أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - دنيا الأمل إسماعيل - الشباب الفلسطيني والقيم والثقافة















المزيد.....

الشباب الفلسطيني والقيم والثقافة


دنيا الأمل إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 962 - 2004 / 9 / 20 - 05:12
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


lن نافلة القول التأكيد على أهمية الشباب في تقدم المجتمعات، وهي أهمية تجعلنا نسلم بضرورة التفكير والتخطيط الواعي لرعاية وتربية شبابنا خارج إطار التقليد، وحشدم الامكانات والموارد اللازمة لتحقيق هذه الرعاية والتربية بشكل سليم وصحي يضمن تماسك المجتمع واستمراره وصولاً إلى تحقيق تنمية بشرية مستدامة لا تستثني أحداً.
ولأن شباب اليوم هم مستقبل الغد، قادته وسياسيه، وحاملي هويته الحقيقية، يصبح من المهم جداً تنمية السياسات والبرامج الموجهة لتلبية حاجات الشباب الفلسطيني وتعزيز وجوده ودوره في المجتمع، خاصة وأنّ مجتمعنا الفلسطيني يعد مجتمعاً فتياً، فيما عانى هذا الشباب مطولاً من تهميش مزدوج،
أولاً: بسبب الاحتلال الإسرائيلي، الذي حرم الشباب الفلسطيني من حق التمتع بأدنى حقوقه وحرياته الأساسية والعامة؛
وثانياً: بسبب عدم الاهتمام الكافي من قبل مجتمع تقليدي، يغلّب (حكمة الكبار) على تجارب وحماسة الشباب.
ناهيك عن وضع اقتصادي صعب ومنهك، وانتشار الفقر والبطالة، وعدم وجود معايير واضحة ودقيقة للتوظيف والتمتع بالحقوق والامتيازات المختلفة، ما جعل الشباب يشعرون بغياب الأمل، وانعدام الطموح والمغامرة والتحدّي، وممارسة الحياة بشكل منفتح خالي من القيود والتعقيدات والرقابة العقيمة، فكانت النتيجة في نهاية الأمر ذيوع حالة من الإحباط الشديد وعدم القدرة على تحديد الهدف، وغياب الثقة في الذات وفي المستقبل، لتتضافر هذه العوامل معاً مع كثرة أوقات الفراغ إلى اندافع وراء جنوح من نوع ما في ظل غياب علاقات أسرية سليمة، فأصبح من المألوف جداً لدى شعبنا أن نرى شبابنا يدخنون بشراهة، أو يقلدون أبطالهم في التلفاز وفي شبكة الانترنت في الملبس وطريقة التفكير والحياة لدرجة إلغاء كينونتهم الخاصة المستقلة وشيوع نماذج من الشباب يتشابهون في كل شيء، تحتل عقولهم ثقافة سطحية، تنزع إلى تبني قيم سلبية تجاه الذات والحياة والعالم، فيما تغيب المنافذ الصحية التي ينبغي على المسؤولين توفيرها لاستيعاب طاقة هؤلاء الشباب بلا تمييز قائم على أساس الانتماء أوالعلاقات الشخصية، وحمايتها من الإهدار اليومي.
