أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم آل مسافر - رحيم الغالبي كما عرفته















المزيد.....

رحيم الغالبي كما عرفته


نعيم آل مسافر

الحوار المتمدن-العدد: 3201 - 2010 / 11 / 30 - 03:20
المحور: الادب والفن
    


كنت في نهاية الثمانينات أنشر بداياتي الشعرية في جريدة الاتحاد , في صفحة الأدب الشعبي. التي يحررها الصحفي والشاعر الكبير عادل العرداوي .. حيث نشرت أول قصيدة عام 1988 وكنت حينها طالبا في الصف السادس علمي .. كنت اسكن مدينة الكوت تلك المدينه الصغيرة الجميلة الهادئة. التي يحتظن خصرها نهر دجله .. وألتقي بالشعراء هناك عندما يزورنا الشاعر الكبير عريان السيد خلف .. وأرافقه في أمسياته الخاصه في الكوت التي تقام في بيتنا أو في بيوت بعض الشعراء مثل الشاعر مهدي السيد عيسى والشاعر منعم صالح وهيب وآخرين. أو أمسياته في مدينة الحي .. ولم يكن عريان السيد خلف يشارك في مهرجانات وأمسيات عامة لأنه كان معارضا للنظام البعثي الحاكم آنذاك .. ولطالما شدني ماينشر في جريدة الأتحاد للشاعر الكبير رحيم الغالبي من قصائد ومواد أخرى تتعلق بالأدب الشعبي .. ولكني لم ألتقي به مباشرة وقرأت في جريدة الإتحاد مرة خبر تأسيس منتدى الشطرة الأدبي. من قبل مجموعه من مبدعي المدينة أمثال الأديب حسين الهلالي والقاص وجدان عبد العزيز والشاعر كامل سواري والمبدع رحيم الغالبي وآخرين .. وأستضاف المنتدى في أحدى أمسياته الشاعر الكبير عريان السيد خلف فحضرت تلك الأمسية والتقيت الغالبي ولكنه كان لقاءا ً عابرا ً .. كنت آنذاك كثيرا ما أتردد على مدينة الشطرة لزيارة أهلي هناك .. وعرفت من والدي السيد عبدالامير آل مسافر رحمه الله أن رحيم بن السيد مزهر السيد جراد من السادة الغوالب الذين تربطنا بهم الكثير من وشائج القرابة والمصاهرة والمحبة .. حيث أن السادة آل مسافر والسادة الغوالب ينتسبون لنفس الفرع في الشجرة العلوية المباركة .. وان سيد مزهر والد رحيم الغالبي من السادة المعروفين ومن أصدقاء الوالد, وكذلك رحيم نفسه.. وكان والدي صاحب مضيف عامر بالكرم والادب والمجالس الحسينية _ولازال لحد الآن_ ويحفظ الكثير من القصائد والابيات الجميلة وكان رحمه الله مقلا بنظم الشعر..
عرفت رحيم الغالبي في تلك الفترة عن طريق جريدة الأتحاد أولا ومن خلال حديث الشاعر الكبير عريان السيد خلف ثانيا ومن خلال كلام والدي اليسد عبدالامير آل مسافر .. وعرفت من خلال ذلك أنه شاعر سبعيني رائع من شعراء المدرسة الرمزية يساري الأنتماء , ويحمل شهادة البكالوريوس في اللغة الروسية من جامعة بغداد. وهو على قدر عال من الثقافة والخلق الرفيع .. وهذه الأسباب مجتمعة صنعت كل هذا الإبداع لدى الغالبي..
التقيت رحيم الغالبي نهاية التسعينات عندما انتقلت من الكوت وسكنت مدينة الشطرة, مهدي الأول.. مدينة الشعراء والشهداء والآباء والأجداد.. وتحديدا عام 1999م .. وكنت ألتقي في بيه مع الشعراء حكيم الغالبي والشاعر الحسيني علي الخفاجي وآخرين .. علما ان بيته يبعد بضعة أمتار عن مديرية الأمن .. وكانت الغرفة التي يستقبلنا فيها صغيرة في حجمها 3×2 متر. ولكنها كبيرة بالشعر والادب والضيافة العلوية . وكبيرة بالمعارضة لأعتى نظام ظالم عرفته البشرية .. فيها مكتبة صغيرة مليئة