقاً .
في الجانب الآخر فأن الإنسان الغربي يتمتع بالتزام يكاد يكون فطري بالجانب الأخلاقي وبمبادئ أخلاقية يتعلق قسم منها بالحضارة الغربية والثقافة الغربية فيما ينتمي قسم كبير منها إلى قاموس الأخلاق العالمي الذي يفترض أن يكون مستوى التزام الفرد المسلم بها أكثر من غيره باعتبار إن نبي الإسلام قال (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) من قبيل عدم الكذب أو الغش أو النفاق بالإضافة إلى احترام القانون والصدق مع النفس قبل الغير بالإضافة إلى أخلاقيات قد لا نرى فيها خيرا من قبيل الحرية الجنسية وحرية تغيير العقيدة لكننا هنا لنبحث مدى التزام الإنسان بأخلاقيات يقتنع هو بها شخصيا وليس الحديث عن مدى صحة تلك الأخلاق فعلى المستوى العملي فأن المناطق التي يقل وجود المهاجرين فيها تكاد تنعدم فيها الجريمة ناهيك عن احترام البيئة والنظافة والدقة في العمل و الخ من أخلاقيات نشاهدها كل يوم وندلدل رؤوسنا كلما تذكرنا البيئة التي ننتمي إليها وفداحة الوضع الأخلاقي الذي نتخبط فيه .
سنحاول تجاوز الإسهاب في تقصي النتائج التي ممكن أن تؤدي لها الأزمة الأخلاقية التي يعيشها المجتمع الشرقي أو المسلم حيث أن الأزمة لها تأثير ملموس لعدة أزمات أخرى يعيشها عالمنا العربي فالنخبة السياسية ما هي إلا انعكاس لحالة المجتمع ولا يأتي الساسة والعاملين في أعلى المناصب في الدولة من خارج بوتقة المجتمع التي لا شك إنها لن تنتج شخصيات براغماتية خارج إطار البنية الأخلاقية والفكرية للمجتمع فالغش والنفاق السياسي والكذب والتكبر والمحسوبية وعدم احترام القانون بل وعدم تشريع قوانين تحترم الركائز الأخلاقية البديهية من احترام للرأي أو احترام للبيئة والتغطرس كلها صفات يتصف بها السياسي بنفس النسبة التي يتصف بها المواطن العادي وعدم التزام السياسي والقيادي ورئيس الحزب والمؤسسة الثقافية بأبجديات الأخلاق هو انعكاس طبيعي وطبق الأصل لأخلاقيات المواطن العربي العادي ما أدى إلى ظهور حالة مركبة من استشراء الإشكالية الأخلاقية للمواطن والحكومة على حدٍ سواء و اعتبارها احد أهم الأسباب للازمة الحضارية التي نعيشها إن لم تكن أهمها على الإطلاق .وعلى افتراض تمكننا من انتزاع اعتراف بوجود أزمة أخلاقية حضارية يدفعنا للبحث عن الأسباب الحقيقة بدل البحث عن مبررات لوجودها كما نلاحظ بشكل يومي في مجتمعات مصغرة أتيحت لها فرصة القفز على الموروثات الاجتماعية التي تؤدي إلى نكوص المستوى الأخلاقي لأي فئة مجتمعية وذلك من خلال التواجد في مجتمعات متقدمة على المستوى الأخلاقي لذلك لامناص من محاولة تشريح المنظومة الفكرية التي تنتج الأخلاق ويرتكز عليها الالتزام الأخلاقي الفردي غربياً وشرقياً .
ترتبط الأخلاق في الغرب بصورتها الأقل تعقيدا من عدة مكونات ترتكز في جزء كبير منها على الموروث الاجتماعي الذي قد يقع أحيانا تحت تأثير التيارات الفكرية والحركات الاجتماعية فمصطلحات من قبيل الحرية الفكرية أو حرية العقيدة أو الحرية الجنسية لم تكن ضمن مسلمات العقيدة الأخلاقية للفرد الأوروبي ناهيك عن تحولها إلى ممارسة يومية في الوقت الحالي الا بالتزامن مع الصيحة المدوية التي انطلقت في الغرب بسقوط الكنيسة (الله )حيث أعيد صياغة التركيبة الأخلاقية برمتها على أساس الممكن والمفيد بشكل مباشر دون إغفال هدف بسيط وواضح وهو مستقبل أفضل والعيش بدعة ورفاهية في هذه الأرض والحياة الدنيا تزامن ذلك مع إقصاء فكرة الدين والحلم بالعيش في جنة الفردوس والاشتغال بصناعتها هنا و الآن اهتم الكثير من المشتغلين بفلسفة