ولأن مجتمعنا قائم بالدرجة الأولى على البنية التقليدية، التي تتسم بالمحافظة على القيم والتقاليد الموروثة، حيث تعطيها أهمية كبرى واحتراماً على صعيد الممارسة، لذا تقوم الأسرة بوصفها مؤسسة التنشئة الاجتماعية الأولى، وتحديداً السلطة الأبوية فيها، بفرض هذه القيم على أبنائها الشباب، بشكل يتراوح بين الترغيب حيناً، والترهيب حيناً آخر، بغض النظر عن احتياجات ومصالح الشباب، ورغبتهم الطبيعية في التجديد والتغيير، ورفض ما هو تقليدي، ما يزيد من إحساس هؤلاء الشباب بالاغتراب والوقوع في دائرة صراع الأجيال التي تستهلك من طاقتهم الإبداعية الكثير، ومن ثم فإنهم يضطرون إلى انتهاج سياسة اللامبالاة، والانغلاق على الذات وعزلها في كثير من الأحيان عن المشاركة الاجتماعية، وهنا يكمن الخوف من أن ينتهي الأمر بهؤلاء الشباب إلى الشعور بانعدام الانتماء إلى مجتمع لا يعبر عنهم ولا يلبي الحد الأدنى من احتياجاتهم النفسية والاجتماعية والاقتصادية في ظل فوضى ثقافية خالية من آليات الحماية والتحصين والتمكين. لذا تبرز ضرورة أن يسعى النظام السياسي السائد إلى إعادة النظر في علاقته بالشباب، وفي إمكانية تعويضه اجتماعيا وثقافياً واقتصادياً، في محاولة لاستعادة ثقته بذاته وببيئته المحلية وبقدرته على العطاء والمشاركة والإنتاج، ويتطلب الأمر هنا امكانات تتجاوز سلطة النظام السياسي إلى تكتلات اجتماعية وأهلية من شأنها اتخاذ دور ايجابي في درء الأخطار الاجتماعية والنفسية التي تصيب شبابنا، وتعمل على تدعيم الروابط الإنسانية بين الشباب والكبار، وتوفير المناخ الملائم لنمو قدرات وطاقات الشباب بشكل صحي وفاعل، غير أن ما يحدث هو العكس بدرجة ما، وربما هذا يعطينا تفسيراً لحالة الشعور بانعدام القيمة، وفقر الإحساس بالحياة الإنسانية وبمستقبل أفضل يدعم إيجابية الإنسان وإحساسه بالمسؤولية وبقيمة العمل والإنتاج لدى الغالبية العظمى من شبابنا، فيما تبرز لنا على الجانب الأخر فئة من الشباب الذي استطاع أن يتشرب بسهولة بعض القيم السلبية السائدة في مجتمعنا كالنفاق الاجتماعي والسياسي والمخادعة والمحايلة والإلحاح والتهديد وتصيّد الأخطاء واستغلالها للحصول على مكاسب، والاعتقاد بأهمية العلاقات الشخصية والمحسوبية في تسهيل أمور الحياة اليومية بدلاً من الأحقية، ومعايير الجودة والقانون، ومظهرية الشكل على حساب جودة المضمون، وإتباع سياسة فرّق تسد، وإعلاء قيمة المال أمام قيمة الثقافة، والعائلة أمام المجتمع، والقوة أمام القانون، والسلاح أمام الحوار، والتهديد أمام التسامح، والخلاف أمام التفاهم، والتسول أمام العمل، و الذلة والمسكنة أمام الكرامة والكبرياء. وللأسف الشديد، أن هذه القيم تجد لها رواجاً في مجتمعنا وتعتبر(شطارة) على الجميع الاحتذاء بها وإلاّ فإنه سيتحول إلى نقمة على ذاته وطموحه في الحياة.
إن سيادة هذه النماذج من الشباب في المجتمع الفلسطيني جريمة اجتماعية، ساهم المجتمع بأسره في ارتكابها، وعلينا جميعاً أن ندرك أن النهوض بمجتمعنا خاصة على المستويين السياسي والاجتماعي يتطلب أولاً أن نولي عناية بهولاء الشباب، وهي عناية تتطلب أول ما تتطلبه التغيير في الأنماط الثقافية السائدة، وإحلال قيم إيجابية جديدة، ذات معايير واضحة، مرجعيتها الأولى والأخيرة مصلحة المجتمع عامة القائمة على العدل والمساواة، والحق والخير والجمال، بلا تمييز أو محاباة لجاه أو منصب أو مركز مالي أو اجتماعي.
وعلينا أن ندرك أيضاً أنه حين تنهار ثقافة شعب لم يبق له حصن آمن، ويسهل اختراقه سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وحماية الثقافة من الانهيار ليست مسؤولية وزارة أو جهة محددة، لكنها مسؤولية مجتمع بأكمله، ولكن افتقاد الهمة والإيمان الحقيقي بجدوى ما نفعل وبجدوى اعتراضاتنا ومكاسبنا الصغيرة والفردية، يسد عن أعيننا الأمل وينزع من قلوبنا قيمة التحدّي والإصرار، وهذا ليس في مصلحتنا كفلسطينيين.