بالكتب والجرائد والمجلات والأثاث القديمة ومعلق على حائطها القديم أيضا, صورة للمرجع الديني العراقي الراحل السيد محسن الحكيم وبجانبها صورة للزعيم العراقي الراحل عبد الكريم قاسم .. في أشارة لتوحد المعارضة بكل تياراتها الدينية واليسارية والعلمانية. حيث يجمعها هدف واحد هو تحرير العراق من الطغمة الغاشمة التي تحكمه .. وكانت تدور بيننا أحاديث عن الشعر والمعارضة.. جمعنا اليسار واليمين في مكان مساحته من الفراغ ستة أمتار لأنه مرتبط بجذور الإبداع التي يبلغ طولها ستة الاف سنة .. ولمست خلال تلك الفتره إنسانية رحيم الغالبي التي تطغى على كل الجوانب الأخرى لشخصيته الرائعة .. فقد كان إنسانا بكل ما تعنيه هذه الكلمة من دلالات ومعاني .. ورأيت بأم العين أبوته لجميع الشعراء الشباب في الشطرة.. وقد أخذ بأيدي الكثير منهم إلى النجومية.. ومنهم من كان على الأقل سببا في ظهوره وانتشاره من أمثال الشاعر المبدع عماد العكيلي وسعود الخفاجي وآخرين ..
كنا نحتفل معه سرا بذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي .. رغم أننا نختلف معه بالتوجه السياسي .. حيث نقيم حفلا صغيرا في بيته نتبادل فيه التهاني والقصائد .. وهو بدوره يشاركنا في مجالس العزاء أيام عاشوراء الحسين (ع) وأنتصار الدم على السيف.. التي تقام في مضيف والدي. وكتب رحيم في تلك الفترة قصائد عن جده الإمام الحسين (ع) .. وكان والدي رحمه الله يوقر رحيم كثيرا ويحترمه ويجلسه إلى جانبه عندما يأتي رحيم للمضيف .. وكان الكثير ممن يدعون التدين ينتقدونه لتقريبه وتبجيله شيوعي متطرف, في فترة كان التوجه الديني منتشرا على أوجه بين طبقات المجتمع . فكان والدي يقول لهم (رحيم أنظف من كثيرين يدعون النظافة).. وتمخضت تلك اللقاآت عن تأسيس رابطة للشعراء السباب في الشطرة . ضمت سبعة وخمسون شاعرا وانتخبت من قبلهم _وبالإجماع_ رئيسا لتلك الرابطة .. فذهبت مع الهيئة الإدارية للرابطة بعد انتهاء الانتخابات مباشرة لبيت رحيم الغالبي عم المبدعين لنطلب منه أن يكون الرئيس الفخري لتلك الرابطة .. وكانت باكورة نشاطاتها الرسمية حفل تأبيني بمناسبة الذكرى السنوية لرحيل الشاعر ألشطري المعروف هاشم فليح الكردي .. ومن نافلة القول ان الشاعر هاشم فليح من القومية الكردية فعلا .. ولقب الكردي لم يطلق عليه جزافا. ومازالت عشيرته تسكن الشطرة لحد الآن ومنهم الشاعر ناظم وذاح .. هكذا كان رحيم الغالبي في الشطرة تلتقي فيه الانساب والتيارات السياسية المختلفة والقوميات , التي لم تكن تحتاج للمحاصصة انذاك لأنها كانت جميعا مضطهدة .. وكان يجمعها حب العراق لا كرسي الحكم.. حضر في ذلك الحفل التأبيني جمع غفير من جمهور الشطرة العاشق للشعر والمعارضة .. وكان رحيم الغالبي بحبه راعيا وعريفا للحفل بتواضعه المعهود , لدعم رابطتنا الفتيه .. وكانت القصائد تلتهب حماسا في حب الحسين (ع) ومعارضة النظام المقبور .. والجمهور يكاد يشتعل تفاعلا معها بل تحولت الى مهرجان قطري حيث شارك فيها شعراء من مختلف المحافظات .. استدعتنا بعد الحفل أجهزة النظام القمعية وأغلقت الرابطة بعد اطلاق سراحنا مباشرة ً .. وكان التقرير السري من أحد الجواسيس البعثيين الذين حضروا الحفل , أنه لم يكن حفلا تأبينيا بل كان تجمعا إسلاميا شيوعيا ً معارضا ً .. وعدنا نلتقي من جديد في وكر الأدب والرفض السلمي النبيل .. في بيت الغالبي كنا لا نمتلك إلا ان نكتب شيئا, عندما ندخل في ذلك المكان الدافئ الحنون كقلب رحيم الغالبي .. وبعد فترة عدنا للظهور ثانية ولكن هذه المرة بتأسيس مقهى للشعراء والمبدعين. حيث استأجرنا مقهى في مركز المدينة واشترينا لها الأثاث من جيوبنا الخاصة أنا والغالبي .. وأدار ذلك المقهى الشاعر المشاكس حكيم الغالبي .. الذي يعتقل كلما اقامت أجهزة النظام اجراآت أحترازية .. فكان المقهى ملتقى للمبدعين والمعارضين وتستمر فيها الجلسات والأمسيات حتى وقت متأخر من الليل .. فذاع صيتها وأغلقت أيضا .. لنعود لوكرنا المحبب من جديد .. وأستمرت بنا الحال هكذا حتى سقوط النظام البائد عام 2003 م .. ففرقتنا الديمقراطية المستورده فترة من الزمن لأن التيارات التي نهواها تفرقت وتناحرت من أجل السلطة والمال .. وقدمنا ما نستطيع تقديمه للمجتمع من خدمات ونشاطات كل حسب طريقته .. ولكننا ونحن المولعون بالمعارضة وحب الوطن وحب الخير للجميع لم ننتمي لأي حزب بشكل رسمي.. نعم أعلنا ولائنا لمن نحب وقدمنا له مانستطيع بكل أمانة وصدق.. لكننا لم ننتمي لأن انتمائنا للوطن وللشعر والحب أكبرمن ذلك بكثير.. وبعد فترة عدنا نلتقي ولكنها لقاات خجوله.. حيث جمعنا من جديد ملتقى الشطرة الإبداعي التابع للإتحاد العام للأدباء.. وقدمت رحيم الغالبي في أمسية من أجمل أمسيات المنتدى حضرها مجموعة كبيرة من الأدباء والفنانين ومن تلامذة الشاعر. لأدلي في تلك الأمسية الشطرية الرائعة بشهادة في حق رحيم الغالبي الإنسان والشاعر .. حيث تعودنا في الشرق لانكرم عظمائنا إلا بعد موتهم .. أردت ان احتفي بالغالبي حيا في تلك الأمسية , كما في هذه السطور المتواضعة .. نعم هو احتفاء خجول ولكنه في حياته وبمرأى ومسمع منه خير من احتفاء بعد رحيله لاسامح الله ..وبعد تأسيس الإتحاد العام للأدباء الشعبيين في الشطرة أنتخبت رئيسا للأتحاد .. وأبى الشعراء إلا ان يكون رحيم الغالبي رئيسا فخريا له .. لأنه علم من أعلام الشعر الشعبي العراقي .. وأحد رجالات الأدب البارزين في محافظة ذي قار .. ولأنه رحيم ..
وصلني قبل فترة الى مقر عملي ديوان جسر من طين عليه إهداء من مؤلفه الشاعر الكبير رحيم الغالبي .. فذهبت مساء لبيته لغرض تهنئته بصدور ديوانه الأول الذي جاء متأخرا .. فيفترض أن يكون لعمر رحيم الشعري وتاريخه الطويل في هذا المضمار أكثر من ديوان .. فوجدته منكبا على الإنترنت محررا لجريدة انكيدو الالكترونية .. ومتابعا لكل شاردة وواردة على النت .. وذلك الوكر الدافئ الحنون بدا لي باردا رغم حرارة الجو .. حيث طليت جدرانه بشكل ممتاز.. وأصبح خاليا ً من صور الزعماء .. واسبدلت المكتبه بمعرض خشبي مملوء بالأواني الجميلة.. ولكنه خال من الكتب والجرائد .. هنئته وأستأذنته للذهاب .. لأني شعرت أني غريب عن المكان .. وليس عن رحيم الغالبي فهو كما عرفته لايمكنك أن تغادره.. إن عرفته حق المعرفة.



#نعيم_آل_مسافر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اذا الديمقراطية وئدت
- ليس بعيدا عن هنا
- الأختلاف والخلاف
- النقد والتجريح
- قصة قصيرة


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم آل مسافر - رحيم الغالبي كما عرفته