أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر الناصري - في الدفاع عن العلمانية















المزيد.....

في الدفاع عن العلمانية


شاكر الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3211 - 2010 / 12 / 10 - 23:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حين أسقط النظام الدكتاتوري السابق نتيجة الأحتلال الأمريكي ، فإن الحديث عن دولة علمانية في العراق قد أخذ مديات واسعة في تصريحات الكثير من الساسة وفي وسائل الأعلام وحتى في الشارع وردده المثقف والأنسان البسيط وتحول الى نقطة سجال جدي بين مختلف الأطراف ، غير إن قوى الاسلام السياسي لم تفسح المجال أمام توجهات كهذه وسعت جاهدة من أجل تغيير كل شيء وفرض منطقها على الدولة وعملية أعادة بناءها . لم تجد ما تشوه به العلمانية وتجعلها على هامش صراع السلطة أو خارجه سوى ان ربطتها بالنظام السابق كونه نظام علماني مما يعني إن العلمانية وجها من وجوه الدكتاتورية و القمع والانفال والابادة الجماعية ..الخ . لقد أشتغلت قوى الاسلام السياسي على هذه الأمر من أجل ان تفرض تفسيراتها ومفاهيمها على الشارع وتجعله يردد كل ما تنطق به من أن العلمانية دكتاتورية مقيتتة والحاد وكفر وحريات منفلتة وحرب سافرة على الدين .

ما يحدث الان في العراق هو أن قوى الاسلام السياسي تتجه نحو الأنتقال الى مرحلة جديدة في مسيرة حكمها في العراق وهي مرحلة قمع المظاهر المدنية والحريات الفردية و تعزيز المظاهر الدينية والأسلمة الحقيقية للمجتمع وأنها على استعداد لفعل كل شيء من أجل ذلك بالفتاوى والبيانات والخطب الدينية أو بالسباب والشتائم وتشويه صورة الأديب والمثقف العراقي الذي طالب بأحترام الحريات المدنية ووقف حرب ألانتهاكات التي تتعرض لها أو بالتهديد والوعيد عبر شاشات الفضائيات ووسائل الأعلام ومحاربة المؤسسات الثقافية والتهديد بإغلاقها .

اننا في مواجهة مرحلة حقيقية وفعلية من صراع هذه القوى ،التي عبرت علانية وعبر العديد من رموزها عن رفضها تأسيس دولة علمانية في العراق ، ضد كل من يخالف توجهاتها أو يقف في طريقها نحو ترسيخ سلطاتها الدينية وإن مرحلة كهذه تفرض على العلمانيين ودعاة بناء الدولة المدنية والمدافعين عن الحريات والحقوق الأنسانية المشروعة ( تنظيمات سياسية، شخصيات علمانية ومدنية مستقلة او فاعلة ، الكتاب والمثقفون ، المؤسسات الثقافية والأعلامية المستقلة ومراكز الابحاث ، منظمات المجتمع المدني وحقوق الأنسان، النقابات العمالية والمهنية ...الخ ) للتفكير الجدي بما هم عليه أو بما سيؤول اليه حال المجتمع العراقي والتكفير الجاد والعملي في الحلول والوسائل الممكنة لخوض صراع ومواجهة فعلية ضد الاسلام السياسي وتوجهاته وعلى مختلف الأصعدة السياسية والثقافية والأجتماعية أذا ما تواصلت حملاته التي تحظى بدعم المؤسسات الدينية المختلفة بهذا الشكل . لانقصد مطلقا مسألة أغلاق البارات والأندية الليلية التي تحولت الى ستار وذريعة شنيعة لحملة هذه القوى . بل كل ما تقوم به هذه القوى من ممارسات لاتهدف في النهاية سوى فرض أسلمة المجتمع ومسخ هوية الدولة المدنية في العراق ( فرض الحجاب على النساء ، حملات بناء الجوامع والمساجد والحسينيات ، التربية والتعليم ، القضاء ، الأعلام خصوصا اعلام الدولة الرسمي ، الترويج المتواصل للشعائر الدينية المختلفة ،التضييق على الحريات المدنية والفردية ، محاربة الأنشطة الثقافية والفنية .الخ ) وأقامة نظام حكم ديني على غرار ما موجود في أيران أو الدول ذات الأنظمة الاسلامية الأخرى التي تتحول يوم بعد آخر الى سجون هائلة وتتحول شعوبها الى رهائن تخضع للقمع والأذلال وأنتهاك الكرامة ومصادرة الحقوق والحريات. صراع العلمانية والدين هو صراع مصيري وإن القفز فوقه بدواعي كثيرة ومختلفة يعد تسفيها وتشويها لهذا الصراع وقفز فوق منطق الصراعات الأجتماعية .

