أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - بسام البغدادي - الخوف من الموت يجعلنا نؤمن بالله















المزيد.....

الخوف من الموت يجعلنا نؤمن بالله


بسام البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 3215 - 2010 / 12 / 14 - 19:23
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


منذ الآلاف السنين و الاديان جميعاً تقرع للبشرية طبول الموت... أكثرها مثيرة للضحك هي مهزلة علامات الساعة وآخر الزمان التي كما يبدو موجودة في كل عصر و زمان.. سلطة الآلهة جميعاً وآخرهم الله لاتكمن الا في خوف الإنسان من الموت وفقدانهُ القدرة على البقاء مع الاشخاص الذين يحبهم وفي المكان الذي يحبه لهذا لجأ الإنسان الى أختراع قصة الحياة الاخرى والتي فيها سيلتقي بمن يحب ويكون له تماماً كل مايريد ليس هذا فحسب بل سيكون هذا الوضع المثالي الذي يحبه بلا أنقضاء أو نهاية. فمن كان يحب حبيباً فسيكون حبيبه او حبيبته معه الابدية بكاملها ومن كانت تشتاق لأبنها الذي أختطفه الموت ستعيش مع ابنها الابدية بكاملها ومن كان قد فقد ابيه فسيلتقي ابيه ويعيش معه الابدية كلها.

لا أستطيع أنا أو أي شخص ثاني أن ينكر روعة الابدية هذه التي يتخيلها البعض بل ويتمناها من كل قلبه. الفكرة بمجملها تدغدغ أفكاري بين الحين و الآخر لما فيها من قدرة على الجذب, تماماً مثل الشخص الذي يشتري بطاقة اليانصيب الشهرية, فرغم الامل الضعيف جداً بان يربح وتكون كل مشاكله الاقتصادية محلولة كلياً الى اجل غير مسمى, لدرجة أن أحتمال سقوط طيارة محملة براقصات فلبينيات يتحدثن الفرنسية بطلاقة على رأس الشخص هي أكبر بكثير من أحتمال الفوز الا أن روعة الفكرة التي تدغدغ أفكار الملايين هي التي تجعل الناس تشتري هذه البطاقة, وهذه الناس التي تجعل اصحاب الملايين الاذكياء والذين يملكون شركات اليانصيب يزيدون ثراء وسلطة.

الاديان ورجال الدين هي بالضبط مثل شركات اليانصيب هذه التي تبيع أحلام في الهواء للمسحوقين من البشر, أحلام بعدم الحاجة الابدية للفقراء, أحلام بلقاء الاهل والاحباب لهؤلاء الذين فقدوهم.. أحلام بلقاء شخصيات نحبها ونشتاق لها كثيراً, ليس هذا فحسب بل أحلام تحقيق أمنيات لايتخيلها عقلنا الآن بل وأكثر من كل هذا... الاديان تبيعنا حلم لانستطيع حتى أن نحلم بهِ.. ولاتقول لنا ماهو الحلم بل تقول لنا بأنه لايخطر على بالنا حتى. ونحن تماماً كالاغبياء الذين يشترون ورقة اليانصيب... نشتري هذا الحلم الذي لاندري ماهو, وعندما نموت... سواء كان الحلم كذبة أو حقيقية فلن يكون هناك من نلومه... فقد ذهبنا وذهبوا... وأنتهت حياتنا نطارد هذا الحلم وأنتهينا من الوجود الذي اليه ابداً لن نعود.

عندما أذهب الى عملي أرى بائع بطاقات اليانصيب وهو رجل كبير الجثة ومقعد يجلس على كرسي متحرك يردد نفس العبارة... منذ عشرة سنين وهو يجلس في نفس المكان كل صباح ويردد نفس العبارة.. أشتري اليوم وستفوز.. أشتري اليوم وستفوز... أشتري اليوم وستفوز. على الجهة الاخرى من الشارع يقف عادة ثلاثة أو أربعة أشخاص يحملون بأيديهم مجلات دينية تدعو لدين معين.. كلما صادف أن مر أحدٌ لجوارهم جائت تلك العبارة الكلاسيكية والتي يرموها كمن يرمي الطعم.. عذراً هل فكرت بالموت؟ عذراً هل فكرت بماذا سيحدث بعد الموت؟ عذراً هل تعرف..... الخ

عندما أفكر بالامر اليوم أجد أن الشخص الجالس على اليمين والذي يبيع بطاقات اليانصيب هو بصراحة أكثر ذكاء من الاغبياء المتهندمين والواقفين على الجهة الاخرى من الشارع... هو على الاقل يبيع الناس احلاماً ولو وقتية لكنه يربح قوته اليومي من هذا العمل الغير شريف... أما ماتقوم بهِ تلك الوجوه القبيحة على الطرف الآخر من الشارع هو نشر الرعب في صدور الناس و أجبارهم على الاعتقاد بأنهم هم فقط وليس احداً غيرهم قادر على أنقاذهم من هذا الرعب... بالنتيجة يبيعون بضاعة غير موجودة لزبون خائف تماماً مثلهم... خوفهم دفعهم لدرجة خروجهم الساعة السادسة صباحاً لبيع هذه البضاعة لأناس مثلهم... خوفهم دفعهم لمحاول العثور على أكبر عدد ممكن من الناس المرعوبين من فكرة الموت كي يتقاسموا هذا الخوف معهم.. أنه الخوف من أن أكون وحيداً.. الخوف من الخوف نفسه.

