|
شجاب الغُراب لأمه ؟
ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
الحوار المتمدن-العدد: 3212 - 2010 / 12 / 11 - 10:24
المحور:
كتابات ساخرة
لو كنتُ عامل تنظيف في أمانة العاصمة ببغداد ، لحملت جميع أدوات ومواد التنظيف القديمة والحديثة وقضيت على جميع الأدران التي تعشش في جماجم الذين أصبحوا بقدرة قوى الإحتلال في موقع السلطة ، ويسوقون البلاد إلى هاوية لا يُدرك عمقها طالما بَقيت هذه الأدمغة البالية محتفظة بمواقعها وقادرة على ممارسة أفعالها .
واحدهم يحملً شهادة ( الدكتوراه ) دون ذكر الجامعة التي تخرّج فيها ومارس التعليم العالي لأكثر من عقد دون تحديد مكان الجامعة التي عمِل فيها . هذا ( اللاشيء ) مسؤولً في السلطة الحالية ويدير شؤون التعليم ، ولكنه لا يعترف بالفنون والثقافة . يريد أن يشبّهَ عمله بعمل النبي إبراهيم ( ع ) حين حطّم الأصنام وأودع الفأس عند أكبرهم . حاشا أن تكون إبراهيم الذي كانت النار عليه برداً وسلاما ، وأبشر أن يوما سوف لا ينفع فيه الندمُ و لا الجنسية أو جواز السفر الكنديين اللذين تحملهما . يومٌ تزال فيه الستر وينكشف كذب إداعاتك وأمثالك بالدين الحنيف والمزايدة بإسمه . لقد نسيت أيها ال ... أنك إتخذت من غير المسلمين وليّاً لك عندما أقسمت يمين الولاء لملكة بريطانيا في مراسم حصولك على الجنسية الكندية . وكذا لجميع أفراد عائلتك . ومثلك من زملائك كثيرون . فأين دعواك في تحريم المنحوتات الفنية من إنتاج طلاب الفن في معهد الفنون الجميلة ؟ وأين دعواك في تحريم الموسيقى والمسرح في عصر أصبحتا فيه من أرقى الفنون التي تغذي الروح ؟ تٌرى في أي مرتبة من البشر تصنفون الفارابي صانع العود في إطار تحليله صوت الإنسان وتصنيفه إلى طبقات ضمن دراساته في علم الفيزياء ، والعالم كله مدين له رغم مرور ثلاثة عشر قرناً على إنجازاته ؟ وما القول في أعلام الموسيقى الكلاسيكية مثل بيتهوفن وباخ وموزارت وجايكوفسكي ، وأعلام الموسيقى العربية محمد عبدالوهاب وفريد الأطرش والسنباطي ( ملحّن وُلدَ الهدى ونهج البردة ) والإخوة الرحباني ، وأعلام الموسيقى والغناء العراقيين منير بشير وجميل بشير ونصير شمة ومحمد القبانجي ويوسف عمر وناظم الغزالي . إن كانت حكومتك قد أوعزت بتحطيم تمثال أبي جعفر المنصور فهل ستتجرّأ على تحطيم تمثال الحرية في ساحة التحرير ما دامت كل التماثيل أصنام يجب تحريمها ؟
كان أمل الشعب أن يكون الذين أتوا على دبابات قوى الإحتلال عند غزوه للعراق ( محرّراً ) ، أقول كان الأمل في أن هؤلاء قد عاشوا في بلاد الغربة المتطورة وإكتسبوا المعرفة وإستفادوا من تجارب تلك البلاد المتحضرة بعلومها وفنونها ، ولكن خيبة الأمل كانت كبيرة لأن عقول هؤلاء كانت عاقرة .
واحدهم عاش سنين طوالاً في بلاد الغرب ، ومن حقه علينا أن نعترف له أنه كان يرى جميلات الغرب بقرات في عينه ( وطبعاً كل ذلك إفتراض يخرج من باب حسن النية إلى باب البهل ) ، وعلينا له أنه حافظ على عفته طوال هذه السنين ، ولكن ماذا بشأن أولاده من الذكور والإناث ؟ هل كان من القدرة على إجبار حكومة ذلك البلد أن تخصص لهم مدارس غير مختلطة ؟ وهل أن سيطرته الأبوية كانت من القوة أن تلزم الأولاد على الحفاظ على عفافهم ؟
إنكم أيها السادة لم تفهموا من الحياة شيئاً ، فالعراق ( نعم العراق بالذات ) وقبل أكثر من ثمانين عاماً أثمر نضال المرأة في الحصول على بعض من حقوقها ، ثمّ تطورت حتى أصبحت وبموجب قانون الأحوال الشخصية في ستينات القرن الماضي متساوية الحقوق مع الرجل . وكانت تشارك زملاءها الطلاب في الجامعات والكليات . لقد إلتفتم إلى جوانب جد ضيقة بإسم الدين ، والدينُ براءٌ من أعمالكم . إن أعمالكم هذه التي تعتبرونها خدمة للإسلام إنما تنفذون بها مخططاً رهيباً وضعه الأعداء وأوكل تنفيذه إليكم وأنتم غافلون . جميع الكتب السماوية المنزلة وغيرها من التعاليم الخاصة بالأديان هي دساتيرٌ لمن يتبعها . إن السماحة وحسن التصرف لمعتنقي الديانتين اليهودية والمسيحية جعل من الممكن توحيد الكتابين في مجلّد واحد ، وكذا تحاول الطائفة المندائية الصابئية أن يكون كتابها المقدس ( الكنز العظيم ، الزبور ) أحد الكتب المقدسة المعترف بها عند أداء اليمين في المحاكم في كندا ، بينما التصرفات المتهورة من المتعصبين أو المدعين والمزايدين بالدين الإسلامي دفع أناساً لحرق القرآن أو عمل رسومٍ كاركاتيرية مخجلة للنبي محمد (ص ) . أنا أؤمن أن النبي محمد (ص ) لو كان حيّاً في يومنا هذا لصفع وجه كل واحد منكم ليسوَدّ من أثرها في الدنيا والآخرة .
نحن على الأبواب لنكمّل السنة الثامنة من حكمكم ، فما الذي قدمتموه للفلاح في أرضه ؟ هل عدّلتم قانون الإصلاح الزراعي بإلغاء ما أصدره الطاغية من التراجع في مواده ؟ هل قامت في عهدكم أية عملية لإستصلاح الأراضي وإعادة تشغيل المبازل التي خربت من جراء العمليات العسكرية لسنوات طوال ؟ هل قامت مشاريع لتحسين شبكة الإرواء ؟ وهل أعيدت الروح إلى مصلحة المكائن الزراعية ؟ وهل قامت الحكومة بتوفير البذور المحسنة وتوزيعها على الفلاحين ؟ وهل تم توسيع إمكانات المصرف الزراعي ليتمكن من تسليف الفلاحين بدون تمييز ؟ وأخيراً هل تم سن قانون حضاري تقدمي يسمح للفلاحين بتكوين جمعياتهم الفلاحية التعاونية دون ضغوط من أولي الأمر ؟ وما يقال عن الفلاحين يقال عن العمال حيث لم تولى أهمية جدية لأوضاع هذين القطاعين رغم كونهما يمثلان أوسع قطاع من الشعب . ثمان سنوات لم تتمكن الحكومة من توفير الطاقة الكهربائية سواء للقطاع الإستهلاكي أو الصناعي . إن الطاقة الكهربائية تعتبر اليوم من أهم مستلزمات الإنتاج الصناعي ، ولذلك لا نرى تقدماً يذكر في هذا القطاع الإنتاجي ، مما يسبب تفشي البطالة لدى العمال الصناعيين . ولا نرى أيضاً أي نشاط لبناء الطرق والجسور ووسائل المواصلات الأخرى التي تبعث النشاط التجاري والإنتاجي . إن البطالة الموجودة ، وتقاعس الحكومة في معالجتها هو السبب في دفع الأشخاص للإنتماء إلى الميليشيات المسلحة أو حتى العصابات الإرهابية لتوفير لقمة العيش للحفاظ على حياتهم وعوائلهم . لم تقم الحكومة بسن قانون يسمح للعمال بتأسيس نقابات مهنية لهم تدافع عن مصالحهم وتمثلهم في أي تفاوض مع أرباب العمل أو الجهات الرسمية . تعتبر نقابات العمال في البلدان المتطورة العمود الفقري لنظام المجتمع المدني الذي يحافظ على إستقرار الوضع السياسي في البلد وإستمرار صعوده وتطوره وترسيخ مبدأ المواطنة والمساواة .
لا زال الكثير من مثقفينا لا يحللون الوضع السياسي الحالي بأسلوب علمي متجرّد من الحقد على النظام السابق والبعث عموماً . أنا لست من المدافعين عن النظام السابق بأي حال ، و في نفس الوقت لا أخلط وأختصر النظام السابق بكلمة واحدة ( البعث ) . نعم كان الطاغية دكتاتوراً لم يترك بين العراقيين أية عائلة خالية من ضحية أو أكثر . لقد سرق صدام الحزب من البعثيين ولم يغيّر إسم الحزب ، وإرتكب جرائمه كلها من حروب وقتول ومقابر جماعية وإستعمال الأسلحة الكيمياوية والجرثومية الممنوعة دولياً ، كل ذلك بإسم البعث ( والبعثيون الشرفاء براء من جرائمه ) . لم يكن صدام يدير الدولة لوحده ، وإن كان بالفعل يقرر كلّ شي بنفسه . لقد كانت هناك طبقة إجتماعية ذات مصالح متشابهة ومتشابكة مع الأزلام المحيطين بالطاغية والذين كانوا المستفيدين الأكثر من النظام . فكل نظام سياسي يمثل طبقة إجتماعية معينة ذات مصالح مشتركة ومتشابكة مع أزلام محيطين بالرأس مثل رؤسائنا و وزرائنا الحاليين وأعضاء مجلس النواب . إن مقارنة بسيطة بين ما يطفو على سطح المجتمع و الوضع الإقتصادي في ظل النظام السابق ( خصوصاً قبل سرقة صدام الحزب وإعدامه لمعظم أعضاء القيادة القطرية ) والنظام الحالي ، تبين بوضوح الفروقات النسبية بين التقدمية والرجعية بين النظامين .
في ظل البعث ( فترة حكم أحمد حسن البكر 1968 إلى 1979 ) : 1. توفير الأمن والإستقرار ومكافحة الجريمة . 2. تم التوقيع على إتفاقية الحادي عشر من آذار ولأول مرة يعترف حزب قومي يقود السلطة بحقوق الشعب الكردي في الحكم الذاتي ، وإنهاء العمليات العسكرية في كردستان . 3. إصدار قانون للإصلاح الزراعي جديد أكثر جذرية من قانون الإصلاح الزراعي الذي صدر في عهد عبد الكريم قاسم . 4. إصدار قانون عمل جديد أكثر جذرية من قانون العمل الذي شُرّع في عهد عبد الكريم قاسم . 5. لأول مرة يوقع حزبٌ قومي في السلطة إتفاق بناء جبهة وطنية تضمّ الحزب الشيوعي العراقي ، ويعترف بنضالات الحزب . 6. إصدار قانون تأميم عمليات شركات النفط وتحرير الثروة النفطية بإلغاء إمتيازات الشركات المستثمرة . 7. توسيع طاقات المصرفين الزراعي والصناعي في التسليف . 8. توفير البذور المحسنة وتوزيعها على الفلاحين بأسعار مدعومة . 9. بناء شبكة طرق ومواصلات واسعة ، وتوسيع الخدمات البلدية والقروية . 10. التوسع في بناء المستشفيات والمستوصفات وتوسيع طاقات الجامعات في تخريج الكوادر النافعة للبلد . 11. تنشيط الحركة التجارية وبناء الأسواق المركزية وتوفير البضائع المستوردة والمحلية . 12. التوسع في تقديم المعونة الغذائية .
ما أعلاه قيضٌ من فيض ما كان ، وقد يسألُ أحدٌ ( أين كل ذلك الآن و ما الذي كان قد بقي منه يوم مجيئ الإحتلال ؟ ).
جواباً على ذلك ، أن السارق إذا سطا على موقع لا يُبقي فيه شيئاً مفيداً . وهذا ما فعله صدّام .
نعود إلى المقارنة البسيطة بين النظام السابق والحالي ، وأذكرُ في هذا المجال المثل الشعبي المصريّ الشائع ( شجاب الغراب لأمّه ؟ ) .
في ظل النظام الحالي : 1. يكذب من يدعي أن العراق رأى إستقراراً وأمناً . بل أن الجرائم تنوعت من القتل والذبح ( الحلال ) والتفجيرات والإختطاف وطلب الفدية والتهجير . 2. النظام الحالي إستلم الوضع السياسي بينما كانت كردستان ترفل بحريتها لأكثر من عقد . و لا زال البعض من المحسوبين على النظام الحالي يعتبرون الفدرالية تقسيماً للعراق . 3. لم تتم أية إضافة على ما تبقى من المنجزات السابقة الذكر من عهد النظام السابق . 4. تمت عملية شق الصف الوطني بصورة مفتعلة بإحياء الطائفية المقيتة ، وتمييز الناس عن بعضهم بسبب دينهم ومذهبهم ولغتهم وقوميتهم . 5. بناء طبقة من الأزلام المستفيدين على حساب الشعب بتخصيص مبالغ خيالية كرواتب للرؤساء والوزراء والنواب لا مثيل لها في أية دولة من العالم . 6. صرف جوازات سفر دبلوماسية للأزلام ( وأفراد عوائلهم !!! )
بالتأكيد لم تكن أيادي طاهر يحيى وخيرالله طلفاح ( أبو فرهود ) هكذا طويلة .
#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)
Yelimaz_Jawid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اللعنةُ ... المحاصصةُ
-
تواطؤٌ ... توافقٌ لكنهُ هزيلٌ !!
-
تمييزٌ عُنصُريٌّ .. أم ماذا ؟
-
وعندَ ويكيليكس الخبرُ اليقينُ
-
البُعبُع . . . البعث !!
-
الإستعمار .. شكلاً وجوهراً
-
الخُلودُ للطيبين
-
عِبَرٌ لَمِن إعتَبَرَ
-
لِنكافِح الفرقة والإنعزالية
-
لِعبُهُم .. ورَدُّنا
-
العُنفُ ... أم النضال السّلمي ؟
-
تصحيحُ المسار
-
النظرية والواقع
-
التمنّي .. وَلِمَن ؟
-
الثورُ ... والسّكاكين
-
وحدةُ الشعب تدحرُ المتآمرين على مستقبله
-
ما هو كسبُنا في الإنتخابات
-
من وحيِ الإنتخابات
-
أين الخطأ ؟
-
مَلامِحُ النّجاح
المزيد.....
-
في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
-
-يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا
...
-
“أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن
...
-
“أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على
...
-
افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
-
بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح
...
-
سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا
...
-
جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
-
“العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|