أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - امين يونس - تقاليد وعادات بالية .. -2- الأعراس














المزيد.....

تقاليد وعادات بالية .. -2- الأعراس


امين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3201 - 2010 / 11 / 30 - 23:10
المحور: المجتمع المدني
    


في حكايةٍ قديمة يُقال ان " العريس " في يوم عرسهِ ، كان يذهب وحدهُ على حصانه الى بيت " العروسة " التي تركب خلفه ويأخذها الى بيتهِ ، حيث يكون أهلهُ والمعازيم في إنتظارهِ ، ليحتفلوا بالرقص والموسيقى والغناء والأكل. هذا كان يحدث قبل حوالي السبعين سنة ، في معظم قُرى وأرياف اقليم كردستان الحالي وغيرها من المناطق . طبعاً كان يسبق ذلك " ليلة الحنة او الحناء " ، وهي عبارة عن طقوس بسيطة تجري في منزل كل من العريس والعروسة . ويوم العرس تجري كل الفعاليات في اي فُسحةٍ مُناسبة لتجمع الناس في الهواء الطلق تبعاً للظروف المناخية ، وتستمر حسب الإمكانيات المادية لعائلة العريس ، فربما تقتصر على يومٍ واحد فقط ، او تمتد الى أيام عدة . وعادةً يقوم أقرباء العريس وأصدقاءه المُقربون ، بتحمُل جزءٍ مهم من تكاليف الضيافة والأكل والشرب . عموماً كانت جميع هذه الفعاليات بسيطة وتلقائية ومناسبات بهيجة ، ليس للعريس والعروس فقط ، بل لجميع أهل القرية ... حيث كانت الوشائج الاجتماعية قوية وروح التضامن موجودة وواضحة عند معظم الناس . كانت عادة " البدل " شائعة ، ان يتزوج احدهم فتاةً ما ، ويُزّوِج أخته الى أخ زوجتهِ ... وفي معظم الحالات يكون السبب الرئيسي في هذه العادة المُتخلفة ، هو سببٌ إقتصادي بحت ، حيث لا حاجةَ لطلب مهرٍ عالي او حُلي ذهبية غالية ، بل الإكتفاء بالحد الأدنى المُتبادل والذي لايُثقل ميزانية العائلتين . كانَ هذا التقليد يُسهل إقتصادياً الزواج ، لكن في كثيرٍ من الحالات ، كانتْ تنتج عنه مشاكل إجتماعية معّقدة ، فربما لا ينسجمُ زوجان ، فتحرد الزوجة او يطردها زوجها ، فتذهب الى بيت والديها ، فيقوم اخوها الذي ليس عنده مشاكل ، بطرد زوجتهِ بالمُقابل ، كنوعٍ من " المعاملة بالمثل " والضغط !. أما في حالات الزواج الاخرى ، فكان المهرُ يتراوح بين عددٍ من الاغنام ، او الابقار ، او حُليةٍ ذهبية أو أكثر أو مبلغٍ نقدي أو حتى كُل هذه الاشياء او بعضها ، تَبَعاً لثراء العريس ومكانتهِ الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، وكذلك وضع ومكانة عائلة العروس . عموماً ، كانتْ الحياة بسيطة ، والامور واضحة ومُباشرة ، والطَلَبات متواضعة الى حدٍ ما ، والتكافلُ الاجتماعي موجوداً .
- أما اليوم ، فأكثر ما يُمّيز " الأعراس " ، بكل مراحلها ، من حفلات الخطوبة وليلة الدُخلة والطَلبات والشروط ... كُلها تتميز بميزة بارزة واحدة : [ المَظاهِر ] . فلم يعد معظم الناس " طبعاً ليس كُلهم " ، يهتمون بالمعاني السامية لعقد الزواج ، ولا بالرابط الذي سوف يجمع بين شخصين وعائلتين بما يُوفر ذلك من فُرص إستمرارية الحياة ، والتعاون على تذليل العقبات ، بما يخلق مناخاً أفضل للتقدم والتطور للأجيال القادمة . بل ان " التنافُس " على إظهار الثراء الكاذب والإمكانيات المُزّيفة ، هو ديدنهم . وعَقد المُقارنات السخيفة ، بين العرس الفلاني للعائلة العلانية ، وكيف ان ثياب ام العريس من موديلات قديمة ، وان الفرقة الموسيقية لم تكن بالمستوى المطلوب ، او ان القاعة صغيرة بما يدل على بُخل ابو العريس !.
- أصبحَ من التقاليد والاعراف ، ان تقوم النساء والفتيات ، بالتزّين بأكبرِ قدرٍ من الحُلي الذهبية ، في الاعراس ... وتلك لعمري من أسوأ العادات وأكثرها حماقةً وتفاهة !. فتجد حفلات الاعراس تحولتْ الى ساحةٍ لعرض الأزياء وعرض كمية الذهب والمجوهرات ... فتلك زوجة الثري الفلاني تتبختر بمعصميها وساعديها الذهبيين ، وهذه ابنة المسؤول العلاني ، تتحرك بالكاد من ثُقل الحلي التي تُزّين جيدها !. المصيبة ان " ثقافة المجتمع " الحالي ، تدفع النساء والفتيات ذوي الامكانيات المادية المحدودة والضعيفة [ وهُنَ الغالبية العظمى ] من المجتمع ، الى محاولة الإقتداء ، بالنساء الثريات ، فيلجأن الى " إستعارة " الحُلي الذهبية من معارفهن أو حتى " إستئجارها" من بعض المحلات ! ، فقط لكي يظهرنَ بشكلٍ " لائق " حسب إعتقادِهُن !. يُمكن تصنيف هذا الأمر ، تحت عنوان الأمراض الاجتماعية التي تحتاج الى علاجٍ ودراسة وعناية .
- يفتقد مجتمع المدينة اليوم ، الى بساطة وواقعية بعض عادات وتقاليد الماضي ، في الوقت الذي إحتفظَ بالعادات والاعراف السيئة ، بل أضاف اليها التظاهر والنفاق . من الشائع اليوم ان تقوم عائلة العروس [ رغم علمها المُسبَق ] ، بالإمكانية المحدودة لعائلة العريس ، بطلب الكثير من المهر سواء النقد او الذهب ، او فرض شروط من قبيل المنزل المنفصل .. مما يُثقِل كاهل العريس ، ويضطره الى الإستدانة وربما بشروط مُجحفة ، يتحمل تبعاتها السيئة في المستقبل ، مما يخلق بؤرة لمشاكل قد تودي بحياتهِ الزوجية من الاساس .
- البَون الشاسع في توزيع الثروات في المجتمع الكردستاني ، أدى الى خلقِ طبقةٍ مُرَفهة أكثر من اللازم ، وفرَضَتْ هذه الطبقة تدريجياً " ثقافتها " على المجتمع ، وتركتْ بصماتها الكريهة على تصرفات الناس . ومن بينها تقاليد واعراف وعادات الأعراس ، التي تحولت شيئاً فشيئاً الى مُتَنفسٍ لهؤلاء الطفيليين [ قبل اربعين سنة كان مدرسنا في الاعدادية يقولُ عنهم : البرجوازية القذرة المُتنفذة ! ، أعتقد انهم ما زالوا كذلك ] ، مُتنفسٍ لإظهار غِناهم وثراءهم الفاحش ... ويوزعون بطاقات الدعوة على معارفهم مع ملاحظة : حضوركم فقط هو أكبر هدية ! ، دلالةً على عدم حاجتهم الى هدايا المدعوين . في الوقت الذي هنالك أكثرية العوائل البسيطة التي تنتظر على أحّر من الجمر ، ما يتجمع من النقود التي يقدمها المدعوون أثناء العرس وبعدهِ ، من أجل دفع الديون المُترتبة من جراء مصاريف حفلة العرس !.
ان هؤلاء ال 5% من الطفيليين والاغنياء ، ينبغي ان لا يفرضوا ثقافتهم الاستهلاكية التافهة ، وأساليبهم التظاهرية الاستعراضية السمجة ، على المجتمع عموماً ... علينا نحن البُسطاء ، الأغلبية ، ان لا ننجر وراءهم ... ونحتفظ بما تبقى لنا من كرامةٍ وإنسانية !. نحن بحاجةٍ حقيقية الى إعادة النظر في منظومة القِيَم الاجتماعية المُتخلفة ، ومن ضمنها عادات وتقاليد الأعراس ، وتنقيتها من كل الشوائب الموجودة .



