مبحث الزمان في الفكر الفلسفي والإسلامي

زينب عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 3215 - 2010 / 12 / 14 - 13:35
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

مبحث الزمان في الفكر الفلسفي والإسلامي

زينب عبد العزيز

تعريف الزمن في أللغة
عرفه أبن منظور:
زمن :الزَمَنُ والزَمانُ: اسمٌ لقليل الوقت وكثيره، ويجمع على أَزمانِ وأَزْمِنَةٍ وأَزْمُنٍ. ولقيته ذاتَ الزُمَيْنِ، تريد بذلك تراخيَ الوقت، كما يقال: لقيته ذات العُوَيْمِ، أي بين الأعوام. عاملته مُزامَنَةً من الزَمَنِ، كما يقال مشاهرةً من الشهر.
والزَمانَةُ: آفة في الحيوانات. ورجلٌ زَمِنٌ،أي مُبْتَلىً بيِّن الزَمانَةِ ، وألزمان يقع على الفصل من فصول السنة وعلى مدة ولاية ألرجل وما أشبه وفي ألحديث عن ألنبي صلى الله عليه وأله وسلم أنه قال لعجوز تخفى بها في ألسؤال وقال : كانت تأتينا أزمان خديجة أراد حياتها ثم قال :وإن حسن العهد من إلايمان وقوله في ألحديث :إذا تقارب الزمان لم تكد رؤيا ألمؤمن تكذب
وقال: أبن ألاثير أرادوا استواء ألليل والنهار واعتدالهما وقيل :أراد قرب أنتهاء ألدنيا والزمان يقع على الدهر وبعضه(1)
عرفه أبن الفراهيدي :
زمن : ألزمن : من الزمان والزمن :ذو ألزمانة و أزمن ألشيء :طال عليه ألزمان.(2)
عرفه الرازي :
زم ن – الزمن والزمان أسم لقليل ألوقت وكثيره وجمعه أزمان وأزمنه وأزمن وعامله مزامنة من الزمن كما يقال مشاهرة من ألشهر(3)
تعريف الزمان في ألاصطلاح :
يرى فريد ألدين الزّمانُ إنّه مفهوم معقَّد لم يتمكن العلماءُ من الوصولِ إلى حقيقته بعد. وهو ناشئ من دورانِ الكرة الأرضية حول محورها وعلى مدارٍ مُعَيَّنٍ مرتبطةً فيهما بالشمس، يعني أن الأرض تجري في ذات الوقت حول الشمس على مدارٍ مُعَيَّنٍ، إضافةً إلى جريانها حولَ محورِها فيتمخَّضُ عن الأول المواسمُ الأربعةُ، وعن الثاني اللّيلُ والنهارُ المتعاقبان, والوحدة القياسية للزمان هي الساعة.
أما الزّمانُ بالنسبة للفعل، فإنّه جديرٌ بالإهتمام؛ ذلك أن للفعل مراتبُ زمنيةٌ مختلفةٌ. ولهذا فإن علاقة الفعل بالزمان أشمل بكثير من القدر الذي حصرها علماء العربية في صِيَغٍ ثلاثٍ. وربما لم يكن غَرَضُهُمُ الوقوفَ على مفهوم الزّمانِ مباشرةً، وإنما أرادوا أن يتوصّلوا إلى تعريفٍ للفعل يميّزُهُ عن الأسمِ والحرفِ، فاقتصروا في هذه المحاولة على تقسيمه إلى الماضي والحال والإستقبال فحسب. وقد سمّىَ بعضُهُمْ الصِّيَغَ بالأزمنة الثلاثة. لذا، فإنّ المسألة غيرُ واضحةٍ؛ حيث أن طالب اللّغةِ العربيةِ قد يكون متردِّداً حول هذه القضية، فيتساءل عما إذا كانت هذه التسميةُ تعبيراً عن الصِّيَغِ الفعليةِ أم المراتبِ الزمنيةِ؟
نعم إنّ الفعلَ بوقوعه حقيقة، لا ينفكُّ عن الزّمانِ على الإطلاق، إذ أنّ الفعلَ حاليٌّ عند وقوعه البتة، ويصبح ماضياً بعد وقوعه حقيقة، وهو مستقبل ما لم يقع. فهذه لا تتعدَّى عن تصورات منطقية بحتة(4)
ومفهم ألزمان في ألاصطلاح :
أن الزمان علة ألتعاقب والتسابق في الوجود والمكان علة ألتكثر وألافتراق في الحضور فهما سببان لأختفاء ألموجودات بعضها عن بعض فأذا أرتفعا في القيامة أرتفعت ألحجب بين الخلائق فيجتمع ألخلائق كلهم ألأولون ولأخرون (قل إن الأولين وألاخرين * لمجموعون الى ميقات يوم معلوم )(5)