هل تخاف من الموت؟ آسف أذا كانت فكرة الموت تقلقك كثيراً... أحترم خوفك وأتمنى أن تتخلص منه لكنني أود أن أذكرك بأن الخوف يسلبنا قدرتنا على التفكير الصحيح و العقلاني و السليم... الخوف يجعلنا نتصرف بصورة غريزية بحته تدفعنا لأرتكاب أغبى الاشياء في محاولة يائسة منا للتخلص من السبب الذي يجعلنا خائفين... وفي هذه الحالة الموت. لا لن نتخلص من الموت... حتى ولو أعتقدنا بأن لنا حياة أبدية.. سنموت.. حتى لو أعتقدنا بأننا سنتحول الى ذرات من الكاربون تحوم في العدم.. سنموت.. سنموت وستختفي قصصنا وأفكارنا و أحلامنا معنا... سنعود الى حيث كنا قبل أن نكون.. تماماً في نفس المكان الذي كنا فيه قبل مليون سنة أو مليونين سنة.. هل تذكر شئ؟ نعم.. هناك سنكون.. ولا أجد من ضرورة للقلق أو الخوف.. لاننا بكل بساطة لم نكن قبل مليون عام.. ولن نكون بعد أن نموت... هل أنا متأكد من هذا؟ أقولها لك.. نعم

ماذا لو كان هناك شئ بعد الموت؟
لو أفترضنا أن كان هناك شئ بعد الموت... وهذا الاحتمال يساوي أحتمال فوزك ببطاقة اليانصيب العالمية ويساوي أحتمال سقوط طيارة محملة براقصات فلبينينات يتحدثن الفرنسية بطلاقة فوق رأسك... فلا أجد أننا كبشر قادرين على التأثير على حياتنا القادمة بأي شكل من الاشكال تماماً كما كنا عاجزين عن أحداث أي تأثير على حياتنا الحالية من خلال حياتنا السابقة, فلن يكون لحياتنا الحالية أي تأثير على حياتنا القادمة. هل كانت أفعالك في حياتك السابقة سبب سعادتك أو تعاستك الآن؟ فلماذا تعتقد أذن بأن حياتك القادمة ستتعلق بما تفعله في حياتك الآن لدرجة أن خوفك يدفعك لأعطاء أموالك وسلطة عقلك الى أصحاب الالسن السليطة من رجال الدين وكل من هب ودب وتحدث بأسم الإله أي كان؟

الموت هو الحالة الطبيعية للغالبية العظمى من المادة في الكون... حتى لو أفترضنا وجود حياة أخرى غير حياتنا فأن الموت كان وسيبقى هو الحالة الطبيعية والتي تخترقها بعض خطوط الحياة هنا وهناك في هذا الكون العاصف.. ما أن تلبث حتى تخبو وتعود الى طبيعتها الاصلية.. طبيعتها الام.. السكون. الموت حقيقة كما هو الميلاد.. وبين الاثنين فهذه هي حياتك... أنت من يقرر ما أذا كنت ستقضيها خائفاً من نهايتها الحتمية أو أن تعيشها كنعمة أستثنائية قياسياً شبه مُستحيلة عندما نقارنا بكل هذا الكون الميت من حولنا. فعش حياتك وتمتع بها... بدل من أن تقضيها خائفاً من شئ طبيعي جداً, تماماً كموت التفاحة الحمراء التي أقضمها الآن.

بسام البغدادي



#بسام_البغدادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا قطعت رأس أمي؟
- هل يستحق الله العبادة؟
- عبثية ميلان كونديرا الرائعة
- كلام في اللقاء الجزء الثالث
- كلام في اللقاء الجزء الثاني
- كلام في اللقاء الجزء الاول
- هل يملك الله أي خيار؟
- حواء و بناتها و التفاح
- لهم ملكوت الارض
- خالداً في ذاكرة عشتار
- عندما يخجل الرجال أن يكونوا رجال - الجزء الثاني
- عشتار و أبن القبيلة
- هل الله موجود الجزء الخامس و الاخير
- يا أولاد ال... من أجل كرة القدم؟
- هل الله موجود؟ الجزء الرابع
- هل الله موجود؟ الجزء الثالث
- هل الله موجود؟ الجزء الثاني
- هل الله موجود؟ الجزء الاول
- الالحاد تحت المجهر
- الى شقرآء تدور في فلكي


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - بسام البغدادي - الخوف من الموت يجعلنا نؤمن بالله