أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كريم الصامتي - - بلدي وإن جارت علي عزيزة-














المزيد.....

- بلدي وإن جارت علي عزيزة-


كريم الصامتي

الحوار المتمدن-العدد: 3201 - 2010 / 11 / 30 - 22:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


محبة الوطن قيمة يتمسك بها كل شعوب العالم، فنادرًا ما نجد إنسانا يكره وطنه أو يحقد عليه، ولَرُبّما إن تَوَسَّلْنا بآليات التّحليل النّفسي سَنَكْشِف أن حِقْدَه يَطْوِي محبّة عميقة، هو نفسه لا يشعر بها. وهذا أمر عادي، فالمَرْءُ لا يرتاح إلاّ فيما دَأبَ عليه من عوائِد وأساليب عيش، وأماكن جمعته بها ذكريات، وحَمِيمِيَّة خاصة. ولا يكون الشخص قريبا جدا إلا من النَّمط الثقافي والفكري الذي يَحْكُم مجتمعه. هذا القرب ليس دائما بالمعنى الحميمي للعلاقة، ففي بعض الأحَايِّين يكون القرب من الشيء والتَّمَشِي في مَسَارِبِه وثَنَايَاه، سبَباً للإطلاع على المُعَاقِ فيه واللاَّمعقول، وهذا حَاُل عدد من مُثَقَفِي العالم الذين اشتغلوا على التَّاريخ الثقافي والفكري لبلدانهم، وأخرجوا مَعَاوِلَهم النقدية الصّارمة، وفَكَّكُوا الصُّرُوحَ الفكرية والأنساق الأديولوجية، وحُصون التاريخ المكتوب بأقلام مُبِينَة. ونحن لا نستثني منهم رُوّاد الفكر العربي الذين لم يَكَلَّ البعض منهم من محاولة إيجاد الحلول لأزمة العقل العربي، وسرِّ التخلف العربي في شتّى الميادين، ومن تمة أَسَالَّ رواد النهضة الكثير من المداد والأفكار، محاولين الإجابة عن السؤال المشهور: لماذا تقدم الغرب وتأخر العرب؟
ورغم ما يبدو لِغَيْر مُحَقِّقٍ مُتَمَعِّن، مِن أن مَن يُهَشِّم منظومته الثقافية، قديمة كانت أم حديثة، بأنه عدو وطنه فهو ضَرِيرٌ غير مُبْصِر، فالمحبة القوية للأوطان هي التي تدفع إلى تَعَادِي الكثيرين مع الثقافة والإفْكَارِيَّاتِ المهيمنة في مجتمعاتهم، والثَّوْقِ لِتَبْدِيل حال أُمَمِهم، منهم من يُنْذِرُ عمره للبحث عن نماذج جديدة، أو استلهام أخرى من غيره، أو إحْيَاء السَّالِف القديم، أو السَّعْيّ لخلق نموذج توفيقي بين هذا وذاك. بِمُتَغَيَّا أن يُصَّحِحَ أو يُقَوِّم، بما يحقق النموذج الأفضل وبلوغ السعادة. ومنهم من يرْتَكِن للتَّأسف والتَّأفف على حال أمته المتخلفة. ومنهم من يتناسى ويرتمي في ثقافة غير ثقافته، يصارع للانصهار فيها عنوة، ويحاول قطع كل حبال ارتباطه بثقافة تحسب عليه وهو لم يخترها ولا براض عنها، لكن هيهات أن يُحْرِزَ مُرَاده.
هناك نموذج آخر من المثقفين، نفعييون يميلون أنَّى مالت الأغلبية، لا يُغَرِدون خارج السرب، يستأنسون بظل الحائط إلى نهاية المسار، ولا يحركون أقلامهم إلا بما يُعجب الرعاع ويريح من يتمتعون بالقرار النافذ. وهكذا يسترزقون دون أن يَقْرَفُوا من أنفسهم، أو أن يعطوا أقلامهم حق المغادرة الطوعية للكتابة. سعداء، متباهين بطلعتهم، كل حين، في البرامج التلفزية والمنشورات الورقية. وهناك من رعاة القلم من اعتزل مِرْقَمَه وراح يَجِد راحته في الحانات ليس له غيرَ الكأس يتجرعه هروبا من مغبة تحليل واقعٍ أو خيال واعٍ.
ومنهم من نَقِم على كل مخطوط فاعتزل صفة المثقف، وبات يبحث عن رزقه في مهنة لا تحتاج لإعمال فكر أو كثير تحليل، فتجده صاحب وكالة للأسفار، أو شركة صغيرة لكراء السيارات، أو صاحب ضيعة فلاحية همه تسمين المواشي، والري بالتنقيط. أو صاحب مقاولة بناء... وإن صادفته جريدة يوما ما وبالمجان، فلن يَعْبَأ إلا بالكلمات المتقاطعة أو متاهة السُودُوكُو مقيما في العبث.
نفس الأمر يصدق على جمهور بعض المواطنين، خصوصا المنتمين للدول المتخلفة التي تَرْزَح تحت وَطْآتِ الظلم والقهر الإجتماعي وسلب الحقوق الطبيعية والمكتسبة، فلا يُلْفِي المواطن "المسكين " تعويضا ومواساة غير إعلان تَضَمُّرِه وبحثه عن فرَارٍ إلى بلاد أخرى يَتَوَسّم فيها عيشا كريما. ومن لم يسعفه الحظ للهجرة لا يني عن اختيار ما سَفُلَ من الشتائم ليُوَصِّف بها وطنه وشعبه وذوي المسؤوليات فيه.
غير أنه مهما كانت علاقة الفرد بوطنه، مثقفا كان أم لا، متأزمة، أو ملفوفة في ثوب الكراهية والتَّجَافِي، فذلك لا يُلْغِي ارتباطه الدفين بموطنه، ومحبته اللاّمشروطة، ونُشْدَانُه الواعي أو اللاواعي لأن يرقى وطنه في مدارج الحضارة والازدهار.



#كريم_الصامتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طموح المغرب التنموي وهواجس الجيران


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب بنيويورك
- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كريم الصامتي - - بلدي وإن جارت علي عزيزة-