أن اصل بحث ألفلاسفة في الزمان وتفسيرهم له هو عبارة عن تفسير جوهر ماديته مرتبط بالحركة بالأشياء قالوا زمان هو معنى الحركة أو مقدار الحركة سواء كانت هذه الحركة في السرعة والبطء(6)
أن مفهوم أما مفهوم الزمن في اصطلاح علماء المسلمين فهو مرتبط بمعناه اللغوي، فهو يعني: ساعات الليل والنهار، ويشمل ذلك الطويل من المدّة والقصير منها (7)
ولا بد من الإشارة هنا إلى وجود ارتباط وثيق بين مفهوم الزمن وبين دلالته الفلسفية، ولذلك فإنّ قواميس اللغة، وكتب التأريخ والتفسير، عندما تتحدث عن مفهوم الزمن، تتخذ مساراً فلسفياً مقصوداً، بحيث يصعب بالتالي إدراك المعنى الأصلي للزمن بعيداً عن المذاهب الفلسفية.
عرفه الكندي بأنه مدة الحركة أو هو عدد الحركة لأن فكرة الزمان تمكننا من معرفة السرعة والبطء في الحركة .
بينما( الآن) ماهي ألا أداة تصل الزمان الماضي بالحاضر ولما كان بقاء لها فهي ليست زماناً وإنما هي أدراك لمعنى ألزمان لأن ألزمان لا وجود له في ذاته (8)
عرفه ابن سينا الزمان على النحو الذي عرفه به أرسطو بأنه ( عدد الحركة إذا أفصلت إلى متقدم ومتأخر لا بالزمان بل بالمسافة وإلا لكان بيان وجوده بيانياً دورياً )(9)
عرفه ابن رشد انه يراه قديماً أزلياً وان وجوده بُين بنفسه وأعده من احد أصناف الكم ولكون أجزائه إما ماض وإما مستقبل وأنه ليس شيء منه يمكن أن يشار إليه بالفعل فأن أقرب شيء يشبه هو ألحركة ، ولا يمكن أن أنتصور زماناً إن لم نتصور حركته (10)
تعريف الزمان عند الفلاسفة اليونايون :
يرى كانط ليري الزمان ليس شيئاً موضوعياً واقعياً وليس جوهر أو عرضاً من الترابط بين جميع الموضوعات الحسية تبعاً لقانون محدود فالزمان بالتالي خدس صرف وما يسري على الزمان يسري كذلك على المكان من حيث كونهما صورتان أوليتان لا يمكننا أن نرجعهما الى التجربة أو أليهما وجود خارجي واقعي(11)
أرسطو يرى أنه مقدار الحركة وهو ما يسمى بالنقلة حيث أن الزمان مرتبط بالمكان وهذه الحركة التي يتم ألانتقال بها من مكان الى آخر هو يتم بها تحقق الزمان وتغيره فالزمان يكون هو مقدار الحركة وهذه الحركة أنما تنوجد بوجود المكان والذي يوجد بوجود ألاجسام وأنه أعتباري نسبي وان البدن البشري هو ألذي جعل للزمان محدودية ووعاء بما يتلائم مع مادية الجسم فأن الزمان ذلك الجزء الجوهري من العالم لا يمكن للبشر أن يشعر بجوهريته ألا من خلال ألتجرد من المادة فيقول : أني ربما خلوت بنفسي وخلعت بدني وصرت كأني جوهر مجرد بلا بدن فأكون داخلاً في ذاتي خارجاً عن جميع ألاشياء فأرى في ذاتي من الحسن والبهاء ما أبقى له متعجباً باهتاً فأعلم أني جزء من أجزاء هذا ألعالم ألاعلى ألفاضل ألشريف (12)
عرفه أوغسطين القديس أنه أزلي أبدي له خالق وعلة أوجدته وأرد بكلماته أن يثبت (وجود الله ) وأن هذا الزمان هو أيضاً أعتباري بالنسبة للأنسان المادي من خلال حركته أوجدت له هذه ألازمنة الماضي والحاضر والمستقبل وأن قياس الزمن ومحدوديته وفق الساعات وألايام هي بما يتلائم مع الذهن البشري قياساً مع حركة الشمس وألارض ويقول لو تركوا الناس التصور بمرور الماضي والمستقبل وأعتبروا كل شيء واقف عندها يكون الزمان عندهم حاضر فقط وهذا معنى للأزلية وبذلك يأطر الزمان بأطار ميتافيزيقي يتحول الى المادية بحركة ألاجسام (13)

