أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هويدا طه - رحيل ماهر عبد الله الإخواني الحداثي















المزيد.....

رحيل ماهر عبد الله الإخواني الحداثي


هويدا طه

الحوار المتمدن-العدد: 961 - 2004 / 9 / 19 - 11:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رحيل ماهر عبد الله مبكرا:
صاحب اللحية الخفيفة خفيف الظل.. الإخواني الحداثي!
عرفه المشاهد العربي من خلال برنامج"الشريعة والحياة"الذي كان يعده ويقدمه على شاشة قناة الجزيرة، واعتادوا على مشاهدته محاورا الشيخ يوسف القرضاوي في أغلب حلقات ذلك البرنامج الأسبوعي، ومحاورا عددا من الشخصيات الأخرى في حلقات عديدة أخرى، استطاع أن يفلت فيها من أسر الشيخ المخضرم، الذي أمسك بتلابيب ذلك البرنامج الشهير، منذ بدأت قناة الجزيرة بثها للمواطن العربي في أرجاء المعمورة، ثم عرفوه من خلال مشاركته الشهيرة في تغطية حرب العراق، والتي كان فيها معلقا على الهواء مباشرة- ومن قلب موقع الحدث- على السقوط الشهير لتمثال صدام حسين، لذلك لم يكن مستغربا أن يفاجئ المشاهد العادي ويفجع إثر إعلان رحيله المبكر بسبب حادث مروري مؤلم، لكن دهشة وألم المشاهدين تختلف عن تلك التي أحسها وعاشها أصدقاؤه ، ماهر عبد الله بالنسبة للمشاهدين كان شخصية عامة محبوبة، قريبة منهم بسبب ما يتطرق إليه في برنامجه من قضايا تهمهم- وإلى حد كبير- تكلم وحاور فيها نيابة عنهم وبما يدور في صدورهم- كأبناء أمة تائهة- بين قديم لا ينفع وحديث يتطلعون إليه، وعواطف دينية تشوه المتبقي منها بفعل حركة التاريخ، وحقائق علمية محيرة تتناقض مع كلام المشايخ المتهالك، وكان ماهر عبد الله يقف بذكاء في المنطقة الوسطى بين القديم المتهالك والحديث المبهر، وبحكم ثقافته الواسعة وتجربته الثرية- رغم قصرها الزمني- في التعرف العميق على الغرب وفكره، إضافة إلى تجربته الخاصة كلاجئ فلسطيني ذي نشأة إسلامية محافظة، استطاع أن يدرك مأزق أمته فحاول- ونجح- في تسييس برنامجه، وتحويله من مجرد برنامج ديني- يتوقع له أن يكون مماثلا لعشرات البرامج العربية المتهالكة، التي لا تتعدى كونها مجرد منبر لفتاوى المشايخ حول المحرمات والممنوعات- إلى برنامج حي غني بالنقاش حول قضايا معاصرة، تبعا لذلك فإنه من المؤكد أن المشاهدين تألموا لرحيله- خاصة أنه رحيل مبكر فلم يتعد عمره الخامسة والأربعين عاما لحظة الحادث الذي أنهى عمره القصير، لكن أمرا مختلفا تماما ذلك الذي عاشه أصدقاؤه- وأنا منهم- لحظة تلقي ذلك النبأ الكريه، ورغم اعتقادي بأن الكاتب لا ينبغي أن يكتب عن ذاته في مساحة متاحة له في جريدة منتشرة، لأن الأولى أن تتاح الفرصة فيها للكتابة في الشأن- أو الهم- العام، فإن علاقتي الفريدة بالصديق الراحل تجعلني اليوم أخل بهذا الاعتقاد، الصديق الذي كنت أدعوه مازحة"الإخواني الحداثي!"، بدأ تعارفنا منذ سنوات عندما جمعنا نقاش حول دور الدين في حياتنا، وكان أن قلت"إن الله فكرة جميلة وضرورية للإنسان، لكن الأنبياء خربوها وزرعوا الذعر منه في نفوس ونخاع البشر"، بدأت نقاشاتنا من يومها، وحال رحيله دون استكمالها! كان أصدقاء مشتركون بيننا يقولون على سبيل المزاح إن تلك الصداقة غريبة، فكيف يتعايش هذان الشخصان وينشأ بينهما مثل هذا الود، امرأة علمانية ترى أن أمة العرب تستمد شرعية وجودها الواهية من كومة من(الهراء التاريخي)، ورجل إسلامي المشروع والهوى! وكنت أقول"إنه إخواني صحيح، لكن إخواني حداثي! يرتدي بذلة أنيقة وربطة عنق، ويسلم على النسوان دون إن يجذب يده قائلا إنه(متوضي)، يحكي النكات ويستمع إلى الأغاني الحديثة، ويقدر الجمال.. لكن بالحلال!)، وعندما عرف بأن ابني سيتوجه إلى فرنسا للدراسة، قال لي ضاحكا متعمدا استخدام اللهجة المصرية"الجماعة بتوعنا هناك حيستلموه.. يأخونوه ويظبطوه.. ويرجعوله عقله إللي غسلتيه بأفكارك العلمانية البائسة"، وبنفس السياق ضحكت وقلت له" لو مبعدتوش عن ابني بطرحكم الهراء ده.. حاتحول إلى شراسة القطط في الدفاع عن عيالها"! تداعت إلى رأسي عشرات المواقف والنكات والنقاشات والحكايات المتبادلة بيننا عن عراكه مع الحياة وعراكي معها، قصة رحيله طفلا من فلسطين مع أسرة لاجئة وتمحور حياته كلها حول تلك اللحظة، وقصة نشأتي في حي فقير، قلت له ذات مرة أنه حي من أحياء مصرية عديدة تبدو وكأنها(مخيمات اللاجئين المصريين)وتسميها بلادي- خداعا- الأحياء الشعبية، لكن الحقيقة أنها مخيمات.. بها كل البؤس الذي تعرفه أنت عن ظهر قلب، بصفتك فلسطيني أصبح المخيم جزء من ثقافته، وأصبحت كلمة مخيم بالنسبة له مصطلح دال على البؤس والتهميش ونسيان أولي الأمر لسكانه، وكان اليوم الأخير الذي رأيته فيه هو يوم المؤتمر القومي العربي، حيث قلت له مازحة"ياأخي ده مؤتمر القوميين والناصريين وأشباههم، بغض النظر عن كونه حلقة في سلسلة المؤتمرات الفاشلة بتاعة الفنادق الفاخرة.. برضه ألاقيك فيه؟ مش ناقص إلا ألاقيك في مؤتمر يعملوه ناس من الاشتراكيين الثوريين!" وكان أن ضحك وقال لي آخر ما سمعته منه"إخرسي.. مآلك في الآخر تيجي عندنا!"، لحظة وصول نبأ رحيله صباح يوم لم يعد ماهر هناك بعده، لم أشعر بالألم في بادئ الأمر، شعرت بالغضب، لماذا يتعامل القدر بهذه الخسة وذلك الغدر، لماذا بالذات إنسان لم يعط بعد كل ما عنده، ولم يأخذ من الحياة بعد كل ما له؟ هذا العبث معنا.. عراك مجهد منهك مع الحياة والظلم والكبت والفقر والخوف.. ثم رحيل غادر، نعم يموت العشرات كل يوم حولك، لكنك تعرف كم هو كريه الموت عندما يموت من كان يشرب معك الشاي مساء الأمس، عندما يموت من كنت تناقشه بالأمس وتختلف معه في كل ما يطرح، ثم يتحول الحديث إلى حكايات عن الأبناء ومشاكل مراهقتهم، وتتبادل معه النصائح كيف تعاملهم، عندما يموت من يلوح لك بيده في لقاءكما اليومي قائلا كلمة- اعتدت سماعها كل يوم-"أشوفك بكره"، بالعقل الصرف ترى الحدث عاديا، كلنا سنموت.. بعضنا في سيارة أو في طائرة أو على فراشه، بعضنا في منتصف العمر وبعضنا في أرذله، فما الغريب إذن أن يموت صديق اليوم وأموت أنا غدا، لكن هذا العقل لم يصمد كثيرا أمام تلك الرغبة في البكاء، نظرة سريعة مررت بها على الأصدقاء الآخرين.. فإذا ببعضهم مثلي .. يطلقون ضحكات عالية تخفي ورائها.. بكاء سريا، على الصديق الإخواني الحداثي، الذي رحل دون أن نستكمل نقاشاتنا العنيفة حول تعدد الزوجات والحور العين واستئذان المرأة من زوجها، والحرية والديموقراطية، والأمة الفاشلة في فهم الحداثة كما في فهم القديم، رحل هو اليوم.. لكن المدهش حقا.. هو أننا نحن أيضا.. سوف نرحل.. يوما ما!
** حوار هيكل مع مثقفين عرب على شاشة الجزيرة:
أيهما كان ضعيفا.. الحوار أم المتحاورون ؟
على مدى ساعتين كان لقاء محمد حسنين هيكل مع مثقفين عرب آخرين على شاشة الجزيرة، لمناقشته- كما قيل في الدعاية للحلقة- فيما أورد من تحليل للشأن العربي الجاري أو ما قال من معلومات تتعلق به، لكن المفاجأة كانت ضعف الحلقة والحوار والطرح، بل وضحالة بعض ما قاله(مثقفو الأمة)! سؤال مثل لماذا كان ذلك كذلك، يدور حول أمرين، المشاهد المتلقي وما توقعه من الحوار(إن كان بالفعل حوارا)، وتلك الشخصيات وما قالته- بمن فيهم هيكل-، فالمشاهد توقع أن يسمع من(مثقفي أمته الكبار)شرحا للعلة الحقيقية ودليلا واضحا محددا لمواجهتها، والحديث هنا عن(المشاهد)باعتباره المواطن العربي العادي، الحائر في تشخيص ومواجهة ما يلاقيه من انتهاك لحقوقه كإنسان ومواطن، لكن الحلقة انتهت بعد ساعتين لم نسمع خلالها إلا مدحا متبادلا بين هيكل وباقي الضيوف، وعبارات إنشائية رنانة عن(أهمية الإصلاح)! أما الشخصيات نفسها التي استضافها البرنامج فهي بالتأكيد شخصيات لها احترامها ولها تجربتها الثرية مع الشأن العام كل في مساره، وقرأنا لهم واستمعنا لهم عدة مرات من قبل، لكن آفة المثقفين العرب في العقود الأخيرة- وفي ظل هذا التردي الحضاري الذي تعيشه شعوبهم- هي أنهم حريصون على لمس ذلك الذي يسمونه(الشأن العربي الجاري)عن بُعد! إنهم لا يشخصون مرضنا بجرأة أبدا، إنهم يدورون حول العلة الحقيقية لكنهم لا يشيرون إلى سبب تدهورنا مباشرة، بدء ً بهيكل وحتى كل من شاركه الحديث، لماذا ومم يخافون؟ إنهم يملكون حصانة نسبية بأسمائهم وعلاقاتهم الخارجية، قد تمنع عنهم أذى ذوي السلطان إذا تحدثوا عنهم مباشرة، فلماذا لا يتحدثون موجهين حديثهم إلى المشاهد رأسا، بأن مشكلتنا تتلخص في وجود حاكم يمارس اللصوصية، ومواطن لا يمارس الغضب، وأن اللص لا يتوقف عن السرقة ما لم يوقفه صاحب حق غاضب، وأن الرئيس مبارك والعقيد القذافي وآل سعود وعمر البشير وغيرهم هم بحاجة ماسة إلى من يوقفهم! لكن بدلا من ذلك استعاض جميع المتحاورين بكلمات عامة وعبارات إنشائية عن الإصلاح وضرورة الديمقراطية، وكالعادة فاضوا في سب أميركا وما تبديه من غرور القوة والغطرسة، ذلك الكلام(الآمن)الذي لم يعد يغضب أحدا، لا ذوي السلطان ولا أميركا نفسها!. فإذا كان التاريخ يقر حقيقة أن التغيير يقوده دائما مثقفو الأمة.. أو على الأقل يفجروا شرارته .. وإذا كان كبار مثقفينا يدورون حول علتنا(ويخشون)لمس الجرح الحقيقي.. فما أسعد اللصوص بهكذا مثقفين…. مفلسين!



#هويدا_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عدوى الخوف من الغزو الثقافي تنتقل من العرب إلى الفرنسيين
- المسلسلات التاريخية فن زراعة الوهم في نخاع العرب
- الأعلانات التجارية على الفضائيات من الأسمدة الزراعية إلى الم ...
- بمناسبة الحملة البريطانية على القرضاوي لا يوجد تعريف دولي لل ...
- مبارك : أنا عايش ومش عايش
- فوضى الساعات الأخيرة في حكم آل مبارك
- أخبار مملكة الخوف الشعب السعودي بين الاستبداد والإرهاب
- استجابة الفضائيات للهوس الديني بين الواحد القهار وأبينا الذي ...
- مصر التائهة بين مبادرة أمريكية للهيمنة ومبادرة مباركية لمزيد ...
- مصر قوة هائلة كامنة فأين توارت؟ المقاومة العراقية هدية للشعب ...
- سوق الفتاوي وفتاوي السوق في دولة الأزهر!
- الحساسية تجاه مناقشة قضايانا دليل علي افلاس سياسي
- هل يفلح مشروع مستقبلي منفرد لدولة عربية بمعزل عن المحيط الجغ ...
- امريكا تهدد دول العالم بالعقوبات اذا لم تفتح اسواقها لها بين ...
- حول موقع مصر في المشروع الاميركي لدمقرطة العرب: المسألة القب ...
- المثقف المصري وأوان المواجهة الشاملة مع العائلة الحاكمة في م ...


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هويدا طه - رحيل ماهر عبد الله الإخواني الحداثي