#امين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقاليد وعادات بالية .. -1- التعازي
- إيميلات اعضاء البرلمان العراقي
- يونس محمود : الرياضة ليسَ لها ظَهر !
- الاحزاب الحاكمة و - مناديل الجّنة - !
- كتلة - التغيير - ووزارة النفط
- مشهدٌ مسرحي
- المالكي المسكين
- 50% من المشكلة إنحّلتْ
- النجيفي .. مشروع دكتاتورٍ صغير
- حق التظاهر في اقليم كردستان
- الرابحون .. والخاسرون
- بينَ موتٍ .. وموتْ
- قمة أربيل ... ولبن أربيل
- إسلاميو البصرة وسيرك مونت كارلو
- دهوك ... مُجّرد أسئلة
- مرةً اُخرى ..تأخُر إستلام الكتب المدرسية في اقليم كردستان
- ضراط السياسيين مُخالف للقوانين البيئية !
- الرئيس الألماني المسكين
- للنساء ... للرجال
- من دهوك الى بغداد


المزيد.....




- متوسط 200 شاحنة يوميا.. الأونروا: تحسن في إيصال المساعدات لغ ...
- -القسام- تنشر فيديو لأسير إسرائيلي يندد بفشل نتنياهو بإستعاد ...
- إيطاليا.. الكشف عن تعرض قاصرين عرب للتعذيب في أحد السجون بمي ...
- -العفو الدولية-: كيان الاحتلال ارتكب -جرائم حرب- في غزة بذخا ...
- ألمانيا تستأنف العمل مع -الأونروا- في غزة
- -سابقة خطيرة-...ما هي الخطة البريطانية لترحيل المهاجرين غير ...
- رئيس لجنة الميثاق العربي يشيد بمنظومة حقوق الإنسان في البحري ...
- بعد تقرير كولونا بشأن الحيادية في الأونروا.. برلين تعلن استئ ...
- ضرب واعتقالات في مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في جامعات أمريكية ...
- ألمانيا تعتزم استئناف تعاونها مع الأونروا في غزة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - امين يونس - تقاليد وعادات بالية .. -2- الأعراس