عرفه هرقليطس الزمان ذلك الموجود ألازلي ألذي هو عبارة عن ألتغير المستمر للموجودات فهو بذلك يكون الزمن مقدار للحركات والسرعة لهذه المتغيرات حيث قال بمقولة الفلسفية (أن كل شيء في تغير ألا التغير فهو ثابت لا يتغير )(14)وهذا ألتغير لا يحدث ألا عبر الزمن .

عرفه أفلاطون أنه مقدار الحركة في الموجودات التي هي صورة للمتغيرات وأن الزمان أعتباري ابدي وأنه مخلوق ليس له نهاية وليس له بداية وليس له حيزاً وغير مقسم الى اجزاءه الثلاثة وانما يكون كذلك عند البشر على اساس صورة الزمان الجوهرية لكون الجواهر لها ألاعراض تعرف من خلالها فأن ألعرض لهذا الزمان هو قياس الزمان ومعرفته من خلال الحركة والمتابعة لكل من حركة ألافلاك يكون الزمان معروف المقدار عندما خلق الله هذا الكون وهذا لا يعني بعدمية الزمان قبل ذلك وأنما هو أبديته وأزليته وأن أستمراره ليس بالزمان وألا لزم أفتقار الزمان الى زمان أحر وأنما استمراره لأنه من قبل علة تامة وهو الله سبحانه وتعالى .(15) يتبع

المصادر:
1 أبن منظور ، (ت 630- 711هـ) ، لسان العرب ،ج6 ،ص 86- 87 ، ط :الثالثه 1419هـ-1999م ، المطبعة دار أحياء التراث ألعربي للطباعة وألنشر والتوزيع بيروت ، ألناشر والتوزيع دار أحياء التراث ألعربي للطباعة وألنشر .
2 الفراهيدي ، ابي عبد الرحمن الخليل بن احمد الفراهيدي (ت 100-175هـ)، ص 397،ط: د. ن ،ألمطبعة : دار أحياء التراث العربي بيروت .
3 الرازي ، محمد بن أبي بكر بن عبد ألقادر ألرازي (ت 666هـ)، ص 275، د. ن ، د. ك .
4 - أيدين ، فريد الدين ، الأزمنة في اللغة العربية ، ص 122، ت.1997 ، المطبعة دار العِبَر للطباعة والنشر،إسطنبول.
5 الواقعة 49،50
6 - ذغيم ، سميح ، موسوعة مصطلحات صدر الدين ألشيرازي ، ج1ص454-460 ، ط : 1 ، 1428هـ ، المطبعة ستارة- قم ، ألتوزيع قم .
7 انظر: الطبري، محمد بن جرير: تاريخ الأمم والملوك، تحقيق: محمد إبراهيم، (بيروت: دار سويدان، ط2، 1387هـ/ 1967م)، ج1، ص5. ابن الأثير، علي الشيباني: الكامل في التاريخ، (بيروت: دار صادر، د.ر، 1385هـ/ 1965م)، ج1، ص13.
8 جهامي ، د.جيترار جهامي ، ص 70 ، مفهوم السببية بين المتكلمين والفلاسفة بين الغزالي وأبن رشد دراسة وتحليل ،ط 1968 ،المطبعة :منشورات دار المشرق بيروت ، التوزيع :المكتبة الشرقية ساحة النجمة بيروت .
9 - نفس المصدر .
10 جهامي ، د.جيترار جهامي ، ص 70 ، مفهوم السببية بين المتكلمين والفلاسفة بين الغزالي وأبن رشد دراسة وتحليل ،ط 1968 ،المطبعة :منشورات دار المشرق بيروت ، التوزيع :المكتبة الشرقية ساحة النجمة بيروت .
11 - جهامي ، د.جيترار جهامي ، ص 70 ، مفهوم السببية بين المتكلمين والفلاسفة بين الغزالي وأبن رشد دراسة وتحليل ،ط 1968 ،المطبعة :منشورات دار المشرق بيروت ، التوزيع :المكتبة الشرقية ساحة النجمة بيروت .
12- حمادة ، حسين صالح ، دراسات في ألفلسفة أليونانية ، ج2 ص 264 ، ط1- 1426هـ-2005 م ، المطبعة دار الهادي ، التوزيع والناشر دار الهادي .
13 - كوفليه ، أرمان ، نصوص فلسفية مختارة مقدمة عامة في علم ألنفس وعلم ألجمال ، ص 147 ، ط 1 :1427هـ - 2006م ،مطبعة بيت الحكمة العراق – بغداد .
14- جهامي ، د.جيترار جهامي ، ص 70 ، مفهوم السببية بين المتكلمين والفلاسفة بين الغزالي وأبن رشد دراسة وتحليل ،ط 1968 ،المطبعة :منشورات دار المشرق بيروت ، التوزيع :المكتبة الشرقية ساحة النجمة بيروت .
15 - ألآلوسي ، حسام ، الزمان في الفكر ألديني وألفلسفي وفلسفة العلم ، ص 99، ط 1 – 2005، المطبعة ألمؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت ، التوزيع دار فارس ألاردن – عمان .

#زينب_عبد_العزيز (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات