علماء الدين ام اعمياء الدين -10 – لا اكراه في الدين وعبث الفقهاء

نهاد كامل محمود

الحوار المتمدن-العدد: 3203 - 2010 / 12 / 2 - 12:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

علماء الدين ام اعمياء الدين -10 – لا اكراه في الدين وعبث الفقهاء

قال الله تعالى في كتابه العزيز وتحديدا في مطلع الاية الكريمة رقم 256 من سورة البقرة مايلي :-

(( لا اكراه في الدين .... الخ ))

القرآن الكريم قد انزل الى الاعراب بلغتهم العربية بوضوح لا لبس فيه .. وقد قال الله سبحانه في كتابه العزيز ما يؤكد انه قرآن واضح .. فمن اقواله سبحانه ما يلي :-
( ونزلنا عليك الكتاب (( تبيانا )) لكل شيء ) – النحل 89

وقال ايضا ( هذا (( بيان للناس )) وهدى وموعضة للمتقين ) – آل عمران 138
وكذلك قال سبحانه
( ياايها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وانزلنا اليكم (( نورا مبينا )) )

وقال سبحانه ايضا
( شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس (( وبينات )) من الهدى والفرقان ) – البقرة 185

وقال ايضا سبحانه
( حم تنزيل من الرحمن الرحيم (( كتاب فصلت اياته )) (( قرانا عربيا لقوم يعلمون )) .. الخ ) .

كما وردت عبارات في كلام الله سبحانه وجميعها تشير الى وضوح القران وتبيانه وسهولة ادراكه لكونه انزل الى العرب بلغتهم العربية ومنها مثلا ( الر تلك ايات الكتاب المبين ) وغيرها ( قرانا عربيا ) وغيرها ( قرانا بينا ) .

نظرا لما تقدم ووفقا لما قال الله سبحانه في كتابه العزيز .. وكما مبين في الايات الكريمة اعلاه فالقرآن الكريم هو .. تبيانا .. بيانا للناس .. وهو ايضا بينات من الهدى .. وهو كذلك قد فصلت اياته .. وهو ايضا قرانا عربيا .. ولكن فقهاءنا الاجلاء كثير منهم سواء اعمياء او غير اعمياء .. قد عبثوا عبثا بشريا في كلام الله سبحانه وتعالى .. وجعلوا فيه تعقيدا وصعوبة وتناقضا .

ومن اجل ان نبين تناقض اقوال الفقهاء مع اقوال الله سبحانه .. فاننا قد بينا اعلاه كيف ان الله سبحانه قد كرر في كلامه العزيز .. ان كلامه واضح .. وبين .. وعربي .. ومفصل .. فاننا سناخذ مطلع آية كريمة ثم نبين اراء بعض الفقهاء المؤيدة لكون كلام الله واضح ومفصل .
ومن بعد ذلك أي بعد ان ندرج لكم اراء الفقهاء المؤيدة لوضوح كلام الله .. سندرج لكم اراء فقهاء اخرين يناقضون كلام الله سبحانه الواضح في الاية الكريمة (( لا اكراه في الدين )) .
فهل نتبع كلام الله سبحانه الذي هو واضح ومفصل .. ام نتبع كلام الفقهاء المناقض لكلام الله سبحانه والذي بسبب تفسيرات الفقهاء اصبح الاسلام والمسلمين في عزلة عن المجتمعات البشرية واصبح المسلمون منبوذون وفي قعر التخلف والفقر .
والاية الكريمة التي سناخذها هي :-

(حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب (( فصلت اياته )) (( قرانا عربيا )) (( لقوم يعلمون )) .. الخ )

وناخذ مع هذه الاية الكريمة تفسيرات لكبار مفسري القرآن الكريم والذين في كلامهم تاييدا لكلام الله الواضح والمفصل :-
فقد قال القرطبي مفسرا هذه الاية ما يلي :_

(( فصلت اياته )) أي بينت وفسرت .. وانا كاتب هذا المقال اقول (وهذا واضح في قول القرطبي ان ايات القرآن بينات ومفسرات وليس فيها لبس )

وقال ابن الطبري (( فصلت اياته .. يعني بينت اياته )).. وانا كاتب هذا المقال اقول ( ايضا ان الطبري يؤيد ان كلام الله واياته مفصلة ومبينة ولا لبس فيها )

وكذلك قال ابن الطبري (( قرانا عربيا لقوم يعلمون )).. يعني باللسان العربي ولو كان بغير لسانهم لما علموه .. وانا كاتب هذا المقال اقول ( وهنا ايضا يفيدنا الطبري ان كلام الله قد انزله سبحانه بلسان العرب والى العرب لكي يعلموه ولم يقل سبحانه لكي يفسره الفقهاء أي انه قرانا واضحا وبلغة عربية يفهمها العرب ) .

وقد قال اليعقوبي في تفسيره لاية اخرى

(( قرانا عربيا لعلكم تعقلون )) .. أي انزلناه بلغتكم لكي تعلموا معانيه وتفهموا ما فيه .. وانا كاتب هذا المقال اقول ( واضح جدا من كلام اليعقوبي ان الله سبحانه قد انزل القرآن الى العرب بلغتهم لكي يعلموا معانيه ويفهموها دون أي وسيط او مفسر او متفقه ).

