أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حافظ آل بشارة - الفنون والآداب في واد آخر















المزيد.....

الفنون والآداب في واد آخر


حافظ آل بشارة

الحوار المتمدن-العدد: 3208 - 2010 / 12 / 7 - 17:27
المحور: الادب والفن
    


الفنون والآداب في واد آخر / حافظ آل بشارة
يوما بعد آخر تتكشف حالات جديدة من الخلل في الحياة الثقافية العراقية ، شعب كغيره من شعوب العالم يعتقد أن الفنون والآداب يجب ان تعبر عن تطلعاته وعقائده ومضمونه الروحي ومعاناته واحلامه واحباطاته ، وفي دور اشد خطورة تمارس الفنون والاداب طقوسا ممنوعة من البوح فتفجر آمال وتطلعات الجمهور وطلباته المكبوتة وتقول نيابة عنه ما يرفض قوله خوفا من سياط السلطة أو سياط التقاليد أو المحرمات والاوهام الذاتية ، الشعب العراقي يشعر بوجود انفصام وقطيعة وتناقض بينه وبين حركة الادب والفن في بلاده ، بدأت تلك القطيعة يوم أخذ كثير من الادباء والفنانين يتسابقون في حقبة العبودية الصدامية على تلبية رغبات نظام الحكم الاستبدادي في اطار حملة التمجيد المتهافتة والرخيصة للجلاد وعصاباته غير البشرية ثلة من كبار الادباء والشعراء والفنانين أصبحت جزء من البلاط الاستبدادي ، لكن ثلة أخرى رفضت الخضوع فكانت مثالا في الكفاح والتضحية غير انها لم تكن تشكل ثقلا كبيرا بالمقارنة مع التيار الجارف لحركة الارتزاق والتزلف ، ربما يلتمس العقلاء عذرا لبعض اصحاب هذا المسلك بسبب البطش الوحشية الهائلة ، ولكن ما لا يمكن تبريره هو استمرار القطيعة والافتراق حتى بعد سقوط نظام الحكم ، فقد تحولت محاور استعباد الادب والفن التي تشكلت آنذاك الى اطر دائمة وتقاليد متواصلة تحاصر المنجز الثقافي العراقي بكل اشكاله وتختمه بخاتمها المرعب بطريقة لا شعورية أحيانا ، لم يعد كثير من الادباء والفنانين على الصعيد النفسي قادرين على التحليق خارج قفص المملوكية القديم ، منذ بدأ التغيير في العراق كان الجمهور يتوقع ان ينعكس ذلك التحول التأريخي الكبير في الادب والفن الوطني بشكل مدو وبشحنة ابداع وحماس استثنائية ، لكن ماجرى كان مفاجئة فمن جهة خفتت اصوات المبدعين الذين كانوا في صفوف المعارضة ، ومن جهة أخرى واصل رموز التيار الارتزاقي ابتعادهم عن نبض الشعب وتطلعاته ، واستسلموا لعجزهم عن مواكبة الحدث الكبير بذرائع واهية منها ادعاء مناهضة الاحتلال الذي يعترفون بأنه ارحم بكثير من نظام الحكم السابق ، بينما يرى الشارع بذكاءه الفطري ان من غير المعقول تنصيب غلمان وجواري بلاط السلطة السابقة المستعبدين أنفسهم عرابين لنهج التحرير وان كانت المقاومة حقا مشروعا للجميع لكن ادنى شروطها ان يتبناها قوم قادرون على تذوق معاني الشرف والحرية والاستقلال والكرامة ، كل ما في الامر ان المقاومة المزعومة اصبحت غطاء لمحاولات اعادة النظام السابق الى السلطة فيجد الكثير من ادوات تلك المرحلة تعاطفا مع شعاراتها ، وكثير منهم خرج من عبودية الطاغية ليقع في عبودية الارهاب ودعاته الجدد . هذه القطيعة هي التي جعلت الشعب العراقي يبدو راهنا وكانه لا يملك فنونا وآدابا تعبر عنه ، هناك ظواهر وحالات وشعائر واهتمامات عراقية ليس لها صدى في الفن والادب العراقي ، كمثال فقط : مواسم زيارة الامام الحسين ع في كربلاء التي تشارك فيها حشود تصل الى 12 مليون زائر تحركهم قيم روحية معينة تنسجم كثيرا مع مفهوم العشق وما يرافقه من عطاء بما ينسجم مع غايات الفن الرفيع ويحرك مشاعر وذوق الفنان الأصيل غير المستعبد ، هذه الحشود تأتي مشيا من مدن بعيدة قاطعة مئات الكيلومترات الى مهبط العشق الخالد متلهفة ، فيستقبلهم متطوعون لا يعرفونهم بالاسماء بل يشاركونهم الولاء فيقدمون لهم الماء والطعام والعلاج والمأوى باعتبارهم ضيوف الحسين ع ، يحدو بالجميع وجد تكويني لايصدق واندماج اسطوري ، هذا التعلق المذهل اطاح بكل الحسابات المادية ومنطق الربح والخسارة فالموائد المجانية تكفي الملايين يتسابق العشاق على القدوم الى معشوقهم فيتسابق الآخرون على خدمتهم والفوز برضاهم ودعائهم ، هذه المظاهر تتبلور بسبب نوع نادر من المشاعر الانسانية التي انقرضت وفارقها العالم منذ زمن بعيد ، ولكن هذه الوقائع والاجواء المدهشة لا يوجد لها أي انعكاس في ادب وفن هذه البلاد مع الاداب والفنون وجدت للتعبير عن البعد الروحي والمعنوي للبشرية ، فلم نشاهد اصداء لها أو ايحاء منها في لوحة رسم او مقطوعة موسيقى او قصيدة شعر أو قصة قصيرة او أو رواية أو نصب او تمثال الا النادر ، ألا يوحي ذلك باستمرار هيمنة عقلية التحريم الصدامي لشعائر محرم ؟ ام لأن طوق الحكام العرب كان وما زال يشعر بالخطر من ذكر واقعة الطف ويعد الخطط كل عام لابادة الزوار؟ هل المطلوب من الفن الاصيل ان يعبر عن الأمة ونبضها أم يعبر عن اعداء الأمة ونزعات السلاطين ورغباتهم ؟ ألم نسمع الفنانين في حواراتهم الاعلامية يؤكدون بان الفنون والآداب تموت اذا لم تتواصل مع الجمهور وتتبنى قضاياه ؟ اليست هذه الملايين المتلاطمة جمهورا ؟ يعد العراق من أكثر دول المنطقة في عدد ادباءه وفنانيه ولديه تيار متواصل من الاصدارات ونتاجات الفنون التشكيلية ، اسألوا أتحاد الأدباء أو جمعية الفنانين كم بطاقة هوية أصدرا لحد الآن لاعضائهما مطالبين الحكومة بتقديم اعانات مالية ثابتة لهم وذلك من حقهم واقل مما يستحقون ، واسألوا وزارة الثقافة كم تضم قوائم احصائها من ادباء وفنانين هم ابناء لهذا البلد ، هناك مناسبات أخرى استطعنا من خلالها ان نعرف أن العراق يملك ثروة بشرية هائلة من الادباء والفنانين كما ونوعا وبينهم الكثير من الرواد والمبدعين الذين تم تعريفهم عالميا ، من تلك المناسبات التظاهرة التي نظموها مستنكرين قرار اغلاق محلات بيع الخمور والمراقص التي لم تحصل على اجازة رسمية ، كان عددهم كبيرا وكانوا يشعرون بالأهانة بسبب القرار وكان بينهم رواد مسنون بلغوا ارذل العمر انحنت ظهورهم يرفعون اذرعهم بصعوبة واصواتهم مبحوحة منددين بالقرار . عندما يسير الشعب في واد وفنانوه وادباؤه في واد آخر ولو على صعيد المثال الحسيني وهناك عشرات الامثلة فهذا يعني وجود معادلة قلقة لا يمكن ان تستمر ، أحد الطرفين يجب ان يندثر لفقدان مبرر وجوده ، أما يندثر قطاع الفنون والآداب الحالي برموزه واطره وفلسفته تدريجيا ، فتصنع الأمة مبدعيها الجدد وفنونها وآدابها المعبرة عن نبض الانسان لا نبض البلاط ، واما ان يندثر الشعب نفسه ليظهر شعب جديد يحتضن هؤلاء المتظاهرين ويتبعهم ماشيا مترنحا الى ابواب الحانات مودعا مواكب عاشوراء التي تذكره بالدين القديم ، وهذه ليست مزحة فكثير من هؤلاء يأمل ان تنتصر ثقافة العولمة وموجة الالحاد الجديدة والاباحية الوافدة وهي مواد اولية لصناعة شعب جديد لا يعرف الحسين ع ولا رب الحسين ، لا بد من الانتظار لمعرفة أي الفريقين سيندثر سلميا وبصمت كامل ؟.



#حافظ_آل_بشارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقال
- العراق وأزمة الهوية


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حافظ آل بشارة - الفنون والآداب في واد آخر