ليس ثمة نص دستوري أو قانوني يقول باسلامية الدولة في العراق أو يفرض تطبيق الشريعة ، بل إن الاساس هو علمانية الدولة ، التي تأسست ومنذ لحضاتها الأولى ودستورها الأول كدولة مدنية علمانية رغم كل ما شابها من ظلم وتمييز قومي وطائفي، الا أن العديد من المواد في الدستور الهش الحالي تجعل من الدين والشريعة الاسلامية رقيبا مباشرا وحَكَما فصلا يستند اليه المشرع كمرجع أساسي . وهذا ما يعزز ممارسات قوى الاسلام السياسي في العراق ففي كل مناسبة يقولون : نحن بلد أسلامي لنا قيمنا وأعرافنا وشعائرنا ومقدساتنا وإن كل ما يعارض ذلك هو كفر يجب قمعه .

ان العلمانيين يجدون أن الدولة المدنية الديمقراطية في العراق التي تحترم فيها كرامة الأنسان و تصان فيها حرياته وحقوقه و رغباته ضد أي أنتهاك تحت ستار الدين أو العقيدة أو القومية أو القيم والأعراف الأجتماعية ويتمتع بكامل الضمانات الثقافية والأجتماعية هي الضمانة الأكيدة لأن يتجاوز العراق الكثير من المصاعب التي تواجهه وفي نفس الوقت تجعله يسير بخطى ثابتة على طريق التقدم والرفاه . ولذلك لابد من العمل من أجل :

أولا .. فصل الدين عن الدولة بشكل كامل ، ومنع تدخل الدين في التربية والتعليم والأعلام والقضاء والحياة الشخصية للأفراد وأعتبار قضايا الدين والأيمان والمعتقدات أمور شخصية يجب أحترامها وعدم التدخل فيها .

ثانيا ..الأقرار الرسمي بعلمانية الدولة في العراق وأتخاذ التدابير الكفيلة بحماية هذه الهوية وكذلك أبرازها وإن وجود كلمة الله أكبر على العلم العراقي هو مسخ لهذه الهوية وفرض هوية اسلامية صريحة عليها .

ثالثا.. منع أرغام الافراد على الالتزام بالضوابط الدينية التي يتم أتباعها في مناسبات عدة كشهر رمضان أو محرم والمناسبات الأخرى لأن ذلك يعد أنتهاكا لحرمتهم وكرامتهم .

رابعا ..الأقرار بالحريات المدنية والفردية وأعتبار حرية الأنسان وكرامته خطوط لايجب المساس بها .فمثلما من حق الأنسان أن يؤدي الصلاة ويقوم بالشعائر الدينية المختلفة وبكل الوسائل والطرق التي تناسب ذلك دون أحترام لرغبات أو حرية المحيطين به ، فمن حق الأنسان الأخر كذلك أن يشرب ،يرقص ، يرسم ، ينحت قطعة فنية ، يغني ، يعزف الموسيقى أو يستمع لها وأن الناظم الاساس في هذه العلاقة هو الحرية وقدرة الافراد والمؤسسات على فهمها وأحترامها وترسيخها.

ربما يقول البعض : كيف هذا ونحن نواجه ردة عنيفة ووسط محيط يواصل الأنحدار نحو المزيد من الظلامية والتعصب الديني ويحظى رجال الدين والمؤسسات الدينية المختلفة بحضور مكثف وحضورنا ضعيف وفيه مخاطر علينا ، أقول : نعم نحن نواجه هجمة حقيقية فرضت تراجعا واسعا على التيار العلماني بمختلف تلاوينه وتوجهاته ولكن ثمة ثوابت لابد من العودة اليها ومن المؤكد إنها لاتقبل المساومة مطلقا فأما أن نسلم بكل ما يريده نريده التيارات الدينية فيكون حالنا في خبر كان أو نقف في مواجهة ونخوض صراعا مصيريا واضح المعالم . ثوابتنا هي ثوابت التعريف والهوية والتنوير والحريات وكرامة الأنسان .



#شاكر_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراع العلمانية والدين وضرورة بناء الدولة المدنية الديمقراطية ...
- عن مذابحنا و صراع الكراسي وتوازن الأكراد
- الدولة العراقية : أوهام الخطأ ..!
- كلمات في تأبين سردشت عثمان وتأبين حال الصحافة في العراق *
- الموت أختناقا : فضيحة أخرى في عالم المعتقلات والسجون العراقي ...
- جريمة أختطاف وقتل الصحفي سردشت عثمان ومستقبل حرية الصحافة في ...
- في تفسير أكذوبة المسافة الواحدة
- حتى لا يتحول العراق الى لبنان آخر
- لمصلحةِ مَن يجرى هذا الأستفتاء ؟
- قمة سَرت التي لاتسر
- أيها الساسة ،أياكم ولعبة الشارع
- إنتخابات العراق... قراءة من الخارج
- عن المخاوف من عودة حزب البعث الى السلطة في العراق..
- مسدسات المالكي
- حرب الرموز
- في الدفاع عن دولة المواطنة - الجزء الثاني
- في الدفاع عن دولة المواطنة -الجزء الأول
- كونونغو ، فصول من ماساة أنسانية
- كرة القدم من السجود الى رفع المصاحف
- هوامش على معلقة معد فياض


المزيد.....




- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...
- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما
- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر الناصري - في الدفاع عن العلمانية