قبل ان نسقط جميعا 2/3

عبد الكريم البدري

الحوار المتمدن-العدد: 3215 - 2010 / 12 / 14 - 07:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

قبل ان نسقط جميعا 2/3

ينبغي ان نتوقف قليلا كي نتذكر ان الاتجاه لاستغلال الدين وإخضاع أصحابه للاستراتيجيات المصالح الغربية الإمبريالية ليس جديدا. وأهم من ذلك انه ليس من المبتكرات الأصيلة لبريجنسكي او دالاس او غيرهما من حراس هذه المصالح في الولايات المتحدة الأمريكية. وانما نشأ هذا الاتجاه, ونما وترعرع في ظل الامبريالية البريطانية صاحبة الخبرة الطويلة والتجارب العديدة في منطقة الشرق الأوسط عموما وفي منطقتنا العربية بشكل خاص.
يذكر "روبرت دريفوس" صاحب كتاب " رهينة الخميني" الصادر في نيويورك عام 1981- وهو كتاب يتضمن معلومات مثيرة عن الدور البريطاني في "الثورة الإيرانية" ما يلي:
( تعتبر "خطة برنارد لويس" هي اسم الشفرة الإستراتيجية بريطانية بالغة السرية للشرق الأوسط. وصانع هذه الإستراتيجية برنارد لويس متخصص في الشؤون الإسلامية والشرق الأوسط في جامعة اكسفورد, وكان يعمل في جامعة برنستون في نيوجرسي. وعلى الرغم من ان الدكتور لويس كان نشطا في الخطط التكنيكية بالنيابة الإستراتيجية الأنكلو- امريكية الا انه كان حاضرا في اجتماع بلدربيرج الذي عقد في عام 1979 في النمسا حيث كان "التزمت الإسلامي" الموضوع الرئيسي للبحث. وكانت مهمة الأستاذ الرئيسية هي وصف أيديولوجية ومميزات العالم الإسلامي. ويستطيع الانكليز بواسطة الاعتماد على تقويماته ان يقرروا أي نوع من التدخل سيكون أكثر فعالية في صياغة شؤون الشرق الأوسط حسب المصالح البريطانية.. وتدعو خطة لويس الى" بلقنة " وتمزيق "قوس الأزمات" لبريجنسكي وفق خطوط عرقية و قبلية ودينية وطائفية. ولهذا فليس من المثير للدهشة ان الخطة تمت بالتعاون مع الاستخبارات الإسرائيلية . ويقول لويس ان على الانجليز ان يشجعوا التمرد من اجل الحصول على الحكم الذاتي من قبل الأقليات مثل المارونيين اللبنانيين والدروز والبلوش الأذربيجانيين الأتراك والعلويين السوريين والأقباط في إثيوبيا والطوائف الصوفية السودانية...الخ والهدف هو تمزيق الشرق الأوسط الى خليط من الدويلات المتنافسة وإضعاف سيادة الجمهوريات والملكيات القائمة..... "
وقد لا يتسع المجال هنا للتعرض لتأريخ التيارات الدينية المتطرفة في أقطارنا العربية المختلفة منذ نشوئها وتطورها ونموها واستشرائها حتى الآن, منذ إقامة السيد جمال الدين ألأفغاني في مصر حتى الظهور القوي لتنظيم الأخوان المسلمين وما تلاه من تيارات الجهاد والتكفير والهجرة وغيرهما من التيارات التي سرت مسراهما مع فوارق هنا أوهناك في مصر وغيرهما من البلدان العربية. ( ولاشك انه موضوع بالغ الأهمية , ولا يد من الإشارة في هذه العجالة الى مذكرة المؤرخ المصري الدكتور عبد العظيم رمضان في كتابه "تطور الحركة الوطنية في مصر" من ان " حركة الأخوان المسلمين هي حركة قذفها تيار إسلامي محتضر, او هي آخر اختلاجة من اختلاجات مصر الإسلامية التي بدأت مع مجيء الحملة الفرنسية في أواخر القرن الثامن عشر. وظلت الى نهاية الحرب العالمية الأولى حتى تم التحول في ظل التغيير السياسي والاجتماعي والفكري الذي أحدثته هذه الحرب." ويضيف الدكتور رمضان انه " في السنوات السبع التي سبقت الحرب العالمية الثانية خاض الأخوان نشاط الميادين الآتية: فقد نظموا التشكيلات شبه العسكرية. وهي التي أطلقوا عليها تسميات التشكيلات الكشفية والرياضية وأقاموا المحاضرات والدروس في المساجد وتأسيس درس الثلاثاء وأصدروا الرسائل والمجلات مثل رسالة المرشد ومجلة الأخوان المسلمين الأسبوعية ومجلة النذير, وأنشأوا الشعب في القاهرة والأقاليم وفي الخارج: في السودان وسوريا ولبنان وفلسطين والمغرب.. وركزوا الدعوة في الجامعات والمدارس عدا الأزهر. وأقاموا المؤتمرات الدورية في القاهرة والأقاليم وساهموا في الحركات الإسلامية.
أما روبرت دريفوس في كتابه التي سبقت الإشارة اليه يقول: (وضع ألبنا مقر المنظمة في ميناء الإسماعيلية الذي تسيطر علية شركة قناة السويس الأنكلو- فرنسية. وقد مولت الشركة وهي الممثل البارز للأمبريالية البريطانية في مصر حركة الأخوان المسلمين وساعدت البنا في بناء اول جامع لها اكتمل بناؤه عام 1930. وفي سنة 1935 اتصل البنا بمفتي القدس الحاج أمين الحسيني الموالي للنازيين والذي رعاه الأنكليز بعد ذلك, كذلك حصل الأخوان على الدعم من الملك فؤاد وفاروق وكانا كليهما أداة ذليلة في يد لندن... ورحب الأخوان بحكم الملك ( وكان شعارهم في تلك الفترة: الله...الملك...الوطن) ومع نشوب الحرب العالمية الثانية بدأ الأخوان المسلمون بحياكة الشبكة التي بقيت حتى اليوم حركة تابعة الى لندن. وفي سنة 1941 جرى تعاون بين الأخوان واحد الضباط البارزين في الاستخبارات البريطانية يشكل مباشر في القاهرة, وهو جي هيدارث دن في السفارة البريطانية. وفي سنة 1942 بدأت الحركة في إنشاء جهازها السري المرهوب الجانب... وعندما أشرفت الحرب على الانتهاء شن الأخوان هجومهم الإرهابي الأول وكان الهدف منه تدمير القوى الأساسية في الحركة الوطنية .

#عبد_الكريم_البدري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات