أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - حَالَةُ الجَّوْرَبِ المَقْلُوب!















المزيد.....



حَالَةُ الجَّوْرَبِ المَقْلُوب!


كمال الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 3209 - 2010 / 12 / 8 - 02:09
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


(1)
عقب جولة مشاكوس، في بواكير مفاوضات السَّلام بين الحكومة والحركة الشعبيَّة عام 2002م، كتبنا* أنه، وسواء انتهت أو لم تنتهِ تلك المفاوضات إلى أيِّ شئ، فإن أحكَمَ ما نستطيع تسديده من نظر تجاهها هو أن نكفَّ عن اعتبارها (يوم قيامة) سياسي ينجرد فيه (الحساب الختامي) لـ (الحالة السُّودانيَّة)، فتنغلق (الدَّفاتر) كلها، ويجري تبادل (المخالصات النهائيَّة)، لمجرَّد أن تلك هي رغبة الوسطاء والميسِّرين! ذلك أن (السَّلام) ليس محض حقل تفرخ فيه الإرادة الأجنبيَّة، بقدر ما هو، في الواقع، مناسبة أخرى من مناسبات صراعاتنا السياسيَّة التي يقع علينا وحدنا عبء مجابهتها، وتدبيرها، وحسمها. على أننا لم نحسن، كما هي عادتنا دائماً، أمر هذه المجابهة جيِّداً، دع التدبير والحسم جانباً، ربَّما لأن أحداً ممَّن مكَّناهم، بغفلتنا، من هذا الأمر لم يحفل، أصلاً، بإشراكنا فيه! ولا يتوهَّمنَّ كريمٌ أن الضمير عائدٌ هنا، فقط، إلى قوى المعارضة، فثمَّة أكثر من سبب للاعتقاد بأن الحكومة والحركة نفسيهما ما انفكا يتزحزحان، على طاولة المفاوضات، من خانة (الذات) إلى خانة (الموضوع)! وما الأسلوب الدراماتيكي الذي أخرج به (الإتفاق الإطاري) لدى ختام تلك الجولة الأولى، في 20/7/2002م، ببعيد عن الأذهان!

(2)
صحيح أنه لا جدال، البتة، في كون عالمنا أمسى يزداد تقارباً، وانشغالاً بأطرافه، مهما ترامت، وأن أهمَّ ما يهمُّه هو إطفاء بؤر النزاعات المشتعلة، بكلفتها العالية التي أثبتت خبراته أنه سيجد نفسه، على نحو أو آخر، مضطراً لسدادها! سوى أننا ينبغي ألا ننسى، ولو للحظة، أنه عالم منقسم، أقله قوى استعماريَّة استكملت مقوِّمات بطشها المادِّي، وأكثره شعوب ما تزال تراكم عناصر نفوذها المعنوي؛ والخلط بينهما ضرب من الغشامة في أفضل الأحوال!
لذلك، ولأن من يفرِّط في أجندته الوطنيَّة لا يعود أمامه من سبيل لذمِّ الأجندات الأجنبيَّة، فإن الأمل معقود بالمدى الذي سنفيق فيه، جميعاً، إلى أن ما اصطلحنا عليه بـ (مشكلة الجنوب) هو، فى الحقيقة، محض ملمح أعلى صوتاً لمشكلة بنائنا الوطني كله؛ فهل، تراها، كفت (الوحدة)، نهائياً، عن أن تكون خيارنا المصيري؟! ألم يتبقَّ لنا، حقاً، سوى المفاضلة اليائسة بين (انفصال) مأساوي، وبين (وحدة) بـ (شعرة معاوية) لا نجد في أيدينا ما نتداوله بشأنها غير هذه الحفنة من التدابير العجفاء، كمنصب النائب الأول، ووضع العاصمة القوميَّة، والترتيبات الأمنيَّة .. الخ؟! فأين، إذن، موقع العامل الثقافي والنفسي التاريخي من إعراب هذه التدابير التى لا يتوقف مُيَسِّرو واق الواق عن اجتراحها بلا هوادة؟‍‍!‍

(3)
لقد شاع التأكيد على عناصر (الوحدة) بين مفردات منظومة التنوُّع السُّوداني لدى أغلب الباحثين والكاتبين، بما يعفينا من الخوض، هنا، في تفاصيل اقتران الثقافي بالسِّياسي، على امتداد خطوط التاريخي والجغرافي والاقتصادي والإثني** وما إلى ذلك. على أنه، برغم علوِّ صوت السِّياسى فوق هذه العوامل مجتمعة، فثمَّة ما يدفع للتجرُّؤ على القول بأن ثمَّة مشكلة ثقافيَّة تكمن، يقيناً، خلف كلِّ مشكلة سياسيَّة في بلادنا، خصوصاً ما يتصل بقضيَّة (الوحدة)، لشدَّة ارتباط الثقافي بمسائل الهُويَّة، والوعي بالذات وبالآخر، والاحساس المشروع بالتميُّز، قبل أن يُخرج الاقتصاد السِّياسي، من فوق هذا كله، أثقال (قسمة) السُّلطة والثروة وما إليها.

(4)
ولكون الثقافي النفسي التاريخي هو، فى المحصِّلة النهائيَّة، المختبر الأدقُّ لقياس رغائب الناس الحقيقيَّة، والتعبير الأكثر صدقاً واكتمالاً في تفسير دوافعهم وخياراتهم، فإن ضجيج التعانف السِّياسي، في ما يتصل بـ (مشكلة الجنوب)، عاجز، في هذا المنظور، وعلى كلا المستويين الحربي والسِّلمي، عن إخفاء حقيقة أن المقومات الثقافيَّة/النفسيَّة للوحدة تظلُّ، بالنسبة للجَّنوبيين بعامَّة، وأكثر المثقفين منهم بخاصة، أقوى من دواعى الانفصال المتهومين به في مستوى الوعي الاجتماعي السَّائد في الشمال. تلك هى الفرضيَّة الرَّئيسة لهذه الكتابة، وقد تكفي أعجل نظرة مستبصرة على تاريخنا الحديث لالتقاط مؤشَِّرات جليَّة باتجاهها، من نماذجها ***:
(1) أن ذاكرة الرِّق التاريخيَّة لم تحُل، بتأثيراتها السَّالبة على صورة العربى المسلم عموماً، دون أن تتبلور صورة الإمام المهدى، عليه السَّلام، كإبن للروح المقدَّس (دينق) لدى الدينكا، مثلاً، فانخرطوا، من ثمَّ، فى حربه الثوريَّة ضدَّ الأتراك.
(2) وأنه، برغم (السِّياسة الجَّنوبيَّة) التى أسَّستها الإدارة البريطانيَّة على ترسانة من قوانين الفصل بين شطري البلاد، كقانون الجوازات والتراخيص لسنة 1922م، وقانون المناطق المقفولة لسنة 1929م، وقانون محاكم زعماء القبائل لسنة 1931م، وفرض الإنجليزيَّة لغة رسميَّة في الجنوب، وتحديد نهاية الأسبوع فيه بالأحد، وتحريم ارتداء الأزياء الشَّماليَّة على أهله، وابتعاث طلابه لإكمال تعليمهم بيوغندا، لم يحتج الأمر لأكثر من وعد شمالي بتلبية أشواق الجنوبيين للفيدراليَّة، كي يصوِّت نوابهم، فى أوَّل برلمان سوداني، مع استقلال السودان الموحَّد.
(3) وأنه، برغم المواجهات الدَّمويَّة منذ 1955م، واستمرار (العدائيَّات) الناشئة من خراقة السِّياسة الشَّماليَّة التقليديَّة تجاه الجنوب، وقصر نظر المواقف النخبويَّة الجنوبية تجاه الشمال، فإن صوت التعبيرات الوحدويَّة لم يخفت، سواء فى مؤتمر المائدة المستديرة ولجنة الاثني عشر عقب ثورة أكتوبر، أو فى اتفاقيَّة أديس أبابا 1972م، أو على هامش العمليَّات الحربيَّة منذ 1983م.
(4) وأنه، برغم مكابرة أقسام مهمَّة من الإنتلجينسيا الجَّنوبيَّة بالإصرار على تضمين الدُّستور نصِّاً بأن الإنجليزيَّة هي لغة الجنوب الرَّسميَّة، بل واقتراح بعضهم السَّواحيليَّة، كما في مثال الشاعر سِر أناي، (Mirror, Feb. 1974 Sir Anaye, Nile)، مضت كلمة (الثقافي) الحاسمة في هذا الأمر، فانحصرت الإنجليزيَّة بين النخب المتعلمة، وهى ليست لغة أفريقيَّة بأيِّ معنى، بينما واصلت اللغات المحليَّة رسالتها، من جهة، ومن جهة أخرى تكرَّس (عربي جوبا)، لغة للتواصل lingua franca بين التكوينات القوميَّة المختلفة في الإقليم، على غرار (عربي أم درمان) في الوسط وشتى مناطق الشمال؛ ولا غرو، فالعربيَّة لغة أفريقيَّة حملها "الجَّلابي .. إلى الجنوب .. منذ 1878م ، ووزَّع مفرداتها وصيغها مع بضائعه، ووجدت فيها قبائل الجنوب .. لغة تتفاهم بها في ما بينها" (عبد الله على إبراهيم؛ الماركسيَّة ومسألة اللغة في السودان، عزة للنشر، الخرطوم 2001م، ص 40). ومع الإقرار بأن هذا كله لا يزال أقصر من قامة المعالجات المطلوبة فى إطار أيِّ تخطيط ثقافي ديموقراطي راشد، إلا أننا ".. لسنا بحاجة إلى اعتساف هذا التطوُّر الحُرِّ والموضوعي بصيغ دستوريَّة .. تنطوي على الإكراه" (المصدر).
(5) ولسِر أناى نفسه ملاحظات أخرى سديدة، منها استخدام اللغات الجَّنوبيَّة مفردة (جور)، بمعنى (الغريب)، إشارة إلى اليوغندي أو الزائيري مثلاً، بينما تستخدم، للإشارة إلى المستعرب المسلم الشَّمالي، مفردة (مندوكورو)؛ وكذلك إحساس الجَّنوبي المتجوِّل في مدن الشمال بأنه إنما يتجول في أرضه، بعكس إحساس الغربة الذي يلفه بمجرَّد وطء قدميه أرض أيِّ بلد آخر، حتى لو كان في الجِّوار الأفريقي! واستطراداً لا يعود سائغاً، بالنظر إلى هذه الملاحظة، التأويل العدائي الذي ساقته غلظة كبد الإعلام الرَّسمي، وجلافته، لعبارة الرَّاحل جون قرنق بأنه يشتهي أن يشرب القهوة في المتمَّة!
(6) وحتى فى مفاوضات السَّلام بكينيا، وبرغم ما يحيط بها من صراعات، وما قد يلوح فيها من ميل مظهري للمفاصلة، إلا أن عين السخط وحدها هي التي لا تستطيع أن تلمح خلف كلِّ ذلك طيوف رغبة جنوبيَّة حقيقيَّة فى (الوحدة)، وإنْ بأشراط أكثر غلظة، تحت شعار (السُّودان الجَّديد)!

(5)
ظلت حكومات (الجلابة) المتعاقبة في الخرطوم أسيرة النقوش والظلال والتلاوين الأساسيَّة في صورة الذات كما تشكلت تاريخيَّاً لدى الجَّماعة السُّودانيَّة المستعربة المسلمة ونخبها المختلفة، والتى لطالما بلورت وعي هذه الجَّماعة الزَّائف، والمتوطن فى العِرْق العربي الخالص، واللسان العربي الخالص، والثقافة العربيَّة الإسلاميَّة الخالصة، قبل أن تدفع تأثيرات الاندغام فى حيثيَّات التحرُّر الوطني بأقسام مهمَّة من هذه الجَّماعة إلى البدء فى الاستشعار البطىء والخافت لنبض العنصر الأفريقي ضمن مكوِّنات هذا الوعي. ومن اليسير التماس ملامح من هذه الصُّورة المفبركة للذات فى أساسيَّات المنهج الذى أتبعته، عام 1956م، لجنة التحقيق في أحداث توريت وغيرها عام 1955م. لقد ركزت تلك اللجنة، كما لاحظ فرانسيس دينق، بحق، على ما يفرِّق، تحت تأثير المبالغة في تقدير النتائج التاريخيَّة لعمليَّات (الأسلمة والتعريب) فى الشمال، وتضخيم الفوارق التى ترتبت عليها بين الشمال والجنوب (فرانسيس دينق؛ مشكلة الهوية في السودان ـ أسس التكامل القومي، ترجمة محمد على جادين، مركز الدِّراسات السُّودانيَّة، القاهرة 1999م، ص 122 ـ 123). تلك الفوارق أضحت تشكل، للأسف، (المرشد) لعمل أية حكومة مركزيَّة تجاه الجنوب، عسكريَّة كانت أو مدنيَّة، إلى حدِّ التيئيس من (الوحدة). وتتلخص في خمسة محاور:
أوَّلها: أن الشمال، عرقيَّاً، عربي، والجنوب زنجي، وأن الشمال، دينيَّاً، مسلم، والجنوب وثني، وأن الشمال، لغويَّاً، يتكلم العربيَّة، والجنوب يتكلم أكثر من ثمانين لغة.
وثانيها: أن الجَّنوبيين يعتبرون الشَّماليين، لأسباب تاريخيَّة، أعداءهم التقليديين.
وثالثها: أن السِّياسة البريطانيَّة عملت حتى 1947م على تقييد تطوُّر الجَّنوبيين بخطوط أفريقية زنجية، وإعاقة أيِّ تقارب بينهم والشَّماليين، مستخدمة أداة القانون، كالقوانين المار ذكرها، مثلما عمل النشاط التعليمي للإرساليَّات التبشيريَّة على تغذية هذه السِّياسة.
ورابعها: أن الشمال تطوَّر سريعاً في مختلف المجالات، لعدَّة أسباب اقتصاديَّة وسياسيَّة وجغرافيَّة وغيرها، بينما ظلَّ الجنوب على تخلفه المزرى، مِمَّا أورث أهله شعوراً بأنهم ضحايا خداع واستغلال وهيمنة من الشماليين.
وخامسها: أن الجنوبيين، لهذه العوامل، يفتقرون للشُّعور بالمواطنة المشتركة مع الشَّماليين (لاحظ الإحالة المستعلية إلى الشمال في ما يتصل بمعيار المواطنة)، ويفتقرون، من ثمَّ، إلى الشُّعور بالوطنيَّة، وحتى الوعي الذي برز مؤخراً، أي عشيَّة الاستقلال، هو وعي (إقليمي) وليس (وطنيَّاً).
ولم ينس التقرير، كالعادة، اتهام الشِّيوعيين، ضمنيَّاً، بالضُّلوع فى تلك الأحداث، مشيراً لازدياد نشاطهم، خلال ديسمبر 1954م، في مركز الزاندي والمورو، وبين عمَّال صناعة القطن ونقاباتهم!
لكن الأمر الذي ربما اكتسي طابعاً إيجابيَّاُ، من حيث قصد إلى العكس، هو توثيق التقرير لكون الجَّبهة المعادية للاستعمار (الحزب الشِّيوعي) وزَّعت منشوراتها، آنذاك، بلغة الزاندي (تقرير لجنة التحقيق في الاضطرابات التي حدثت بجنوب السودان في أغسطس 1955م، الخرطوم 1956م ـ يوسف الخليفة أبوبكر في حريز وهيرمان بل، 1965م ـ ضمن عبد الله علي إبراهيم، 2001م).
باختصار كان التقرير نعياً حقيقيَّاً لكلِّ مقوِّمات (الوحدة)، كونه جاء نتاجاً طبيعيَّاً للذهنيَّة النخبويَّة المستعلية بمركزويَّة (الذات) في علاقتها بـ (الآخر)، والمنطلقة من معياريَّة وَهْم صراحة العرق، وصفاء اللسان، وتفوُّق الثقافة! وفى هذا تكمن تأثيراته المأساويَّة اللاحقة، حيث شكل، عمليَّاً، المعطيات المعتمَدة في خلفيَّة جُلِّ السِّياسات المتعاقبة بشأن الجنوب، منذ الاستقلال، باستثناء القليل من الشَّواهد التاريخيَّة الإيجابيَّة، كبيان 9 يونيو 1969م، وجهود وزارة شئون الجنوب بقيادة جوزيف قرنق (1969م ـ 1971م)، وما انعكس منها في اتفاقيَّة أديس أبابا 1972م.
وإذن، فقد توهَّمت الحكومات المتعاقبة، تبعاً لذلك (المرشد)، أن تكريس (الوحدة) لا بُدَّ أن يعني، ميكانيكيَّاً، وبصورة تبسيطيَّة مُخِلة، الانطلاق على طول الخط المعاكس لترتيبات الإدارة البريطانيَّة السَّابقة؛ فأصبحت خطة (الأسلمة والتعريب) المتلازمين، ضربة لازب، في المنظور الإجرائي البحت، والقائمين في رموزيَّات القوَّة المادِّيَّة، وشطط التفوُّق العِرقي والثقافي، وإهدار حقِّ ثقافة الآخر في التميُّز، هي البديل (الوطني الحُرِّ المستقل) للسِّياسات الاستعماريَّة! وقد فاقم من ذلك، لأقصى حدٍّ، توهُّم الجَّماعة المستعربة المسلمة الصغرى (السُّودانيَّة)، أو بالأحرى نخبها، أن عليها الوفاء، في هذه التخوم من العالمين العربي والإسلامي، برسالة ما ألقت بها على عاتقها الجَّماعة العربيَّة المسلمة الكبرى في مركز القلب من المنطقة، وفحواها (تجسير) الهوة التي تعيق انسياب حركة (العروبة) و(الاسلام) صوب عالم الأفارقة الوثنيين، لتنساب الحضارة باتجاه واحد: من الشمال للجنوب، الأمر الذى ولد لدى غالب النخب الشَّماليَّة، وبالأخص النخبة الإسلامويَّة المتسيِّدة، الآن، اقتصاديَّاً، وسياسيَّاً، واجتماعيَّاً، ذهنيَّة (رساليَّة) تجاه الجنوب، تقصي أيَّ مشروع لمثاقفة متكافئة، كي تستعيض عنه بمناهج وآليَّات الاخضاع والاستتباع، مثلما ولد لدى قطاعات عريضة من النخب الجَّنوبيَّة ردود فعل شديدة العنف والحِدَّة تجاه كلِّ ما هو عربي وإسلامي، مِمَّا يتمظهر، غالباً، في الميل إلى تضخيم الانتماء للرُّموزيَّات الثقافيَّة، والعرقيَّة، والأفريقيَّة، وللديانة المسيحيَّة، وللغة (الإنجليزيَّة)، رغم أنف (عربي جوبا) الذى لا تعرف القوميات الجَّنوبيَّة نفسها، بلغاتها الثمانين، لغة تواصل غيره فيما بينها.
تساوت فى مستوى هذا النظر أنظمة مختلفة في الخرطوم: بعضها يدَّعي العلمانيَّة، وبعضها الآخر يتلبَّس النهج الثيوقراطي، وحكومات بعضها ديكتاتوري عسكري، وبعضها الآخر ديموقراطي مدني، وبعضها الثالث عسكري/مدني يلعب بـ (البيضة والحجر)! كما تساوت في النظر المعاكس، أو ردود الأفعال، على تفاوتها، أحزاب وتنظيمات وحركات جنوبيَّة، في (المدينة) و(الغابة) على السَّواء!

(6)
خطل هتين النظرتين المتصادمتين، واللتين لطالما حبستا (العروبة) و(الأفريقانيَّة) فى أسر مفاهيم عرقيَّة وثقافيَّة ضيِّقة، إنما يكمن، على اختلاف الأنظمة والحكومات الشَّماليَّة، والأحزاب والتنظيمات الجنوبيَّة، في كونهما تمتحان من الأوهام بدلاً من الوعي بحقائق الواقع الموضوعي، كما وأن خطورتهما تتمثل فى كونهما تواصلان دعم مناخ العدائيَّات المستمرِّ بلا طائل، بدلاً من الإسهام في دعم أيِّ مشروع معقول لوحدة مرموقة.
لسنا البلد الوحيد الذي تلاقحت فيه الأعراق؛ على أنه ما من بلد كالسودان كذب فيه ناس على أنفسهم، زاعمين الانتساب إلى عرق (خالص) يستعلون به على بقيَّة الأعراق، فوجد آخرون أنفسهم منخرطين، أيضاً، فى الكذب على النفس، مجابهة لهذا الاستعلاء باستعلاء مساو له في المقدار، ومضاد له في الاتجاه!
ولسنا البلد الوحيد الذي قام على تعدُّد وتنوُّع تحتاج مكوِّناته إلى حوار تاريخي هادئ، ومثاقفة تلقائيَّة رائقة؛ غير أنه ما من بلد كالسودان كابرت فيه جماعة بتفوُّقها الثقافي والديني واللغوي، طالبة تنازل الآخرين عمَّا بأيديهم، وتسليمهم لها بالرِّيادة المطلقة، فلم تحصل منهم على غير الإيغال في الكراهيَّة المختلقة والدَّم المفتعل!
ولسنا البلد الوحيد الذى أدَّى استلحاقه القسري بفلك السُّوق الرأسمالي العالمي إلى تفاوت حظوظ قسمة الثروة، والتنمية، والتطوُّر، بين مختلف أقاليمه؛ سوى أنه ما من بلد كالسودان انطمست بصائر نخبه الحاكمة عن رؤية المخاطر التى يمكن أن تحيق بسلطتها نفسها، في ما لو تحوَّلت هذه المظالم إلى (غبينة) تاريخيَّة!
ومع ذلك فليس من قبيل المعجزات أن تفضي بنا حقائق الصِّراع، وحركة التدافع، وطنيَّاً وإقليميَّاً وعالميَّاً، إلى مستقبل تنعم فيه بلادنا بدرجة معقولة من توازن التطوُّر، وتساوي الأعراق، وتعايش الأديان، وتحاور الثقافات، في ظل وحدة وطنيَّة راسخة. وما من شكٍّ في أننا سنكون أكثر قرباً من هذا المستقبل، بقدر ما سيراكم تاريخنا من معطيات موضوعيَّة تتيح لكل مفردة في منظومة تنوُّعنا وتعدُّدنا أن تعي ذاتها، في نسق علاقاتها بالمفردات الأخرى، دونما أوهام، وأن تعي مصالحها، في لجج هذا الصراع والتدافع، بصورة أفضل وأكثر واقعيَّة، مِمَّا سيجعل من التوازن والمساواة والحوار والتعايش، ليس فقط حالة بديلة عن حالة الاحتراب الماثلة، بل ضرورة لا غنى عنها لوجودنا نفسه.
على أن هذا المستقبل المأمول ليس محض طور من أطوار الارتقاء التلقائي، بحيث يقع حتماً، وفي كلِّ الأحوال، سواء عملنا أو لم نعمل لأجله، وإنما يحتاج إلى حركة دفع قصديَّة جادَّة باتجاهه، تخرج بعمليَّات التنمية، على ضعفها وشحِّها وبطئها، من احتكار مثلث الوسط الذهبي (الخرطوم ـ كوستى ـ سنار) إلى رحابة الوطن بأسره، الأمر الذي يمكن إجماله فى ثلاثة محاور أساسيَّة:
(1) الإنطلاق من مجرَّد الإقرار بواقع التنوُّع إلى تصميم برامج للتنمية المتوازنة بين مكوِّنات هذا التنوُّع كافة، مع إعطاء الأولويَّة لإعادة استثمار الموارد القوميَّة، وخاصة البترول والذهب والمعادن الأخرى، في القطاعين الزِّراعي والصِّناعي، وفي كلِّ مجالات التنمية القوميَّة الاقتصاديَّة ـ الاجتماعيَّة التى تحقق تعاوناً بين جميع هذه المكوِّنات، كخطة ذات جدوى أكبر من مجرَّد الاقتصار على (قسمة العائد) البائسة التي سبق للحكومة أن اتفقت عليها مع مجموعتي رياك مشار ولام أكول، ضمن ما عُرف، وقتها، بـ (اتفاقيَّة الخرطوم للسَّلام لسنة 1997م)، حتى غدت (عجلاً مقدَّساً) يستحيل تجاوزه، وها هى الآن تشكل ورطة للمفاوضات في ضواحي كينيا! غير أنه من المهم، أيضاً، تخصيص ما يكفي من الموارد للإسراع، بنظام (التمييز الإيجابي positive discrimination)، في ردم فجوة التهميش التى تعانى منها مناطق شاسعة من الوطن، فى الجنوب وغير الجنوب، وذلك بإيلاء الاعتبار الكافي لمبدأ المعاملة التفضيليَّة لهذه المناطق في ما يتصل بإعادة استثمار العائدات المذكورة، سواء ما يُخصَّص في الميزانيَّة السَّنويَّة العامَّة، أو ما يُرصد ضمن ميزانيَّة التنمية، لأغراض الارتقاء بخدمات الصحَّة والتعليم وغيرها في هذه المناطق.
(2) ولأن العامل الاقتصادي، رأسماليَّاً كان أم اشتراكيَّاً، غير قمين، وحده ، بكفالة حلِّ مشاكل التساكن القومي، ولنا الأسوة غير الحسنة، على سبيل المثال، في ما وفرت خبرة الاتحاد السُّوفيتي سابقاً، ومشكلتي الباسك في أسبانيا والبريتان في فرنسا، وصراعات الجَّيش الجُّمهوري الإيرلندي مع الحكومة البريطانيَّة، فلا مناص من التواضع على بناء دولة مدنيَّة ديموقراطيَّة قائمة في معياريَّة المواطنة، والعدالة الاجتماعيَّة، والحُرِّيَّات العامَّة، وحقوق الإنسان كافة، كما نصَّت عليها المواثيق الدَّوليَّة، لتكون حاضنة وطنيَّة لهذه العمليَّات، ليس في مستوى الإطار الدُّستوري والقانوني، فحسب، وإنما بالمراجعة التاريخيَّة المطلوبة بإلحاح لمحدِّدات الهُويَّة الوطنيَّة في السِّياسات الثقافيَّة، ومناهج التربية والتعليم، وبرامج الراديو والتلفزيون، وغيرها من أجهزة الإعلام ووسائط الاتصال الجَّماهيري الأخرى ذات الأثر الحاسم على صياغة بنية الوعي الاجتماعي العام، بما يشيع مناخاً صالحاً لازدهار كلِّ المجموعات القوميَّة داخل الوطن، بمختلف ثقافاتها، وأديانها، ومعتقداتها، ولغاتها، ويهيئ لانخراطها في مثاقفة ديموقراطيَّة هادئة في ما بينها، "فليس أمرُّ من صدام الثقافات .. وأدمَى"، على قول شهير للمرحوم جمال محمد أحمد. خطوة كهذه يستحيل إنجازها عبر صفقة منفردة بين قيادات في الهامش، جنوبيَّة بالأخص، مهما بلغت درجة نفوذها، وبين أيَّة حكومة مركزيَّة، بالغاً ما بلغ مقدار فلاحها في بسط سلطانها، بل لا بُدَّ من إنجازها عبر أوسع مشاركة للجماهير المنظمة، على مستوى المركز والهامش سواء بسواء، في أحزابها، وتنظيماتها السِّياسيَّة، ونقاباتها، واتحاداتها المهنيَّة والنوعيَّة، ومؤسَّساتها المدنيَّة الطوعيَّة، وروابطها الإقليميَّة والجهويَّة وغيرها.
(3) وإلى ذلك لا بُدَّ من انخراط الجَّماعة المستعربة المسلمة في حوار داخلي سلمي وحُر بين جميع أقسامها، حول فهومها المتعارضة لدينها الواحد، في علاقته بالدَّولة والسِّياسة، الأمر الذي لطالما شكل، منذ فجر الحركة الوطنيَّة، بؤرة نزاعات خطرة لم يقتصر أثرها السَّالب على معظم هذه الأقسام، فحسب، بل وامتدَّ ليطال علاقات هؤلاء المستعربين المسلمين بمساكنيهم من أهل الأعراق والأديان والثقافات الأخرى، بما أعاق وما زال يعيق (الوحدة الوطنيَّة) من كل الجوانب.
تفصيل هذه المعالجات ما يلبث أن يكشف عن أنها ليست محض جداول لإجراءات إداريَّة محدَّدة، بل سيرورة تاريخيَّة باحتمالات برامجيَّة لانهائيَّة. لذا من الصَّعب، بل من العبث، محاولة توصيفها، هنا، تفصيلاً، أو تقييدها بترتيبات معيَّنة، أو بمدى زمني محدَّد. وحتى بعد التواضع عليها قد تتعرض هذه البرامج لانتكاسات، وقد تبلغ هذه الانتكاسات حدَّ (الانفصال) نفسه، سواء في المدى القريب أو المتوسِّط، على أن جملة عوامل (التوحيد) التي أشرنا اليها تدفعنا إلى التفاؤل بأن خيار (الوحدة)، أو (إعادة التوحيد!) في ما لو وقع الانفصال، سوف يشكل الخيار النهائي في المدى البعيد. وربما زودتنا بالمزيد من التفاؤل عبارة سر أناى الشاعرية الحكيمة: إن الآلام التى يعانيها وطننا الآن هي، يقيناً، الآم (الطلق)، بأكثر مِمَّا هى الآم (المرض)!

(7)
كثيرون هم المفكرون والمثقفون والسِّياسيُّون السُّودانيُّون الذين أفاقوا، منذ أزمان، في الشمال كما في الجنوب، على وعي جديد بخطل، بل وبخطورة توصيف حالة بلادنا بالاستناد إلى النظرتين المتصادمتين (للعروبة الخالصة) و(الأفريقانيَّة الخالصة). وحتى من لم يفِق، بعدُ، تماماً، أو ما يزال في طور المكابرة الفصاميَّة، فإن تعبيراته لا تعدم، فكريَّاً أو سلوكيَّاً، لمَّعاً من هذا الوعي الجَّديد الذى أنتج، على الأقلِّ، دعوة جادَّة ومؤثرة، على صعيدي السِّياسة والثقافة، من أجل صياغة مداخل (سودانويَّة) **** جديدة للتعامل مع قضايانا ومشكلاتها، ليس بالنسبة للجنوب، فحسب، بل ولكلِّ إثنيَّات وجهويَّات الوطن، انطلاقاً من ضرورة الوعي الذى لا غنى عنه بحقائق السودان ذاته، على ما هو عليه، دونما حاجة للإحالة إلى غيره.
لقد شكلت هذه الدعوة أحد أهمِّ المحاور التى اشتغل عليها كثيرون، من أبرزهم د. فرانسيس دينق، خصوصاً فى مباحثه حول إشكاليَّة الهويَّة وديناميكيَّاتها. إن منهج الإحالة هذا لجديب حقاً، بل وقد يفضي، في الغالب، إلى حدٍّ مُروِّع من البؤس المعرفي، ومن ذلك، كمثال، توصيف السودان كمحض (جسر) بين العالمين العربي والأفريقي! ولعلَّ فى هذا شيئاً مِمَّا نبَّه د. نور الدين ساتي لخطورته الاستثنائيَّة، كونه لا يورثنا، في المحصلة النهائيَّة، سوى النظر إلى الذات "كجورب مقلوب!" (م/الثقافة السُّودانيَّة، ع/15، أغسطس 1980م).
ولمَّا كان للمثقف الجَّنوبي، تحديداً، دوره الاستثنائي في تعيين المآلات النهائيَّة التي يندفع باتجاهها هذا النزاع، فقد بدا لنا دائماً غير كافٍ الاقتصار على مناهج البحث التقليديَّة التي تغيِّب هذا المثقف، كواحد من الناس، من جهة، وكدور فاعل شديد التأثير والخطورة من جهة أخرى. ووقع عندنا أن سداداً كثيراً يكمن فى محاولة الإطلال على المشكلة من باب مقاربة هذا الكيان الخطير عبر ثلاثة من نماذجه المهمَّة (جوزيف قرنق ـ دول أشويل ـ سِرأناي كيلويلجانق) *****؛ وهي مقاربة لا تجفل فرقاً من أن تصنف فى كثير من لحظاتها وملامحها العامة كجنس فى الإبداع الأدبى، السَّردي تحديداً، التماساً لمعرفة أوثق بالكيفيَّة التي تمور وتعتمل بها في عقل هذا الإنسان ووجدانه، معاً، شتى الأفكار والرؤى التي ترسم خطوط توجُّهاته، ومختلف المشاعر والأحاسيس التى تؤثر فى حسم خياراته. وربَّما كان هذا أقصى ما تأمل في بلوغ شئ منه هذه النصوص التي تتحرَّك، كما سبق وأوضحنا، من افتراض أصالة العمق (الوحدوي) لدى أغلبيَّة الجَّنوبيين عموماً، والمثقفين منهم خصوصاً، رغم قشرة الجَّفاء المظهريَّة السَّميكة!

الهوامش:
* ورقة قدِّمَت فى ندوة (مركز الدِّراسات السُّودانيَّة) بقاعة اتحاد المصارف بالخرطوم في 30 ـ 31 أكتوبر 2002م، بعنوان "التنوُّع الثقافي وبناء الدَّولة الوطنيَّة في السودان"، بمناسبة اكتمال ترجمة ونشر أعمال د. فرانسيس دينق باللغة العربيَّة؛ ثمَّ نشرت ضمن كتابنا (الآخر) الصادر عن دار (مدارك) عام 2006م.
** يزاوج مصطلح (الإثنيَّة) بين مصطلحي (العِرق) و(الثقافة).
***راجع المزيد من هذه المؤشِّرات ضمن مؤلفنا (الآخر) المشار إليه، وكذلك ضمن رزنامة 15/6/2009م بعنوان (شرب القهوة في المتمَّة)، وفي ورقتنا أمام (مؤتمر جوبا) في سبتمبر 2009م، وضمن رزنامة 12/10/2009م بعنوان (يا واحداً في كلِّ حال: آخر العلاج الكي)، وكذلك ضمن ورقة (محدِّدات الفرصة الأخيرة لبقاء الدَّولة السُّودانيَّة موحَّدة) التي نشرت على حلقات بصحيفة (الأحداث) ما بين أواخر نوفمبر ومطالع ديسمبر 2009م، وقدِّمت كمحاضرة لـ (جمعيَّة الصحفيين السُّودانيين بالسُّعوديَّة)، بـ (فندق القصر الأبيض) بالرِّياض، في 24/3/2010م، وكذلك لـ (مركز الخاتم عدلان للاستنارة بالخرطوم) في 30/3/2010م، ثمَّ ضمن محاضرة (سيناريوهات الوحدة والانفصال) بـ (دار الحزب الشِّيوعي بالخرطوم بحري) في 14/10/2010م.
****نور الدين ساتي، وليس المرحوم أحمد الطيِّب زين العابدين كما يعتقد الكثيرون خطأ، هو أوَّل من سكِّ وأشهر هذا المصطلح، في محاضرته التي نظمتها (جمعيَّة أصدقاء الكتاب)، حول (معضلات التمازج الثقافي في السودان)، بالنادى الكاثوليكى بالخرطوم، في نوفمبر 1979م، وقد نشرت جريدة (الصَّحافة)، آنذاك، ملخصاً وافياً لها؛ ثمَّ فى مقالته المشار إليها بعنوان (الحوار بين المكونات الثقافيَّة للأمَّة السُّودانيَّة) التي تعتبر امتداداً مستفيضاً لتلك المحاضرة، وقد نشرت على ثلاث حلقات بـ (مجلة الثقافة السُّودانيَّة)، ع/15، 16، 17 بتاريخ أغسطس وديسمبر 1980م، وفبراير 1981م، وقدِّمت أمام المؤتمر الأوَّل للميلاد الثاني لاتحاد الكتاب السُّودانيين، بقاعة الشَّارقة بالخرطوم، في سبتمبر 2006م، كما أعادت نشرها مجلة الاتحاد (كرامة)، في عددها الأوَّل الصَّادر في سبتمبر 2007م، بعنوان (الهُويَّة والوحدة الوطنيَّة ـ رؤية سودانويَّة).
***** أعدنا، الأسبوع الماضي، نشر رؤيتنا لنموذج سِر أناي؛ ويمكن مراجعة النموذجين الآخرين ضمن كتابنا (الآخر).



#كمال_الجزولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثُّقْبُ فِي سَقْفِ البَيْت!
- يَا فَنْدُمْ أعْدَمْناهُ .. يَشْهَدُ الله!
- أَمَامَ كُلِّ جَنُوبٍ .. جَنُوب!
- فَصَلَ يَفْصِلُ فَصْلاً!
- الأَيْدِيُولوجِي المُضَاد!
- أَبْنَرْكَبْ الكَرْكَابَة!
- سِرِّي!
- إِعْلامٌ .. أَمْ برُوبَاغَانْدَا (الحلقة الأخيرة)
- إِعْلامٌ .. أَمْ برُوبَاغَانْدَا (6)
- إِعْلامٌ .. أَمْ برُوبَاغَانْدَا (5)
- إِعْلامٌ .. أَمْ برُوبَاغَانْدَا (4)
- إِعْلامٌ .. أَمْ برُوبَاغَانْدَا (3)
- إِعْلامٌ .. أَمْ برُوبَاغَانْدَا (2)
- إِعْلامٌ .. أَمْ برُوبَاغَانْدَا (1)
- الأَمَازُونِيَّات!
- إِنْزِلاقَاتُ الصُّدُوع!
- عَوْلَمَةُ الشَّعْرِ الهِنْدِي!
- سَنَةُ مَوْتِ سَارَامَاغُو!
- رَطْلُ لَحْمٍ آخَر لِشَيْلُوك!
- الدَّوْحَة: أَبْوَجَةُ الذَّاكِرة!


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - حَالَةُ الجَّوْرَبِ المَقْلُوب!