أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوزان سامي جميل - النبيذ الأحمر














المزيد.....

النبيذ الأحمر


سوزان سامي جميل

الحوار المتمدن-العدد: 3214 - 2010 / 12 / 13 - 09:49
المحور: الادب والفن
    


إمتلأ المكان بعبقِ الياسمين وهي تطأُ بقدميها الواثقتين أرضَ المشربِ ذي الطرازِ الحديث, وبرشاقةِ راقصاتِ الباليه جلستْ إلى طاولةٍ تبعد عني بما دون الأربعة أمتار. كان عطرُها الذي دغدغ أنفي ,هو المفضل عندي للنساء , فهو يثيرني ويهزُّ رجولتي ويذكّيها. إلتفتُ إليها , ورمقتُها بنظرةِ إعجابٍ تلقّتها مني بإبتسامةٍ أضافتْ إلى سحرِ شفتيها فتنةً أخرى . ولأني فوجئت بابتسامتها !!! سارعتُ ,غيرَ مصدقٍ , بالتقاطِ الوردةِ الحمراءَ والموجودةِ ,غالباً ,على الطاولاتِ المستديرةِ في صالةِ ذلك المشربِ , وخطوتُ نحوها بوثوق , ثم انحنيتُ على يمينها بلباقةِ أمراءِ القرونِ الوسطى , ولثمتُ الوردةَ بشفتيَّ لثماً خفيفاً, وقدّمتُها إليها. كان جمالُها أخّاذاً ؛ عيناها العسليتان تشعان ببريقٍ غريبٍ , فيهما مسحةٌ من الحزنِ والذكاء , وأنا أعشق الذكيات !..تاهتْ عيناي وهي تتأرجحُ بين عينيها وشفتيها المكتنزتين و شعرِها الأشقر الداكن والمصففِ على كتفيها ببراعةِ مصففِ شعرٍ لاشكَّ في عالميته !! , تجرأتُ واستأذنتُها لأشاركَها الطاولة .
رحَّبتْ بجلوسي دون تردد, شارطةً عليَّ أنْ أكون ضيفها, لكنني وبشهامةِ الشرقِ المغروسةِ فيَّ , ولأن في محفظتي رزمة وأكثر من العملة النقدية الأجنبية , رفضتُ , وبشدّة , وصممتُ على أن تكون هذه الجلسةُ , بل وكلُّ الجلساتِ القادمةِ , بإذنِ الله , على حسابي . إنهالتْ على مسمعي رنّاتُ ضحكتِها الجميلةِ , فحوّلتني إلى صقرٍ كاسرٍ إمتلأ بالزهوِ والنشوةِ لإنقضاضهِ على طريدةٍ شاردةٍ , وتمنيتُ في تلك اللحظة لو يدخلَ رفاقيَ الشباب فيروا هذه الحورية الساحرة الجمال برفقتي , فأزدادُ شموخاً وشهرةً بمغامراتي النسائية بينهم , فيتوسلون إليَّ أن أُلقي عليهم ولو محاضرةً واحدة في فنون الحب والنساء , فأصف لهم ببراعة كيف أوقعتها في شباكي الآسرة منذ اللقاء الأول, فأنا إبن الثلاثين , الناضج , والواعي , الذي لا تفلت من أسرهِ أية إمرأة مهما بلغ جمالُها أو ذكاؤها لأنني , وبتواضعٍ شديدٍ , رجلٌ ذو خبرة بالحب والنساء , ولأنهم رفاقي لسنين عديدة , سأسرد عليهم حكاياتي مع الجنس اللطيف , لكني سأشترط عليهم أن يدعوني للطعام في أرقى المطاعم في كل مرّة , حتى تتفتح قريحتي وأسترسل في السرد , وإلاّ فلماذا أستنفذ جهودي ووقتي الثمين من أجل تسليحهم بذخيرة حية من المعلومات المفيدة من دون تكريم ؟
