أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - شاكر النابلسي - الديمقراطية وسيلة الخروج من قضبان الإرهاب والفساد















المزيد.....

الديمقراطية وسيلة الخروج من قضبان الإرهاب والفساد


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3203 - 2010 / 12 / 2 - 08:00
المحور: المجتمع المدني
    


-1-

لم تكن العلاقة بين الإرهاب وبين التطبيق الديمقراطي علاقة وثيقة وبائنة كما أنها وثيقة وبائنة في العالم العربي وخاصة في المناطق الساخنة في الشرق الأوسط وعلى رأسها العراق.

وإذا كان العراق قد ابتُلي بالإرهاب المُقوِّض لديمقراطيته الفتية وساقها، الذي لا يتعدى أن يكون كسيقان العشب، فإنه قد ابتلي بما هو أخطر من الإرهاب الديني/السياسي. وهو الفساد المالي والسياسي، وهو الآفة التي تنهش بمعظم العرب، و(السوس) الذي ينخر عظام معظم العرب خاصة الأغنياء منهم. فالعنف مهما كانت جذوره ضاربة في أرض المجتمع العراقي، كما نفهم من كتاب المؤرخ والباحث العراقي رشيد الخيّون (المجتمع العراقي بين التسامح والتكاره)، فإنه سينتهي في يوم ما، مع نهاية الاصطفاف الطائفي الديني، الذي هو في حقيقته اصطفاف سياسي في الدرجة الأولى. فلم يرفع وتيرة الإرهاب في العراق قدر الصراع الديني/السياسي. ولولا وجود هذا الصراع، لما كان العراق الجديد على هذه الدرجة من العنف الديني/ السياسي. ولكن الفساد – الذي يزداد شراسة في كل يوم – يجد في العراق، التربة المناسبة، لكي يزداد حجمه ويتضخم. وهذا هو الاحتلال الأسوأ للعراق قبل عهد "العراق الجديد"، وقبل عهد "البعث"، وقبل "العهد الملكي".

-2-

منذ 1940، وهو العام الذي كتب فيه شاعر العراق الشهير معروف الرصافى كتابه (الرسالة العراقية في السياسة والدين والاجتماع) ولم يستطع إظهاره للناس ونشره في ذلك التاريخ، خوفاً من إرهاب السلفية والأصولية الدينية/السياسية. ورحل عنا الرصافي عام 1945 دون أن يرى كتابه منشوراً. وفي عام 1940 كتب الرصافي يقول عن الفساد المالي في العراقي:

" لا أستطيع أن أتصور حكومة تفشى فيها الارتشاء (الرشا) والإختلاس أكثر من حكومة العراق. فالإرتشاء صار كالزنى. ومن الذي يستطيع أن يرى الميل في المكحلة؟! كانت في العراق طبقة قليلة من الأغنياء المختلفي الدرجات في الغنى. ومنذ أن قامت الدولة العراقية، ظهرت في العراق طبقة الأغنياء الجُدد. وهم من أرباب المناصب والرواتب، الذين كانوا من الصعاليك، فأصبحوا من أصحاب الثروات الطائلة. لهم القصور الفخمة، والعقارات الضخمة. " (ص 58، 60، 65).

ويختتم الرصافي حزنه على ضياع العراق في الأربعينات من القرن الماضي بقوله بمرارة وحسرة ظاهرتين:

"أما وقد حصل الثراء لهؤلاء، من طرق غير مشروعة، كالرشوة، واختلاس أموال الدولة، والاستئثار بالمنفعة، وجعل الحق باطلاً والباطل حقاً، فلا يدلُّ إلا على أن في البلاد فوضى اجتماعية واقتصادية، وأنه لا عيش فيها إلا لأرباب السلطة." (ص67).

فهل تغيّر الحال في العراق، بعد سبعين عاماً (0194-2010)؟

-3-

يقول "إخوان الصفاء" في كتابهم الشهير "سر الأسرار لتأسيس السياسة وتربية الرياسة" وهو الكتاب الذي كان يُعتقد أن أرسطو مؤلفه، والذي كان له تأثير عظيم على تكوين العقل الأوروبي في عصر النهضة. وقد تُرجم إلى اللاتينية، وإلى أغلب اللغات الأوروبية الحديثة، كما يقول محقق الكتاب أحمد التريكي.. يقول "إخوان الصفاء" في القرن العاشر الميلادي، في هذا الكتاب، ناصحين الحاكم بالحذر من المسئولين المرتشين:

"فكل وزير يذهب إلى الكسب، واقتناء المال، فلا تعتدَّ به. فإنما خدمته لأجل المال، لا لك. فحبُّ المال يذهب بعقول الرجال. وهو من الخلاعات التي لا دواء لها. وهو مما لا نهاية له. وهو شيء جُبلت النفوس على حبه. وكلما كثر المال ازدادت الرغبة، وكثر الحرص." (ص101).

ومن هنا يتبين لنا، أن الفساد المالي من أكثر الآفات التي تقضي على الوطن والمواطنين، ولا تترك في الأوطان غير الكوارث، والفقر، والسخط على السلطة، مهما كان غنى وثروات هذا الوطن.

ففي الإحصائية التي أعدها موقع "International Living" عن الدول ذات المعيشة المتدنية السيئة، جاء العراق في المركز رقم 170. ويعتمد هذا الموقع في تصنيفه للدول الأسوأ معيشة على معايير غلاء الأسعار، والمستوى الترفيهي والثقافي، والوضع الاقتصادي، والبيئة، والديمقراطية، والصحة، والبُنى التحتية للدول، ومقدار الأمن، والسلامة، وطبيعة الأحوال الجوية السائدة في البلاد.
-4-

تقول الفيلسوفة الألمانية حنة آرندت ( 1906-1975) في كتابها (في العنف): "إن ظهور المجتمع الجديد، يسبقه اندلاع العنف، دون أن يتسبب اندلاع العنف في ظهور المجتمع الجديد. واندلاع العنف هذا يشبه آلالام (المخاض) التي تسبق الولادة، دون أن تكون الولادة ناتجة عن هذه الآلام." (ص 12).

وهذا ما تمَّ في "العراق الجديد"، منذ 2003. ونحن نسلِّم بهذا، ونعترف به. ونعتبر أن الإرهاب والعنف في العراق منذ 2003 إلى الآن، بمثابة الآلام التي تسبق الولادة. ولكننا لا نفهم أبداً، كيف أن الفساد المالي المستشري في العراق ما زال، منذ أكثر من سبعين عاماً، ينخر في جسم الدولة العراقية كما أشار الشاعر الكبير معروف الرصافي. بل إن هذا الفساد المالي قد ازداد واستشرى، كما لاحظت "منظمة الشفافية الدولية"، التي اعتبرت الفساد في العراق من أخطر ما حصل في التاريخ البشري كله! ولعل هذا الداء العضال قد تمكّن من الدولة العراقية، حين لم يجد "العراق الجديد" من يحكمه بالعدل والشفافية، ويُطبِّق فيه الحد الأدنى من الديمقراطية. فكيف يتأتى ذلك للعراق الحزين ولا زعيم وطنياً فيه؟ وعلى حد تعبير المحلل السياسي العراقي حسين كركوش، فإن "المالكي كاد أن يصبح زعيماً وطنياً، لو أنه نطق جملة واحدة، أو كتب رسالة من سطر واحد لمنافسه (علاوي)، يهنئه فيها بفوزه، ويعلن عن استعداده للعمل معه، من أجل ترسيخ الديمقراطية في العراق. فالعراقيون الشيعة سيربحون مرتين، وسيمسكون المجد من طرفيه. فالتاريخ سيقول إن عراقياً شيعياً عَلْمانياً (علاوي) استطاع أن يوحّد العراقيين السُنَّة تحت زعامته، وينزع فتيل الصراع المذهبي، مرة واحدة وللأبد. وسيقول التاريخ، إن عراقياً شيعياً إسلامياً(المالكي) استطاع أن يصالح العراقيين الشيعة، بل أن يصالح الإسلام كله مع الديمقراطية، كنظام سياسي واجتماعي، لأول مرة في تاريخ الإسلام.

فهكذا، تُخلق الزعامات التاريخية، بقدرتها على تجرُّع الحنظل، وركوب المركب الصعب."
ولكن أين العراق الجديد من هذه الأحلام.. وهذه الآمال ذات المركب الصعب؟!
أودعكم بكثير من الألم وقليل من الأمل.



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الديمقراطية عصيّة في الخليج العربي؟
- هل سنشرب دجلة أو الفرات قبل ولادة العراق الجديد؟
- أفكار الليبرالية الجديدة بعد خمس سنوات
- دعونا ننتظر ماذا سيحدث في العراق
- ضرورة تنجيد الليبرالية
- لماذا يركع -العرق الجديد- الآن تحت قدمي خامنئي؟
- لماذا نمنع المتاجرة بالشعارات الدينية؟
- كلنا أرهابيون!
- ما حاجة العراق للساعدين العربي والإيراني؟
- لماذا إثار إيران بإعمار العراق؟
- استحالة قيام الدولة الدينية
- لماذا ترفض إسرائيل الآن السلام العربي
- نقد ايديولوجيا ثورة المعلومات والاتصالات
- كيف نضبط ظاهرة الشبق السياسي العربي
- لماذا منعت مصر شعار -الإسلام هو الحل-؟
- ما ثمن بقاء الزعيم على كرسيه مدى الحياة؟
- كارثة القطيعة العربية لمدنية العالم وحضارته
- لماذا كان السلام الدائم خرافةً ووهماً؟!
- أعيدوا الانتخابات لكي تحسموا الخلافات
- هل كان -العراق الجديد- أكثر خطورة على العرب من إسرائيل؟


المزيد.....




- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين
- أمير عبد اللهيان: لتكف واشنطن عن دعم جرائم الحرب التي يرتكبه ...
- حماس: الضغوط الأميركية لإطلاق سراح الأسرى لا قيمة لها
- الاحتلال يعقد اجتماعا لمواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال لعدد ...
- مسؤول أمريكي: قرار وقف النار وتبادل الأسرى بيد السنوار.. وقد ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - شاكر النابلسي - الديمقراطية وسيلة الخروج من قضبان الإرهاب والفساد