أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - أسعار تشجيعية














المزيد.....

أسعار تشجيعية


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3201 - 2010 / 11 / 30 - 04:59
المحور: كتابات ساخرة
    


فقط في حالة الأحوال الجوية السيئة تنصحنا المذيعة في التلفزيون الأردني بعدم الخروج من منازلنا وذلك لكي لا نصاب بضربة شمس أيام اشتداد الحرارة أو بموجة برد خلال أيام الصقيع , وعتبي الوحيد على المذيعة الأردنية هو أنها لا تقوم بتوجيه النصيحة لنا في عدم الخروج من منازلنا أيام ارتفاع الأسعار.

وأعتقدُ بأن أي تاجر ينشر إعلانا ويكتبُ عليه (أسعار تشجيعية للجميع) يكون لديه معرفة مسبقة بالجميع بأنهم جبناء يخافون من الاقتراب من متاجرهم.

و دائماً ما أشعرُ أنني بحاجة إلى من يأخذ بيدي ليشجعني للنزول إلى السوق بصحبة أولادي فأنا حين كنتُ طفلاً صغيرا كنت أخافُ فقط من العتمة والظلام والنوم وحدي وإلى اليوم ما زلتُ على نفس الوضع فما زلتُ أخاف من عتمة السوق السوداء ومن النزول لوحدي إلى الأسواق دون أن يكون معي شخص كبير يمسك بيدي خشية أن تدهسني السيارات والأسعار المرتفعة وأيضاً بحاجة لأن يكون معي طبيب باطني وطبيب أعصاب وطبيب نفسي لكي يراعوا حالتي الصحية وأنا أمشي هنا وهناك فأنا أخاف جدا من النزول إلى السوق وبحاجة فقط إلى كمرة تصوير فيديو تصورني وأنا أنزلُ إلى الأسواق برجلٍ متقدمة وبرجلٍ أخرى متأخرة مرتجفاً من الخوف وكأنني أرتجفُ من شدة البرد والصقيع...

وأخاف فعلا من المشي في الأسواق لوحدي دون أن يكون معي ولي أمري فهنالك كثيرا من الحيتان والتماسيح والقواطير المنتشرة هنا وهناك وأخشى من أن يلتهمني أي واحدٍ منها لذلك دائما ما أبقى في البيت بصحبة زوجتي وأمي وأولادي,وكلما أفكر في النزول إلى ساحة السوق أعودُ وأقولُ لنفسي )يا ولد خليك بالدار أنت جبان) ولكن بعد هذا اليوم لن أكون جبانا وسأنزل إلى الأسواق وسأثبتُ لأولادي بأنني كنت فارسا مغوارا في نزول الأسواق وذلك قبل أن أعرفهم وقبل أن أتعرف على أمهم .

اليوم سأعيد أيام الشباب ..اليوم سأستعيدُ لياقتي البدنية والعقلية ..اليوم قرأتُ إعلانا عن أسعارٍٍ تشجيعية تشجع أصحاب القلوب الضعيفة أمثالي على شراء بضائع بالجملة وبالمُفرق مما جعلني أترك الكِتاب الذي أطالعه بين يدي لأنزل إلى السوق ولألملم شجاعتي التي فقدتها منذ زمن بعيد , فأنا لم أعد قادرا على استجماع شجاعتي منذ أن بدأت الأسعار بالارتفاع وكل الناس يقولون عني بأنني جبان ولا أستطيع النزول إلى السوق , ولكن اليوم وبفضل الأسعار التشجيعية فقد قررت أن أنزل إلى السوق بكل ما أوتيتُ من قوة قلب وخيال وبكل ما أوتيتُ من كرامة.

وناديتُ على أولادي بصوت مرتفع: علي..برديس..لميس, وحين حضروا أخبرتهم بأن أباهم لم يعد جبانا ولم يعد يخاف من الغرق في أسعار الأسواق لأن إحدى المحلات التجارية قد شجعتني على كسر حاجز الخوف والرهبة والإدمان على الخوف من خلال إعلانها المُبوب الذي تناقلته الناس , فلهذا المحل اليوم أكثر من فرع واحد منتشرات في أنحاء الأردن كما ينتشر أي مرض خبيث في جسم الإنسان وسألني أولادي وكأنهم محققون صحفيون:

- هل ما زالت البضائع الدينماركية بنظرك مُحرمة أم لاء ؟

- فقلت لهم:-

- في الوقع وفي الحقيقة .. لالالا تصدقوا مثل تلك الخزعبلات البضاعة الدينماركية حلال 100% وليس عليها أي شائبة.

ومن ثم سألوني عن الهبرغر

-هل ما زال مطعم مكدونالدز مطعما صهيونيا بنظرك وعدو للقضايا القومية والإسلامية ؟.

-هل شركة بيبسي شركة يهودية أو تدعم إسرائيل؟

-في الواقع وفي الحقيقة إسرائيل دولة صديقة وجارة عزيزة

-في الواقع وفي الحقيقة لا أعتقد أنا شخصيا بمثل تلك المعتقدات أو تلك الجهالات أنا قلت لكم ذلك لأنني كنت في وقتها ..

وسكتُ عن الكلام وهم أيضا سكتوا ولكن بقيت عيونهم ترمقني وتنتظر مني إكمال الحديث فقلت: في الواقع وفي الحقيقة كنت رجلاً مريضا ولا تسمح لي صحتي النفسية بالنزول إلى الأسواق لأنني بصراحة لم أكن ألقى أي تشجيع من أحد , أنا يا أولاد إنسان موهوب في الشراء والاستهلاك ولكنني بحاجة فقط إلى مشجعين يشجعونني مثل جمهور تشجيع كرة القدم أو السلة أو السباحة, أنا أستحق أن أجد مشجعين يشجعونني على الحياة وعلى نزول الأسواق صدقوني أنني بحاجة إلى أناس يهتفون لي من بعيد وهم يقولون: ريقه ريقه ريقه أبو علي يا حريقه.

وقلت لأمي لماذا لا تسأليني أي سؤال كما يسألني هؤلاء الصحفيون ؟ على كل حال لن أكون يا أمي بعد هذا اليوم جبانا وسأدخل أو سأنزل السوق للسباحة ولن أخشى من الحيتان أو من تماسيح النيل فالأسعار اليوم كلها تشجيعية وسأثبت لكم جميعا كم هو أنا بطل عربي كبير (أمخبى بقشوره) مختبئ لم تظهر مواهبه بعد واليوم حان الوقت لأظهر للجميع موهبتي وأنا ألفُ في الأسواق على قدمين متورمين من كُثرة المشي والناس يهتفون باسمي ويشجعونني من بعيد وهم يقولون:يابو علي يا خطير خلي اشباك المرمى إطير.

صدقوني أنا بحاجة إلى من يشجعني فقط لكي أظهر كل مواهبي .

وأخذت أولادي ونزلت بهم سوق الملابس وكانت فعلا هنالك الأسعار تشجيعية تُشجعني على الهرب أو البقاء في البيت وكادت عيني أن تدمع مما شاهدتُه وقلت فعلا: الأسعار تشجيعية تجعلني في البيت لا أخرج منه على الإطلاق ,وكلما خرجتُ من سوقٍ لأدخل في سوقٍ آخر أشعرُ فعلاً أنني ما زلتُ بحاجة إلى التشجيع من جديد, وقلت لأولادي : تشجعوا يا أولاد وأبقوا مع أبيكم في منزلكم ولا تنزلوا إلى الأسواق.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة العربية لاجئة سياسية
- يسافرون للعلاج!
- الطلاق بالثلاث
- في الجلجثة
- عرق الجبين
- براءة الأطفال
- الهجوم وسيلة للدفاع
- رسالة إلى الشعب الأمريكي
- تشابه أسماء
- ما زلتُ أنتظر الرحيل
- العقل السليم في الجسم السليم
- الكذب على الأطفال
- الانتخابات لعبة حقيرة
- الأرض المحروقة
- الشفافية مصطلح أردني
- فاقد حاسة الذوق
- الدراجة حررت المرأة والمصنع حرر الرجل والمرأة
- الأصحاء عقليا
- غير قابل للتطور
- أستطيع الإرضاع


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - أسعار تشجيعية