أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عوني الداوودي - إلى جندي مجهول يتربع القمم














المزيد.....

إلى جندي مجهول يتربع القمم


عوني الداوودي

الحوار المتمدن-العدد: 3213 - 2010 / 12 / 12 - 08:56
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


إلى صديقي جميل أمين.
جميلْ .. أسمٌ على مُسمى ... كوردي النجاد، أممي الهوى والمبدأ، من محلة الشورجة في كركوك ... ولد هناك وترعرع، لكن مع تقادم الزمن ضاقت عليه المحلة والمدينة، وأنطلق لفسيح المكان .. قدمٌ في كركوك، وأخرى في بغداد، وثالثة في حاج عمران، ضاق فكره بعصبوية القبيلة، فأتخذ من مفهوم الأممية والإنسانية فكراً ونهجاً يقتدى به في زمنٍ كان التحدي فيه للفكر الشمولي في العراق يعد إنتحاراً، ويمضي جميل في مساره الإختياري المدعم بفكرٍ موسوعي، وسلوك نموذجي يقارب بين النظرية والتطبيق، ليربي أجيالاً لا على التعيين، ومن مختلف الأعمار، ضمن محيطه الممكن.

جميل ... وبدون أن تشعر يجبرك على التواضع، والإنحناء لمن هم بحاجة لإلتفاتة إنسانية منك، ويرشدك أيضاً للوسائل التي من شأنها رفع ولو جزء يسير عن كاهل هذا وذاك دون أن يتفوه بكلمة، وبدون تجريح لذوي الحساسية العالية!!، أو أي ما من شأنه يدخل ضمن المنية على أحد، وهو السباق دوماً وأبداً.

جميل ... أنقذ عشرات الأنفس من موت محتم، يوم كان متر مربع واحد في هذا العراق الكبير، في زمن طاغوت العراق " صدام " يضيق بالمتمردين والثوار والناقمين على نظام الدولة المافيوية التي وصلت حد إحصاء أنفاس العراقيين، وذلك بتسخير علاقاته الواسعة مع مختلف طبقات المجتمع في القرية والمدينة، لإحتضان منْ بحاجة للإختفاء عن أعين جلاوزة نظام أتخذ من ممارسة العنف والقسوة والبطش والجبروت علامة مميزة طبعت تاريخ العراق كأسوء مرحلة تاريخية بعد سقوط الخلافة العباسية على يد هولاكو عام 1258 م .

جميل ... أو بالأحرى كنا نطلق عليه أسم مام جميل، لحكمته وتواضعه، وجرأته غير المتناهية للوقوف بوجه السلطان بأسلوبه الخاص، يعطيك المعرفة دون أن تشعر بأنه يلقنك درساً ما، ويعلمك مبادئ ومفهوم عشق الإنسان، لتسري دون إستئذان لعروقك.

جميل .. لم يرضخ، ولم يساوم يوماً ما على ما آمن به، وذو قابلية فذة في الإفلات عن أعين البصاصين، والرقباء، والفضوليين، كعراف يقرأ الغيب، ويستطلع طوالع البشر، مميزاً وبشكل يدعو للإعجاب والتقدير بين المغلوب على أمره، والعقائدي المنفلت من عقاله، بغض النظر عن القومية والمذهب والدين والآيدولوجية.

جميل ... لا يسئ الظن بأحد، حتى مع الذين لا يتفق معهم سياسياً، ويجد الأعذار عادة لمن يهفو، أو المُسير كأي دابة ضمن القطيع، آخذاً بعين الإعتبار، عوامل، البيئة، والمنشأ، والتربية، والظروف العامة المحيطة للشخص المختلف عنك، ومع هذه النفس الطيبة، فهو خصم عنيد لمفردات الظلم والقهر والإستبداد، وللفكر الشوفيني والفاشيستي، وقد حاربهم ولم يزل دون هوادة.

سعيد ومحظوظ من عرف جميل عن كثب، ونهل من منابع روحه الطيبة، وشكيمته في تحمل المصاعب، وفن مراوغة السلطات القمعية، وإستنباط الوسائل المبتكرة للمقارعة والإفلات، لكل مرحلة من مراحل النضال .

جميل .. يجبرك دون أن تشعر أو تحس، لتفصح عن خوالج روحك، وعذاباتها، من منطلقين، إحداهما لتفرغ ما حُمل كاهلك به رغماً عنك، والثانية في كيفية تقديم ما ممكن تقديمه لإراحة نفسك المعذبة التي تغلي وكأنها على مرجل.

توصلت لمعادلة فانتازية من خلال مشواري في ما مضى من العمر، مفادها ... بأن الوالدين وبدون شعور منهم يسمّون أبنائهم، بأسماء تصبح قرينة سلوكهم لاحقاً، فمثلاً أعرف شخصاً أسمه بالكوردي " هه ور " أي الغيم ، ولطالما تعجبت من مزاج هذا الإنسان المتقلب كالغيم، وأسم زوجتي يسرى مأخوذ من اليسر والسهولة، فكم من موقف صعب مررت به إلا ووجدتها تيسر لي وضعي الصعب ومحنتي بإبتسامة، أو بكلمة من شأنها إنتشالي من مستنقع أكاد أغط به ... والأمثلة كثيرة، وما أريد قوله ينطبق حرفياً على جميلنا مام جميل دون أي تزييف ولعب بالكلمات.

مام جميل هذا لايزن أكثر من خمسين كيلو غرام، ولا يتعدى طوله أكثر من مائة وستين سنتمتر، لكن بوقوفه جنبك يعطيك شعوراً بأنك متكأ على جبل، لا بل هو الجبل الشامخ دوما.

مام جميل .. شخصية تفرض عليك إحترامها حتى لو كنت على نقيض منها.

مام جميل مهندس كهرباء، يكهرب كل من حوله بجاذبيته، شخصية كاريزمية، يعمل ضمن إختصاصه في شركة " آسيا سيل " للإتصالات، منذ أعوام وهو يعاني من أمراض عدة، لكنه حتى في مرضه لم يستكين، بل يعمل جاهداً من أجل خلاص الإنسان من دورة العذابات الأبدية، فهو منكب منذ فترة ليست بالقصيرة لإنشاء مجمع طبي في السليمانية لمعالجة مرضى السرطان في العراق، من خلال تبرعات رجال الأعمال وعلى رأسهم الأستاذ فاروق ملا مصطفى صاحب الشركة المذكورة أعلاه، وبالإعتماد على قوانين حكومة إقليم كوردستان العراق.

عرفت مام جميل إنساناً ماركسياً ألتزم جانب المعدمين والمهمشين، وناضل في سبيلهم، ولم يزل دون هوادة، وحتى وضعه الصحي الصعب لم يثنه عن ما جُبل به فكره النير لخدمة بني البشر.
أبعد كل هذا ونقول ... جندي مجهول !!؟؟ أنها مفارقة بحاجة لفك وتشريح طلاسمه.
قبلاتي أيها الصديق الجميل، أنا مدين لك بالكثير، أحبك.


عوني الداوودي ـ السويد
شتاء 2010



#عوني_الداوودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عاللي جرى
- إيران، إيران. أين السعودية ؟؟
- تقييم الحوار المتمدن في سنته السابعة
- أمثل أبا فرات يُقتل ؟
- كركوك وتوابعها حكم التاريخ والضمير ، دراسة وثائقية عن القضية ...
- سيبقى الدكتور سلمان شمسة حياً بيننا
- جريمة التعذيب في العراق
- يقال عن السعودية ، والعهدة على الرواة
- متى ستستريح هذه المعبودة ، الأم العراقية ؟
- شهداء قلعة دمدم
- المسيجية في بلاد الرافدين شجرة باسقة وعملاقة ، ووارفة الضلال
- الأرقام والأحصائيات ، ياليتها نطقت، لكنها تفصح ، وتقول الكثي ...
- ما دخل تركيا بتمتع الكورد في العراق بالتمتع بالحكم الذاتي
- القرار 137 = العودة الى عصر الحريم
- قراءة في مؤتمرات المعارضة العراقية - سابقاً - حول الفدرالية ...
- النفط وكركوك كانتا ولا تزالان، وبالاً على الشعب الكوردي
- إمارة سوران في عهد الباشا الكبير محمد كور باشا الراوندوزي
- بخطوات واثقة يخطو الحوار المتمدن عامه الثاني
- عفوا مولاي زهير كاظم عبود ... لا أتفق معك
- سعدي يوسف لماذا تجعل الآخرين يسيئون الظن بك ؟


المزيد.....




- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عوني الداوودي - إلى جندي مجهول يتربع القمم