أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم حجاج - التغيرات الاقتصادية فى المجتمع المصرى خلال فترة الانفتاح.















المزيد.....

التغيرات الاقتصادية فى المجتمع المصرى خلال فترة الانفتاح.


ابراهيم حجاج

الحوار المتمدن-العدد: 3199 - 2010 / 11 / 28 - 22:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التغيرات الاقتصادية فى المجتمع المصرى خلال فترة الانفتاح. بقلم " ابراهيم حجاج مدرس مساعد بقسم المسرح كلية الآداب جامعة الاسكندرية.

لقد عايشت مصر فى بداية عقد السبعينات تحولاً اقتصادياً جديدا متمثلاً فى السياسة التى عرفت بمصطلح ( الانفتاح الاقتصادى ) وقد أحدث هذا التحول تغييراً جذريا فى بنية المجتمع المصرى ، والاتجاه نحو الانفتاح لم يكن وليد اللحظة ، ولم يظهر عشوائياً ولكنه كان نتيجة عوامل عديدة ساهمت فى تحريكه داخليا وخارجيا .

وتشير مريم أحمد مصطفى إلى العوامل التى أفرزت هذا التوجه الاقتصادى وأهمها " دخول مصر عقد السبعينات وهى محملة بخسائر جسيمة نتيجة لحرب 5 يونيو 1967 مما أثر تأثيراً كبيرا على اتجاهات نمو الاقتصاد المصرى وأوضاعه الداخلية ، بالإضافة إلى تقاعس حصيلة الصادرات لقيمة الواردات حيث ازدادت حاجة مصر لاستيراد المواد الغذائية واضطرت إلى الاستيراد بالدفع نقداً . هذا إلى جانب متاعب الديون الخارجية التى حصلت عليها مصر فى الماضى، كما ساعد المناخ السياسى والاجتماعى آنذاك على أن تأخذ هذه السياسة مكانها فقد ظهرت حملة شعواء بدأت على استحياء عقب نكسة 1967 وظلت تقوى خلال عقد السبعينات ـ مستغلة محنة الاقتصاد المصرىـ ضد تدخل الدولة فى الحياة الاقتصادية ورفع شعار الانفتاح على العالم الخارجى . وقد تجاوبت القيادة السياسية مع مطالب هذه الحملة والقوى الاجتماعية التى يمثلونها ولم يعبأ النظام السياسى بالرأى المعارض لهذه السياسة وقد حدد الرئيس محمد أنور السادات مقصد الانفتاح بأن الهدف منه حقن شرايين الاقتصاد القومى بمزيد من الانفتاح.

وقد سعى وراء تحقيق هذا الهدف " باللجوء إلى الموارد الخارجية بما يحقق النمو المستهدف دون أن يعرض الاقتصاد القومى للخطر وهذه الموارد الخارجية قد تكون قروض مالية أو على هيئة استثمارات أجنبية فى المشروعات المتعلقة بالتنمية " .
وقد كانت سياسة الانفتاح تمثل فى البداية أحلاما وردية بالنسبة لقطاعات المجتمع المختلفة فيما يختص بالانتعاش الاقتصادى وارتفاع مستوى المعيشة وتدفق ملايين الدولارات على مصر وإذا بهذه الأحلام وقد تهاوت صروحها العظام وتبددت على صخرة الواقع والحاضر المعاش حيث واجه المجتمع المصرى مخاطر عديدة نتيجة تطبيق هذه السياسة .
فقد اتجهت التنمية الاقتصادية إلى إطلاق جماح أنشطة رأس المال الخاص والأجنبى فى مجال الأنشطة الاقتصادية المختلفة " فمن الناحية القانونية يعبر عصر الانفتاح عن عدة تشريعات صورت فى تلك الفترة منها القانون الرئيسى وهو القانون رقم 43 سنة 1973 والمعروف باستثمار المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة والذى أباح لرأس المال الأجنبى الاشتغال فى كثير من المجالات . كذلك صدور القانون رقم 93 لسنة 74 الذى أقر حق الأفراد فى تمثيل الشركات الأجنبية وفتح الوكالات للاستيراد منها ، وصدور القانون رقم 118 لسنة 1975 الذى فتح باب التصدير والاستيراد أمام القطاع الخاص ، كذلك صدور القانون رقم 97 لسنة 1976 للنقد الأجنبى الذى أتاح للأفراد حيازة العملات الأجنبية من أية مصدر ، وقد خلق هذا القانون تسهيلا واضحاً فى معاملات النقد الأجنبى وفى نفس الوقت غذى من عمليات التهريب والسوق السوداء .
" ومن ناحية أخرى ترتب على فتح باب الاستيراد على مصراعيه على استيراد سلع ومواد رديئة " ، مما أدى إلى انتشار جرائم الغش التجارى والتهرب الجمركى وغيرها من الجرائم التى مارستها طبقة طفيلية ـ أنتجتها سياسة الانفتاح ـ سرعان ما تربعت على قمة السلم الاجتماعى رافعة شعار ( الغاية تبرر الوسيلة ) حيث كان لا هم لها إلا تحقيق أرباحها الطائلة بطرق غير مشروعة بغرض الحصول على المكسب السريع ، وأدى التفاوت الواضح بين دخول هذه الطبقة وأفراد المجتمع إلى حدوث شرخ فى جدار نسق القيم المصرية أدى إلى كثير من الممارسات الاقتصادية الفاسدة كالرشوة مثلا التى ظهرت كأحد الحلول الفردية أمام ارتفاع الأسعار وزيادة معدلات الفقر والبطالة "حيث أصبح حتى عن توفير فرص العمل المنتج ولعل ما شهدته القاهرة وبعض المدن الأخرى من مظاهرات واضطرابات عامة فى يناير 1977 هى نتيجة لهذه الأزمات الاقتصادية. "

هذا وإن كانت سياسة الانفتاح قد اقترنت بنمو اقتصادى فيجب أن نشير إلى أن هذا النمو قد جاء بآثار سلبية حيث أن هذا النمط من النمو الانفتاحى كان تربة خصبة لاستشراء الفساد فى المجتمع المصرى ، فمع النمو السرطانى الذى حدث فى نشاط القطاع الخاص الطفيلى ومع تزايد نشاط رؤوس الأموال الأجنبية الباحثة عن الربح السريع ومع تراخى الدولة فى إدارة وتوجيه النشاط الاقتصادى كان طبيعياً تزايد الدخول الطفيلية لبعض الفئات الاجتماعية .

ومع سنة 1980 فان البنك الدولى وجد نفسه مضطراً للفت الأنظار إلى الفجوة المتزايدة ـ التى خلقتها سياسة الانفتاح ـ بين الأغنياء والفقراء فى مصر ، والآثار الاجتماعية والسياسية الرهيبة التى يمكن أن تترتب على هذه الفجوة ، وطبقاً لأرقام البنك الدولى فى هذه الفترة فان 21.5 من المائة من الدخل القومى كان يذهب إلى 5 فى المائة من السكان، وعلى الناحية الأخرى من السلك الاجتماعى فإن 20% من السكان كان عليهم أن يعيشوا بـ5% من الدخل القومى وطبقاً للإحصائيات فقد كان 80فى المائة من موظفى الحكومة يحصلون على متوسط دخل مقداره ستمائة جنية فى السنة كما أن 44 فى المائة من سكان الريف ، و33 فى المائة من سكان المدن كانوا يعيشون تحت خط الفقر . " ومع تغيير القيادة السياسة المصرية فى 1981 تردد التعبير عن الحاجة إلى إعادة النظر على نحو جدى فى السياسات الاقتصادية المتبعة بهدف وقف التدهور فى حالة كل من المديونية الخارجية والهيكل الاقتصادى . فعندما تسلم الرئيس مبارك مقاليد الحكم كانت سحب الأزمة الاقتصادية التى تراكمت فى سماء الاقتصاد المصرى قد بدأت تتكاثف على نحو واضح ، فى ضوء هذا الموضوع حرص الرئيس مبارك على أن يتعرف على حقيقة الاقتصاد المصرى . ومن هنا جاءت دعوى إلى عقد مؤتمر اقتصادى على مستوى عال يضم نخبة كبيرة من الاقتصاديين المصرين وهو المؤتمر الذى عقد فى الفترة ما بين 13ـ 15 فبراير 1982 وقد تم فيه الاتفاق على التعديلات المقترحة لإصلاح المسار الاقتصادى ومن هنا جاءت الخطة الخمسية الأولى للإصلاح للسنوات ( 81/1982ـ 86/1987) مخيبة للآمال بل جاءت على العكس تماما مما كان عليه الاجتماع فى المؤتمر فقد تزايد اعتماد الدولة على القروض الخارجية وتم تفكيك وإضعاف القطاع العام تمهيداً لبيعة وألغت الدولة الدعم وأطلقت حرية تكوين الأسعار وزادت مديونية مصر الخارجية من سنة 1981 إلى سنة 1986 بنسبة 26% ، ولم تكن الخطة الخمسة الثانية ( 86/1987ـ 91/1992) بأحسن حال من سابقتها فقد تدهور مستوى المعيشة خلال النصف الثانى من الثمانينات بمعدل سنوى قدر بنحو 1.7% فى السنة " . وهكذا تخلت الدولة عن سياسات الدعم وعن توظيف الخريجين وطبقت برامج لخصخصة القطاع العام فاستغنت عن أعداد كبيرة من العاملين به وارتفعت أسعار السلع والخدمات الأساسية مما ساعد على تهيئة المناخ الاجتماعى لاستقبال انحرافات إجرامية على مستوى الأفراد والهيئات .

كما أن بعضا من رؤوس الأموال التى قد ساهمت فى تمويل خطة التنمية قد اتجهت إلى الانفتاح على تكنولوجيا العصر واستيرادها من الخارج وقد واكبت هذه الخطوة مرحلة التقدم العلمى التى عايشتها مصر نتيجة لانفتاحها على خبرات عالمية . وبالرغم من أن هذا الاتجاه يعد من إيجابيات السياسة الاقتصادية فى تلك الفترة إلا انه قد ساهم بشكل أو بآخر فى ازدياد معدل الجريمة التى أخذت تقاتل بضراوة وتكسب الكثير من الواقع وتراوغ بأسلحتها وتزيد من حصونها وسطوتها مستغله ما حققه الإنسان فى هذا العصر من كشوف وانتصارات . فقد أفرز التقدم العلمى والتكنولوجى فى مصر جرائم بشعة لم تكن معروفة من قبل ويذكر منها المستشار محمد فهيم درويش على سبيل المثال " جرائم سرقة الأعضاء البشرية والاتجاه فيها وهو من اخطر جرائم التكنولوجيا التى أنتجها التقدم العلمى فى مجال الطب وكذلك جرائم الإنترنت وغيرها من الجرائم التى تندرج تحت مسمى جرائم التكنولوجيا."

كما أن التقدم التكنولوجى أدى إلى توفير العمالة وتوفير الوقت فظهرت أبعاد جديدة لمشكلة البطالة فأصبحت بطالة هيكلية حيث اصبح من الممكن وجود نمو اقتصادى متصاعد ونمو بطالة فى نفس الوقت فقد حلت المشروعات كثيفة رأس المال محل المشروعات كثيفة العمال مما ساهم بشكل أو بأخر فى ازدياد معدلات الجريمة فى تلك الفترة .

ومن كل ما سبق نخلص إلى أن التغيرات السريعة المتلاحقة التى شهدها المجتمع المصرى فى حقبتى السبعينات والثمانينات والتى شكلت فى مجملها سياسة الانفتاح وبرنامج الاصلاح الاقتصادى ـ الذى لم يأتى ثماره كاملة حتى الآن ـ كان لها آثارها السلبية على بنية المجتمع المصرى بصفة عامة وازدياد معدلات الفساد والجريمة على مستوى الأفراد بصفة خاصة .
ابراهيم حجاج مدرس مساعد بقسم المسرح كلية الآداب جامعة الاسكندرية.



#ابراهيم_حجاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين والمسرح....خدعوك فقالوا.
- المسرح وقضايا المجتمع من العصر اليونانى إلى عصر النهضة.
- أسطورة نفى أفلاطون للشعراء عن مدينته الفاضلة.
- جدلية العلاقة بين الأدب والجريمة.
- نظرية الفن للفن ..
- ظاهرة التمرد فى المسرح
- قضايا المجتمع بين المسرح الأمريكى والأوروبى الحديث
- نظرية الانعكاس ....ما لها وما عليها.
- الجريمة ودلالتها الرمزية فى المسرح المصرى
- -عفوا أيها الأجداد...علينا السلام- فانتازيا المسرح المصرى بي ...
- جرائم الاعتداء على السلطة فى الدراما المسرحية
- الاغتيالات السياسية فى المسرح المصرى
- مسرح العبث المصرى بين البيروقراطية والديمقراطية.. دراسة نقدي ...
- الدراما المسرحية وجرائم شركات توظيف الأموال دراسة نقدية لمسر ...
- المسرح المصرى وظاهرة التطرف الدينى
- مسرحية-ع الرصيف- بين جرائم الصفوة وصغار الاتباع
- المسرح والمجتمع
- ظاهرة الجريمة فى المسرح المصرى -رسالة ماجستير-
- القرد كثيف الشعر بين حيوانية البدائية وفجاجة الحضارة
- القرد كثيف الشعر وقضية الانتماء


المزيد.....




- ماذا قالت المصادر لـCNN عن كواليس الضربة الإسرائيلية داخل إي ...
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل
- CNN نقلا عن مسؤول أمريكي: إسرائيل لن تهاجم مفاعلات إيران
- إعلان إيراني بشأن المنشآت النووية بعد الهجوم الإسرائيلي
- -تسنيم- تنفي وقوع أي انفجار في أصفهان
- هجوم إسرائيلي على أهداف في العمق الإيراني - لحظة بلحظة
- دوي انفجارات بأصفهان .. إيران تفعل دفاعاتها الجوية وتؤكد -سل ...
- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم حجاج - التغيرات الاقتصادية فى المجتمع المصرى خلال فترة الانفتاح.