طلبت من النادل أن يأتينا بطعام العشاء بعد أن احتسينا نصف زجاجة النبيذ الأحمر الذي تفضله فاتنتي . علمتُ منها بأنها كمديرةِ أعمالٍ لإحدى شركاتِ الإستثمارِ, على موعدٍ للقاءِ وديٍّ مع ممثلين لشركات أخرى بنيّة التعاقد على صفقة مهمة . فجأة رنّ هاتفُها الخلويّ ؛ تمتمتْ ببضعِ كلماتٍ لم أفهمْها , وأقفلتْ الخطَ . نظرتْ إليّ وهي تجيب على تساؤلي اللامسموعِ بأن اللقاء قد تم إلغاءه لسبب ما . إطمأنّتْ نفسي لهذا الخبر وبشّرتُ ذكورتي بليلةٍ من الإنغماسِ في العسلِ الربّاني المذاق . أكملنا عشاءنا بشهيةٍ عالية , وعرضتُ عليها قضاءَ هذه الليلة بصحبتي ؛ فقد كافأتُ نفسي بإجازة ليومين فقط بعد عملٍ متواصلٍ لشهورٍعديدة كانت نتيجته هذا المبلغ الكبير الذي يرقد بسلام في الجيب الداخلي لجاكيتي الجديد .
تأسفتْ لعدم قدرتها على ذلك وأسأذنتْ بالإنصراف . ضايقني قرارُها بالذهاب , لكنها طمأنتني بأنها ستتصل بي قريباً جداً بعد أن سجّلتْ رقم هاتفي الخلوي في مفكِّرتها , ووعدتني بأنها ستتصل بي حالما تبتاع لها هاتفاً في اليوم التالي لأن االخلوي الذي معها يعود لأخيها الكبير, وأصرّتْ على المغادرة , وفعلاً رضختُ في نهاية الأمر لرغبتها . وقفتْ قبالتي باسطة ذراعيها الرشيقتين كإشارة منها لإحتضاني , فما كان مني إلآّ أن شبكتُ كلتا ذراعيَّ حول ظهرها وبقوة شرقيٍّ نهم ضغطتها عليًّ فانغرس نهداها في صدري , حتى خلتها ستفقدُ أنفاسها . حاولتِ التملصَ مني ودفعي عنها , أفلتُّها بصعوبة . ابتسمتْ لي وحملتْ حقيبتها لتغادر المشربَ . حاولتُ أن أوصلها للباب الخارجي فرفضتْ بحجة أنها تكرهُ لحظاتِ الوداع .
نظرتُ إليها وهي تخطو بآخر خطوة خارج المشرب . امتزجتْ مشاعرُ الفرح والحزن في داخلي ومنّيتُ النفسَ بالغد الزاخر بالأمل الأخضر . انتابتني حالة من الشرود , أفقتُ منها على صوت النادل وهو يستأذنني برفع الأطباق الخالية , فرجوته أن يأتيني بفاتورة الطعام . تحسّستُ الجيب الداخلي للجاكيت بحثاً عن محفظة النقود التي كانت راقدة هناك حتى قبل هنيهة , فلم أجدها , بحثت في الجيب الثاني فلم أُعثر عليها أيضاً .ظننت بأني قد أكون دسستها في جيب البنطلون , لكني لم أجدها هناك أيضاً , وبدأتُ انبش في كل الجيوب والمحفظةُ غدتْ في خبر كان. التفتُّ حولي واستدرتُ يميناً وشمالاً لكن لا فائدة !!!! هرولت بخفةٍ خارج المشرب باحثاً عن فاتنتي لكني لم أجد لها أثراً.
وحين أخذ اليأسُ مني كل مأخذ , وأحسستُ بالنادل يرمقني بنظرات ملؤها التساؤل , صار لابد من الإتصال بأحدِ رفاقي الشباب ليسعفني بدفعِ فاتورةِ الطعام, وحينما وصلَ أحدهم , أخبرتُه بأني قد نسيتُ محفظةَ النقودِ في البيت !!!!



#سوزان_سامي_جميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوزان سامي جميل - النبيذ الأحمر