إنّ شباب فلسطين حالياً هم أطفال الانتفاضة الأولى، الذين حملوا لواء الدفاع عن الأرض، بغض النظر عن مدى وعيهم بما كانوا يفعلونه في ذلك الوقت، ولكن من المؤكد هنا أنّ مشاهد العنف والتعرض له من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي طبع شخصية أولئك الأطفال، الذين أصبحوا شباباً الآن، بطابع خاص، لا يخلو من تركيب وتعقيد، يتضمن في أحد جوانبه بعض الايجابيات وفي الجانب الأخر عدداً من السلبيات. ومن المؤكد أيضاً أن إفرازات ذلك التاريخ /المرحلة، تبلورت الآن في صورة رؤى واتجاهات ومواقف، بعضها واضح المعالم، وأكثرها يميل إلى الضبابية وذيوع القيم السلبية، والتخبط وانعدام الثقة بالمجتمع وبالنظم السياسية القائمة، فيما تتصاعد قيم السوق لتصبح معياراً وقياساً للمكانة في المجتمع.
إنّ على أولئك الذين يطمحون إلى بناء مجتمع فلسطيني قائم على العدل والمساواة وقيم الحق والخير والجمال، أن ينظروا إلى الموارد البشرية باعتبارها أهم ما يملكه الشعب الفلسطيني، وأنّ إهمال هذه الموارد بشبابها الأكثر أهمية، يعد انتهاكاً لحقوق جيل بأكمله، ستطول آثاره السلبية بنية المجتمع بأسره.
إنّ من حق شبابنا علينا أن نترك له الحرية الواعية في تشكيل ثقافته بنفسه، بعد أن نمده بمقومات القدرة والتمكين وآليات النقد والتحليل والمعرفة، وهي المقومات التي لم نسعَ إلى توفيرها بشكلها الصحيح والفاعل، المستند على رؤية واعية لاحتياجات ومشكلات وطموحات شبابنا وربطها بالحاجة الوطنية العامة، فكانت النتيجة أشباه شباب، نعرفهم بالسن، أمّا أفكارهم ومسؤولياتهم فتتجاوز هذه السن بكثير، وهذه هي السمة الغالبة، أو تنقص عن ذلك بدرجة أو بأخرى لأسباب تتعلق بالتنشئة الاجتماعية وتحديداً تلك المتعلقة بأدوار النوع الاجتماعي.
ولكل هذه الأسباب ولغيرها كالزواج المبكر الذي يسلب شبابنا وشاباتنا حياتهم تحقيقاً لرغبة الكبار وأوهامهم في الحماية والتمظهر بالأحفاد، نرى بعض الظواهر الثقافية أو تلك التي تحمل مدلولات ثقافية تنتشر بين شبابنا، على الرغم من كونها تشكل في أحد جوانبها منجزاً علمياً وثقافياً عالميا ومنها:
1- شبكة الانترنت: بداية علينا أن نعترف بأنّ شبكة الانترنت تتجاوز دور الوسيلة التكنولوجية، إلى إعادة ترتيب الأدوار الاجتماعية، والقوى الاجتماعية التقليدية المهددة فعلياً من قبل هذه الشبكة الساحرة/القاهرة، بعد أن أصبحت تشارك الآباء سلطتهم على الأبناء، وربما تسلبهم إياها، وتقدم نفسها يوماً بعد آخر كبديل عن حكمة الكبار القديمة،التي لم تعد تتلاءم مع التقنيات السريعة التي يشهدها العالم أجمعن ولا تستجيب للوقائع اليومية الجديدة في الحياة اليومية لحياة الشباب، خاصة وأن الآباء لم يعدوا يملكون إجابات عصرية مقنعة لمعظم هذه الوقائع، وبالتالي فإنهم يفقدون تدريجياً المكانة التي كانت تخوّل لهم إجبار الأبناء ماذا يفعلون أو لا يفعلون إزاء أشياء تتبدل بسرعة ومن ثم فإن سلطة الآباء مرشحة للتراجع، سواء من حيث القيام بدور التوجيه والتربية، أو من حيث التغيرات التي تفرضها خفية على البنى الاجتماعية والانسانية بين الأبناء وآبائهم أو بين الأجيال على وجه العموم. وربما أكثر الآثار الاجتماعية خطورة لهذه الشبكة، ما تتضمنه صفحاتها من مواقع إباحية أو دردشات فارغة أو ترويج لأفكار هدّامة، في الوقت الذي تمضي فيه الشبكة العنكبوتية قدماً في صناعة جيل من القطيع الإلكتروني يتم توجيهه عن بعد لحساب خيارات جديدة في الاجتماع والاقتصاد والسياسة والثقافة وشؤون الحياة كافة . ولعل ظاهرة ارتياد الشباب لمقاهي الانترنت، لتمضية الوقت، تعطينا دلالة إلى أي حد أصبح الشباب يبحث عن احتياجاته الإنسانية_ وإن شابها بعض الخطأ- خارج الأسرة، وعلى الرغم من كون ظاهرة مقاهي الانترنت ليست ظاهرة سيئة بحد ذاتها، ولكن الاستخدام السيئ لهذه المقاهي في غياب رقابة مجتمعية متفتحة، خاصة من خلال استخدام غرف الدردشة من أجل الدردشة فقط، أو النفاذ إلى المواقع الجنسية بعيداً عن التوجيه الأسري والمجتمعي الذي يتعاطى مع هذا الموضوع بنوع من السرية والتكتم الشديد، يفتح المجال واسعاً أمام الشباب خاصة من هم في سن الخطر للوقوع في فخ العلاقات غير الآمنة، وهذا بحد ذاته خطراً يهدد المجتمع بأسرة ويهدد العلاقات السوية المفترضة بين أفراده.
2- استخدام الهاتف النقال:
لم يعد من المجدي أن نناقش، يجب أو لا يجب استخدام الشباب أو الأطفال للهاتف النقّال، بل يجب علينا أن نعيد تحوير الأسئلة بحيث تتساوق مع ما هو موجود في الواقع فعلاً، وليس ما يجب أن يكون عليه الوضع. لذا من المهم جداً أن نتقبل انتشار هذه الظاهرة بين الشباب على اختلاف توجهاتهم وطبقاتهم، ولكن علينا أن نبحث في كيفية استخدام هؤلاء الشباب لهذا الجهاز، الذي تتجاوز امكاناته كونه مجرد وسيلة للاتصال والتواصل بين الأفراد. وجميعنا يلاحظ أن استخدام شبابنا للهاتف النقال يؤسس لعلاقات اجتماعية مختلفة قائمة بالدرجة الأولى على عملية الغياب والتقنع والتستر، خاصة في حالة التركيز في استخدام هذا الجهاز، على تبادل الرسائل خاصة بين الجنسين،وعلى الرغم من كون هذا الموضوع تحديداً يتعلق بالخصوصية الشخصية، غير أن عدم الوعي الكافي بكيفية إنشاء علاقات سليمة ترى النور بلا خوف أو شعور بالذنب، يدخل هذه القضية في إطار الشبهة التي تقتضي التأني أمامها. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن استخدام الهاتف النقال كبديل عن الهاتف الموجود في المنزل، يسمح للشباب بالتخلص من أسئلة الأهل ورقابتهم وللإحاطة بنشاطاتهم في الحياة، وبالتالي تشكل هذه الوسيلة بالنسبة لهم واحدة من وسائل توكيد الذات وتجعلهم يشعرون بكينونتهم الخاصة المستقلة عن عوالم الآخرين وعيونهم التي تنام.
3- الإذاعات المحلية:
في فترة قياسية للغاية، انتشرت في مجتمعنا الفلسطيني ظاهرة الإذاعات المحلية، التي تنوعت واختلفت بتنوع واختلاف انتماءاتنا وتوجهاتنا وقناعاتنا الدينية والسياسية والثقافية، وهذه الإذاعات تعتمد في تسيير برامجها المختلفة على العنصر الشاب، لأسباب متعددة، يقف على رأسها قلة التكلفة المالية التي تقع على مسؤولية إدارة هذه الإذاعات تجاه القوى العاملة فيها، مقابل إتاحة الفرصة أمام الشباب للتدريب على العمل الإعلامي، والحصول على وجاهة اجتماعية يَحتفى بها كثيراً في مجتمعنا الفلسطيني. وللأسف الشديد، أدى غياب استراتيجية واضحة لعمل كثير من هذه الإذاعات إلى انعكاسات سلبية على ثقافة الشباب وقيمهم الاجتماعية، أبرزها غياب الهوية الوطنية التي تعكس نفسها أول ما تعكس في اللغة التي يقدم بها هؤلاء الشباب برامجهم، فهي إما لغة خالية من الدراسة والعلم والتجويد، سطحية تفتقر إلى الرؤية والفكر، وإمّا هي لهجات محلية متعددة لا تمت بصلة إلى لهجة محلية فلسطينية واحدة، خاصة في قطاع غزة، حيث يسود استخدام اللهجة المصرية في هذه الإذاعات، وبشكل(مائع)، الأمر الذي يجعل المستمع/ة في أغلب الأحيان التأكد من هوية الإذاعة الفلسطيني، فيما تدلنا طبيعة البرامج المقدمة في هذه الإذاعات على مؤشر سلبي آخر، وهو سيادة نمط البرامج المفتوحة التي تعتمد على مداخلات المشاركين، وهي هنا مداخلات لا توصف بأكثر من كونها دردشة خالية من أي مضمون، ولا تطرح في الأغلب آراء في قضايا أو مشكلات تخص الشباب والمجتمع بأسره، وهذا في النهاية يقود إلى التسطيح والتدجين الفكري البائس. في ظل التركيز على الأغاني وإرسال التهاني والتبريكات، التي تدخل ضمن إطار المجاملات الاجتماعية الشخصية، والتي لا تهم سوى المعنيين بالعلاقة، فضلاً عن انعدام وجود الشباب الفعلي عن خريطة البرامج الإذاعية بشكل جاد، سوى ما ذكرناه عاليه.
4- سطوة الفضائيات على فكر ووقت الشباب:
أصبح برنامج سوبر ستار الذي قدمته الفضائية اللبنانية حدثاً (قومياً) يصعب تجاوزه في أحاديث الشباب اليومية ورسائلهم الهاتفية وجلساتهم الترفيهي، بل تجاوز الأمر إلى وقوع مشاحنات بين الأصدقاء لاختلاف الموقف من بعض المطربين أو المطربات، وأصبح حلم النجومية بشكل الحياة الذي يعيشونه كما طرحة البرنامج طموحاً وأملاً لكل شاب وفتاة، وللأسف الشديد أن الأمر لم يتوقف فقط عند فئة الشباب بل تجاوزه إلى الناضجين والكهول، وأثر بشكل أو بآخر على العلاقات الأسرية، خاصة بين الأزواج وانعكاس ذلك على العلاقة بأبنائهم.
5- ارتماء الشباب في أحضان التيارات المتشددة:
على النقيض من شباب سوبر ستار، كان هناك شباباً آخر، لديه شعور طاغٍ باليأس وانسداد الأفق وانتشار سياسة التهميش بدءاً من الأسرة وانتهاءً بالمجتمع، ما جعله يرفض الحياة بشكل مر، والمساهمة في ضرورة تغيير الواقع بأساليب مضادة، ولو أدت إلى حرمانه هو شخصياً من هذه الحياة التي لا تشكل في نفسه سوى معاناة دائمة لا بريق فيها لأمل في عدل أو مساواة أو رحمة.
6- بعض العادات الاجتماعية التي تحمل مدلولاً ثقافياً: كالزواج المبكر، خاصة للفتيات، والذي يعد سلباً لحياة هؤلاء الفتيات، فهو يمنعهم من تكوين حياتهم الفكرية والنفسية والاجتماعية خارج إطار مسؤوليات الأسرة، التي تفوق قدرة هؤلاء الفتيات، ما ينتج عنه في النهاية وصولهن إلى حالة من الاغتراب أمام سطوة المطالبات الاجتماعية والأسرية التي لا تقبل بمواقف تخرج عن قيمة الطاعة والخضوع والتسليم بما كتبه الله(النصيب)، ولا يختلف الأمر كثيراً حين يجبر شاب في الثامنة عشرة من العمر مثلاً على تحمل أعباء أسرة من النواحي الجنسية والمادية والاجتماعية، مع قلة خبرته وعدم مقدرته الاقتصادية قياساً لمؤهلاته العلمية، وبالتالي سيضطر على القبول بأي عمل يدر عليه دخلاً، ناهيك عن حصر نفسه في مستوى اجتماعي محدد سيعكس نفسه في صورة رؤى واتجاهات وطريقة حياة.
7- انعدام الثقافة الديموقراطية: إن تربية الأبناء في مجتمعنا الفلسطيني، تخلو للأسف الشديد من أسس الحوار وقيم التسامح والتفاهم، ما يؤثر سلباً على السلام الأسري كما أنّ ضعف ثقافة المواطنة بين الشباب لأسباب تتعلق بتهميش المؤسسات والتنظيمات لهم، والتخلي عن أهمية استقطاب الشباب من خلال التغيير في آليات العمل والتقدير والتحفيز المنتج غير المحسوب، أعطى المجال واسعاً لتيارات ورؤى وأفكار أن تتسيد على حساب رؤى واتجاهات تنويرية ديموقراطية.

إنّ سيادة هذه الأنواع من القيم والأنماط الثقافية، إنما يعطي مؤشراً شديد الوضوح على غياب الفكر الجاد وتشكيل ثقافة مضادة لما هو سائد، يمكن لها أن تشكل مصدراً لحركة جماهيرية تستهدف دعم إيجابية اتجاهات سياسية مغايرة من شأنها إحداث تغيرات اجتماعية ، تعطي الشباب أهميتهم ودورهم الحقيقي، وعلى الشباب هنا الإصرار على المطالبة بحقوقهم بوعي، وثقافة تستدعي منهم جهداً جادا ومثابراً ومرتكزاً إلى أسس ديموقراطية، حتى لا يعاد إنتاج قيم القمع والتسلط والتهميش مرة أخرى.


الحواشي:
1- على الرغم من قلة الدراسات حول قضايا الشباب في المجتمع الفلسطيني، غير أنّ هناك محاولات جادة، وإن كانت متناثرة، تحتاج إلى صياغة كلية وإلى رؤية شاملة تستوعب قيم الاختلاف غير المنكرة في المجتمع الفلسطيني، ومن هذه الدراسات:
أ?- دراسة جامعة بيرزيت المعنونة: (التحديات والأولويات من منظور الشباب الفلسطيني)، عام 1999.
ب?- ملف الشباب في فلسطين، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة، ويجري حالياً تحديث لهذا الملف، رغم عدد من التحفظات حول آلية عمله والمقاييس والمعايير المستخدمة في اختيار القائمين عليه، وأولها تجاوزهم لمرحلة الشباب.
ت?- بعض تقارير وملخصات ورش عمل مختلفة نفذها معهد كنعان النمائي التربوي في قطاع غزة،
ث?- دراسات وكتيبات مختلفة أصدرتها مؤسسة بانوراما، وإن كانت تقتصر على شباب الضفة الغربية
2- غياب موضوع الشباب عن أجندة مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطيني والمؤسسات النسوية، وربما هذا نابع من انشغال هذه المؤسسات بما هو أهم... أو عدم قدرتها حتى الآن عن تشكيل قاعدة معلوماتية محددة.



#دنيا_الأمل_إسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتحية التي هدموا منزلها للمرة الثالثة:
- سعاد وجيش الاحتلال
- هامشية المرأة/هامشية الصحافة
- المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية بين الشكل والمضمون
- أثر العنف ضد المرأة على الحق في الصحة الإنجابية
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية


المزيد.....




- قطر تؤكد اهتمامها بمبادرة استخدام حق الفيتو لأهميتها في تجسي ...
- الكويت ترحب بنتائج تقرير أداء الأونروا في دعم جهود الإغاثة ل ...
- كيان الاحتلال يستعد لسيناريو صدور مذكرات اعتقال بحق قادته
- سويسرا تؤجّل اتّخاذ قرار حول تمويل الأونروا
- السودان: خلاف ضريبي يُبقي مواد إغاثة أممية ضرورية عالقة في م ...
- احتجاجات أمام سجن محلي في تكساس للإفراج عن طلبة تظاهروا دعما ...
- بالصور..اعتقال عشرات الطلاب في تكساس بسبب مشاركتهم في مظاهرا ...
- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - دنيا الأمل إسماعيل - الشباب الفلسطيني والقيم والثقافة