لقد كان عنوان مقالي هذا هو .. (( لا اكراه في الدين ))

واعتقد ان كلام الله سبحانه هذا .. (( لااكراه في الدين )) .. يعني لا اجبار في الدين .. وقد بينا اعلاه ان كلام الله واضح ومفصل ولا لبس ولا اشكال فيه .. وعليه فان كل عربي عندما يقرأ قول الله تعالى (( لا اكراه في الدين )) يفهم منه انه لا اجبار في الدين .
ولكن ياسادتي القراء الافاضل .. ورغم ان الله سبحانه وتعالى قد خص ذاته فقط بتاؤيل آيات القرآن الكريم .. ولكن تعالوا معنا لنرى كيف هي تاؤيلات واقاويل الفقهاء والتي جمع بعضا منها الشوكاني حيث قال رحمه الله بحق هذه الاية ما يلي :-

قد اختلف اهل العلم في قوله (( لا اكراه في الدين )) على اقوال :-
القول الاول : انها منسوخة والناسخ لها قوله تعالى (( ياايها النبي جاهد الكفار والمنافقين )) .. وانا كاتب المقال اقول ان كلام فقيهنا الشوكاني خطأ صارخ .. لانه لو كان الرسول (ص) قد جاهد الكفار والمنافقين واثناهم عن كفرهم ونفاقهم فيكون مفعول الاية القائلة (( جاهد الكفار والمنافقين قد انتهى .. أي ان دورها كان وليد ضرف حربي محدد وبديهي ان القتال في الضروف الحربية مؤقت ولا يدوم .. اما الاية الكريمة (( لا اكراه في الدين )) فهي لضرف سلمي ودائمة الى عصرنا الحالي والعصور اللاحقة .
وانني حسب علمي المتواضع ان الله سبحانه وتعالى في قرآنه الكريم .. قد خص ذاته بالنسخ وحده .. ولم يخول رسولا ولا فقيها بذلك .. وعليه فان الشوكاني في هذا قد أخطأ سامحه الله وان الاية الكريمة (( لااكراه في الدين )) حسب رايي غير منسوخة وسارية المفعول وستستمر كذلك الى يوم الدين .. لانها أي الاية الكريمة (( لا اكراه في الدين )) قد جاءت لضرف سلمي ولحياة مستمرة دائمة ولم تأت مثل ايات السيف لضرف حربي قتالي مؤقت .
ثم اورد لنا شيخنا الجليل الشوكاني رحمه الله قولا اخر يناقض القول الاول وهو كما يلي :-
القول الثاني .. (( والذي ذهب اليه الشعبي والحسن وقتادة والضحاك )) انها ليست منسوخة .. وانما نزلت في اهل الكتاب خاصة وانهم لا يكرهون على الاسلام اذا أدوا الجزية .. بل الذين يكرهون هم اهل الاوثان ..
وانا كاتب هذا المقال اقول للقارىء الكريم .. لاحظ ياسيدي ان القول الاول اعلاه قد جاء فيه صراحة ان هذه الاية (( لا اكراه في الدين ) منسوخة .. وان في القول الثاني جاء الحكم على نفس الاية مناقض تماما حيث جاء فيه (( انها ليست منسوخة )) فايهما الصحيح ؟.. واقول ايضا لفقهائنا الشوكاني ومن ذكرهم الشوكاني .. من خولكم ياسادتي تعديل وحذف واضافة ما ترونه انتم .. على كلام الله الواضح البين .. فالاية ياسادتي تقول (( لا اكراه في الدين )) .. فمن اين جئتم باهل الكتاب ؟.. ومن اين جئتم باهل الاوثان ؟.. اليست هذه اضافة من عندكم لكلام الله ؟.. فهي تدخل تحت لواء التحريف سواء مقصودا او غير مقصود سامحكم الله .. الم يقل الله سبحانه وتعالى عن كتابه انه مفصل ومبين ؟ .. فماذا انتم تفصلون في التفصيل .. وماذا انتم تبينون في المبين ؟.
ثم اورد لنا شيخنا الجليل الشوكاني قولا ثالثا في الانصار ولكننا سنتجاوزه لقربه جدا من القول الثاني الذي اوردناه اعلاه .. وسنتناول القول الرابع كما اختاره واورده لنا شيخنا الجليل الشوكاني والذي يخص تفسير معنى الاية الكريمة (( لا اكراه في الدين )) ايضا .
القول الرابع .. ان معناها لا تقولو لمن اسلم (( تحت السيف )) انه مكره فلا اكراه في الدين ..
وانا كاتب هذا المقال اقول لشيخنا الشوكاني وللفقيه الذي قال هذا القول الذي معناه ان من اسلم تحت السيف ينطبق عليه قول الله (( لا اكراه في الدين )) .. نعم اقول لكم يافقهاءنا الاكارم .. ليس اشد اكراها من الذي يدخل الاسلام تحت السيف .. فانه قد ادخل مكرها لضرف محدد اختاره الله سبحانه وتعالى في حينه وقد انتهى .. اما الاية الكريمة (( لا اكراه في الدين )) فلا هي تنطبق على الذي اكره بالسيف .. ولا هي جاءت بضرف مؤقت فنقول ان ضرفها قد انتهى .. بل ان هذه الاية الكريمة (( لا اكراه في الدين )) هي الاية المحكمة لعصرنا الحالي وللمستقبل والى يوم الدين .
اننا نعبد الله وحده سبحانه .. ولا نعبد الفقهاء .. انما نجل الفقهاء لما يقدمون من خير للاسلام والمسلمين .. ولكننا نحاججهم ونحاسبهم ان اخطأوا .. فهم بشر مثلنا جميعا عرضة للخطأ والخطيئة وان العصمة لله وحده .
نهاد كامل محمود

#نهاد_كامل_محمود (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات