أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - أحمد عصيد - صورة المغرب بين -الإجماع الوطني- و الموقف النقدي














المزيد.....

صورة المغرب بين -الإجماع الوطني- و الموقف النقدي


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 3201 - 2010 / 11 / 30 - 17:46
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


يعكس ردّ الفعل الإنفعالي لوزير الإتصال المغربي سواء في التلفزيون أو في الصحافة المكتوبة، مقدار الضائقة التي يعيشها المشهد الإعلامي والنقاش العمومي في القضايا ذات الحساسية، فنحن أمام مشهد سريالي: سلطات تريد أن يقال عن المغرب إنه بلد الحريات، ولكن دون أن تسمح فعليا بتلك الحريات، تريد أن تتحسن صورة المغرب في الخارج، و لكن دون أن تتوقف عن الممارسات التي جعلت صورة المغرب "زفت" لدى الغير، تريد أن تحقق الإجماع في قضايا كانت مصدر إزعاج للسلطة ومعاناة للشعب، و لكنها تريده إجماعا على مواقفها هي ووجهة نظرها هي و بدون حوار وطني و بدون أي تواصل داخلي، تريد أن تكون المواقف "وطنية" ولكنها تستفرد لوحدها بمقاربة الأمور الحساسة بطريقتها ودون استشارة أحد، ولا تتذكر المغاربة إلا عندما تسوء الأمور وتفشل مساعي السلطة أو تنقلب إلى ضدّها، عندئذ يبدأ مسلسل "التعبئة" بالطرق المخزنية القديمة التي تثير من النفور أكثر مما تحقق من توحّد وإجماع.
لقد سبق لي أن طرحت سؤالا عبر الصحافة بعد حادثة أميناتو حيدر يقول: "لماذا ليست لنا مصداقية في العالم ؟"، و كنت أقصد به لفت الإنتباه إلى الأسباب التي جعلت امرأة عزلاء تهزم حكومة بكاملها و تمرغ وجه المغرب في التراب، و هي أسباب تعود لتطرح من جديد مع أحداث العيون الأخيرة.
أن يكون المغاربة صفا واحدا من أجل الدفاع عن أرضهم وحدود بلدهم الجيوسياسية أمر طبيعي، معقول ومنتظر، إذ هو السلوك الفطري المرتقب من كل أمة أو شعب عريق في ثقافة المقاومة والروح الوطنية التي تعني عند المغاربة - قبل ظهور وطنية 1930- الإرتباط بالأرض قبل كل شيء.
لكن الذي ليس معقولا ولا طبيعيا ولا يقبله المنطق السليم، هو أن يبلغ بنا "التوافق الوطني" و "روح الإجماع" حدا من العمى يصل إلى إنكار سلبياتنا ونقاط ضعفنا التي جعلت خصومنا السياسيين يستغلونها على الدوام، ويصلون في ذلك حدّ استمالة الرأي العام الدولي حتى في الأمور التي نعتبرها بشكل بديهي في صالحنا، ألم يسبق أن تمّ طردُنا من منظمة الوحدة الإفريقية التي غادرناها تاركين مكاننا للبوليزاريو الذي استطاع بفضل ديبلوماسية الجزائر النشيطة أن يكسب آنذاك 74 دولة في صفه ضدّ المغرب، في الوقت الذي كان فيه المغرب يُعيّن في مناصب السفارة أبناء عائلات عرب الأندلس الذين يعتبرون منصب السفارة عطلة دائمة لهم ولأبنائهم، ولا يهمّهم إلا التنعم بمناصب الرفاه وتبذير المال العام في أعياد السلطة التي يأتي إليها من يأكل "كعب غزال" و يشرب الشاي المنعنع ثم يصطف مع البوليزاريو، فبطونهم مع من يطعمهم أفضل، وقلوبهم مع الذي يقنعهم أكثر.
لقد ظهر بالملموس ضعف أداء السلطة في تدبير موضوع الصحراء بسبب سياسة الكولسة والمخزنة والإستفراد بالأمر دون المجتمع السياسي والمدني المغربي، وتركه بين يدي حفنة من الخدّام الأوفياء الذين لا يملكون الشجاعة على اقتراح ما ينبغي أن يكون، أو التصريح للسلطة بضرورة تغيير المسار أو النهج عند الضرورة.
لقد اتبعت السلطة في تدبير ملف الصحراء عبرالعقود الماضية نفس نهجها القديم في استقطاب الأعيان المحليين وعبرهم التحكم في رقاب الباقي في غيابهم، وهو النهج الذي من خلاله تمّ ويتمّ إفساد الإنتخابات المتتالية بالمال والنفوذ في كافة التراب الوطني، مما جعل 81 في المائة من المغاربة خارج اللعبة التي تعب منها الجميع، ألم يصوت 19 في المائة فقط من المغاربة لأزيد من ثلاثين حزبا ؟ ورغم ذلك فالذين يحكمون اليوم تعتبرهم السلطة ممثلين للشعب المغربي في غيابه، عوض أن تقوم بالخطوة الجريئة الضرورية التي ينتظرها الجميع، إيقاف اللعبة بكاملها وتغيير قواعد اللعب، وضمان الأسس الحقيقية لدولة المؤسسات، و الكف عن الإستخفاف بذكاء المغاربة.
لم تستطع السلطة أن تجعل من مغربية الصحراء فكرة شعبية بديهية في المجتمع الصحراوي، بدليل تزايد انضمام الشباب الصحراوي إلى خطاب الإنفصاليين، في الوقت الذي ظلت فيه حريصة على توبيخ من يجرؤ في الداخل على نقد أطروحتها وأسلوب تدبيرها لهذا الملف.
و لعلّ الأجدى بالنسبة لوزير الإتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، عوض أن يعمد إلى ترسانة من عبارات الزجر والنهر والتوبيخ وكيل الإتهامات لأصحاب الرأي النقدي، أن ينتبه وهو العضو في حزب يساري عريق في المعارضة، إلى أن جوهر مشكلة الصحراء، وكذا مشكلة "صورتنا في الخارج"، ليست في كتابات الصحفيين وإنما تكمن في طبيعة النسق السياسي المغربي الذي يأبى أن يتغير. فقبل أن نحاول إقناع الإنفصاليين بمغربيتهم، كان علينا أن نعمل الكثير من أجل جعل الإنتماء إلى المغرب مصدر اعتزاز للصحراويين، ليس بإرشاء النخب والأعيان القبليين، بل بجعل الجنسية المغربية مرادفة للمواطنة الحق.
لقد عرضت قناة ألمانية ذات مرة في حفلات رأس السنة صورا ساخرة لإضحاك مشاهديها، وكان من الصور المعروضة صورة صف طويل من أعضاء الطبقة السياسية المغربية وهم ينحنون لتقبيل يد الملك، ولا شك أن الذين أدرجوا هذه الصورة ضمن المضحكات في رأس السنة قد طرحوا على أنفسهم سؤالا يقول : هل ما زال مثل هذا موجودا في عالمنا اليوم؟
إن بلاغة صورة من هذا النوع كافية لخلق صورة نمطية عن المغرب لنصف قرن من الزمان إذا لم يقم المغرب بتغيير ما بنفسه، و ليست الأقلام النقدية للصحفيين إلا إحدى الوسائل البسيطة لصنع هذا التغيير، وهو ما يتطلب من وزير الإتصال بعض الصبر وسعة الصدر.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيد الأضحى والسلوك المدني
- الهوية والتاريخ والسياسة، متابعات
- إلى المدافعين عن العربية: هذه أخطاؤكم فتداركوها!
- الفن و الدين بين الذات و المجتمع إلى الممثلة لطيفة أحرار
- عن التعدد اللغوي ووظائف اللغات بالمغرب رسالة مفتوحة إلى الدك ...
- تعقيب على -إعلان دمشق-: هل تهدد الديمقراطية مستقبل اللغة الع ...
- -تعريب الحياة العامة- مقترح مكانه الطبيعي سلة المهملات
- الأمازيغ و التلفزة المغربية
- الأمازيغ بين التقرير الأممي و الدراسة الإسرائيلية
- مجلس الجالية و عقلية -أهل الكهف-
- الخطبة و الخطباء
- عودة إلى -أسئلة الإسلام الصعبة-
- عقول صغيرة
- الفن و الدين أو الحرية في دائرة المطلق
- جذور العنف في الدولة المغربية أو المغاربة في مواجهة نمط الإس ...
- ثقافة الحظر و الوصاية (دفاعا عن الفن و الجمال)
- الهوية و التاريخ و رموز الدولة الوطنية (إلى حراس المعبد القد ...
- ترجمة القرآن بين الريسوني و الأخ رشيد
- حمى الإفتاء الدلالات و الأبعاد
- في -عروبة الإسلام-


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - أحمد عصيد - صورة المغرب بين -الإجماع الوطني- و الموقف النقدي