الأخلاق بهذا الجانب معتبرين أن سقوط المنظومة اللاهوتية للأخلاق أفقدها الزخم المطلوب والركيزة الغيبية التي تدعم الأخلاق بقوة في النفس الإنسانية وتوقعوا بناءاً على ذلك تعرض الأخلاق بشكل عام في المجتمع الغربي إلى اهتزاز شديد قد يسبب إلى انهياره إلا أن الجانب الذي بقي بعيدا عن الخضوع للدراسة والتمحيص هي نفي الشيطان كمسبب رئيسي للانتكاسة الأخلاقية على مر التاريخ ورمز الشر منذ الأزل في الديانة الغربية الكنسية كما هو كذلك في اللاهوت الإسلامي فقد أدى إسقاط الشيطان من المعادلة الأخلاقية إلى نتائج تتعلق أولا بوضع اليد على مكمن الخلل في التجاوز على المبادئ الأخلاقية وهي النفس الإنسانية والرغبات الشهوانية قصيرة النظر بتغليب الحاجة الفعلية الآنية للفرد على الحاجة والمصلحة العامة التي تعود كذلك بنتائجها على الفرد من خلال معادلة طردية تؤدي إلى إصلاح الفرد لذاته وصولا إلى إصلاح بيئته وبالتالي حياة سعيدة يشترك بإنتاجها المجتمع بمجموعه بدلا من إلقاء التهمة والعلة إلى كائن هلامي اسمه الشيطان يؤدي إلى إخراج الذات الإنسانية من دائرة العقاب بطريقة مبهمة لا تتضح في أعماق التوجيه الذاتية فالإنسان الغربي رغم عدم تعرضه إلى تأنيب ضمير وخوف كالذي يتعرض له إنسان امن بالله وبالتالي بالشيطان بل انه يضع يده وبشكل مباشر على مكمن الخطأ والانحراف في ذات الإنسان وتحمله لكامل المسؤولية بالإضافة إلى إن إصلاح الخطأ تحديدا يكمن في تلمس الصحيح وتنفيذه وعدم انتظار المغفرة كلح سماوي لخلل ارضي وكل ذلك بدافع نفسي ذاتي مبني على مصلحة إما شخصية أو مجتمعية لا بداعي الخوف من عقاب أخروي يعطي مجال أوسع للتوبة فيما بعد والتخلص من ضرره
قد تبدو المنظومة الأخلاقية الدينية المبنية على الثواب والعقاب أكثر رصانة ومتانة من عدة نظريات أخلاقية تبرر للإنسان الغربي تمسكه بالخير باعتبار إنها تتمتع بوضوح عالي وتقسيم حدي لا يقبل التلاعب به فالخير مشرع والشر كذلك إلا أن وجود الشيطان والتوبة والعقوبة الأخروية لا الدنيوية يفرغ الالتزام الأخلاقي من مصدر قوته لذلك نرى وبشكل متكرر في معظم شعوب العالم اختراع عقوبات آنية دنيوية تنسب في أكثر الأحيان إلى الله من وقوع نتيجة الذنب في هذه الدنيا وبطريقة بدائية من انه قد تتسبب السرقة بمقتل ابن السارق أو احتراق منزله أو مرض أمه أو زوجته أو هو نفسه ورغم كل ما تحل هذه النظريات الساذجة من تناقض صارخ لأبسط مبادئ العدالة الأخلاقية من خلال اخذ البرئ بجريرة المذنب فأن هذه العقوبات المجترحة من العقل الباطن الإنساني تأخذ مجراها بشكل سحري فيمتنع كثير من البسطاء من ارتكاب أفعال قد يكون بعضها حراما أو حتى مباحا خوفا من وقوع عقوبات دنيوية لتمنح الأخلاق بعدا دنيويا ولكنه غيبيا .. فيما تتمتع المنظومة الغربية من خلال دحض نظريتي الشيطان والعقوبة الأخروية في المنظومة الأخلاقية الغربية بعقوبة دنيوية مادية من خلال تعريض الشخص حياته وبيئته التي يعيش فيها هو أو من يحب إلى التعاسة والتخريب محملا نفسه كامل المسؤولية مخليا ذمة الشيطان من أي جريمة يرتكبها الإنسان نفسه .



#مرتضى_عبد_الرحيم_الحصيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تغيّر العالم ,حدودٌ تخبو وأخرى تُرسم
- المساواة الثقافية كإشكالية تُهدد النظرية الديموقراطية


المزيد.....




- وفاة قيادي بارز في الحركة الإسلامية بالمغرب.. من هو؟!
- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مرتضى عبد الرحيم الحصيني - هل نفي الشيطان من الغرب ليعيش في الشرق