أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - قصّة رومانسيّة تميط اللثام عن الصراع الطبقي في الهند















المزيد.....

قصّة رومانسيّة تميط اللثام عن الصراع الطبقي في الهند


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 3207 - 2010 / 12 / 6 - 14:55
المحور: الادب والفن
    


صيف بومباي... سلاسة الأداء وصدق المشاعر
يكشف فيلم صيف بومباي عبر قصة رومانسية مثيرة للمشاعر مشكلة الصراع الطبقي التي تحتدم في الهند. فـ "غيتا" التي تنتمي الى أسرة ثرية، ميسورة الحال تقع في حبِ شاعرٍ مرهف الحس، ولا تفوتها فرصة لحضور أمسياته الشعرية التي تلقى صدًى طيبًا على الدوام، غير أنها تجد نفسها منجذبة بقوة لا مثيل لها الى رسام ومصور لا يقل ابداعًا عن الشاعر المذكور سلفًا. وفي لحظة ضبابية تمارس معه الحب، ولا تجد ضيرًا في الاعتراف لحبيبها الأول بما فعلته مع صديقها الثاني.
ضمن برنامج مسابقة الأفلام الروائية الطويلة عُرض في اليوم الثالث من المهرجان فيلم "صيف بومباي" للمخرج جوزيف ماثيو. وقد نال العرض استحسان النقاد والاعلاميين والجمهور الغفير الذي حضر على حد سواء. يتناول هذا الفيلم الرومانسي والدرامي أكثر من محور. غير أن القصة الرئيسة فيه يمكن تلخيصها بـ "امرأة تقع في حب رجُلين" الأول حبيبها الشاعر والمثقف التي حرصت على حضور أمسياته الشعرية ومتابعة قصائده التي ينشرها هنا وهناك. والثاني هو الرسام والمصور الذي يتاجر بالممنوعات ثم يتعرض الى حادث مروع يودي بحياته، فيما تشعر "غيتا" بفراغ مخيف رهيب اثر موته المروع الذي يهّزها من الأعماق. لنتابع خيوط القصة على وفق سياقها الزمني الدي ورد في السيناريو الذي كتبه المخرج نفسه. تنتمي "غيتا" (جسّدت الدور تانيتشا تشاترجي) الى أسرة ثرية ميسورة الحال، وهي امرأة منغمسة في العمل، متحررة، واثقة من نفسها، ترتبط بقصة حب مع الشاعر "جايديف" (لعب الدور سمرت تشاكرابرتي)، لكنها تجد نفسها منجذبة أيضًا الى الرسام والمصور "مايدان" أدى دوره الممثل (جانين غوسوامي). ينتمي الشاعر جايديف الى أسرة ميسورة الحال أيضًا، لكنه يفضل العيش بعيدًا عن أسرته، إذ توفر له العزلة النسبية قدرًا كبيرًا من التركيز في كتابة نصوصه الشعرية التي تنبض بالأحاسيس والمشاعر الانسانية النبيلة. وقد قال في إحدى قصائدة التي تلاها في أمسية شعرية كانت "غيتا" حاضرة فيها:" المدينة في بعض الأحيان لا تفرّق بين الإنسان والكلب". أما الرسام والمصور مايدان فينتمي الى شريحة القاع، وهي أوسع الشرائح في المجتمع الهندي. وعلى الرغم من موهبته الفنية إلا أنه يتعرف على وغد يتاجر بالممنوعات فيجرفه هذا الأخير الى مساره الملئ بالمجازفات. هنا تبدأ متاعب مايدان الحقيقة إذ يتوزع بين حبيبته من جهة، وبين أهله وذويه من أخرى، وبين زميله الذي يقف دائمًا على الحافة الخطرة. هكذا تتصاعد البنية الدرامية للفيلم الى أن تصل الى ذروتها، فتارة نرى غيتا وهي تحتضن صديقها الجديد، وتقبّلة تارة أخرى الى أن ينتهي بهما الأمر لممارسة الحب. لم تستطع "غيتا" أن تخبئ هذا الأمر الجلل عن حبيبها الشاعر. وحينما تخبره يُصاب بصدمة كبيرة، فيطردها من البيت في لحظة غضب عنيف. وفي خضم هذا الجو النفسي المتوتر لكلا البطلين تقع حادثة المصور ونفهم أنه قد فارق الحياة. يعود اليها الشاعر بعد أن تهدأ أعصابه قليلاً ويعتذر لها، لكنها تذهب الى بيت المصور وتقابل والدته التي تقول بأن "مايدان كان معجبًا كثيرًا".

دقة الحوار وجمالية الصورة
يبدو أن جوزيف ماثيو كاتب سيناريو محترف، ويعرف جيدًا الأسرار الابداعية لهذا النوع الفني من الكتابة الابداعية. فالحوار مقتضب، ومكثف، وسلس، لا ترهل فيه. وقد تمكن من سحب المُشاهد الى لعبته الفنية التي تعتمد على التتابع السردي الكرونولوجي الذي يرصد عملية تطور الأحداث ونموها نموًا طبيعيًا يخلو من الهنات والعثرات. وقد تمكن بوساطة دقة الملاحظة المُشار اليها سلفًا أن يكشف للمشاهدين عن طبيعة الصراع الطبقي والثقافي والاجتماعي القائم بين الطبقتين الرئيستين في المجتمع الهندي وهما طبقة الأثرياء الصغيرة نسبيًا لكنها تمتلك مفاتيح الحياة الاقتصادية والسياسية، وطبقة الفقراء، الواسعة النطاق التي لا تمتلك غير الفقر وضيق ذات اليد. كان رصد كاتب السيناريو دقيقًا الى الدرجة التي بتنا نعرف بوساطته طبيعة الحياة اليومية في كلا الطبقتين الاجتماعيتين. وقد وفرت السفرة التي قام بها "مايدان" الى أسرته بصحبة "غيتا" وحبيبها الشاعر، التصور الدقيق لحال الطبقة الفقيرة، وطريقة عيشها، وبعض عاداتها وتقاليدها الثقافية والاجتماعية. كما تعرفنا من خلال السيناريو أيضًا على طبيعة حياة الأسر الثرية في المجتمع الهندي المعاصر. فنادرًا ما نشاهد منظر القبلات في الأفلام الهندية، غير أن جوزيف ماثيو أراد أن يكسر الايقاع الرتيب الذي اعتادت عليه بعض الأفلام الهندية التي لا تخرج عن النمط السائد خشية من ملامسة التابوهات المحرمة في الهند. أما جماليات التصوير فقد تمثلت في اللقطات والمشاهد الجميلة التي صورها الفنان أمول راثود سواء في الريف أو المدينة إذ أمدّت الفيلم على مدى "105" دقائق بزخم كبير من الجمالية. ومن خلال التصوير يمكن للمشاهد أن يرى الفرق المهول بين الأحياء الثرية الموسرة وبين الأحياء الفقيرة المعدمة.

أداء الممثلين
إن ما يلفت الانتباه في "صيف بومباي" هو القدرة التعبيرية الكبيرة للممثلين الذين جسّدوا الأدوار الرئيسة الثلاثة في الفيلم. وربما كانت غيتا هي النموذج الأكثر تألقًا في الفيلم من سواها لأسباب كثيرة. فنادرًا ما نجد بطلة فيلم هندي تحمل مواصفات جمالية عادية، لأن رهان المخرج ليس قائمًا على عنصر الجمال حسب، وإنما يمتد الى منطقة المشاعر والأحاسيس الصادقة التي يمكن لها أن تجذب الجمهور وتجعله يتفاعل معها من دون الحاجة الى مواصفات جمالية خارجية. فجمال الروح في كثير من الأحيان هو الأقدر على ملامسة جوهر العاطفة الانسانية الراكسة في أعماق الإنسان. فغيتا هي فتاة خفيفة السمرة، متوسطة الطول، وليس فيها ما يميِّزها عن باقي النساء الهنديات، لكنها متمردة على واقعها الاجتماعي ورافضة له بشكلٍ ما. غير أن صدقها ومشاعرها الحقيقة كانا يمثلان عنصري الشد والاغراء في شخصيتها المُحببة الى النفس، ولولا هذا الصدق الحقيقي الكامن في أعماقها لما ذهبت الى حبيبها الشاعر واعترفت له بأنها مارست الحب في لحظة غائمة مع صديقها المصور، ولولا هذا الاعتراف لبقي السر طي الكتمان. لم يقتصر هذا الأداء العفوي المتقن على غيتا وحدها وإنما يمتد الى الشاعر جايديف الذي أسَرَنا بشخصيته العميقة المعبرة التي هي نتاج لعمقه الفكري والثقافي والانساني. أما المصور مايدان فقد تألق في مجمل المشاهد التي أداها بسلاسة نادرة وإنسيابية لافتة للانتباه. لا بد من الاشارة الى أن المشاهدين كانوا مندمجين مع الأحداث الصادقة طوال مدة الفيلم وهذا يعني أن الملل لم يجد طريقه الى الكم الغفير من المشاهدين الذين اكتظت بهم صالة العرض الرئيسة في قصر الامارات. ويبدو أن هذا الفيلم سينال نصيبه من الجوائز القيمة التي يمنحها مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حينما يقع الامام في حب فتاة كاثوليكية: المسبحة الخطأ... محاو ...
- ضمن فعاليات مهرجان لندن الأدبي بانيبال تحتفي بالشعر الإمارات ...
- ستة منعطفات أساسية في فيلم (الأخضر بن يوسف) لجودي الكناني
- الثيمات المُستفِزَّة في فيلم (بصرة) لأحمد رشوان
- ( كتاب الصيف) لسيفي تيومان. . قصة غير درامية، وايقاع بطئ، وك ...
- محمد توفيق وتقنية البنية الرباعية في فيلم (نورا)
- مقاومة الرؤية النازية عبر الخطاب السينمائي . . (عازف البيانو ...
- فيلم -اللقالق- وقضية التمييز العنصري في الدنمارك. . المُهاجر ...
- باسم فرات. . الرائي المُحترِف
- تقنية النص المهجّن
- مَنْ لا يعرف ماذا يريد لسميرة المانع . . أنموذج للرواية الوا ...
- بنية النص الكابوسي. . قراءة نقدية لرواية (وحدَها شجرة الرمّا ...
- (ليل، وثلج وأوتار) لمحمد توفيق . . قراءة نقدية في ماهيّة الص ...
- -سيدات زحل- للكاتبة العراقية لطفية الدليمي: سيرة بغداد من ال ...
- إكليل موسيقى . . لجواد الحطّاب: لغة تحريضيّة وسخرية سوداء وم ...
- بيلما باش في فيلمها الجديد (زفير). . سويّة فنية وخطاب بصري ر ...
- شريط (أرواح صامتة) لأليكسي فيدورتشنكو. .تحفة فنية ترصد قصة ح ...
- في مهرجان أبو ظبي السينمائي الدولي: ثلاثة أفلام إيرانية قصير ...
- الأمل والانعتاق في (كرنتينة) عدي رشيد. . دراسة نقدية للشخصيا ...
- (روداج) نضال الدبس. . النبوّ عن الواقع والجنوح الى الخيال. . ...


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - قصّة رومانسيّة تميط اللثام عن الصراع الطبقي في الهند